الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القضاة والحكام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
روى الطبراني برجال الصحيح عن مسروق1 قال: كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة: عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وأُبَيّ ابن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري2.
وروى أحمد والترمذي وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن حبان، أن عثمان قال لابن عمر رضي الله عنهم: اقض بين رجلين فإن أباك كان يقضي. فقال: إن أبي كان يقضي فإن أشكِلَ عليه شيء سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أشكِلَ على النبي صلى الله عليه وسلم شيء سأل جبريل، وأنا لا أجد من أسأل ولست مثل أبي3.
قال الشامي4 في سيرته: يريد أنه كان يقضي في بعض الأمور في أوقات مختلفات، لا أنه كان يقضي دائمًا، والدليل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيًا ولا أبو بكر ولا عمر، حتى كان في آخر زمانه قال ليزيد بن أخت نمير: اكفني بعض الأمور، رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح5، وروى الطبراني بسند جيد عن السائب بن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذ قاضيًا، وأول6 من استقضى عمر. قال: رد عني الناس في الدرهم
1 مسروق بن الأجدع الهمداني أبو عائشة الكوفي، أحد التابعين، روى عن أبي بكر وعمر وعلي ومعاذ، ت سنة 63 هـ "خلاصة الخزرجي""374".
2 مجمع الزوائد "9/ 313".
3 هذا حديث يزيد بن عبد العزيز بن موهب، وليس هذا لفظه، تصرّف المصنف في لفظه، انظر الترمذي "3/ 603"، ومسند أحمد "1/ رقم 475"، ومجمع الزوائد "4/ 193، 5/ 200"، والترغيب والترهيب "3/ 282".
4 محمد بن يوسف الصالحي: انظر ص135.
5 مجمع الزوائد "4/ 196".
6 قال المؤلف رحمه الله: سيأتي أن أبا بكر استقضى عمر، فكان أول قاض في الإسلام بعده عليه السلام، والسبب في تولي النبي صلى الله عليه وسلم القضاء بنفسه ظاهر، وهو أن العدل أساس العمران، ولا ارتقاء ولا رجاء لتأليف أمة وتعاضده وتكوين وحدتها إلّا بالعدل والأمن على الحقوق، لهذا كان عليه السلام يتولى القضاء بنفسه تأليفًا لهم وتدريبًا على إقامة العدل والاجتهاد، وتنبيهًا لهم أن يكونوا قوَّامين بالقسط، وأن يلي قضاءهم من يكون أفضلهم وأنزههم وأعلمهم، ولما أضاع المسلمون ما أرشد إليه الرسول تأخروا وانحطت جامعتهم.
والدرهمين1.
قلت: مرادهم أنه عليه السلام لم يستقض أحدًا بحضرته في المدينة، وإلا فقد ثبت أنه وجَّه عليًّا قاضيًا إلى اليمن، ومعاذًا كذلك، وقال له:"بم تقضي" قال: بكتاب الله، الحديث في أبي داود وتقدَّمَ2، وقال عليه السلام:"أقضاكم علي" رواه الترمذي3. وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معقل بن يسار قاضيًا إلى اليمن وهوحديث السن، ودعا له أن يهدي قلبه ويثبت لسانه، قال: فما شككت في قضاء بين اثنين4 ومن جملة من استقضاهم النبي صلى الله عليه وسلم في أشياء خاصة: عقبة بن عامر الجهني، ورى الإمام أحمد برجال الصحيح والدراقطني بسند حسن عنه قال: جاء خصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان فقال: "قم يا عقبة اقض بينهما" فقلت: بأمي وأبي يا رسول الله، أنت أولى بذلك. قال: "وإن كان اقض بينهما" قلت: على ماذا؟ قال: "اجتهد، فإن أحسنت فلك عشر حسنات، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد"5.
ورى أحمد والطبراني نحوه عن عمر، وروى أحمد والطبراني والحاكم6 معقل بن يسار المزني قال: أمرني رسول الله أن أقضي بين قوم. فقلت: ما أحسن أن أقضي يا رسول الله. قال: "إن الله مع القاضي ما لم يحف
1 مجمع الزوائد "4/ 196".
2 سبق تخريجه.
3 سبق تخريجه.
4 ليس هذا الحديث في الترمذي، والذي عند أبي داود "3/ 301"، وابن ماجة "2/ 774"، وأحمد "1/ 88، 136، 149، 156، 161"، أنه بعث علي بين أبي طالب ودعا له أن يهدي الله قلبه ويثبت فؤاده، وأما معقل بن يسار فالذي روي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقضي بين اثنين فقال: ما أحسن أن أقضي يا رسول الله؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "الله مع القاضي ما لم يحف عمدًا" أحمد "5/ 26".
5 الدراقطني "4/ 203"، وأحمد "4/ 205"، وأخرج مثله عن عمرو بن العاص.
6 قال المؤلف رحمه الله: معقل كمعدان، وبسار كسحاب، والمزني بضم ففتح.
عمدًا" 1. وروى الدراقطني أن حذيفة بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بين قوم في حصن فقضى للذي يليهم القمط2 -وهو بضمتين جمع قماط، كلمة نبطية، حزمة من قصب يلقى على خشب السقف، ومن جملة من حكَّمهم النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن حزم، أمره أن يحكم بالشاهد واليمين كما في سيرة الشامي3، وتولية عتاب بن أسد على مكة وغيره كله من هذا القبيل.
1 مجمع الزوائد "4/ 193"، وأحمد "5/ 26"، والحاكم "3/ 577" وفيه أبو داود الأعمى، قال الهيثمي: كذاب، وروى نحوه عن ابن مسعود مرفوعًا، وفيه حفص بن سليمان القارئ.
2 رواه ابن ماجه "2/ 785"، والدراقطني "4/ 229".
3 سبل الهدى والرشاد لمحمد بن يوسف الصالحي. انظر التعليق ص135.