المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ترجمة المؤلف: أترجم نفسي اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ - الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي - جـ ١

[الحجوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ترجمة المؤلف:

- ‌تقريظات الكتاب:

- ‌تقدمة المؤلف:

- ‌التمهيد الأول: في مسمى الفقه، وهل هو علم ديني أو دنيوي

- ‌التمهيد الثاني: الفقه قبل الإسلام، وهل كان عند العرب فقه وفقهاء أم لا

- ‌التمهيد الثالث: منزلة الفقه في الإسلام

- ‌القسم الأول: في الطور الأول للفقه

- ‌مدخل

- ‌مادة الفقه الإسلامي:

- ‌القرآن العظيم

- ‌مدخل

- ‌نزول القرآن منجمًا والحكم فيه:

- ‌كتابة القرآن:

- ‌تكاليف القرآن العظيم:

- ‌السنة النبوية

- ‌مدخل

- ‌السنة مستقلة في التشريع:

- ‌شروط العمل بالسنة:

- ‌السنة يقع فيها النسخ كالقرآن:

- ‌تدوين السنة:

- ‌أخذ أحكام الفقه الخمسة من القرآن والسنة:

- ‌الإجماع:

- ‌القياس

- ‌مدخل

- ‌هل استعمل الصحابة القياس في العهد النبوي:

- ‌الفرق بين تخريج المناط وتحقيق المناط وتنقيح المناط

- ‌هل وقع القياس منه عليه السلام:

- ‌الشريعة الإسلامية ديموقراطية

- ‌الاستدلال في زمنه عليه السلام:

- ‌المصالح المرسلة:

- ‌سد الذرائع:

- ‌قول الصحابي:

- ‌البراءة الأصلية والاستدلال بها في العصر النبوي:

- ‌أصول أخرى عامة غير ما تقدَّم بني الفقه عليها:

- ‌تاريخ تشريع بعض الأحكام المنصوصة

- ‌مدخل

- ‌الصلاة:

- ‌النكاح:

- ‌القتال:

- ‌تحريم التطفيف في الكيل والوزن:

- ‌الصيام:

- ‌صلاة العيدين، زكاة الفطر، التضحية:

- ‌الزكاة المالية:

- ‌تحويل القبلة:

- ‌الغنائم وتخميسها، النفل، فداء الأسرى:

- ‌الميراث:

- ‌الطلاق والرجعة والعدة:

- ‌قصر الصلاة في السفر وصلاة الخوف:

- ‌الرجم من الزنا، الإقطاع في الأراض وغيرها، صلاة خسوف القمر، التيمم

- ‌حد القذف، الحجاب والاستيذان:

- ‌الحج والعمرة:

- ‌صلاة الاستسقاء، الإيلاء، أحكام الصلح والسلم:

- ‌أحكام المحصر، جزاء الصيد وصيد المحرم:

- ‌تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام:

- ‌الظهار، المسابقة:

- ‌الوقف، حد الحرابة وهي إفساد السابلة:

- ‌تحريم لحوم الحمر الإنسية ونحوها، المزارعة والمساقاة، حرمة مكة

- ‌القصاص:

- ‌منع بيع الخمر، نكاح المتعة:

- ‌الحدود والتعازير:

- ‌ زيارة القبور

- ‌الآداب الاجتماعية:

- ‌اتخاذ المنبر، ستر العورة:

- ‌التوبة، اللعان:

- ‌صلاة الجنازة وتكبيراتها، منع المشركين من دخول مكة

- ‌صلاة كسوف الشمس، حديث جبريل في الإيمان والسلام والإحسان:

- ‌الوصية بالثلث، أبواب المعاملات وحرمة الربا:

- ‌الذكاة والصيد:

- ‌الكلالة في الميراث:

- ‌وقوع الاجتهاد في العصر النبوي

- ‌مدخل

- ‌أصول الفقه انتهت في العهد النبوي، والفروع لا تنتهي أبدًا، لذلك شرِّع الاجتهاد:

- ‌إباحة الاجتهاد بعده عليه السلام بل وجوبه، كفاية على أهله صحابة وغيرهم:

- ‌القضاة والحكام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌المفتون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌ترجمة أبو بكر الصديق:

- ‌ترجمة أبو حفص سيدنا عمر بن الخطاب القرشي العدوي:

- ‌ترجمة أبو عبد الله سيدنا عثمان بن عفان القرشي الأموي

- ‌ترجمة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

- ‌ترجمة عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي:

- ‌ترجمة عبد الله بن مسعود الهذلي:

- ‌ترجمة زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي النجاري:

- ‌ترجمة معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي:

- ‌ترجمة أُبَيّ بن كعب الأنصاري الخزرجي النجاري:

- ‌ترجمة أبو موسى عبد الله بن قيس:

- ‌ترجمة أبو الدرداء عويمر بن عامر الأنصاري:

- ‌ترجمة عبادة بن الصامت الأنصاري:

- ‌ترجمة عمار بن ياسر:

- ‌ترجمة حذيفة بن اليمان واسمه حسيل:

- ‌ترجمة سلمان الفارسي أبو عبد الله:

- ‌ترجمة أبو عبيدة بن الجراح القرشي الفهري:

- ‌ترجمة مصعب بن عمير القرشي العبدري:

- ‌ترجمة سالم بن معقل مولى أبي حذيفة بن عتبة القرشي:

- ‌ترجمة سعد بن معاذ الأنصاري الأوسي:

- ‌ترجمة عثمان بن مظعون القرشي الجمحي:

- ‌ترجمة جعفر بن ابي طالب صنو علي رضي الله عنهما:

- ‌ترجمة زيد بن حارثة الكلبيّ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌ترجمة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي:

- ‌ترجمة خبيب بن عدي الأنصاري الأوسي:

- ‌ترجمة عبد الله بن جحش الأسدي القرشي:

- ‌ترجمة حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ترجمة سيدتنا فاطمة بنت مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌ترجمة خزيمة بن ثابت الأنصاري الأوسي الخطمي:

- ‌ترجمة خالد بن الوليد القرشي المخرومي

- ‌ترجمة عبد الله بن رواحة الأنصاري الخزرجي:

- ‌ترجمة أسامة بن زيد بن حارثة، حِبُّ رسول الله وابن حِبِّه:

- ‌ترجمة أبو سعيد الخدري سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي

- ‌ترجمة عمرو بن العاص القرشي السهمي:

- ‌ترجمة أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي الخزرجي

- ‌ترجمة قتادة بن النعمان الأنصاري الأوسي:

- ‌ترجمة أم سلمة أم المؤمنين هند بنت أمية:

- ‌ترجمة أم المؤمنين زينب بنت جحش

- ‌صناعة التوثيق في العهد النبوي:

- ‌القسم الثاني: من الفكر السامي

- ‌مدخل

- ‌تاريخ إجمالي لعصر الخلفاء من الصحابة:

- ‌الفقه زمن الخلفاء الراشدين:

- ‌تحليق الناس لدرس العلم في المسجد:

- ‌أمثلة من اجتهاد الخلفاء رضي الله عنهم

- ‌اجتهاد أبي بكر

- ‌اجتهاد عمر

- ‌مدخل

- ‌أعمال عمر في تنظيم المالية:

- ‌عمله في القضاء:

- ‌اجتهاد عليٍّ رضي الله عنه

- ‌اجتهاد عثمان رضي الله عنه:

- ‌من اشتهر بالفتية من الصحابة والتابعين، زمن الخلفاء:

- ‌ترجمة عائشة، وحفصة:

- ‌ترجمة أنس، أبي هريرة:

- ‌ترجمة عبد الله بن عمرو بن العاص السهميّ القرشي:

- ‌ترجمة أبي أيوب، أم المؤمنين ميمونة، سعد بن أبي وقاص:

- ‌ترجمة سعيد بن زيد، الزبير بن العوام:

- ‌ترجمة طلحة بن عبيد الله، جابر بن عبد الله، عتبة بن غزوان

- ‌ترجمة بلال، عقبة بن عامر:

- ‌ترجمة عقبة بن عمرو، عمران بن حصين، معقل بن يسار:

- ‌ترجمة أبي بكرة الثقفي:

- ‌التابعون الذين اشتهروا بالفتوى أيام الخلفاء الراشدين وقريبا من ذلك

- ‌ترجمة القاضي

- ‌ترجمة علقمة النخعي، مسروق:

- ‌ترجمة الأسود النخعي، عبد الرحمن بن غنم، أبي إدريس الخولاني، عبيدة السلماني:

- ‌ترجمة سويد بن غفلة، عمرو بن شرحبيل، عبد الله بن عتبة:

- ‌ترجمة عمرو بن ميمون، زر بن حبيش، الربيع بن خيثم:

- ‌ترجمة عبد الملك بن مروان، الأسود بن هلال:

- ‌ما تمّيز به فقه عصر الخلفاء الراشدين:

- ‌صورة وقوع الخلاف في عهد الخلفاء الراشدين:

- ‌عصر صغار وكبار التابعين بعد الخلفاء الراشدين إلى آخر المائة الأولى:

- ‌مشاهير أهل الفتوى في هذا العصر من الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌ترجمة ابن عباس:

- ‌ترجمة ابن عمر:

- ‌ترجمة معاوية بن أبي سفيان الأموي:

- ‌ترجمة عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي:

- ‌مراتب الصحابة في الإكثار من الفتوى:

- ‌صور من الخلاف الواقع في هذا العصر

- ‌هل كان الصحابة كلهم مجتهدين:

- ‌عدالة الصحابة:

- ‌مشاهير أهل الفتوى في هذا العصر من التابعين

- ‌ترجمة سعيد بن المسيب

- ‌ترجمة عبيد الله بن عبد الله، عروة بن الزبير، القاسم بن محمد:

- ‌ترجمة أبي بكر المخزومي، سليمان بن يسار، خارجة بن زيد:

- ‌ترجمة سالم بن عبد الله، أبي سلمة بن عبد الرحمن، إبراهيم النخعي:

- ‌ترجمة أبي العالية، حميد الحميري، مطرف بن عبد الله:

- ‌ترجمة زرارة بن أوفى، أبان بن عثمان، أبي قلابة:

- ‌ترجمة أبي الشعثاء، رفيع بن مهران، علي بن الحسين:

- ‌ترجمة مجاهد بن جبر، عكرمة مولى ابن عباس:

- ‌ترجمة عطاء بن أبي رباح، سعيد بن جبير:

- ‌ترجمة الحسن البصري، محمد بن سيرين:

- ‌ترجمة الحكم بن عتيبة، قتادة السدوسي:

- ‌ترجمة مكحول، رجاء بن حيوة، عمرو بن دينار:

- ‌ترجمة محارب بن دثار، عمر بن عبد العزيز:

- ‌ترجمة مرثد اليزني، قيس بن أبي حازم:

- ‌ترجمة شقيق بن سلمة، أبي بردة، طاوس:

- ‌ترجمة أبي عبد الرحمن الحبلي، إسماعيل بن عبيد:

- ‌ترجمة خالد بن معدان، مسلم بن خالد، عبد الرحمن بن رافع، عبد الله بن أبي زكريا:

- ‌ترجمة سليمان بن موسى، نافع مولى ابن عمر:

- ‌الفرق بين هذا العصر والذي قبله:

- ‌حالة الفقه في زمن صغار الصحابة وكبار التابعين رضي الله عنهم:

- ‌افتراق الأمة إلى مذاهب الخوارج والشيعة وغيرهم، وظهور الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌افتراق الفقهاء إلى عراقيين وحجازيين:

- ‌النزاع بين أهل الحديث والرأي

- ‌هل أحكام الشرع معقول المعنى

- ‌من مناظراتهم في ذلك

- ‌من أحوال الفقه في هذه الطبقة:

- ‌اختلاط اللغة ومصيرها وتأثيره على الفقه، وشيء من تاريخ مشاهير علمائها:

- ‌ترجمة أبي الأسود الديلي:

- ‌ترجمة أبي عمرو المازني، الخليل بن أحمد، سيبويه:

- ‌ترجمة الكسائي، معاذ بن أبي مسلم الهراء، الفراء:

- ‌ترجمة الأصمعي، المبرد، ثعلب:

- ‌ترجمة ابن دريد، القالي، الجرجاني، الفارسي:

- ‌ترجمة الرماني، ابن جني، الجوهري:

- ‌ترجمة الزمخشري، ابن خروف، الجياني، ابن منظور:

- ‌ترجمة ابن هشام، الفيزوز آبادي، الزبيدي:

- ‌ترجمة أحمد فارس بن يوسف الشدياق اللبناني:

- ‌ترجمة أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري الهروي:

- ‌المائة الثانية الهجرية، مجمل التاريخ السياسي:

- ‌تعريب كتب الفلسفة:

- ‌الفقه وابتداء تدوينه في عصر صغار التابعين ومن بعدهم إلى آخر المائة الثانية هجرية:

- ‌ترجمة ابن شهاب الزهري:

- ‌ترجمة أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني:

- ‌ترجمة الربيع بن صبيح، سعيد بن أبي عروبة:

- ‌الموطأ:

- ‌من ألفوا في عصر مالك:

- ‌الفقه الأكبر:

- ‌المذاهب الفقهية التي دونت في هذا العصر

- ‌مدخل

- ‌ترجمة أبي حنيفة

- ‌مدخل

- ‌مسند أبي حنيفة:

- ‌ثناء الناس عليه:

- ‌عقيدته:

- ‌مقدرة أبي حنيفة وسرعة خاطره:

- ‌إحداث أبي حنيفة للفقه التقديري:

- ‌حكم الله في ذلك:

- ‌اقتباس مذهب أبي حنيفة:

- ‌قواعد مذهب أبي حنيفة في الفقه:

- ‌خبر الواحد عند أبي حنيفة:

- ‌القياس عند أبي حنيفة:

- ‌الاستحسان في المذهب الحنفي:

- ‌تألب الأثريين ضده:

- ‌انتقاد القياس والاستحسان وجوابه:

- ‌الحيل عند الحنفية:

- ‌ترجمة خامسهم الإمام أبو الحرث الليث بن سعد الفهمي

- ‌مدخل

- ‌كتابه لمالك:

- ‌عمل أهل المدينة:

- ‌الجمع ليلة المطر:

- ‌القضاء بشاهد ويمين ومؤخر الصداق لا يقبض إلّا عند الفراق:

- ‌الإيلاء بعد الأربعة الأشهر إذا لم يفئ طلاق من غير احتياج إلى تطليق:

- ‌التمليك تطليق، بعض المسائل:

- ‌ترجمة سادسهم الإمام العلم إمامنا وإمام دار الهجرة وأمام الأئمة مالك بن أنس

- ‌مدخل

- ‌قواعد مذهب مالك:

- ‌عمل أهل المدينة:

- ‌قول الصحابي:

- ‌ترجمة سابعهم الإمام أبو محمد سفيان بن عيينة:

- ‌ترجمة ثامنهم الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس

- ‌مدخل

- ‌مسند الشافعي:

- ‌قواعد مذهب الشافعي:

- ‌سبب انتشار مذهب الشافعي:

- ‌اختراع الشافعي لعلم أصول الفقه الذي هو كفلسفة الفقه:

- ‌ترجمة أبو واثلة إياس بن معاوية بن قرة بن إياس المزني

- ‌ترجمة ثابت البناني، السبيعي:

- ‌ترجمة عبد الرحمن بن القاسم، يزيد الأزدي، يحيى بن أبي كثير:

- ‌ترجمة محمد بن المنكدر، أبي الزبير المكي:

- ‌ترجمة مالك بن دينار، أيوب السختياني:

- ‌ترجمة عبد الله بن ذكوان، عطاء الخراساني، عطاء الثقفي:

- ‌ترجمة العلاء الحضرمي، يونس بن عبد، خالد بن مهران:

- ‌ترجمة أشعث الحمراني، أبي معتمر، إسماعيل بن أمية، عبد الله بن شبرمة:

- ‌ترجمة هشام بن عروة، أبي عبد الله سوار القاضي:

- ‌ترجمة أبو عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص:

- ‌ترجمة الحجاج بن أرطأة، جعفر الصادق، عمرو بن الحارث، ابن أبي ليلى:

- ‌ترجمة هشام بن حسان، زكريا بن أبي زائدة:

- ‌ترجمة أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش الكاهلي:

- ‌ترجمة عبد الملك بن عبد العزيز، عبد الله بن عون، محمد بن إسحاق:

- ‌ترجمة معمر بن راشد، مسعر بن كدام:

- ‌ترجمة سعيد بن أبي عروبة، حيوة بن شريح، ابن أبي ذئب:

- ‌ترجمة شعبة بن الحجاج، وشعيب بن أبي حمزة:

- ‌ترجمة همام بن يحيى، عبد العزيز بن أبي سلمة:

- ‌ترجمة حماد بن سلمة بن دينار القرشي:

- ‌ترجمة التنوخي، عبد الله بن الحسن، الحسن بن صالح، جرير بن حازم:

- ‌ترجمة الوضاح بن عبد الله، ابن لهيعة، القاسم بن معن، شريك القاضي:

- ‌ترجمة أبو محمد سليمان بن بلال التيمي:

- ‌ترجمة أبي وهب، أبي عبيدة التميمي، ابن المبارك:

- ‌ترجمة يزيد بن زريع، إبراهيم بن سعد، هشيم:

- ‌ترجمة أبي إسحاق الغزاري، المعتمر التيمي، الفضيل:

- ‌ترجمة بشر بن المفضل الرقَّاشي مولاهم البصري:

- ‌ترجمة عبد العزيز بن محمد، السبيعي، أبي بشر الأسدي:

- ‌ترجمة عبد الله بن إدريس، أبي بكر الخياط، مطرف بن مازن:

- ‌ترجمة عبد الوهاب بن عبد المجيد، الوليد بن مسلم، وكيع:

- ‌ترجمة حماد بن زيد، هشام بن يوسف، سماك بن الفضل:

- ‌ترجمة بقية بن الوليد، عبد الرحمن بن مهدي:

- ‌ترجمة يحيى القطان، ابن الجارود:

- ‌ترجمة يحيى بن آدم، يزيد بن هارون، الحسن بن موسى:

- ‌ترجمة عبد الرزاق، عبد الله بن داود:

- ‌ترجمة أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي الأسدي المكي:

- ‌الذين نشروا مذهبه في القرن الثاني منهم:

- ‌ترجمة أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري:

- ‌ترجمة محمد بن الحسن الشيباني:

- ‌ترجمة زفر بن الهذيل، الحسن اللؤلؤي:

- ‌ترجمة أبو إسماعيل حمَّاد بن أبي حنيفة:

- ‌أصحاب مالك في القرن الثاني

- ‌ترجمة عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العتقي

- ‌هل كان ابن القاسم مجتهدًا مستقلًّا:

- ‌ترجمة أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم الفهمي القرشي

- ‌ترجمة علي بن زياد، المغيرة بن عبد الرحمن، عبد الله بن نافع:

- ‌ترجمة عبد الله بن نافع الأصغر، موسى بن قرة:

- ‌ترجمة زياد القرطبي، معن بن عيسى، سعيد المعافري:

- ‌ترجمة أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي:

- ‌الفهارس:

- ‌فهرس أبواب القسم الأول من الفكر السامي:

- ‌فهرس أبواب القسم الثاني من كتاب الفكر السامي:

الفصل: ‌ ‌ترجمة المؤلف: أترجم نفسي اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ

‌ترجمة المؤلف:

أترجم نفسي اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب"، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [سورة الأحزاب: 21] ، وبسيدنا يوسف إذ يقول:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [سورة يوسف: 55]، ويقول:{أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [سورة يوسف:59]، وبسيدنا عيسى حيث قال:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [سورة مريم: 33] .

وقد ترجم نفسه ولي الدين ابن خلدون إمام التاريخ، ولسان ابن الخطيب إمام الأدب وغيرهما.

نعم أعتذر بما اعتذر به ابن الإمام في"سمط الجمان"، والحجاري في كتاب "المسهب"، وابن القطاع في "الدرة الخطيرة"، وأبو الحسن بن سعيد في كتاب "المغرب" وغيرهم.

ليت المغاربة كان لهم ولوع بالتاريخ، وبالأخص تاريخ الرجال، فأكتفي بأمانتهم واعتنائهم عما سأورده في هذه الترجمة المخجلة التي أقصد بها إظهار حقيقة من حياتي، ربما لا يعرفها غيري كما أعرفها أنا، وإني لأشعر بعبء ذلك على كاهلي، ولكنني لا أجد منه بدًّا، فلينتبه إخواننا إلى الاعتناء بتراجم الرجال وإظهارهم مظاهرهم، فالأمة برجالها، والسهام بنصالها، وليترجم الناس لأنفسهم بأنفسهم ما دامت الأفكار معرضة عن هذه الواجبة حتى لا تضيع حقائق من حياتهم، ربما تتطلب فلا توجد، وكم ضاعت من حقائق بإهمال هذا الفن لم يجدِ الأسف عليها شيئًا.

ص: 9

فليكن في عملي هذا تشجيع للناس على ترجمة أنفسهم، وتنشيط على الاعتناء بهذا الفن المهمَل الذي يضيق المقام عن تعداد فوائده التي منها: أن الأمم لا تعتبر في مقام الحياة إلّا بقدر ما فيها من الرجال وما يحسنون.

نسبي:

عُلِمَ من ترجمة سيدي الوالد -قدس الله روحه- بآخر تراجم المالكية من هذا الجزء، ومسقط رأسي فاس، بها قرأت وتعلمت، وبأدب أهلها تأدبت، وسكنت مكناسة الزيتون ستين ونيفًا، ثم وجدة ثلاث سنين، ثم مراكش نحو سنة، ثم الرباطسنة ثلاثين، ثم عدت إليه آخر سنة تسع وثلاثين، وبه وبفاس لي دار واستقرار الآن تمسكًا بالحق في العاصمتين، واعترافًا بفضل المدينتين، ودخلت جل مدن المغرب والجزائر، وتونس إلى سفاقص، ولقيت أهم رجال القطرين، وذاكرتهم وعرفتهم، وأخذت عن كبار أعلامهم، وأخذوا عني بما بُيِّنَ في "الفهرس"، وتجولت فيهما كثيرًا، وفي أوربا بما هو مفصل في رحلاتي.

وأما عقيدتي:

فسنية سلفية؛ اعتقد عن دليل قرآني، برهاني ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الراشدون، مالكي المذهب ما قام دليل.

وجدت بخط سيدي الوالد رحمه الله في عقيدته: ولد لي سيدي محمد -حفظه الله- من الزوجة الصالحة بنت الأمين السيد الحسين عبد الكبير جنون يوم رابع رمضان المعظم عند النداء لصلاة الجمعة سنة 1291 إحدى وتسعين ومائتين وألف هجرية، جعله الله من علمائه العاملين، وأوليائه الصالحين أهـ، وذلك موافق 22 سبتمبر 1874، ومحل ولادتي بالدار التي أسسها سيدي الجد رحمه الله بجرنيز قرب الحرم الإدريسي.

ربيت في حجر سيدي الوالد والوالدة الصالحة القانتة، وكان لهما الاعتناء التام بتربيتي وتهذيبي، وإصلاح شئوني إذ كنت أول مولود لهما، واستعانت الأم في ذلك بجدتي من قبل الأب، فكانت تحوطني، وتحنو عليّ أكثر من الأم

ص: 10

بكثير، وما كانت تقدر على مفارقتي لا ليلًا ولا نهارًا. هذه السيدة الجليلة القدر كانت على جانب عظيم من التبتل والعبادة، صوامة، محافظة على أوقات الصلاة، حافظة للسانها وجوارحها عن الخروج عن عبادة الله تعالى، مكبة على طاعته، مشفقة على الضعفاء والمساكين وذوي العاهات، مواسية مَنْ يستحق المواساة، فكانت أفعالها وأخلاقها كلها دروسًا عملية علمية تهذيبية ينتفع بها من نفعه الله من العائلة كلها، أتلقاها عنها والفكر فارغ من غيرها، فكانت كنقش في حجر.

وطالما رغَّبتني بأنواع ما يرغب به الصبيان في القيام باكرًا، وإسباغ الوضوء للصلاة، والنظافة وحفظ الثياب، والاعتناء بكتاب الله، والمحافظة على أوقات المكتب، وحب المساكين، ورحمة الضعيف، وهجر كل ما ليس بمستحسن في الدين، وبثّ روح النشاط في الحفظ والتعليم، فهي التي غرست في قلبي عشق العالم، والهيام بحفظ القرآن العظيم، واعتياد الصلاة، والارتياض على الديانة بحالها ومقالها، لما كانت عليه من صلاح الأحوال، ومتانة الدين عن علم واعتقاد متين.

فمرآة أخلاقها وأعمالها في الحقيقة أول مدرسة ثقَّفت عواطفي، ونفثت في أفكاري روح الدين والفضيلة، فلم أشعر إلّا وأنا عاشق مغرم بالجد والنشاط، تارك لسفاسف الصبيان، متعود على حفظ الوقت ألَّا يذهب إلّا في ذلك، شيق إلى كل تعلم وتهذيب، لا أجد لذلك ألمًا ولا نصبًا، بل نشاطًا وداعية، امتزجت باللحم والدم، لذلك كان حفظي للقرآن والمتون قبل أقراني بكثير، وبدون كبير عناء، بل في الختمة الأولى حفظت الكتاب العزيز تقريبًا، وما زدت الثانية إلّا لزيادة الضبط وحفظ الرسم عن نشاط ومحبة داخلية من الضمير المتشوق بالأمل المناساق بعاطفة حب المعالي، وحب أداء الواجب الذي لأجله خلقت حسب ما تلهمني إليه عاطفتي، لا بإلزام خارجي. علي أن هذه التربية الجديدة المحضة قد أثرت على جسمي بضعف ونحول، وساعد ذلك التأثير عدم وجود نظام في المكتب، وعدم وجود لوازم الصحة

ص: 11

والرياضة هنالك، ولا أوقات للراحة، بل عمل متصل ممل.

اذكر هذه الحلقة من حياتني، ويعلم ما أقصده من ذكرها كل من له إلمام بفن التراجم، هذه هي الحلقة التي يغفلها كثير من الباحثين والمؤلفين منا، فتضيع بإهمالها أهم أطوار حياة الرجال، ويتعذّر تعليل كثير من أحوالهم، يأتون في عملهم هذا بالنتيجة، ويتركون المقدمات؛ لأن حياة الإنسان كلها إنما هي نتيجة ذلك الطور القصير؛ طور الطفولية، ومرآة ينطبع فيه كل حين أثر تربيته الأولى والمدرسة الأولى. إن تأثير هذه التربية الأولى على حياتي هي التي أوضحت لي أن تربية الأمهات لها دخل كبير في تهيئة الرجال النافعين، وإعداد الأمم للنهوض، لذلك أرى وجوب تعليمهن وتهذيبهن تعليمًا يليق بديننا، ويزين مستقبل أولادنا، ويصيرهن عضوًا نافعًا في هيأتنا الاجتماعية، فلا غنى لنا عن إعانتهن في تربية رجال المستقبل الذي عليهم مدار حياة البلاد، وتعليمهن فن التربية ونظام البيت، وقواعد الصحة والدين، وحفظ القرآن أو بضعه، والحساب والجغرافيا والتاريخ والعربية والأدب الحقيقي لا الخيالي، ونحو ذلك مما يعينهن على مهمتهن، ويضيء لهن الطريق، كما أن للرياضة دخلًا كبيرًا في تربية الأجسام وتقويتها، وتنظيم الكتاتب وجعلها موافقة لقواعد الصحة أمر ضروري لحياة الأمة، هذه هي حياتي مع جدتي جازاها الله عني بأفضل ما يجازي به المحسنين، وجازى والدتي التي كانت معينة لها في مهمتها، موافقة على كل أفكارها وأعمالها، معترفة في ذلك بفضلها.

أما سيدي الوالد، فهو أول من ألقى دروسًا في العقائد السنية السلفية طبق القرآن الكريم، وفي الفقه والتاريخ والسير والشمائل، وهذا الفن هو الذي كان أغلب عليه، وهو أدخل في تهذيب الأولاد من كل ما سواه، ولا تحسن تربية أولاد المسلمين دونه، وقد نبهني للابتعاد عن خلط المعتقدات بالأوهام، ودرَّبني على التفرقة بين ما هو يقين يعتقد بدلائله، ولا يقبل التقليد في شيء من مقدماته، وبين ما هو مظنون يجتهد فيه استدلالًا واستنتاجًا، ويقابل فيه فكر المخالف بالاحترام والاعتذار، وما هو موهوم يطرح، ولا يفسد به جوهر العقل

ص: 12

النقي. وكان يحذرني من تغلب العواطف على المصالح، ويحضني على مقاومة الحقائق للخيال، وعلى أن يكون العقل والدين سلطانًا حاكمًا على الخيال والعواطف، كما كان يحضني على حفظ القرآن وأشعار العرب وأمثالها، والأحاديث الصحاح، والوقائع التاريخية، واستنتاج العبر منها، وتطبيقها على الأحوال الوقتية، فكان نعم الأستاذ النافع، والله يحسن إليه بما أحسن لأوليائه المخلصين، لذا وذاك كنت أرى نفسي مطبوعًا على حب العلم والاشتغال به، بل الهيام المفرد فيه، راغبًا عَمَّا يعوق عنه.

وكنت لما بلغت سبع سنين أو نحوها، أدخلني لمكتب خصوصي ومعي أخوان صغيران، وبعض أبناء وبنات أحبائه الصغار أيضًا، فكنَّا نتلقَّى القرآن العظيم على الفقيه الزاهد البارع في علوم اللسان سيدي محمد بن عمر السودي، حفيد الشيخ التاودي الشهير، وتلميذ جنون الكبير، فقرأت عليه إلي يس، وعليه أتقنت الكتابة والقراءة والتجويد والرسم، ودروس الأخلاق، وبعض الحساب، ومبادئ الدين، وأقرأني بعض متون في العقائد والنحو، ثم انتقلنا لمكتب عموميٍّ بزقاق البغل، فأكملت حفظ القرآن العظيم على الأستاذ الصالح الناصح ذي الدين المتين الواضح، سيدي محمد بن الفقيه الورياجلي، المقرئ الشهير الذي تخرَّج به كثير من أعيان فاس وأعلامها، والأستاذ ذو مناقب جمة، ومقام عظيم، يكفي أن أقول في بعض ما رأيت منها، أني أقسم بالله: لقد جلست بين يديه سنين ملازمًا له في الجل من الغلس إلى المساء إلا الأوقات الضرورية ما رأيته إلّا في عبادة وطاعة، ولقد أحسن إليَّ تعليمًا وتهذيبًا، وبين يديه أكملت حفظ كتاب الله، وكثير من بقية المتون، ودرَّبَني على قواعد الإعراب، وفهم غريب القرآن، وعلمني كثيرًا من ضروريات العبادة، وألقح فكري بالتفكير، وعرفني عملًا وتخلقًا مقدار ما تساويه مكارم الأخلاق، معزز لما كنت ألقنه في البيت، والله يثيبه بأفضل وأعظم مثوبة.

وفي سنة 1307 سبع وثلاثمائة وألف، دخلت القرويين لتلقِّي دورس العريبة والدين، وغيرهما الثانوية والعالية، على جلة الشيوخ الذين أحرزوا قصب السباق، وطارت شهرتهم في الآفاق، وقد ترجمت جملة منهم في الفهرسة،

ص: 13

إذ لم يسعني ذكرهم جميعًا في هذا المجموع، وذكرت هناك تفصيل ما أخذته عنهم من فقه وفرائض ونحوٍ وصرف وتجويد وتوجيه قراءات وتوحيد، وحديث، ولغة، واشتقاق، وتفسير، وبيان، ومعان، وبديع، ونقد الشعر، وعروض، وأصول، ومنطق، وأدب، وتاريخ، وفلسفة، وجغرافية، وتوقيت، وسير، وعلوم الحديث، وتصوف، وهيأة، ووضع، وحساب وجبر، وغير ذلك.

والذين لازمت دروسهم مدة التعاطي لزوم الظل للشاخص، إلى أن فرقنا الحِمَامُ، أو خروجي من القرويين هم:

1-

الفقيه سيدي محمد بن التهامي الوزاني.

2-

سيدي الحاج محمد فتح بن محمد بن عبد السلام جنون.

3-

سيدي محمد فتحا القادري.

4-

سيدي أحمد الخياط.

5-

سيدي الحاج أحمد بن سودة.

6-

سيدي عبد السلام الهواري.

7-

سيد الكامل المراني.

8-

سيدي أحمد بن الجيلاني.

وأخذت بعض العلوم والرياضية عن:

9-

علامتها سيدي إدريس بن الطائع البلغيثي، آخر مهرة علوم التعليم بفاس، ولازمت كثيرًا غيرهم، ولكن لا كملازمتهم، وفي سنة 1316 كان ابتداء إلقائي للدروس، بعد ما أذن لي بعض الشيوخ منهم ومن غيرهم، وما أحقني بقول القائل:

خلت الديار من الرخا

خ ففرزنت فيها البياذق

ولم تكن القرويين تعرف إذا ذاك امتحانًا، وإنما كان يقوم مقامه إذن شيوخها الكبار لتلميذهم في التدريس، ثم تتوزع الشهرة والإقبال بقدر طول الباع.

فأصبحت في هذه السنة أعدّ في صف العلماء المدرسين، وفيها ألفت أول تأليف كتبته أناملي، تجد بيانه في الفهرس، وأني أعلم من نفسي أنه لم يكن معي من الذكاء والاقتدار ما يؤهلني لذلك، والمرء أعرف بنفسه، ولكن كان معي كد وجد، وانقطاع للطلب نادر، مع طاعة تامَّة لوالدي، وتعظيم لشيوخي، وفي هذين الأمرين سر عجيب يكاد يلمس، ولا ينكره إلا من كان أطمس، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والحمد لله رب العالمين.

وفي سنة 1317 أخذت أتناول شيئًا من التجارة في غير أوقات الدروس

ص: 14

تدريبًا.

وفي السنة بعدها وظّفت أول وظيف عدلًا في صوائر دار المخزن بمكناس، أيام السلطان المولى عبد العزيز بن الحسن، وفي سنة 1320 رقيت منه إلى وظيف أمين ديوانة مدينة وجدة على الحدود المغربية الجزائرية، وفي هذه السنة قبل سفري إلى وظيفي الجديد تزوجت.

جملة اعتراضية:

في هذه السنة بدأ انقلاب الأحوال بالمغرب بثورة أبي حمارة التي سبَّبَت فقر مالية المغرب والسلف الأوربي، ثم سقوط المالية بيد إدارة السلف، وفناء حماة المغرب وأبطاله في الحروب الداخلية، وقد اختل النظام، وضاع الأمن، وفسدت الأخلاق، وضاعت الفضيلة والأمانة، وتكالبت الناس على الرياسات الوهمية وجمع الحطام، وتسلط على مناصب الدولة كل دخيل جاهل، فجَرَّ ذلك إلى تلاشي الدولة العزيزية، وتتابعت المحن، وأظلم جو المغرب، وفي أثناء ذلك وقعت معاهدة 8 إبريل سنة 1904 بين فرنسا والإنكليز، ثم مؤتمر الجزيرة الخضراء، بأثرِ المؤتمر بيسير سقطت الدولة العزيزية، وقامت الدولة الحفيظية، ثم وقع إثر ذلك الاحتلال، ثم إعلان الحماية سنة 1339، وما استقرَّ الأمن إلا سنة 1331 فما بعدها شيئًا فشيئًَا. هذه إحدى عشرة سنة رأى المغرب فيها من الأهوال والشدائد ما يشيب له الرضيع، وتندك له الجبال.

دخلت معترك الحياة، وقرعت باب السياسة والبلاد في هذه المشاكل، ويناسبني أن أتمثل هنا بقول عبد الحليم بن عبد الواحد:

عشقت صقلية يافعًا

وكانت كبعض جنان الخلود

فما قدر الوصل جتى اكتهل

ت وصارت جهنم ذات الوقود

ص: 15

وهذال الزمن هو عنفوان العمر، وربيع الشباب، كنت آمل أني أستريح فيه من عناء الطلب، وأجد فيه راحة وهدوء وفراغًا لنشر العلم، والتمتع بحياة هنية، لكني صرت آسف على ما مضى، وأشفق من المستقبل، ووافق ذلك انزواء سيدي الوالد للعبادة، وتركه للدنيا التي كان كافيني إياها، فلزمني القيام بشئون كثيرة وعبء ثقيل ألهاني عن إعطاء كليتي لما كنت أتمناه من نشر العلم من اشتغالي بوظائفي الهامة، ثم آل الأمر للطامَّة الكبرى عليّ، وهي فقدي له -جعله الله فرطًا وذخرًا:

وما كان قيس هلكه هلك واحد

ولكنه بنيان قوم تهدما

وقد كنت أشاهد بركة دعائه في كل حركاتي وسكناتي، وقد كنت أحرزت الحمد لله في طاعته وإرضائه مكانًا عظيمًا، وقد فارقته ولسانه وجوارحه تدعو لي، غير أسف في الدنيا إلّا على فراقي، أعاد الله عليّ فضل دعائه، وتغمده في رحمته، ويرى المطلعون على ذلك أن ذلك من سر نجاحي في كل أعمالي، وسرعة تقدمي وارتقائي، وسبوغ نعم عظمى على العبد الفقير يعجز عن ذكرها فضلًا عن شكرها، وحديث أصحاب الغار في الصحيح يؤيد ذلك، والقرآن والسنة طافحة به.

ص: 16

انعطاف:

توليت أمانة ديوانه وجدة، ولما ظهر للمخزن ثمرة أعمالي في ضبط أمر الديوان، حتى صار مدخولها ثلاثة أضعاف ما كان قبلي على ضعف النظام واختلال الأمن، وتيقن بما هو مثبوت في الدفاتر الرسمية من نجاح الأعمال، حصلت له الثقة بي، فزاد لي ذلك وظيف مفتش الجيش الذي كان مرابطًا هناك لصيانة وجدة من هجوم أبي حمارة، وشغله هناك عن رد وجهته عن فاس، وكان هو معظم الجيش المغرب إذ ذاك، وذلك سنة 1321، فكنت بهذه الصفة نائبًا عن وزير المالية في أمور الجيش المالية، وعن وزير الحرب فيما يرجع إلى الأسلحة والذخائر الحربية، وما إلى ذلك، وبمجرد استلامي للوظيف أخذت في التفتيش والضبط، وإسقاط كثير مما كان زائدًا في قوائم الجيش باطلًا، ولا حقيقة له مما كان من أسباب سقوط المغرب، ويسمى في اصطلاحهم "منفوخ"، وحسمت مادة بيع الدخائر والأسلحة، وأحرزت خزنتها كليًّا، فاقتصدت لخزينة الدولة ما ينيف عن خمسة عشر ألف بسيطة عزيزية يومية، كانت تحمل على عاتقها، وتذهب في بطون لا تعرف الشبع هباء منثورًا، وأهمية هذا القدر في ذلكم الوقت لا تخفى، وقد انحسمت بعد ذلك مادة بيع الدخائر الحربية والسلاح للعدو، وتوفَّر للخزينة مال وافر مما كان يضيع فيها، كل ذلك مثبوت بالدفاتر الرسمية، وقد قصدت بذلك انقاذ الوطن المهدد، وإصلاح ما فسد، ولكن أبى الله إلّا أن يقضي أمرًا كان مفعولًا، وقد كافأني المخزن على هذه الأعمال بترقيتي إلى وظيف أعلى زيادة على ما قبله، وهو نائب الملك في الحدود، وفي فصل دعاوي الإيالتين هناك، وكلفت بتنظيم جيش لحراسة الحدود المغربية، وأحق ما ينشد هنا:

وأنَّ بقوم سودوك لحاجة

إلى سيد لو يظفرون بسيد

ص: 17

ثم أسندت إليَّ سفارة عن المغرب الجزائر مع وظائفي المتقدمة، والكل متقارب العهد خلال سنة 1321 المذكورة، ووقعت مباشرته على أحسن ما كان يؤمل، حتى وقع بلوغ المؤمل، وتحسنت العلائق بين الإيالتين، وجرت الأمور في مجاري التعادل والتوازن والحمد لله، ولا أظن أن ذلك من أجل ما يسمونه بالدهاء السياسي، وإنما هي فيما أظن نفحات وعناية إلهية، ثم لم أجد لدي مسائل عويصة يصعب حلها، ولا مشكلات يعسر فكها، من صفاء جو السياسة إذ ذاك بين الدولتين، ومن حسن حظ المرء أن يكون خصمه عاقلًا، لكنني طرأت عليّ عوارض صحية لتراكم الأشغال، مع اشتباك الأحوال السياسية بالعاصمة فجأة، وعزم المخزن على عقد مؤتمر الجزيرة، فاستعفيت سنة 1323، واستقدمني السلطان، فقدمت فاسًا، وعرض علي أن أسمى عضوًا في المؤتمر فاعتذرت، وليس كل عذر يبدو، ولا كل داء يعالج.

وإذا المنية أنشبت أظفهار

ألفيت كل تميمة لا تنفع

تعكرت الأحوال، وأظلم جوّ السياسة، واختلط الحابل بالنابل، فانعزت عن ذلك المعترك، وألقيت السلاح من غير تحمل درك، وأقبلت علي نشر العلم بفاس، وتحريك شيء من التجارة تكفيًا بها عن كل وظيف إلى سنة 1330، وعرضت عليّ أثناء مدة الإعفاء وظائف مهمة، فأعرضت عنها اختيارًا للسلامة.

إن السلامة من سلمى وجارتها

أن لا تحل على حال بواديها

وفي سنة 1330 المذكورة، سميت نائب الصدارة العظمى في وزارة العلوم والمعارف، أول ما أحدث هذا الوظيف في المغرب آخر أيام السلطان المولى عبد الحفيظ بن الحسن، فقبلته رجاء نفع العلم، وفي مدتي انفتحت عدة مدارس ابتدائية بالمدن المغرية بعد خلوها منها، وباشرت إدخال العربية والدروس الدينية والقرآن العظيم لها، وبسبب ذلك حصل الإقبال على التعليم، وامتلأت المدارس شيئًا فشيئًا، وانتشرت في عموم المملكة حتى البوادي، وذلك أيام السلطان المولى يوسف -قدس الله روحه، فكان ذلك أول ترق أدبي فكري ناله المغرب، ولا شك أنه سيعود بالرقي العظيم على الفقه الإسلامي بهذه الديار.

ص: 18

وفي سنة 1332 باشرت تنظيم المجلس التحسيني لإصلاح العليم بالقرويين، وهو المجلس العلمي الموجود الآن، وهي بذرة لا بُدَّ أن تنبت ولو بعد حين، أسَّسْتُ هذه المجلس، وألَّفت قوانينه التحسينية، وما كان لفظ نظام أو تنظيم يعرف له المعنى المقصود هناك، ولا كان يوجد لعلماء ذلك المعهد مرتّب أو ترتيب، حتى فاجأتهم بذلك، فنفروا عنه، وبعد أن فهم المقصود أهل البصائر منهم، بما بذلته معهم من النصح والبيان، جأر منه مَنْ كان متسنمًا مقامًا يقضي عليه التنظيم بالنزول عنه، وقد قدمت الكلام على ذلك في هذا المجموع، ثم استعفيت سنة 1332، وأسقط هذه الوظيف من الوظائف المخزنية مدة، وأعطيت رتبة مستشار للحكومة المغربية شرفًا، فرجعت من الرباط إلى فاس، للإقبال على الدرس والتأليف، والتكفي بشيء من التجارة، وفي هذه السنة أشهرت الحرب العظمى بين دول أوربا، فنال المغرب حظه من أهوالها الكبرى، بما هو مبين في التواريخ، ثم تسببت عنها أهوال اقتصادية، وانقلابات وأزمات تغير بها وحه المغرب، وتبدلت أحواله. هذا جل ما يتعلق بالحياة السياسية، أما الحياة العلمية والقلمية فنقول:

قد درست صحيح البخاري بالرباط ومراكش لما كنت موظفًا، ثم بفاس، ولما بلغت كتاب التفسير قرأته مفصلًا، وكنت أملي فيه ملخصًا من جملة تفاسير؛ كالطبري والرازي والبيضاوي، وروح المعاني، وأحكام ابن العربي، والجصاص، وغيرها، بعدما تركوه مدة سنين من قبل، ورام بعض الولاة منعى منه بدعوى التطير بقراءته، وأنه يتسبب عنه موت السلطان، كما فعلوا بشيخي جنون فيما سبق، فعصمني الله منهم وأكملته والحمد لله، وكان ختمه سنة 1338، وألقيت منه درسًا بتونس من أول سورة المؤمنين، ثم أعدته بفاس أيضًا لإيصال حلقاته، وقد اعتنت به الحكومة التونسية، فجمعته وطبعته على نفقتها، كما أقرأت صحيح مسلم والموطأ ومختصر خليل إلى قرب الزكاة بفاس، والسير النبوية، والتحفة لابن عاصم، ولامية الزقاق، وألفيه ابن مالك، والمنطق، والكل بفاس، وأقرأت المرشد المعين، والتحفة، والربع المجيب برسالة المارديني قبل ذلك بوجدة، مدة مقامي بها.

ص: 19

ثم رجعت سنة 1339 لوظيف نيابة الصدارة العظمى في وزارة العلوم والمعارف، ولا زلت به إلى ساعة كتابة هذه الأحرف، وأجمل الله الخلاص وسدد بمنه.

ومن أحسن ما أمكنني القيام به تفقُّد المدارس من حيث العلوم العربية والدينية من حين لآخر، ويتبع سيرها، وبثّ روح النهضة فيها، والميل إلى إحياء علومنا، والتشبع من العلوم العصرية، وحثّ المعلمين والمتعلمين على حفظ النظام، وتوجيه كلية النظر نحو العلم والأخلاق ومكارم الدين، وأوصي من يقوم بالوظائف من بعدي بذلك، فإنه من خير الأعمال التي يتسنَّى بها التجديد المجيد والعلم قبس، وليجتهد كل واحد منا أن يعلِّمَ واحدًا، والواحد يعلم ألفًا، ومن البعض يكون الكل، والله المستعان.

ولازلت على مباشرة ما يمكنني من الدروس بالرباط، فقد قرأت الفرائض الخليلية مرة بعد مرة، وجملة من البخاري بالرباط وسلا، وأعدت الفسير ثانيًا بالجلالين، ثم بالبيضاوي إلى آل عمران، وحظًّا وافرًا من الربع الرابع من المختصر الخليلي بالزرقاني وحواشيه، وبداية المجتهد لابن رشد الحفيد، وختمت جمع الجوامع، والشمائل مرارًا، وقاربت إتمام النصف من فروق القرافي، كل ذلك في هذه المدة التي ابتعدت فيها عن مسقط الرأس، وكلما رجعت إليه في رخصة من الرخص، أو فرصة من الفرص، أعدت قراءة التفسير بجامعه الأعظم، وأسأل الله الإعانة والتوفيق، وأن يتقبَّل بمحض فضله.

أما تواليفي، فقد بلغت الآن خمسين والحمد لله بين مطول ومختصر، ومطبوع أو مخرج أو مُسوَّد كما هو مبين في الفهرس، وبعضٌ منها يكون مسامرة أو محاضرة ألقيها في موضوع علمي أو اجتماعي أو أخلاقي أو اقتصادي أو نحو ذلك، فيقع موقع الاستحسان، فيصير تأليفًا، ومن الله أستمد التسديد ونفع العبيد:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [سورة الضحى: 11]، {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [سورة الأحقاف: 15] .

وإني لأرجو أن يكون في الشبيبة المغربية التي وقفت نفسي على ثقافتها،

ص: 20

والأخذ بناصرها ونفعها من يقوم بنهضة مغربية صادقة، حتى يناسب مستقبلهم ماضي أسلافهم، وتكون أيامهم عصرًا ذهبيًّا للمغرب تحيى المجد الغابر، والفضل الداثر، وللتاريخ أدوار كأدوار الموشحات، فإذا جاء الإبان أعادها.

وأوصي الشبيبة بتوجيه وجهتهم نحو رقي البلاد من حيث الأخلاق الكاملة، وثقافة الأفكار بالعلوم النافعة، ونشر محاسن الدين الحنيف، والكشف عن أسراره، وإزالة غشاوة الجهل به عن العقول، حتى يقف الناس على معنى الدين الحنيف، وينبذوا كل الأوهام التي خلطت به من أعدائه، فكل نهضة لا تؤسس على مبادئ الدين الصحيح والأخلاق الفاضلة تكون خلوًا من الفضيلة، وخطرًا عامًّا على نفسه، كما أنه وبال على بقية أنواع الحيوان، فلولا الدين لكانت الشهوة التي سطلته على الحيوان والجماد والنبات هي عينها تسلط بعضها على بعض، فالفضل كل الفضل في عمارة الكون ورقيّ النوع البشريّ هو للدين والمعوثين به، ولولا الأديان والرسل عليهم السلام، ما وصل البشر لهذا الرقي الذي هو عليه، ولما كان إلّا وحشًا ضاريًا مفسدًا شريرًا في الأغلب من أفراده، ولم تزل الترقيات العصرية، والاكتشافات الفنية معجزة دالة على صحة الأديان وصدق المرسلين، فقد انكشف لنا به سر حرمة الخمر والخنزير، وسر غسل الإناء سبعًا من ولوغ الكلب، وأسرار حرمة الزنى، وإباحة تعدد الزوجات، وغير ذلك، وها نحن نرى أميركا تشدد في حرمة تعاطي الخمر بنحو ما كان عند مسلمي الصدر الأول، إلى غير ذلك، والحياة بدون زمام الدين فساد وخراب، وشواهد أثر ذلك منذ نشأت الدنيا إلى الآن، ولن تجد لسنة الله تبديلًا.

فعليهم بإنهاض قومهم ووطنهم اقتصاديًّا بإرشادٍ إلى استخراج كنوزه العظيم التي اختلطت بأرضه ومائه، وبثّ روح جديدة في التجارة والزراعة والصنائع، وكافة أنواع الاقتصاد، حاربوا الفقر بالاقتصاد والاختصار من العوائد التي تستنزف الأموال، وباستنتاج الخيرات من الأرض والمياه، وبإحياء الصناعات الوطنية والنهوض بها إلى مستوى الرقي الجديد، فبالاقتصاد أصبح العالم مستعمرة اسرائيلية.

واستعينوا على ذلك بتهذيب الأخلاق، فالإخلاق أساس كل نجاح،

ص: 21

وفساد الأخلاق هو عين الإخفاق، وليتجنبوا المجادلات الدينية، والاختلافات المذهبية، فذلك شيء فرغ منه، فإياهم وإياي من ضياع الوقت النفيس إلّا فيما يفيد، حذار حذار من المجادلات العقيمة الدينية التي لا تأتي بفائدة، وليتجنبوا كل سياسية فإنها مفسدة للأعمال، معرقلة للمصالح.

وليجتهدوا أن يتخرَّج منهم مدرسون ماهرون يحاربون الأخلاق التي أوجبت انحطاطنا في الهيئة العالمية، ويحاربون تطرف الأفكار التي أضاعت وقتنا، وليحاربوا عدو الإسلام الألد، داء الأمية حتى يصير جل أمتهم يقرأ ويكتب ويحسب، ويعرب عن ضميره بعبارة صحيحة عربية بدوًا وحضرًا، كما كان نبينا عليه السلام يحاربها، وأصحابه بعده، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

وإن حاجة المغرب إلى المدرسين من أبناء جنسه فوق كل حاجة، وذلك هو الماء الذي يقطر في حلقوم المحتضر، وينشروا العلم الابتدائي أولًا في جميع أصقاع بلادهم العزيزة بين إخوانهم، وليتطوعوا في ذلك ما أمكنهم، وليعينوا من ظهرت أهليته على تحصيل العلوم العالية عربية وأوربية من طب وهندسة وطبيعيات، وحقوق ومكنيكيات، وغير ذلك.

فإذا اشتغلوا بهذا، وعملوا بأصول هذه الوصية، فإنهم ينهضون بأمتهم وملتهم، ويكونون قد خدموا وطنهم حقًّا لا تشدقًا.

وإياهم والاشتغال بسفاسف الأمور كتغيير الزي، وتكثير الشغب بلا طائل، فإني أربأ بهم أن يتركوا زيَّ قومهم في ظفرة، وأن ينفروا منهم آباءهم، ويلصقوا التهمة بهم في دينهم بيدهم.

فما أجبن قومًا تستَّروا وراء لباسٍ غير لباسهم، خجلًا من جنسيتهم، وما أرذل قومًا أرادوا التشبيه بمن يعتقد انحطاطهم عنه، فليجتهدوا أن يكونوا قادة لأمة، ويجروها وراءهم تهذيبًا وتعليمًا، لا أن ينفروها منهم.

وليكونوا مثال العفة والأخلاق الفاضلة، وأولها صدقة اللهجة، وتقديم المصالح العامة على الخاصة، ونزاهة اليد واللسان، وحسم مادة الباطل

ص: 22

والرِّشَى، وترك الشبهات فضلًا عن المحرمات، وكل أمة هضمت خاصتها حقوق عامتها، كانت غنمًا مهزولة في ليلة شاتية لا يرجى لمستقبلها حياة، وليكونوا مثالًا للجد والنشاط والثبات في الأعمال والنزاهة، والبراعة والدهاء، وإني أعيذهم بالله من تضييع نصيحتي هذه.

قد رشحوك لأمر لو فطنت له

فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

أوصاني بهذا البيت شيخي جنون كتابة ومشافهة رحمه الله مرارًا، وإلى الله أضرع أن يحقق رجائي فيكم، وأن يحفظكم يا أولادي وأخواني مما أصاب غيركم من سموم المعتقدات الفاسدة، وتطرف الأفكار، وأن يحميكم من ضدية الدين، وأن يجعلكم شبيبة مغربية حقًّا، محافظة على مجدها وقوميتها وذاتيتها، حرة التفكير ضمن دائرة الأدب والدين الصحيح الخالي من الخرافات والتخرصات، محافظة على شريعتها السمحة الحقة العظيمة، عارفة بتطبيقها على الأحوال الوقتية المناسبة، حتى تكونوا حماتها، وحماة الوطن العزيز، واللغة العربية الشريفة، معتدلين في أمركم كله، مستقيمين على المهْيَعِ القويم، متمسكين بسنة سيد المرسلين، وخلفائه الراشدين المرشدين.

ص: 23