الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا عمر، فإنه كان أشار بقلتهم، فنزل القرآن بتصويب رأي عمر وإمضاء ما كان من الفداء مع العتاب عليه، قال تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} 1، ثم نزل قوله تعالى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} 2، ثم تتابع نزول أحكام الحرب وأوامره في هذه الغزاة، ثم في غزوة أحد في السنة بعدها، ثم في بني النضير وخيبر وغيرها.
1 الأنفال: 67.
2 محمد: 4.
الميراث:
وفي السنة الثالثة بعد غزوة أحد نزلت آية فرائض الميراث، خلافًا لما نقله الطبري عن أبي زيد أن ذلك كان عام الفتح، لما روى أحمد وأصحاب السن وصحَّحه الحاكم عن جابر: جاءت امرأة سعد بن الربيع الأنصاري فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قتل أبوهما معك في أحد، وإن عمهما أخذ مالهما، قال:"يقضي الله في ذلك" ، فنزلت آية الميراث، فأرسل إلى عمهما فقال:"أعط ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، فما بقي فهو لك"1.
أما مسألة الكلالة المذكورة بعد هذه الآية، فتأخَّر نزولها كما يأتي، إذ هي
1 أخرجه أبو داود "3/ 121"، والترمذي "4/ 414"، وابن ماجة "2/ 908"، وأحمد "3/ 352".
2 النساء: 11، 12.
آخر ما نزل على قول، هذا ما استقرّت عليه فريضة الإرث في الإسلام.
أما قبل هذه السنة، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس، كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فلما نزلت:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} 1 نسخت، ثم قال:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} 2 من النصر والرفادة والنصيحة، وقد ذهب الميراث ويوصى له3. والآية التي كانت نزلت في ذلك هي قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} 4، فهذه الآية منسوخة كما سبق في مبحث النسخ، نسختها آية:{وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} 5.
وروى البخاري عن ابن عباس أيضًا: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للوالدين لكل واحد منهما السدس والثلث، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع6.
واشار ابن عباس بقوله: كان المال للولد، إلا أن العرب في الجاهلية كانوا لا يورثون البنات، فنسخ ذلك القرآن، قال تعالى:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} 7، ثم بيَّن المفروض بقوله:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} 8 إلى آخر الآية السابقة، وعنه أيضًا: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا لم يزوجها، وهم أحق بها من أهلها، حتى نزل قوله تعالى:{وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} الآية9.
1 النساء: 33.
2 النساء: 33.
3 البخاري في الفرائض "8/ 190".
4 الأنفال: 72.
5 الأنفال: 75.
6 البخاري في الفرائض "8/ 189".
7 النساء: 7.
8 النساء: 11.
9 النساء: 19، والحديث في البخاري في تفسير سورة النساء "6/ 55".