الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتكتب النون، لأن تقدير الكلام:"أنه".
وفعلوا ذلك للفرق بينهما (1). قال شيخ الإِسلام على (الشافية): "ولم يعكسوا لكثرة الأولى وقلة الثانية في الاستعمال، والكثير أولى بالتخفيف ولأن الثانية أصلها التشديد، فكرهوا أن يزيدوها إِخلالا بالحذف (2).
[تفصيل القول في أحوال (أن) المفتوحة مع (لا)]:
والحاصل أن لـ "أن" المفتوحة مع "لا" ثلاث أحوال:
إثبات النون فقط، ويسمى فصلا وقطعًا.
وحذفها فقط، ويسمى عندهم وصلًا.
وجواز الأمرين.
فإِن كان بعدها اسم لم تكن مصدرية، بل هي المخففة فيتعين كتب النون.
وإن وقع بعدها فعل متعين النصب كانت مصدرية، فتحذف نونها وتوصل لا بالألف؛ سواء كانت "لا" نافية كقوله تعالى:{أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} [الإِسراء: 2](3) أو كانت صلة كما في {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12](4) فهي في هذه الآية مزيدة للتقوية، بدليل سقوطها من الآية الأخرى:{ما منعك أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75].
وإن جاز فيه النصب والرفع كان فيها الوجهان: الوصل على النصب والفصل (أي: إِثبات النون) علي الرفع كما قرئ بهما في قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71](5) فمن رفع أثبت النون، ومن نصب وصل؛ أي حذف النون كما في "القَطْر"(6)(الدرة)(7).
(1) أي للفرق بين (أن) الناصبة وغير الناصبة.
(2)
راجع المكتوب عن شرح الشافية الحاشية رقم (1) ص 84.
(3)
وكلمة "تتخذوا" جاءت في نسخة الكتاب (ص60) بالياء على قراء أبي عمرو البصري - التبصرة في القراءات للقيسى ص 243.
(4)
والآية: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} .
(5)
وفي رسم المصحف {وحسبوا ألا ..} .
(6)
قطر الندى وبل الصدى، لابن هشام جـ1 ص 83 - باب إِعراب المضارع وانظر التعريف بابن هشام ص 238.
(7)
درة الغواص في أوهام الخواص، للحريري ص 278.
وكذا إِن وقع بعدها فعل مُحْتَمل للنصب على أنها المصدرية، والجزم على أنها المفسرة، و"لا" ناهية نحو:{أَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى} [النمل: 31](1) و {أَن لا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا} [فصلت: 30](2) فمن قال: إِنها المصدرية: وصل، ومن قال: إنها المفسرة أو المخففة من الثقيلة: فصل؛ أي أثبت النون.
وأما قول الجلال السيوطي (3) في {أَن لا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} [الإِسراء:2](4) على قراءته بالفوقية تكون "لا" ناهية و"أن" زائدة (5) فقد تعقبه الكرخي (6) بأن الأولى أن يقال: "أن" مفسرة لأن هذا ليس من مواضع زيادة "أن" بل ذلك في نحو: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا} [العنكبوت: 33] كما نقله المحشي (7).
هذا حاصل التفصيل بين التي توصل والتي تقطع على مذهب الجمهور كما في (الشافية)(8) تبعًا لابن قتيبة (9) في (أدب الكاتب)(10) وكذا الحريري (11) في (الدرة) حيث قال: "ومن الغلط أنهم إِذا ألحقوا "لا" بـ"أن" حذفوا النون في كل موطن وليس ذلك على عمومه، بل الصواب أن تعتبر موقع "أن"
…
" إلى آخر ما قاله (12).
(1) وفي المصحف (ألا) بالوصل.
(2)
وهي في المصحف (ألا) بالوصل.
(3)
سبق التعريف به ص 31.
(4)
وهي في المصحف (ألا) بالوصل.
(5)
انظر تفسير الجلالين جـ1 ص 614 (على هامش حاشية الجمل).
(6)
الكرخى: محمَّد بن محمَّد الكرخي، بدر الدين، فقيه عارف بالتفسير. اشتهر بمصر وتوفي فيها سنة 1006 هـ وله "مجمع البحرين" وهو حاشية على تفسير الجلالين في أربع مجلدات (راجع خلاصة الأثر جـ4 ص 152، كشف الظنون ص 445، الأعلام جـ7 ص 61).
(7)
حاشية الجمل (الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية) جـ1 ص 614.
(8)
انظر الشافية وشرحها لرضى الدين الاستراباذى جـ3 ص325.
(9)
سبق التعريف بابن قتيبة ص 33.
(10)
أدب الكاتب ص 173 - 174.
(11)
سبق التعريف بالحريري ص 32.
(12)
درة الغواص، ص 277 وتمام كلامه:"فإِن وقعت (يعني: أن بعد أفعال الرَّجاء والخوف والإِرادة كتبت بإِدغام النون نحو: (رجوت ألا تهجر، خفت ألا تفعل أردت ألا تخرج) وإنما أدغمت النون في هذا الموطن لاختصاص (أن) المخففة في الأصل به، ووقوعها عاملة فيه، فاستوجبت إِدغام النون بذلك".