الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن لا يُوصل منها إلا ما رُكّب مع "مِائَة"، بأن قيل "ثَلَثمائة" و"سِتُّمِائة" وغيرهما من الآحاد المضافة إِلى "مائة"، وإن قَصَر في (الدُّرَّة) الوصْلَ على "ثلاث" و"ست"، قال:"لأنهم لما حذفوا الألف من "ثلاث" جبروها بالوصل. وكذلك "الست" فيها نَقْصٌ، إِذْ أصلها: "سدس" (1).
وغير الحريري (2) يجعل الوصل عامًا فيما بعد "الثلاث" إِلى "التِّسْع".
ويقول الفقير: لعل ذلك للتخفيف، وللتمييز بين إِضافة الآحاد إِلى "المِائة" فتُوصل بها، وبين إِضافة الكسور إِليها فتُفصل منها. مثلًا:"خَمْسُمِائة" و "سَبْعِمائة" و"ثَمنَمِائة" المفتوحة الأوائل تُوصل، بخلاف المضمومة الأوائل من "خُمْس مِائة" و"سُبْع مِائة" و"ثُمْن مائة"، وإن كانت نادرة الاستعمال.
[أمثلة للمركب المزجي (المركبات الدخيلة)]:
ثم أقول أيضًا: مثل بَعْلَبَّك من المركبات المزْجية في أسماء الناس أو البلاد أو مطلقًا "طُغْرُلْبَك" و"سُبُكْتِكِين" و"باَبِشَاد" و"قَاضِيخَان" و"سكباج" و "خُشْكَنَان"(3) و"كليكَرب" و"كيقباد" و"سكَنْجَبِين " و"ترنجبين" و "كسبند" و"دَسْتَبَنْد"(4) و"عَيْنَتَاب" و"دَارَ بْجِرْد" و"أَلبأَرْسلان" و " بُخْتَنَصَّر" و"شَهِنْشَاه"،، وأصله:"شاهان شاه"، بمعنى ملك الملوك، على قاعدة العَجَم من تقديم المضاف إِليه على المضاف كالصفة على الموصوف غالبًا.
(1) درة الغواص ص 282 وعبارته: "ومما يجب أن يكتب موصولين: ثلاثمائة وستمائة، والعلة في ذلك أن ثلاثمائة حذفت ألفها، فجعل الوصل فيها عوضًا عن الحذف، وأن ستمائة كان أصلها سِدْسًا، فقلبت السين تاء، وجعل الوصل عوضًا من الإِدغام".
(2)
هو صاحب درة الغواص، وقد سبق التعريف به ص (32).
(3)
الخشنكان: دقيق القمح إِذا عجن بشيرج وبُسط ومُلىء بالسكر واللوز أو الفستق وماء الورد ثم جُمع وخبز (حاشية المعرب للجواليقي ص 182).
(4)
الدستبند: لعبة المجوس، يدورون وقد أمسك بعضهم يد بعض، كالرقص. وهي مركبة من "دست" أي: يد، (بند) أي رباط (حاشية المعرب للجواليقي ص 283).
وبالجملة، فالمركَّبات الدخيلة في اللغة العربية كثيرة. قال الشهاب الخفاجي (1) في مقدمة كتابه (شفاء الغَلِيل فيما في لغة العرب من الدَّخيل):"واعلم أن المعَرَّب إِذا كان مُركَّبًا أُبقي على حاله؛ لأنه سماعى، فلا يجوز استعمال أحد أجزائه "كشَهِنْشَاه"، ولذا خُطِىء من عَرَّب "شاه" وحده، كقول بعض المولَّدين: (رَبّما قَمَرَتْ بالبَيْدَقِ الشَّاهُ) بالهاء أو بالتاء" اهـ (2).
والحاصل أن من الكلمات ما يجب وصلها لمقتضٍ، وأنه لا تجوز مخالفة القياس وصلًا أو فصلًا إِلا لداعٍ مقبول، كالإِلغاز بالوصل وضده. أو لمسوغ؛ بأن يكون في الكلمة وجهان، كما في "مَعْدِى كَرِب" وكما إِذا كانت مُحتملَة لمعنيين يلزم لأحدهما الفصل وللآخر الوصل بأن تكون مُحتملةً للزيادة وعدمها. وأما قولهم:"وَيْلُمِّه"- والأصل: "وَيْلٌ لأُمّه"- فالوصل فيه على حسب التلفظ به كما ورد في حديث (3).
ولما كانت كلمة "ما" كثيرة التفاصيل أفردناها بفصل مستقل كما صنع في (أدب الكاتب)(4)، وهو هذا.
(1) سبق التعريف به ص (57).
(2)
شفاء الغليل فيما في لغة العرب من الدخيل ص80 (ط دار الشمال، طرابلس، لبنان 1987م، ص 10 في الطبعة الأميرية 1282م.
(3)
هذه اللفظة (ويلمه) ذكرها ابن منظور في لسان العرب (ويل) وقال: وفي الحديث في قوله لأبي بصير: "ويلمه مِسْعَر حرب" تعجبًا من شجاعته وجرأته ومنه حديث علي: "ويلمه كيلًا بغير ثمن لو أن له وعا" أي يكيل العلوم الجمة بلا عوض إِلا أنه لا يصادف واعيًا.
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ "ويل أمه" كتاب الشروط -باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب (رقم 2731، 2732) وأبو داود في السنن -كتاب الجهاد، باب في صلح العدو (رقم 2765) وأحمد بن حنبل في المسند (4/ 331) وسيأتى الكلام عن هذه المسئلة بتفصيل أكثر.
(4)
أدب الكاتب ص 171 - 172.