الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في (المزْهِر)(1): "وكان ممن اشْتُهر بالكتابة من عظماء الصحابة عمر وعثمان وعلى وطلحة وأبو عبيدة من المهاجرين. وأُبّى بن كعب وزيد بن ثابت من الأنصار وغيرهم" اهـ.
ولكنَّ معرفةَ شِرْذمةٍ (2) قليلة من قريش للكتابة لا تنفى عن العرب الأُمّيَّة التي وصفهم الله بها في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2] هذا ما يتعلق بوجود الكتابة بمكة.
[كَتَبة الوحى]:
وأما المدينة المنورة -على ساكنها وآله وأصحابه وأتباعهم أفضل التحايا- فلم تكثر الكتابة العربية فيها إلا بعد الهجرة بأكثر من سنة؛ وذلك أنه لما أَسرتِ الأنصارُ سبعين رجلًا من صَناديد قريش (3) وغيرهم في غزوة بدر السنة الثانية من الهجرة: جعلوا على كل واحد من الأَسْرى فِداءً من المال، وعلى كل مَن عَجَزَ عن الافتداء بالمال أن يُعلِّم الكتابةَ لعشرةٍ من صبيان المدينة، فلا يُطلقونه إِلا بعد تَعْليمهم. فبذلك كثرت فيها الكتابة، وصارت تنتشر في كل ناحية فتحها الإِسلام في حياته عليه السلام وبعده كما في (السيرة)(4) حتى بلغت عِدَّة كُتَّابه عليه السلام ثلاثة وأربعين رجلًا.
وقد ألف بعضهم (رسالة) في أسمائهم، كذا في (الشهاب) على (الشِّفا)(5).
(1) المزهر جـ2 ص351.
(2)
الشِّرذْمة: القليل من الناس وقيل: الجماعة من الناس القليلة (لسان العرب -شرذم).
(3)
صناديد قريش: أشرافهم وعظماؤهم (لسان العرب -صندد).
(4)
السيرة الحلبية جـ 2 ص451.
(5)
أي في حاشية الشهاب الخفاجي على كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض (ستأتي ترجمته قريبًا ص 62 حاشية 6) وهي المسماة "نسيم الرياض في شرح =
ولا ينافيه القُرطبى (1) في تفسير سورة العنكبوت على ستة وعشرين (2)، ولا اقتصار الشَّبْرامَلِّسِى (3) على أربعين، على ما نُقل عنه في كتاب القضاء من (حاشية المنهج)(4).
= شفا القاضي عياض" جـ3 ص 235 (ط المطبعة الأزهرية المصرية 1327 هـ) والرسالة التي أشار إِليها صاحب الحاشية هى للشيخ جمال الدين الأنصارى شيخ الحافظ العراقى. قال الشهاب: "قلت: وقد وقعت أنا أيضًا على تأليف لابن أبي الحديد فيهم".
والشهاب الخفاجي هو أحمد بن محمَّد بن عمر، شهاب الدين الخفاجي المصرى، قاضى القضاة وصاحب التصانيف في الأدب واللغة، نسبته إِلى قبيلة خفاجة. ولد ونشأ بمصر، ورحل إِلى بلاد الروم واتصل بالسلطان مراد العثمانى، فولاه قضاء سلانيك ثم قضاء مصر، ثم عزل عنها، فرحل إِلى الشام وحلب وعاد إِلى بلاد الروم، ثم نفى إِلى مصر، وكانت وفاته بها سنة 1069 هـ ومن تصانيفه:"رَيْحَانة الألبا"(على نسق يتيمة الدهر للثعالبى)، "شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل" و "شرح درة الغواص" للحريرى، وهذه الثلاثة نقل عنها نصر الهورينى وللشهاب مؤلفات أخرى (راجع خلاصة الأثر جـ1 ص 331، الأعلام جـ1 ص 238).
(1)
القرطبى: محمَّد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصارى الخزرجى الأندلسى، أبو عبد الله القرطبى، من أهل قرطبة، وهو من كبار المفسرين رحل إِلى المشرق واستقر بمنية ابن خصيب (في شمالى أسيوط بمصر)، وتوفى فيها سنة 671 هـ وكان ورعًا متعبدًا طارحًا للتكلف من كتبه:"الجامع لأحكام القرآن" يعرف بتفسير القرطبى (راجع نفح الطيب جـ1 ص 428، الأعلام جـ5 ص 322، مقدمة المجلد الأول من تفسير القرطبى).
(2)
الجامع لأحكام القرآن جـ13 ص 353 (ط دار إِحياء التراث العربى، بيروت) تفسير الآية (48) من سورة العنكبوت.
(3)
هو على بن على الشَّبْرَامَلَّسِى، أبو الضياء، نور الدين. فقيه شافعى مصرى، كف بصره في طفولته، وهو من أهل شبراملس (بالغربية بمصر) تعلم وعلَّم بالأزهر، وكان مولده سنة 997هـ ووفاته سنة 1087 هـ صنف كتبًا، منها:"حاشية على المواهب اللدنية" للقسطلانى (سبقت ترجمته ص55)، "حاشية على نهاية المحتاج" في فقه الشافعية، وغير ذلك (خلاصة الأثر جـ3 ص 174، الأعلام جـ4 ص 314).
(4)
لم أقف عليه و (المنهج) في الفقه الشافعى لشيخ الإِسلام زكريا الأنصارى المتوفى سنة 926 هـ وسيأتى التعريف به.
لكن لم يكونوا كلهم كُتَّابَ وَحْىٍ، وإنما كان أكثرهم مداومةً على ذلك بعد الهجرة زيد بن ثابت (1)، ثم معاوية بن أبي سفيان (2) رضي الله عنهم بعد فتح مكة (3). وأول من كتب الوحى بمكة من قريش: عبد الله بن سَعْد بن أبي سَرْح (4)، لكنه ارتدَّ وهرب من المدينة إِلى مكة، ثم عاد إِلى الإِسلام يوم الفتح. وأول من كتبه بالمدينة: أُبّى بن كَعْب رضي الله عنه (5).
(1) زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد، أبو سعيد. ويقال: أبو خارجة الأنصارى الخزرجى صحابي جليل. قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وزيد ابن إِحدى عشرة سنة. وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تعلم العِبْرَانيَّةَ في سبع عشرة ليلة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان زيد مرجعًا للفتوى والقضاء والقراءة والفرائض. وأول مشاهده غزوة الخندق توفي سنة 51 هـ. وقيل: سنة 55 هـ. (من مصادر ترجمته تهذيب الكمال جـ 10 ص 24، طبقات ابن سعد 2/ 358، سير أعلام النبلاء جـ 2 ص 426 - 441).
(2)
هو معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو عبد الرحمن القرشى الأموى. صحابي جليل قيل: أسلم يوم الفتح وقيل زمن الحديبية. وكان من كتّاب الوحى. ولاه عمر بن الخطاب ولاية الشام ثم أقره عثمان عليها، وولي الخلافة سنة 40 هـ، واستمر عشرين سنة توفي سنة 60 هـ (من مصادر ترجمته: تهذيب الكمال جـ28 ص 176، طبقات ابن سعد جـ7 ص 406، سير أعلام النبلاء جـ3 ص 119).
(3)
قال الشهاب الخفاجى في حاشيته على الشفا (جـ3 ص 235) وكان المدار على الكتابة له صلى الله عليه وسلم زيد ومعاوية رضي الله عنهما.
(4)
عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشى العامرى، من بني عامر بن لؤى، من قريش، فاتح إِفريقية أسلم قبل فتح مكة، وهو من أهلها، وكان من كتَّاب الوحى للنبى صلى الله عليه وسلم، وكان على ميمنة عمرو بن العاص حين افتتح مصر، وولى مصر سنة 25 هـ، بعد عمرو بن العاص فاستمر نحو 12 عامًا. وقد غزا الروم بحرًا وظفر بهم في معركة "ذات الصوارى" سنة 34 هـ، ثم عاد إِلى المشرق. اعتزل الفتنة التي وقعت على إِثر مقتل الخليفة عثمان. ومات بعسقلان فجأة سنة 37 هـ. وهو أخو عثمان بن عفان من الرضاع (له ترجمة في أسد الغابة جـ3 ص 259 - 261، سير أعلام النبلاء جـ3 ص 33 - 35، وانظر الأعلام جـ4 ص 88 - 89).
(5)
أُبى بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية، أبو المنذر، ويقال: أبو الطفيل الأنصارى الخزرجى صحابى جليل، سيد القراء. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إِن الله أمرنى أن أقرأ عليك القرآن
…
". وكان ممن جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عنه أبو العالية: كان أُبىّ صاحب عبادة فلما احتاج إِليه الناس ترك العبادة وجلس للقوم. توفي سنة 19 هـ. وقيل: سنة 20 هـ (من مصادر ترجمته: تهذيب الكمال جـ2 ص 262، أسد الغابة جـ1 ص 49).