الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بغير ياء، وكُتِب باب "القاضى" بالياء على الأفصح فيهما للوقف عليهما بذلك" اهـ (1).
[5 - حُكْمه]:
وأما حُكْمه فهو الوجوب الكِفائى. لمَّا أن صَنْعَةَ الكتابة واجبة على الكِفاية كسائر الصناعات فَإِذنْ يكون علمها من قَبيل فرضِ الكفاية كسائر العلوم الوسائل.
[6 - فضْلُه]:
وأما فضلُه فهو احتياج كُلّ علمٍ إِليه، ولا غنى له عنه، لأن تدوين العلوم بأسرها وحفظها متوقف على الكتابة.
[7، 8 - نِسْبته ومَأْخذُه]:
وأما نسبته إِلى البَنَان فهى كنسبة النحو للسان، والمنطق للجنان.
وأما مأْخَذُه واستمدادُه فهو من القواعد النَّحْوية والأصول الصرفية كما سبق الإِيماء إِلى ذلك عن أبي حَيَّان (2) ومن موافقة "الإِمام" الذي هو مصحف عثمان في بعض كلمات.
[9 - واضعه وتاريخُ وضعه]:
وأما واضعه فهم علماء المِصْرَيْن العِراقِيَّين؛ أي البصرة والكوفة، فإِنهم هم الذين دَوَّنوا هذا الفن كما دَوَّنوا غيره من علم اللغة والصرف والاشتقاق والنحو والعَرُوض، ولهم في جميع تلك العلوم مذاهب مختلفة، حتى هذا العلم لهم فيه اختلافاتٌ مَبْنيّةٌ على الاختلاف الواقع في لغات قبائل العرب بالوجوه التي عَقَدَ لها في (المُزْهِر) ترجمةً مستقلة (3)، وذكر منها تحقيق الهمزة
(1) شرح الشافية لرضى الدين الاستراباذى جـ3 ص 319. أما شرح الشافية لابن الحاجب فهو مفقود.
(2)
سبق الإِيماء إلى ذلك ص 32.
(3)
المزهر جـ1 ص255 - 256 النوع السادس عشر (معرفة مختلف اللغة).
وتخفيفها بالتسهيل أو الإبدال بأحد حروف العِلّة فالتحقيق لغةُ تميمٍ وقَيْس، وهو الأصل. والتخفيف لغة قُرَيْش وأكثر الحجازيين على ما قاله شيخ الإِسلام في (شرح الشافية) قال:"ومعلومٌ أن لغة قريش أفصح اللغات، فلذا كان الكَتْب على لغتهم أَوْلى، لاسِيَّما وقد جَرَى عليها رَسْم المصحف" اهـ. (1) ومثله في (الهَمْع) عن أبي حَيّان (2) أي فيكون الكَتْبُ على لغة التخفيف أَوْلى لوجهين: كونها لغة قريش، واتِّباع المصحف.
ولهذا كان أكثر الصحابة ومَن وافَقَهم من التابعين وأتباعهم يوافقون الرسم المُصْحفى في كل ما كتبوه ولو لم يكن قرآنًا ولا حديثًا، ويكرهون خلافَهُ، ويقولون: لا نخالف "الإِمام" يريدون بذلك المصحف الذي كُتِبَ بأمر الإِمام عثمان، فإِنهم كانوا يسمونه "الإِمام" من حيث اتباعه رَسْمًا وغيره.
واستمر الأمر على ذلك إِلى أن ظهر علماء المِصْرَيْن (3) وأسسوا لهذا الفن ضوابطَ وروابط بَنَوْهَا على أَقْيِسَتِهم النحوية وأصولهم الصرفية، وسموها:"علم الخط القياسى" أو "الاصطلاحى" المخترع، وسمُّوا رسم المصحف "بالخط المتَّبع"، وقالوا: إِن رسمه سُنَّة مُتَّبعة مقصورة عليه، فلا يُقاس، ولا يُقَاس عليه. ومثله من حيث عدم القياس: خطُّ العَرُوضِيّين، ولذا قيل: خَطَّان لا يُقاسان. فتحصَّل أن الخطوط ثلاثة:
(1) شرح الشافية لابن الحاجب مفقود حسب علمي وقد نقل منه الهوريني في مواضع كثيرة وهناك شرح لرضى الدين الاستراباذى على متن الشافية، وهو مطبوع، ورجعت إِليه في بعض المواضع المشار فيها إلى شرح الشافية لابن الحاجب.
(2)
همع الهوامع جـ 6 ص 311 وعبارته: "قال أبو حيان: والكُتَّابَ بنوا الخط في الأكثر على حسب تسهيلها (يعني: تسهيل الهمزة) لوجهين أحدهما: أن التسهيل لغة أهل الحجاز، واللغة الحجازية هى الفصحى فكان الكتْب على لغتهم أولى. والثانى: أنه خط المصحف، فكان البناء عليه أولى، مع أن القياس يقتضيه".
(3)
أي البصرة والكوفة.