الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تقريظ الشيخ حسن البردى الشافعى]
وهذا ما كتبه البديع اللوذعى والبارع الألمعى، الفاضل الفهَّامة الشيخ البردى:
سبحانك يا مُبِدئَ الإِنسان من مظهر الإِمكان، على أبدع إِتقان، وحمدًا لك حيث زيَّنتَ عرائس الأذهان بفرائد درر البيان في منصات التبيان.
وصلاةً وسلامًا على إِنسان عين الوجود ومرآة سر الشهود، وعلى آله وأصحابه وسائر أحبابه.
أما بعد:
فياذا الفضائل المعترف بها نبهاء العصر، ويا جامع أشتات الفواضل التي جلت عن الحصر، ويا من زَهَتْ به رتب الكمال، وحامت على بحر علمه العذْب طيور الآمال، ويا من ثبت الفضل لديه وارتسم، وعنه افتر الزمان وابتسم، واستقر أمر البلاغة لديه استقرار الطرس في يديه، ويا من أقام سوق المعارف على ساقها، وأبدع في انتظام مجالسها واتساقها، وأوضح رسمها، وأثبت في جبين عصره وسمها، ويا بديع الخطاب ورب الخُطب ويا زُهْرى الرواية وشقيق العرب، ويا سَليِقى الإِعراب وطرف الأدب، ويا غزير الفنون وذكى الغريزة وأجل مناظر بصحيح النظر، المصون بجوامع كلماته الوجيزة -أرسلت إِلىَّ كتابك الكريم فأقررتُ بمعجزه وألقيتُ له عصا التسليم.
ولما سرَّحتُ نظرى في دقائق مبانيه، وفرحت فكرى بالتأمل في عرائس معانيه قلتُ: عسى أن أصف من لطائف نكاته أو أبدى من يانع نضير تحقيقاته، فلله أنت من فصيح اقتطفت من ثمر فرائده باكورة البديع بحسن الصنيع، وتصيدت من همزات غصونه حمائم التسجيع بألحان التوقيع، وماذا أقول في تصنيفٍ كأنما هو سمر بين زهير ولبيد، وحبيب والوليد، وتدقيقات
لو تساجل بها عبد الحميد وتلاه ابن العميد لحكم الفاضل بأن الفضل راجع لصاحبه، وأن سواه لا يقدر على صوغ هاتيك التحقيقات ولا يصل إِلى مشاربه.
ثم إِنك أيها الفاضل والإِنسان الكامل ألزمتنى أن أقرض عليه، وأنتظم بذلك في سلك ما انتسب إِليه، وذا لَعْمرِى من حسن ظنك الجميل في قريحة الخليل، ومن أين للذهن الكليل انتقاد كلام الألمعى، وكيف تقبل دعوى شرف التأصُّل من الدَّعِىّ؟ وأين جفاء البادى رفيق الظربان واليربوع من لطف الحاضر قرين الترفَّه المطبوع، لاسيما والأدب في الحقيقة خلافه، والطامع فيه إِن لم يكن طبع فيه مُعرَّض للآفة، كيف وقد سطَّرت هفوات عزات الإِنشا ومناته، وذكرت عن سرواتهم في مضمار البراعة عثراته، ورُبّ بليغ خط منثوره فأخطأ، ووقع في شَرَك زلّته يتخبط ولا يتخطى، فكيف بعد هذا تظننى فارس الكتيبة أو راسم منثور الكتابة، أو رفيق العصابة؟.
فيا قويم المنطق، ويا ثمين القيمة ان كان الباعث ظنك العلم بأمثالى فإِن صورتى فيه ومثالى قول المهذّب:
فإِنّى منه تُبْتُ تَوْبةَ نادم
…
مُقِرّ بأنّى اليومَ أَجْهلُ جَاهِل
لكن، أنت حرسك الله قد نظرتَ بعين صفائك، فوجدتَ حسن وصفك وجميل وفائك، والمؤمن مرآة أخيه، والإِناء ينضح بما فيه، لكنى أعوذ بلطف أدبك البارع، وكلامك الجامع المانع، واستشفع بوجه تواريك، وحلاوة محاولاتك، وأتعلق بأفنان افتنانك وأذيال مزاولاتك، واستعطف وأناديك بحرمة أياديك، أجرير المجامع، يا فرزدق المعامع، يا لسان السعد، يا عصام الدقة والنقد، يا صحيح السند وطائل اليد.
ذان وصفاك: لطفٌ وأدب.
هذان لقباك: ربُّ شعر وخطب.
هؤلاء أجنادك من أنشد وكتب.
كلهم يغبطك بلاغةً وبراعة، جُلُّهم يلحظك أدبًا وطاعة، أنفسهم تودّك العزة مزاياك، أعينهم تتمتع بمآثر سجاياك.
أَملى بذلك المقال ورجاءى فيك أيها المفضال أن لا تخجل وجه خليلك، ولا ترهق لُبَّ دخيلك، حسنُ الظن جرَّانى، ومزيد وثوقى ساقنى، فاجعل جائزتى قبول كتابتى لتتم سعادتى.
كتبه ببنانه وقاله بلسانه حسن البردى الشافعى الليثى الأحمدى عُفى عنه.