الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سبب التسمية]:
وسُميت تلك العلامات بهذا الاسم قيل: لأن هيئة الكلمة وصورتها تختلف في التلفظ باختلافها.
وقيل: شَكْلُ الكتاب مأخوذٌ من شكَال الدابة التي تُقَيَّد به (1)، فكأَنَّ شكل الكلمة يُقيدهَا عن الاختلاف فيها، ويُزيل عنها الإِبْهامَ؛ فإِن الخط إِذا لم يكن مَشْكُولًا يُقال له: خط غفل كما في فقه اللغة. ولذا يقال للحرف الذي لا يُنقَط "مُبْهَمٌ" و"مغفل".
وقال أبو البقاء (2) في (الكُلّيات): "هو من: أَشْكَل الكِتابَ، أي أَعْجمه، كأنه أَزال عنه الإِشْكالَ والالتباس" اهـ (3).
ولذا كانوا يُسمُّونه إِعجامًا ونَقْطًا.
قلت: ولعله المراد من قول الجلال (4) في (المزْهر): "أول من نَقَط المصحف أبو الأسود الدُّؤلى، كما أنه أول من وضع علم العربية بالبصرة" فيكون المراد بالنَّقْط في كلامه: الإِعْجام؛ بمعنى الشَّكْل، لا النَّقْط، أَزواجًا وأَفرادًا المميّز بين الحرف المعْجَم والمهْمَل.
بل أقول: يُحتمل أيضًا أنه المراد من قولهم: "حروف المعجم"، أي: الخط المعجم، بمعنى المشْكُول؛ أي الذي شَأْنُه أن يُشكل كما قد يُومئ إِلى ذلك قولُ (القاموس):"أي: ما من شأنه الإِعجام"، كما سبق أول المقدمة (5). وكما قد يُؤخذ من حكاية العَسْكرى الآتية قريبًا (6).
[قصة اختراع النَّقْط وأول من اخترعه]:
وتكون هذه التسمية حدثْت له بعد ما اخترَع له أبو الأسود (7) النَّقْط الذي
(1) لسان العرب (مادة /شكل).
(2)
تقدمت ترجمة أبي البقاء الكفوى ص (47).
(3)
الكليات جـ3 ص 79.
(4)
هو الجلال السيوطي. تقدمت ترجمته ص (31).
(5)
راجع عن ذلك ص (42).
(6)
انظر فيما يأتى ص (409). وستأتى ترجمة العسكري في هذا الموضع.
(7)
تقدمت ترجمته ص (46).
وضعه، "فإِنه لما أقام بالبصرة (1) مُستوطِنًا بعدما كان واليًا بها لابن عباس في خلافة سيدنا علىّ -رضوان الله عليهم- إِلى أن تولَّى زياد بن أبِيه (2) إِمارة العِراقَيْن أيام معاوية (3)، وكانت العرب قد خالطت الأعاجم وتغيّرت ألسنتهم، وكان الدُّؤلى (4) لا يُخرِج إِلى أَحدٍ شيئًا مما أخذه من علم العربية عن الإِمام رضي الله عنه وكَرَّم الله وجهه - حتى أمره زِياد بتعليم أولاده بالبصرة، ثم بعث إِليه أنِ اعمل شيئًا يكون إِمامًا تَنتفِع به الناس، وتعْرِب كتابَ الله. فاستعفاه من ذلك إِلى أن سمع قارئًا يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3].بكسر اللام، فقال: ما ظننتُ أن أَمْر الناسِ صار إِلى هذا. فرجع إلى زِياد وقال: أنا أفعل ما أمر به الأمير، فليَبْغنى الأميرُ كاتبًا لَقنًا لَبِقًا (5) يعقل ما أقول. فأتى بكاتب من عبد القَيْس، فلَم يَرْضَه، فأتى بآخر -قال أبو العباس: أحسبه منهم- فقال أبو الأسود: إِذا رأيتَنى قد فَتحتُ فَمِى بالحرف فانقط نُقطةً على أعلاه. وإن ضَمَمْتُ فمى فانقط نقطة بين يَدَى الحرف. وإنْ كسرتُ فمى فاجعل النقطة تحت الحرف. فإِن أَتبعتُ لك شيئًا من غنَّةٍ فاجعل مكان النقطة نقطتين. ففعل ذلك. فهذا نَقْط أبى الأسود" اهـ.
هكذا نقلته من (شرح) المُطَّرِزِى (6) على المقامة الأخيرة من (مقامات) الحريرى (7) من عند قوله: "أنه أقام بالبصرة مُستوطنًا. . . إِلخ"(8). ورأيت مثله في ترجمته في حرف الظاء من (ابن خَلِّكَان)(9).
(1) سبق التعريف بالبصرة ص 46.
(2)
تقدمت ترجمة زياد بن أبيه ص (357).
(3)
تولى زياد بن أبيه إِمارة العراقيْن (البصرة والكوفة) من سنة 45 هـ إِلى سنة 55 هـ.
(4)
هو أبو الأسود الدؤلى. راجع ترجمته ص (46).
(5)
اللّقِن: فَهِمٌ حسن التلقين لما يسمعه. واللَّبِق: الحاذِق الرفيق بكل عمل (لسان العرب - لقن، لبق).
(6)
تقدمت ترجمة المطرزى ص 82. وشرحه لمقامات الحريرى يسمى (الإِيضاح) انظر الأعلام للزركلى جـ5 ص10) ولم أجده.
(7)
سبق التعريف بالحريرى ص (32).
(8)
مقامات الحريرى ص (582) - المقامة (50) المسماه "البصرية".
(9)
وفيات الأعيان جـ2 ص 537 (ترجمة أبى الأسود الدؤلى). وسبق التعريف بابن خلكان ص (43).