الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الجمل)(1) آخر المائدة.
[ثانيًا: أحوال (ما) الحرفية وصلًا وفصلًا]:
وأما الحرفية فمنها:
[1]
النافية: كقول مادحه عليه السلام:
جِيمٌ جميعُ الخلْقِ تَشْهدُ أنَّ ما
…
عمَّ الوَرَى إِلا نَوَالُ محمَّد (2)
فـ "ما" هنا نافية لا تُوصل بما قبلها لِمَا علمتَه قريبًا مما نُقل عن (الإِتقان).
ومنها:
[2]
الكافَّة: وهي على [3] أقسام:
القسم الأول: الكافَّة عن عمل الرفع، وعن طلب الفعل فاعلا، وهي المتصلة بـ "طَالَ" و"قَلَّ" و"جَلّ" و"كَثُر"، كقوله:
يا ابْنَ الزُّبَيْرِ طَالَما عَصَيْكَا
…
وطَالَمَا عَنَيْتَنَا إِلَيْكَا (3)
وقول الشاعر:
صَدَدْتِ فَأَطْوَلْتِ الصُّدُودَ وَقلَّما
…
وِصَالٌ عَلَى طُولِ الصدود يدوم (4)
(1) حاشية الجمل على تفسير الجلالين (الفتوحات الإِلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية) جـ1 ص 546. وقد نقل الجمل هذه المواضع عن الإتقان.
(2)
البيت من بحر الكامل، وقائله البحترى. انظر المصون لأبي أحمد العسكري ص 132، ديوان البحترى جـ1 ص 172.
(3)
البيت قاله راجز من حمير، وتمامه:
* لنضربن بسَيْفِنا قَفيْكا*
وأراد بابن الزبير: عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما (راجع التعريف به ص 71) انظر شرح الأشمونى على الألفية جـ4 ص 283، وتخريج العينى له (نفس الموضع المذكور).
(4)
البيت من بحر الطويل، وقائله المراد الفقعسى. انظر: الكتاب لسيبويه جـ1 ص 12، 459، المقتضب للمبرد جـ1 ص 48، الإِنصاف لابن الأنبارى ص 144.
وقول الآخر:
يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عَلَيْكَ ديارُنا
…
فَابْرقْ بأَرْضِكَ ما بدا لَك وارْعُدِ (1)
قال في (الهَمْع)(2): "وجرى ابن دُرُسْتَوْيه (3) والزَّنْجانى (4) على عدم وَصْل "قَلَّما" والأصح الوصل" اهـ.
وقال الكَافَيَجِى (5) في (شرح القواعد): "إِن جُعلتْ "ما" كافَّة وُصلت، وإن لم تكن كافة فُصلت، نحو: "قَلَّ ما يقوم زيد"؛ أي: قَلَّ قيامه" اهـ (6).
(1) البيت من بحر الطويل، وقائله ابن أحمر كما في لسان العرب (رعد)، قواعد الإِعراب لابن هشام ص 18. وإذا أوعد الرجل قيل: أَرْعد وأبرق، ورعد وبرق يقال: أرعد (أو رعد) له: إِذا أوعده.
(2)
همع الهوامع جـ6 ص320.
(3)
هو عبد الله بن جعفر بن محمد بنْ المرزبان، أبو محمَّد من علماء اللغة، فارسى الأصل مولده سنة 258 اشتهر وتوفى ببغداد سنة 347 هـ. له تصانيف كثيرة، منها:"تصحيح الفصيح" يعرف بشرح فصيح ثعلب. و"أخبار النحويين"، و"الإرشاد في النحو" و "الكتَّاب"(تاريخ بغداد جـ9 ص 428، وفيات الأعيان جـ3 ص 43 - 45، بغية الوعاة ص 279).
(4)
محمود بن أحمد بن محمود بن بختيار، أبو المناقب شهاب الدين الزَّنجانى لغوى من فقهاء الشافعية، من أهل زنجان (بقرب من أَذْرَبَيْجَان ولد سنة 573 هـ، واستوطن بغداد، وولى فيها نيابة قضاء القضاة، ودرَّس بالمدرسة النظامية ثم بالمستنصرية. استشهد ببغداد أيام نكبتها ودخول هلاكو سنة 656 هـ. له من الكتب كتاب في تفسير القرآن، و"ترويح الأرواح في تهذيب الصِّحاح" للجوهرى (طبقات الشافعية جـ5 ص 154، كشف الظنون ص 1073، النجوم الزاهرة، جـ7 ص 68، الأعلام جـ7 ص 161 - 162).
(5)
محمَّد بن سليمان بن سعد بن مسعود الرومى الحنفى محيى الدين، أبو عبد الله الكافيجى. من كبار العلماء باللغة والمعقولات. رومى الأصل، واشتهر بمصر، ولازم السيوطي (ت 911 هـ) 14 سنة وعرف بالكافيجى لكثرة اشتغاله بالكافية في النحو انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر، وولى وظائف، منها مشيخة الخانقاه الشيخونية. وله تصانيف أكثرها رسائل، منها:"شرح قواعد الإِعراب" لابن هشام، "التيسير في قواعد التفسير" و"حل الإشكال" في الهندسة. وكان مولده سنة 788 هـ، وتوفى سنة 879 هـ (البدر الطالع جـ2 ص 171، الضوء اللامع جـ7 ص 259، شذرات الذهب جـ7 ص 326، الأعلام جـ6 ص150، معجم المؤلفين جـ 10 ص 51).
(6)
شرح قواعد الإعراب (مخطوط) لم أعثر عليه و (قواعد الإعراب) لابن هشام الأنصارى.
ويظهر لي أن فَصْل "جُلّ ما" أوْلى، لقلّة اشتهارها.
والقسم الثاني: الكافّة عن عمل النصب والرفع؛ وذلك مع "إِنّ" وأخواتها، نحو:{إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [سورة النساء: 171] و {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الأنفال: 6]، وقول امرئ القَيْس (1).
* ولكِنّما أَسْعَى لمِجْدٍ مُؤَثَّلٍ (2) *
وقول الآخر:
أَعِدْ نَظرًا يا عَبْدَ قَيْسٍ لَعَلَّما
…
أَضَاءَتْ لَكَ النَّارُ الحمَارَ المُقَيَّدَا (3)
وقول الزَّرْقاء (4):
(1) امرؤ القيس بن حُجْر بن الحارث الكندى، من بني آكل المرار، أشهر شعراء العرب على الإطلاق، يمانى الأصل، ومولده بنجد أو بمخلاف السكاسك باليمن. واختلف المؤرخون في اسمه (حُندُج، مليكلة، عدى). وكان أبوه ملك أسد وغطفان وأمه أخت المهلهل الشاعر، فلقّنه المهلهل الشعر فقاله وهو غلام. وكُتب الأدب مشحونة بأخباره، وعنى المعاصرون بشعره وسيرته (راجع على سبيل المثال: الأغانى (ط دار الكتب) جـ 9 ص 77، الشعر والشعراء جـ1 ص 111 - 142، امرؤ القيس حياته وشعره للدكتور الطاهر أحمد مكى- ط دار المعارف 1979م).
(2)
البيت من بحر الطويل، وتمامه:
ولكنّما أَسْعَى لمجدٍ مُؤَثَّلٍ
…
وقَدْ يُدرِكُ المجدَ المؤَثَّلَ أَمثالىِ
والأثال: المجد، ومجد مؤثل: قديم. انظر لسان العرب (أثل)، وقد ذكر البيت.
(3)
القائل هو الفرزدق (راجع ترجمته ص 117) من بحر الطويل انظر ديوان الفرزدق ص 213، شرح المفصّل لابن يعيش جـ8 ص 54، شرح الأشمونى جـ1 ص 284.
(4)
الزرقاء من بني جديس، من أهل اليمامة، مضرب المثل في حدة النظر وجودة البصر. يقال لها "زرقاء اليمامة" و"زرقاء جوّ" لزومة عينيها. و"جو" اسم لليمامة قالوا: إِنها كانت تبصر الشىء من مسيرة ثلاثة أيام. وذكروا من أخبارها أن حسان بن تبَّع الحميرىّ لما أقبلت جموعه تريد غزو "جديس" رأتهم الزرقاء وأنذرت جديسًا فلم يصدقوها، فاجتاحهم حسان (ثمار القلوب للثعالبى ص 340، خزانة الأدب جـ4 ص 399. وانظر الأعلام جـ3 ص 44).
* ألا لَيْتَما هَذَا الحَمَامَ لَنَا (1) *
بخلاف قوله:
فَوَاللَّهِ مَا فَارَقْتُكُمْ قَاليًا لكُمْ
…
وَلكن مَا يُقْضَى فَسَوفُ يَكُونُ (2)
فهي هنا موصولة، ولذا فُصلت. وكذا في قوله تعالى:{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ} [الأنعام: 134] بخلافها في: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} [الذاريات: 5]، فإِنها حَرْفية، لا اسمية على ما يأتى (3).
والقسم الثالث: الكافّة عن عمل الجر، وهي المتصلة بحروفه؛ وهي:"الباء" و"رُبَّ" و"الكاف"؛ مثل قوله:
* كما سَيْفُ عمرٍو لم تَخُنْهُ المضارب (4) *
أو بالظروف (5)، نحو "بَيْن" و"قَبْل" و"بَعْد".
(1) البيت للنابغة الذبيانى من بحر البسيط وتمامه:
قالتْ أَلا ليتما هذا الحمامَ لنا
…
إِلى حمامَتِنِا أو نصفه فَقَد
قال العينى في شرح شواهد الأشمونى (جـ1 ص 284): "الضمير في (قالت) يرجع إِلى الزرقاء. والشاهد فيه (ليتما هذا الحمام) حيث يجوز إِعمال (ليت) بعد دخول (ما) الكافة وإهمالها، فعلى الأول ينصب (الحمام) وعلى الثاني يرفع". وانظر البيت في الكتاب لسيبويه جـ1 ص 272، شرح المفصّل لابن يعيش جـ2 ص 54، 58، الإنصاف لابن الأنبارى ص 479، الخصائص لابن جنى جـ2 ص 460، ديوان النابغة الذبيانى ص 24.
(2)
البيت للأفوه الأودى، ومن بحر الطويل. انظر شرح الأشمونى للألفية جـ1 ص225، ص 284، همع الهوامع للسيوطى جـ2 ص 60، وفي الأمالى لأبي على القالى جـ1 ص 99 (طبع دار الكتب) نسبه لأبي المطواع بن حمدان.
(3)
سيأتى ذلك ص 139.
(4)
شطر بيت من بحر الطويل. وقائله نهشل بن حُرِّىِّ كما في شرح شواهد المغنى للسيوطى جـ 1 ص 502، جـ2 ص 720. وقواعد الإعراب لابن هشام ص 19 وقافيته (مضارُبهْ) وتمامه:
أخٌ ماجِدٌ لم يُخْزِنى يوم مشْهدِ
…
كما سيفُ عمرٍو لم تَخُنْهُ مضارُبهْ
(5)
أي متصلة بالظروف.