الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تقريظ الأديب الشاعر أحمد عبد الرحيم الطهطاوى]
وهذه صورة ما كتبه الأديب الأريب السيد أحمد عبد الرحيم الطهطاوى (1).
عمدة مدرسى المدرسة السعيدية بالقلعة العامرة، دامت بدوام سلطانها زاهية زاهرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله جاء نصره سبحانه بحمدِهْ، على رسم ما في الكتاب وحَدِّهْ.
والصلاة والسلام على سر {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1 - 2]، وعلى آله وصحبه، ناصرى السنة بِخَطيَّةِ اليراع والأَسِنَّة، ما بان هلال الطوالع من بين خلال المطالع.
أما بعد:
فالوقوف على معنى هذا الكتاب للكُتَّاب أشهى من وقوف المُعَنِّى على العتاب للعُتَّاب، وترويحٌ بِعُلا حلاه أَبْهى من تسريح الطَّرْف في ظُرف مَن تهواه، ولَعَمْرَى إِن موصول حروفه لدى الفريد أبهج من الوصل، ومفصولها في العميد أَلْهج من كلمة الفصل. ألا ترى همزاته والسين والميم والنون واللام، جاءت لمعَانٍ في الحاجب والفم والطُّرَّة (2)
(1) هو أحمد بن عبد الرحيم الطهطاوى، أديب شاعر من أهل طهطا "بمصر" ومولده بها سنة 1233 هـ، وتعين كاتبًا في محكمة طهطا، ثم تعلم بالأزهر، واحترف التعليم، وانتقل إِلى تحرير جريدة "الوقائع المصرية" إِلى أن توفي بالقاهرة سنة 1302 هـ، وله ديوان "في المدائح النبوية" ورسالة في العروض والقوافى "انظر ترجمته في الأعلام جـ1 ص 149، خطط مبارك جـ13 ص 52.
(2)
طُرَّة الثوب: موضع هُدْبه، وهي شبه عَلمين يُخاطان بجانبى البُرْد على حاشيته. وغلام طار وطريرٌ: طَرَّ شاربُه، والطُّرَّة: الناصية "لسان العرب/ طرر".
والعِذَار (1) والقوام، فإِذا حاولتْ الأَفكار منه الأبكار، وهاتيك الأسرار من وراء الأستار -لا كمحاولة عِنين هو على الغيب ظنين- ظهر لها دقيق معناه من خلف دقيق مبناه ظهور النّوْر في الربيع والأزهار، ونُور الشمس في رابعة النهار.
ومُذ نزَّهتُ لُبّى فيه سفَّهْت قلبى إِذْ كان غير مُوافيه، فألفيته لا عَيْبَ فيه، سوى أنه تَطرُبُ من معانيه الطِّباع، وتشرب من سلاقة سلاسة مبانيه الأَسماع.
طَرقَتْ بخيرٍ مَسْمَعَىَّ فقَرَّطَتْ
…
أُذُنىَّ دُرًّا مِن حَباب الكأسِ
وأنه مُغْرىً بشكوى الحسَّاد
…
فقلتُ له إِنَّ ربَّك بالمِرْصاِد
الله أكبر فمن المغتر {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، فيأيها الكتاب لا تخف ولا تحزن إِنك ازدريتَ كُلَّ مؤلف {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 62] وألَّف.
إنْ عَابَهُ شانئُهُ فَمنْ حَسَدٍ
…
كغادةٍ عابها ضَرائِرُها
فما مِنَ البَدْرِ ذُمَّ ساطِعُه
…
ولا من الشَّمسِ عِيبَ سافِرُها
فالأديب من غاص لتمينه لا لاستسمانه فريسه، والأريب من يُذِلّ لإِنشاد ضالة العلم فيه نَفْسَه ونَفيسَه، وجَدَّ إِليه من كل جانب وإن زعموا أنهم على هذا الخير حاجب.
وَيْحَ قوم جادوا ببذل نفوس
…
ونفيس في المجد لا مُعْتَبِينا
فتراهم من كل فجٍّ رجالًا
…
وعلى كلِّ ضامرٍ يأتينا
إِذْ من المعلوم أن حفظ العلوم بحفظ قواعده وفرائده وشواهده
(1) العِذَار: استواء شعر الغلام، يقال: ما أَحْسَنَ عِذَارَه أي خط لحيته، والعِذاران: جانبا اللحية. والعِذاران من الفَرَسِ كالعارضين من وجه الإنسان "لسان العرب/ عذر".
وشوارده، فما فُضِّلَ الخط قط كل من خَطَّ وقط، بل من العالم أَغْلى بين العالم وأعلى، فكم لله جلت أفعاله من نعمة لا يحصر شكْرَها بابُ الكلام في كَلِمه.
ولا ريب أن هذا المؤلف من الآلآء على كل مصنف، فاض العَذَارَى الحسان، ولاسيما من مخدّرات اللسان، جامع أشتاته ومرجع رفاته، لا زال فينا وهو نصر لدولة فرائده الجوهرية، ذابّ جموع المعنتين عنها بأقلامه السّمْهرية، بجاه المصطفى وآله الكرام عليهم أكمل الصلاة والسلام (1).
(1) هذا توسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو غير مشروع كما نبه عليه العلماء، راجع ما كتبناه عن ذلك أول الكتاب ص 31.