الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصلها الفتح كما قاله في (شرح الشافية)(1).
ثالثًا: في حالة كتابة الهمزة المتطرفة واوًا (عند الانفراد):
وأما ما تُكتب همزته المتطرفة واوًا من نحو: قَمُؤَ" (2) و"رَدُؤَ" و"وضُؤَ" ولُؤْلُؤ" و"أكْمُؤٌ"(3) و"التَّخَاجؤ"(4) و"التَّبرُّؤ": فلا يتصل بها ضميرٌ تتغير حركة الهمزة معه، إِلا في الأسماء دون الأفعالِ الثلاثية المضمومةِ الوسط، فإِنها قاصرةٌ لا تتعدي إلى المفعول، فلا يتصل بها ضميره.
وأما الأسماء فتُضاف إِلى الظاهر والمضمر، فإِذا أُضيفت للضمير وكانت مجرورة (كأن تقول:"طَبَخْنا صَيْدًا وأكَلْنا من جُؤْجُؤِه"(5) -أي: صَدْرِه- و"رأيتُ جَوْهرًا عَجِبتُ من تَلألُؤِه"، و"هَؤُلاءِ القومُ يُؤْمَنُ مِن تَوَاطُؤِهم على الكذِب، وذلك لتَكَاَفُؤِهم" و"عَجِبتُ من تَجَرُّؤهم على الشر مع تَبَرُّؤهِم") فمذهب سيبويه (6) كتابتها بالياء، اعتبارًا بحركتها كما سبق نظيره في "سُئِل" و"رُئِى"(7)؛ لأنه يسهلها بين الهمزة والياء.
والأخفش (8) يعتبر حركة ما قبلها ويبدلها من جنسها.
وقد اقتصر في (الأدب) على كتابتها بالواو حيث قال: "فتكتبها واوًا في "مررتُ بِأكْمؤِكَ" (9).
(1) راجع المكتوب عن شرح الشافية رقم (1) ص 84.
(2)
سبق ذكر معناها ص 191.
(3)
الكَمء: نبات. والجمع أكْمُؤٌ وكَمْأَة (لسان العرب - كمأ).
(4)
الخَجَأ النكاح. وخجأ المرأةَ يَخْجَؤُها خَجأً: نكحها، ورجل خُجَأَة أي نُكَحة كثير النكاح. والتَّخاجُؤُ: أن يؤَرِّم اسْتَةُ ويُخرج مُؤَخِّره إِلى ما وراءه، وقيل: التخاجُؤ في المشى: التباطؤ (لسان العرب - خجأ).
(5)
سبق ذكر معناها ص 191.
(6)
سبق التعريف بسيبويه ص 41.
(7)
راجع ص 167.
(8)
راجع ترجمته ص 167.
(9)
أدب الكاتب ص 185.
وكان بعضهم يعتبر حركة الهمز الإِعرابية ولو عند الانفراد، كما يدل له قول (الهَمْع):"وإن كان ما قبلها مضمومًا فالبواو، نحو: "هذه الأَكْمُؤ" و"رأيتُ الأَكْمُؤَ". إِلا أن تكون هى مكسورة فبالياء نحو: "مِنَ الأكمىء" إِن قلنا بتسهيلها بين الهمزة والياء، وبالواو إِن قلنا بإِبدالها واوًا" اهـ (1).
والتسهيل مذهب سيبويه، والإِبدال مذهب الأخفش.
هذا، ولم يتكلم في (الهَمْع) ولا في (الأدب) على المصادر التي على التفاعل، كـ"التَّخَاجُؤ" و"التَّبَاطؤ"، والتَّفَعُّل، كـ"التَّبَرؤ" و"التَّجَزُّؤ"، ورأيت في (القاموس) ما نصه:"ووَهِم الجْوهرىُّ في "التَّخَاجِئ"، وإنما هو "التَّخَاجِى" بالياء، إِذا ضُمَّ هُمِز، وإذا كُسِرَ تُرِكَ الهَمْزُ" اهـ (2). وكأنه يَرُدُّ على الحريرى (3) أيضًا حيث عد من أوهام الخَوَّاص قولَهم: "التَّباطِى" و"التَّوَضِى" و"التَّبَّرى" و"التَّجزّى"، وأن الصواب: التَّباطُؤ" و"التَّوضُّؤ" و"التَّبَرُّؤ" و"التَّجَزُّؤ" .. إِلى آخر ما قاله في (الدرة)(4).
يقول الفقير: صحيح أن قَلبَ الضمة كسرة إِنما يكون في المعتل، لا المهموز ولا الصحيح، كما هو مشهور عند الجمهور من القواعد الصرفية، إِلا أنه كَثر في كلام الفضلاء المتقدمين والمتأخرين من الفحول والأساطين، وفشا في
(1) همع الهوامع جـ6 ص 314.
(2)
القاموس المحيط -خَجأ (باب الهمزة، فصل الخاء). قال الزبيدى في (تاج العروس) معلقًا على هذا الموضع: "لأن التفاعل في مصدر تَفَاعَل حقُّه أن يكون مضموم العين، نحو: التقابل والتضارب. ولا تُكسر إِلا في المعتل نحو: التعادى والترامى".
(3)
راجع ترجمته ص 32.
(4)
تمام ما قاله الحريرى: ". . . وعَقْدُ هذا الباب أن كل ما كان على وزن (تَفَعَّل) أو (تَفَاعَل) مما آخره مهموز كان مصدره على (التفعُّل) و (التفاعل) وهُمز آخره، ولهذا قيل: التَّوضُؤ والتَّبرُّؤ، لأن تصريف الفعل منهما: توضَّأ وتبرَّأ. وقيل: التباطُؤ والتمالُؤ والتكافؤ والتطاطؤ، لأن أصل الفعل منها: تباطأ وتمالأ وتكافأ وتطاطأ وهذا الأصل مطِرد حكمُه وغير منحل من هذا السِّمط نظمُه" اهـ.
كتبهم التعبير بـ"التَّجزّى" و"التَّبرِى" ونحوهما، فلعلهم أَجْرَوْا المهموز مجرى المعتل في هذا كما فعلوا في غيره من النظائر، فجعلوا "التَّجزّى" و"التَّبرى" و"التَّوَضّى" مثل "التَّحَرّى"، وأجروا "التَّبَاطِى" و"التَّخَاجِى"(1) مثل التَّجارى" و"التَّرامِى"، وكان أصل المصدر في التَّحرِى" على وزن التَّفَعُّل: "التَّحَرى" بضم الراء، فقلبوا الضمة كسرة لمناسبة الياء، كما انقلبت ضمة التفاعُل كسرة في "التَّجَارِى" فكذلك هنا لما رأوا في "التَّباطُؤ" و"التَّبرُّؤ" أن الهمزة بعد الضمة في الطَّرْف تُبدل واوًا (والحال أنه ليس لهم اسم متمكن آخره واو قبلها ضمة) فقلبوا الواو ياءً، ثم قلبوا الضمة كسرةً لمناسبتها كما يُؤخذ مما ذكر في (شرح الشافية) (2) و (القاموس) (3) عند الكلام على "أَدْلٌ" و"قَلَنْسٌ" جمعى:"دَلْو" و"قَلَنْسُوَة"، وكان الأصل:"قَلَنْسُوٌ" و"أَدْلُوٌ" بوزن "أَفْعُلٌ".
والحاصل أنه يجوز كَتْبها بالياء ويُلفظ بها ياءً إِذا كُسِر ما قبلها، فتُنقط حينئذٍ باثنتين من تحت، أو همزة فلا تُنقط.
هذا على قياس سيبويه (4) في التسهيل بين بين.
(1) راجع معنى التخاجى ص 205.
(2)
راجع المكتوب عن شرح الشافية الحاشية رقم (1) ص 84.
(3)
القاموس المحيط -قلس (باب السين - فصل القاف) قال الفيروزآبادى: "القَلَنْسُوَة والقُلَنْسِيَة: جمعها قَلانِس وقَلانِيس وقَلَنْس. وأصله قَلَنْسُوٌ، إِلا أنهم رفضوا الواو لأنه ليس اسمٌ آخره حرف علة قبلها ضمة (*) فصار آخره ياءً مكسور ما قبلها، فكان كـ "قاضٍ" و (قلاسِىّ وقلاسٍ) " اهـ. وراجع القاموس- دلو (باب الواو، فصل الدال) ولسان العرب (قلس، دلو).
(4)
سبق التعريف به ص 41.
(*) قال الزبيدى في تاج العروس: "فإِذا أدى إِلى ذلك قياس وجب أن يُرفض ويُبدل من الضمة كسرة، وتُبدل الواو ياءً".
قال أبو الوفا نصر الهورينى في تعليقاته على القاموس المحيط (طبعة بولاق 1272هـ وكان رحمه الله قد أشرف على هذه الطبعة بالاشتراك مع الشيخ محمَّد قطة العدوى المتوفى =
وأما على قياس الأخفش (1) فتُكتب بالواو، لأنه يُبدِلها بها.
على أن بعض العرب يقول: "توضَّيْت" و"تَبَرَّيْت"، كما أنه يقول في "بَدَأْتُ" و"قَرَأْتُ":"بَدَيْت" و"قَرَيْت" كما في "الصِّحاح"(2). ولعل الشاعر مَشى على هذه اللغة في قوله:
يا بَدْرُ أَهْلُك جَارُوا
…
وعلَّمُوك التَّجَرّى
ويمكن إِجراء كلام المتقدمين على هذه اللغة وإن كانت ضعيفة، ويسقط عنهم توهين الحريرى إِياهم (3).
وإذا اتصل بنحو "رَدُؤَ" و"قَمُؤَ"(4) و"وَطُؤَا" ما تُفتح الهمزةُ له -وهو ألف الاثنين (5) - لم تتغير الواو.
وكذا إِذا ثُنِّى "بُؤْبؤٌ"(6) و"لُؤْلُؤٌ" ونحوهما (7).
وكذا (8) إِذا أُسند الفعل إِلى واو الجماعة مثل "وَضُؤُوا".
= سنة 1281 هـ) قال: "ومن هنا أبدلوا الهمزة في التبرؤ، والتجرؤ، والتوضؤ ياءً، لأنهم لما نظروا إِلى تسهيل الهمز عند الوقف صار الاسم من قبيل ما آخره حرف علة مضمومٌ ما قبلها، فقلبوا الضمة كسرة، فأوجب ذلك انقلاب الواو ياء وهذا معنى قول المصنف (فكان كقاضٍ) اهـ، نقلًا عن حاشية على القاموس المحيط (طبعة مؤسسة الرسالة بيروت، ص 9).
(1)
راجع ترجمته ص 167.
(2)
الصحاح -وضأ (جـ1 ص81). وفيه: "تَوضَّأْتُ للصلاة، ولا تقل تَوضَّيْتُ وبعضهم يقوله".
(3)
راجع كلام الحريرى قريبًا ص 206.
(4)
انظر معناها ص 191.
(5)
فيقال: رَدُؤَا، قمُؤَا .. إِلخ.
(6)
سبق ذكر معناها ص 191.
(7)
فيقال: بُؤْبُؤَان، لُؤْلُؤَان.
(8)
يعني لا تتغير الواو.
وهل لا يُقال: تُحذف الهمزة المصوَّرة واوًا على قياس (كل همزة بعدها حرف مدّ .. إِلخ)(1)؟
والجواب: نعم لا تُحذف، لمعارضة القياس بخوف الالتباس بالمسنَد إِلى ألف الاثنين كما قالوا.
نظيره في "قَرَأَ" إِذا أسند لاثنين.
ويُحتمل أن يقال بالحذف، لأن اجتماع الواوين أثقل من اجتماع الياءين كما مَرَّ في "المُسْتَهْزِئُون"(2) إِن قلنا بالرجوع إِلى القرائن والاعتماد على السباق والسياق، فإِنى لم أَرَ أَحدًا تعرض لذكر ذلك. ولعله لقلة شهرته في الاستعمال.
وكذا إِذا اتصل بنحو "لُؤْلُؤٌ" و"كُفْؤٌ" و"يُؤْيُؤٌ"(3) ياء المتكلم أو ياء النسب، كما في قوله:
حَفِظَ المهَيمْنُ يُؤْيُؤِى وَرَعَاهُ
…
ما فى اليآيِئى يُؤْيُؤٌ يسْواهُ (4)
على مذهب الأَخْفَش دون مذهب سيبويه (5)
رابعًا: في حالة الهمزة المتطرفة المحذوفة التي لا تصور بصورة عند الانفراد:
وأما الهمزة المحذوفة من نحو "وَطْءٌ" و"خِطْءٌ" و"بُطْءٌ" كـ"خَبْءٌ" و"رِدْءٌ" و"قُرْءٌ" -إِذا اتصل بها ضمير- فتُكتب بحرف من جنس حركتها الإِعرابية، ففى نحو:"حرم عليه وَطْؤُها" تُكتب واوًا، وفي "خُذْهُ بِمِلْئِه"
(1) سبق ذكر هذه القاعدة ص (198) وفي مواضع أخرى كثيرة.
(2)
تقدم ذلك ص 180.
(3)
راجع معناها ص 191.
(4)
البيت من الكامل، ولم أصل إِليه.
(5)
راجع عن ذلك ص (180)، وقد سبق التعريف بالأخفش وسيبويه ص (167)، ص (41) على الترتيب.
تُكتب ياء، وفي "رأيت الجيشَ وردْأَه" تُكتب ألفًا.
وإذا ثُنِّي نحو "جُزْءٌ" بالألف لم تُكتب الهمزة مع ألف التثنية، لقاعدة "كل همزة بعدها حرف مدٍ كصورتها".
وإذا ثُنى بالياء كُتبت الهمزة ألفًا، ومثله "قُرْء"(1)، إِذا ثَنَّيْتَه تُكتب ألف التثنية وتُحذف الهمزة في حالة الرفع دون ما عداها.
وإذا نظرتَ لتحقيق الهمزة وأردتَ الشَّكْل في نحو: "يُحسب لها من عدَّتها قُرْءَان" فلا تضعْ فوق ألف التثنية همزة، أي قِطْعة، بل تضعها قبلها، وَلا تضع فوقها أيضًا مَدّةً، لئلا تُحاكى صورة اسم التنزيل الكريم.
وإذا نَوَّنتَ نحو "خِطْءٌ" و"جُزْءٌ" منصوبًا كُتبت الألف بدل التنوين، ولا تضع فوقها قِطعَة الهمَز، لأن الهمزة محذوفة بقاعدة "كل همزة بعدها حرف مَدٍ"(2) كما ذكره في "الشافية"، قال شيخ الإِسلام في "شرحها" (3):(وليست الألف في "رأيتُ خَبْئًا" صورة الهمز، وإنما هى الألف التي يُوقف عليها عِوَضًا عن التنوين، مثلها في "رأيت زيدًا").
وإذا اتصل بنحو "جُزْءٌ" ما تُكسر الهمزةُ لمناسبته في جميع أحوال الإِعراب، وهي ياء المتكلم، وكذا ياء النسب كُتبت الهمزة ياء، ويجتمع ياآن.
إِن قلتَ: هَلَّا حذفوا الأولى بمقتضى الكلية المتقدمة؟
قلتُ: من المعلوم أن ياء النسب مُشدَّدة ليست حرفَ مَدٍ، وياء المتكلم أصلها الفتح، فكأَنَّ الهمزة لم تجتمع مع حرف مَدٍ اعتبارًا بالأصل كما قال شيخ الإِسلام في "شرح الشافية" في الكلام على "رِدآء" إِذا أُضيف لياء المتكلم، قال:"فإِنه يُكتب بياءين في الأكثر، وكذا نحو "الحِنَائى" -
(1) راجع معناها ص 193.
(2)
سبق ذكر القاعدة ص (198). وفي مواضع أخرى كثيرة.
(3)
راجع المكتوب عن شرح الشافية الحاشية رقم (1) ص 84.
كالكِسَائى (1) - مما اتصل به ياء النسب، وفي غير الأكثر تُحذف الهمزة المصوَّرةُ ياءً" اهـ (2).
أي فيكتب مثل "النَّسَآءِى" الممدود على هذا الأقل بياء واحدة، وكذا مثل "وَرَآء" إِذا أضيف لياء المتكلم يُكتب بياء واحدة في غير الأكثر (3)، لأنك قد تَحْذف الهمزة وتجعله كالمقصور، وتفتح الياء (4)، ولكن الأكثر إِثباتها، حتى يجوز تسهيلها بياء في الجناس كما حكى الفخر الرَّازِى (5) في "التفسير الكبير" في المسئلة [17] من الكتاب الأول من المقدمة، حيث قال:"ويقال في المثل: "قال الجَدَارُ للوتد: لِمَ تَشُقُّنى؟، قال: سَلْ مَن يَدُقُّنى، فإِنَّ الذي ورايى ما خَلَّانى ورايى" (6).
وإذا اتصل بنحو "جَآءَ" و"نَآءَ" و"شَآءَ" ضميرُ المفعول لا ترُسم الهمزة ألفًا، لكراهة اجتماع المثلين كما هو ظاهر، بخلاف ما إِذا أسند لضمير الاثنين، نحو:"إِنَّ الغُلامَيْن جآءَا"، فتَثْبُت ألفُ الضمير لمنع الالتباس بالمسنَد للواحد.
وكذا تُحذف الهمزة من نحو "جَآءَ" إِذا أُسند لضمير الجمع، مثل "جآءَوا"
(1) راجع التعريف بالكسائى ص 185.
(2)
راجع المكتوب عن شرح الشافية الحاشية رقم (1) ص 84.
(3)
يعني ترسم هكذا: "وراءى".
(4)
فيقال: "وَرَاىَ".
(5)
محمَّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكرى، أبو عبد الله، فخر الدين الرازى، الإِمام المفسر، أوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل، وهو قرشى النسبة، أصَله من طبرستان، ومولده في الرى "سنة 544 هـ" وإليها نسبته، ويقال له ابن خطيب الرى، توفي في هراة سنة 606 هـ، وقد أقبل الناس على كتبه في حياته يتدارسونها، وكان يحسن الفارسية، واعظًا بارعًا باللغتين، من تصانيفه:"مفاتيح الغيب" في التفسير، وهو المعروف بالتفسير الكبير، و"مناقب الشافعى""طبقات الشافعية جـ5 ص 33، طبقات الأطباء، جـ2 ص 23، البداية والنهاية جـ7 ص 9 - 10ط دار الغد العربى 1992 م".
(6)
التفسير الكبير جـ1 ص 19 "ط دار إِحياء التراث العربى -بيروت- الطبعة الثالثة".
و"بآءُوا" بمقتضى الكلية السابقة. قالوا: والمرسومة هى واو الضمير، فلا ينبغى وضع قِطْعة الشَّكْل عليها الموهِم أنها هى الهمزة، وأن واو الضمير الفاعل محذوفة.
وإذا أُضيف نحو "وَرَآء" و"رِدآء" و"رِوآء"(1)"مما قبل همزته المتطرفة ألف" إِلى ضمير: كُتبت بحرف من جنس حركتها الإِعرابية فتُرسم في الجرياء، مثل {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} [إِبراهيم: 16].
وفي الرفع واوًا، مثل "أعجبنى رِوَاؤُه".
ولا تُكتب في النصب ألفًا، كَراهةَ اجتماع المِثليْن كما إِذا نَوَّنتَه منصوبًا، فلا تُكتب ألف التنوين نظرًا لوقف حمزة (2) على نحو "عَطَا" و"جَزَا" المنصوبَيْن، فإِنه يقف على الألف بغير همز ولا تنوين.
وكان بعضهم يكتبها ولا ينظر للقراءة المذكورة، ثم هُجِرت كتابتها الآن كما سيأتى إِن شاء الله في فصل ألف التنوين من باب الزيادات (3).
هذا، وقولنا أولًا:"إِلى ضمير"، أي مُطلقًا، ولو ضمير المتكلم الذى هو الياء، كما سبق قريبًا عن شيخ الإِسلام بحسب الأكثر (4).
(1) راجع معناها ص 192.
(2)
هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إِسماعيل التيمي، الزيات، أحد القراء السبعة كان من موالى التيم فنسب إِليهم، وكان يجلب الزيت من الكوفة إِلى حلوان "في آخر سواد العراق مما يلي بلاد الجبل" ويجلب الجبن والجوز إلى الكوفة، ومات بحلوان سنة 156 هـ، وقد انعقد الإِجماع على تلقى قراءته بالقبول، قال سفيان الثورى: ما قرأ حمزة حرفًا من كتاب الله إلا بأثر "تهذيب التهذيب جـ3 ص 27، وفيات الأعيان جـ2 ص 216، الأعلام جـ2 ص 277".
(3)
سيأتى الحديث عن ذلك ص (275).
(4)
انظر المنقول عن شرح الشافية ص (84).
ومثل ياء المتكلم ياء النسب في "نحو" الكِسَائى" و"النَّسَائى" و"الحِنَائى"، كما سبق أيضًا (1).
وإذا اتصل ضمير المفعول بنحو "يجىء" و"يفىء" و"يسىء"، رباعيين مما قبل همزته المتطرفة ياءُ مَدٍ (نحو:"من المال الذي يفيئُهُ الله على المؤمنين" و"هذا يُسِيئُه"). لم تُرسم الهمزة، وإنما تُرفع نَبْرة لتُركز عليها قِطعةُ الشَّكْل، سواء كان الفعل مرفوعًا أو منصوبًا، نظرًا لتحقيق الهمز.
وكذا لو اتصل بها ضمير الاثنين نحو "لم يَجِيئَا" و"لم يَفِيئَا"، أو ضمير الجماعة كقول ابن الفارض (2) في "اليائية":
بَل أَسِيئُوا في الهَوَى أَوْ أَحْسِنُوا
…
كُلُّ شَىءٍ حَسَنٌ منكُمْ لَدى (3)
قال السيوطي (4) في "شرح اليائية": إِن هذا البيت مأخوذ من قول كُثيِّر عَزَّة:
* أَسِيئى بِنَا أَوْ أَحْسِنى لا مَلُومة .. * (5)
ففى جميع ذلك لا تُصوَّر الهمزة ألفًا ولا ياء ولا واوًا، وإنما إِذا نظرنا للتحقيق تُوضع الهمزة -أي القطعة من الشَّكْل- في مُتَّسع الياء بينها وبين الألف أو الياء أو الواو، أو على النَّبْرة، أو بدونها، ومثل "أَسِيئِى":"فيئِى" أَمْرًا للمخاطبة كما مَرَّ آنفًا (6).
وكذا إِذا ثُنِّى "المجىء" و"الرَّدىء" أو "المَلِىء" فتَكتب "مَجيَّان" و"مَليَّان" بدون تصوير الهمزة ياءً، نظرًا لكونها تُقلب ياء، ويُدْغم فَيها ما قبلهاَ ويُكتفى بياءٍ واحدة.
(1) سبق ذلك ص 210.
(2)
سبقت ترجمته ص 105.
(3)
ديوان ابن الفارض -ص 12 "ط دار صادر - بيروت".
(4)
سبق التعريف به ص 31.
(5)
تقدم ذكره ص (204) مع التعريف بكثير عزة و"شرح اليائية" للسيوطى لم أقف عليه.
(6)
راجع ص 204.
وإذا أُضيف ما قبل آخره واو إِلى ضمير -ولو ياء المتكلم- ترسم فيه الهمزة ياء في الجر، نحو "وُضُوئِه" و"وُضُوئِى"، ولم يرسموها واوًا في الرفع ولا ألفًا في النصب.
قلتُ: وكان الأنسب رسمها ألفًا في النصب، وأما حذفها في الرفع فله وجه ظاهر.
وإذا أُضيف ما قبل همزته ياء نحو "شىءٌ" و"فَىءٌ" و"قَىءٌ" إِلى الضمير مطلقًا فلا تُصوَّر الهمزة بصورة حرفٍ أصلًا، بل تستمر محذوفة كما كانت قبل الإِضافة، نظرًا لجواز الإِدغام بعد القَلْب من جنس ما قبلها وإن لم يحصل ذلك بالفعل، كما في حديث الصحيحين:"العَائِدُ في هِبَتِه كالكَلْبِ يَقِىءُ ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ"(1)، وتقول:"هذا فَيْئُك" و"شَيْئُكَ" و"فَيْئهُ" و"شَيْئُهُ" رفعًا، وكذا نصبًا وجرًا، و"فَىِّ" و"شَىِّ"، فتحُذف الهمزة ولا تُصوَّر بواو رفعًا، ولا بياء جرًا، نظرًا لقلبها ياء، وإدغام ما قبلها فيها، ولذلك قال القسطلانى (2) في حديث:"وَلْيَتَجَاوزْ عَن مُسِيئِهِمْ"(3): "بتحقيق الهمزة ويجوز إِبداله ياء مشددة" اهـ (4).
(1) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الهبة -باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته "رقم 2621، 2622"، ومسلم في صحيحه -كتاب الهبات- باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة "رقم 1622/ 8" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
سبق التعريف بالقسطلانى ص 55.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الجمعة- باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد "رقم 927" وكتاب المناقب -باب علامات النبوة في الإِسلام "رقم 3628"، وكتاب مناقب الأنصار -باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم""رقم 3800" من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بلفظ "ويتجاوز عن مسيئهم" وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده "5/ 307" من حديث أبى قتادة رضي الله عنه.
(4)
إِرشاد السارى لشرح صحيح البخاري جـ2 ص185، وعبارته قوله "مسيئهم" بالهمز، وقد تبدل ياء مشددة. اهـ. قلت: فيقال: مسيِّهِم.