الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: فهذا النَّقْط الذي وضعه علامات أنواع الحركات الثلاث والتنوين. ولعلهم أخذوا من قوله: (فتحت فمى .. وكسرت .. وضممت) تسميتَها بالضمة والفتحة والكسرة في الحركات الحشْوية وحركات الآخِر البنائية. وأما الحركات الإِعرابية فلها أسماء أخرى. وقد جمع التسميتين بعضُهم في قوله:
قَدْ فتحتْ بابَ الرِّضَى بَعْدَ هَجْرها
…
شقيقةُ بَدْرُ التَّمِّ فانْجبرَ الكَسْرُ
فأسْكَنتْ بَعْدَ الضَّمِّ ما قَدْ نَصَبتْهُ
…
فقُلتُ ارْفَعِى جَزْمًا فَقَدْ طَابَ لِيَ الجرُّ (1)
وأما بقية الشَّكْل غير التنوين فلا يُستفاد من ذلك أنه من وَضْعِه. ولم أَطَّلِع على ما يدل على تمام الوضع، فلعل الحجَّاجَ (2) وأتباعَه هم الذين كمَّلوا بقية الشَّكْل، كالشَّدَّة والمدَّة والقِطعة والصِلَة عندما نَقَطُوا الأزواجَ والأَفْرادَ في المصحف.
[أقسام الشكل]:
والحاصل أن الشَّكْل جميعه ينقسم إِلى عامٍ وخاص.
1 -
فالعام هو دَوَال الحركات الثلاث والسكون والتشديد، فيجرى ذلك في جميع الحروف حتى الهمزة، سواء كان الحرف أَوَّلًا أو حَشْوًا أو طَرْفًا، إِلا أن الأخيريْن -أعنى السُّكون والشَّدَّة- لا يكونان في الابتداء، لِمَا هو معلوم أن الابتداء بالساكن مرفوض في العربية.
(1) لم أعثر عليهما. والبيتان من بحر الطويل.
(2)
الحجَّاج بن يوسف بن الحكم الثقفى، أبو محمَّد. قائد داهية خطيب. ولد سنة 40 هـ في الطائف (بالحجاز) ونشأ بها. وتولى إِمارة العراق عشرين سنة (75 - 95 هـ) وبنى مدينة واسط (بين الكوفة والبصرة). وكان سفاكًا للدماء باتفاق معظم المؤرخين. وأخباره كثيرة توفي سنة 95 هـ (من مصادر ترجمته: وفيات الأعيان جـ2 ص 29 - 54 تاريخ الكامل لابن الأثير جـ4 ص 283 - 284، البداية والنهاية جـ5 ص 156 - 185).
لكنَّ تشديد الهمز نادر الاستعمال، مثل "التَّذَؤُّب" و"رِئِّيس"(كـ (قِسِّيس") و"سَاَّل"(كـ"شَحَّات") وَزْنًا ومعنى. و"رأس" بوزن "جَبَّار".
2 -
وأما الخاص فهو ما يختص بالحرف الأخير من الكلمة، وهو التنوين أو يختص بالهمزة والألف، وهو ثلاثة أشكال:
أولها: القِطْعة، وهي صورة رأس عَيْن، تُوضع فوق همزة القطع التي شَبَّه الشاعر قلبه بها في قوله:
قَلْبِى على قَدّك الممْشُوقِ بالهَيفِ
…
طَيْرٌ على الغُصْنِ أَوْ هَمْزٌ على أَلِفِ
كما في أول (الرَّيْحانة) للشهاب الخَفَاجى (1).
أو تُوضع على الياء أو الواو المصوَّرتَيْن بدلًا عن الألف المهموزة، أو في موضع همزة محذوفة الصورة، مثل "جاء".
والثانى: الصِّلة، وهي رأس صاد صغيرة توضع على رأس ألف الوصل، دلالة على أنها ليست ألف قَطع.
والثالث: المدَّة، وهي كشيدة -أي سَحْبة في آخرها ارتفاع كالسنان المقوَّم- تُوضع على همزة ممدودة، للدلالة على أن بعد الهمزة ألفًا محذوفة خَطًّا، موجودة لفظًا، مثل "آبَ" (أي: رَجَعَ) و"آتَى"(كـ"أَعْطَى" وَزْنًا ومعنىً)، و"مَآلٌ" و"مَآبٌ".
ولا تكون على الحرف الأخير، بل في الأول أو الحشْو، فلا تُوضع على الألف التي تليها همزة محذوفة مثل "ماء" و"جَاء".
ولا على الألف التي تليها مَدَّة تُرسم ياءً مثل "مَلأْى" و"السُّوءَى".
(1) ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا جـ1 ص 18. والبيت من بحر البسيط. وقد جاءت كلمة (الغصن) في الشطر الثاني في نسخة (المطالع النصرية) جاءت من غير أداة التعريف (أل) وهو خطأ. والصحيح ما أثبتنا من (الريحانة) ولأنه يتناسب مع وزن البيت. وراجع ترجمة الشهاب الخفاجى ص (57).