الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في زيادة هاء السكت خطًّا
مما يختص به الوقف زيادة هاء ساكنة فيُوقف بها وجوبًا في ثلاثة مواضع، وجوازًا في ستة.
وبالنظر للوقف عليها تَثْبت خَطًّا وإن كانت تحذف لفظًا حالة الدَّرَج.
وإنما تثبت وصلًا في قوله تعالى: {كِتَابِيَهْ} و {حِسَابِيَهْ} و {مَالِيَهْ} و {سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة الآيات: 29:25] اتباعًا للمصحف الإِمام والنقل، ومن القُرَّاء مَن حذفها وصلًا على طبق القاعدة مع النقل عنه صلى الله عليه وسلم.
[أولًا: مواضع زيادة هاء السكت والوقوف عليها وجوبًا]:
فالثلاثة الواجبة:
أولها: في فِعْل الأمر الذي صار على حرف، وكذا مضارعه المجزوم.
فإِذا كان الفعل محذوف الألف (مثل قِهْ نَفْسَك) و (لا تُفِهْ عَدُوَّكَ) أو محذوف العين "مثل: رِهْ حَبِيبَكَ، ولا تُرِهْ عَدُوَّكَ" ووُقِف عليه: وَجَبَ إِلحاق الهاء به لفظًا.
وقد صرح شيخ الإِسلام في "شرح المنهج" بأن تَرْكَها خَطأٌ كما ذكرناه أول الباب الأول (1).
قال في الخلاصة:
وَقِفْ بِهَا السَّكْتِ عَلَى الفِعْلِ المُعَلْ
…
بحِذْفِ آخِرٍ كَأَعْطِ مَن سَأَلْ
(1) راجع عن ذلك ما سبق ص 97 - 98.
وَلَيْسَ حَتْمًا في سِوَى مَا كَعِ أَوْ
…
كيَعِ مجزومًا فَراعِ مَا رَعَوْا (1)
فلذا تثبت خَطًّا، وإن كانت تذهب في اللفظ وصلًا.
وبالنظر للوصل في القرآن لم تُرسم في {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ} [الفرقان: 45] ونحوه.
وقد تثبت في الوصل إجراءً مجرى الوقف كما مَرَّ عن الصَّبَّان في قول الشاعر:
*فِهْ بالعقود وبالأَيَمان
…
(البيت)(2) *
قيل: إِنما وجب إِلحاقها في الوقف لتكون عِوَضًا عن المحذوف الذى هو الفاء أو العين من الفعل اللَّفِيف.
-قال في "الأدب": فإِن سبق الأمر حرف الفاء- كأن قيل: "قُمْ فَلِ عَمَلك" لم يجب إِلحاقُها. ونص عبارته: "إِذا أَمرتَ من مثل "وَعَيْتُ الحديثَ" و"رَقَيْتُك بنفسى" و"وَشَيْتُ الثَّوْبَ": زِدتَ هاءً في اللفظ إِذا وقفتَ، وهاءً في الكتاب، فتقول: "عِهْ كلامى"، "قِهْ زَيْدًا بنفسك"، "شِهْ ثَوْبَك"، لأنه لا تكون كلمة على حرف، فإِن وصلتَ ذلك بفاءٍ أو واوٍ فإِن شئتَ أقررتَ الهاء، وإن شئت حذفتها، وهو أحبُّ إلىَّ، فتقول: "قُمْ فَقِ زَيْدًا"، "اذْهَبْ فَلِ عَمَلَكَ" و"شِ ثَوبكَ"، وإن وصلتَ ذلك بـ "ثُمَّ" ألحقتَ الهاء، لأن "ثُمَّ" حرف منفصل قائم بنفسه لا يتصل بما بعده اتصال "الفاء والواو" اهـ (3). أي لِمَا تَقدَّم من أنهما لا يُوقف عليهما.
وإن أَكَّدتَ الأمرَ من اللفيف المذكور بالنون فقلتَ: "عِنَّ يا هند نفسك" -أمرًا من "وَعَى"- استغنيتَ عن زيادة الهاء.
(1) ألفية ابن مالك "وتسمى الخلاصة " بشرح ابن عقيل جـ4 ص 177.
(2)
تقدم ذكره ص 114.
(3)
أدب الكاتب ص 184.
ومثل "عِنَّ": "إِنَّ"(أمرًا من "وَأَى": بمعنى وَعَدَ) كما في اللغز المشهور المذكور في "موقد الأذْهان"(1) و"حواشى الأزهرية" وغيرهما، وهو:
إنَّ هندُ المليحةُ الحسناءَ
…
وَأىَ مَنْ أَضْمرتْ لخِلٍ وفَاءَ (2)
وأما الفعل الناقص "وهو المحذوف اللام فقط، واوًا كانت أو ياءً" نحو "اْغُز" و"ارْمِ" و"لا تَغْزُ" و"لا تَرْمِ" -فيجوز تركُها، لأن الكلمة تَقَوَّتْ بكونها على أكثر من حرف، ولكن الأكثر إِلحاقها به، وهو المختار، لأن الكلمة لحقها الإِعلال بحذف آخرها، فكرهوا أن يجمعوا عليها حذف لامها وحذف الحركة.
قال في "الهَمْع": "ما لم يكن الفعل متعديًا، وإلا كان المختار عدم الإِلحاق لئلا تلتبس هاء السكت بهاء الضمير" اهـ (3).
وعليه، فيكون من القليل قوله عليه الصلاة والسلام:"اخْبِرْ تَقْلِهْ"(4)، وقوله:"ثُمَّ أْيَنَما أَدْركَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ" كما في رواية للبخارى (5)، في
(1) لا يوجد في موقد الأذهان وموقظ الوسنان لابن هشام المنشور في مجلة عالم الكتب -ع 3 مج 14، ذو القعدة - ذو الحجة 1413 هـ / مايو - يونيو 1993 م.
(2)
البيت من بحر الخفيف كما في مغني اللبيب ص 19، 39، أمالى ابن الشجرى ط1 ص 306 وحاشية الصبان على شرح الأشمونى جـ4 ص215، قال الصبان:"فأصل "إِن": إِين، حذفت ياء الفاعل لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد و"هند" منادى، و"المليحة" نعت له على "اللفظ و"الحسناء" نعت له على المحل، و"وأى" مصدر مبين للنوع، أي عدن يا هند وعد امرأة أضمرت وفاء لخلها" اهـ.
(3)
همع الهوامع جـ6 صـ219، وانظر أيضًا جـ6 ص 217.
(4)
ضعيف، أخرجه أبو نعيم الأصفهانى في حلية الأولياء (5/ 154)، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 90) للطبرانى وقال: فيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف، وهو في الحلية من طريقه، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (4/ 497) من طريق أبى بكر هذا، وقال: وهو ضعيف عندهم.
(5)
صحيح -متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب الأنبياء- باب حدثنا موسى ابن إِسماعيل "رقم 3366" ومسلم في صحيحه -كتاب المساجد ومواضع الصلاة "رقم 520/ 1" من حديث أبى ذر رضي الله عنه.
صفحة [289] من خامس القسطلانى (1)، وفي رواية أخرى "فَصَلِّ" -بدون هاء- (2) كما في صفحة [329] منه (3)، وقوله تعالى:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].
وقد يقال: إِن كلام "الهمع"(4) في الماضي لا المضارع.
والثانى: من مواضع وجوب إِلحاق هاء السكت: "ما" الاستفهامية إِذا جُرَّتْ باسمٍ، نحو"مَجِىءُ مَ جِئْت"و "بِمُقْتَضَا مَ عَمِلْتَ".
فإِن وقفتَ على اسم الاستفهام ألحقت الهاء وجوبًا، فتقول:"مَجِىء مَهْ" و"بِمُقْتَضَى مَهْ"(5).
وأما إِذا جُرَّتْ بحرف نحو "مِم" و"عَم" فلا يجب إِلحاق الهاء بها، فيجوز أن تقول "لِمْ" و"عَمْ" بالإِسْكان، على ما في "الصَّبَّان"(6) و"الهَمْع"(7).
وإن كان قول الكافِيَجِى (8) في "شرح قواعد الإِعراب"(9): "تحذف الألف
(1) إِرشاد السارى جـ5 ص 359، قال مؤلفه:("قوله: (فصله) بهاء السكت، وفي رواية فصل").
(2)
الرواية التي فيها "فصل" أخرجها البخاري في صحيحه -كتاب الأنبياء- باب قوله تعالى {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ} [ص: 30] رقم "3425"، ومسلم في صحيحه -كتاب المساجد ومواضع الصلاة رقم "520/ 2، 3"، والنسائي في المجتبى -كتاب المساجد- باب ذكر أي مسجد وضع أولًا "2/ 32".
(3)
إِرشاد السارى جـ5 ص 402 "كتاب الأنبياء" -باب {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} .
(4)
المتقدم ذكره ص 321.
(5)
وراجع عن ذلك ما سبق ص 127 - 128.
(6)
حاشية الصبان على شرح الأشمونى جـ4 ص 217، وقد ذكر الأشمونى شاهدًا على ذلك وهو:
* يا أَسَديًّا لِمْ أَكَلتَهُ لِمَهْ*
قال الصبان: الشاهد في قوله: "لِمْ أكلته" حيث سَكن الميم وصلًا للضرورة.
(7)
همع الهوامع جـ6 ص 218.
(8)
تقدمت ترجمته ص 132.
(9)
شرح قواعد الإِعراب "مخطوط"، ولم أعثر عليه، وقواعد الإِعراب لابن هشام الأنصارى النحوى "سبقت ترجمته ص 238".