الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل أَصْلَ كلِّ مِلَةٍ مَنُوطًا بنبيّها وكِتَابِه، وإِصلاحَ كلِّ أُمةٍ مربوطًا بصلاح وَالِيهَا وكُتَّابِه، والصلاةُ والسلام على نبينا الأُمّىِّ الذي ما كَتَبَ قطّ، وعلى آله وصحابته وأنصارِه الكاتبين بِسَمُرِ الخَطّ (1):
أما بعد:
[أهمية الكتابة]:
فإِنَ أولَ ما بهِ الإِنسان يتخلَّى ويتخلَّص من صفةِ الأُمِّيَّةِ، ومبدأَ ما بِه الكاملُ يتحلَّى بفضيلة المعارفِ العلمية: الكتابةُ التي بها يُتوصل لنَيْل العلوم الشرعية، والفنونِ العقلية، وبها يُتوَسَّلُ لاكتسابِ المنافعِ الأُخْروية والدنيوية، إذْ هى من أقوى الوسائطِ لتحصيل المكاسبِ المنحصرةِ أصولُها في الصناعةِ والتجارة والزراعة والإِمارة، فمن كان جاهلًا بها من أهل هذه الأربعِ كان فى مجلس أَرْبابها -إِن لم يكن من الدُّهاة- أَشْبهَ بذواتِ الأربع.
ومع كونها مِفْتاح العلوم لكل قاصِد، ومتقدِّمةً عليها تَقُّدمَ الوسائِل على المقاصد، فلها في نفسها فَنٌّ شريف مستقل، وضعوا له أصولًا وقواعد، سموها:"علم الخط القياسى" أو "الاصطلاحى"، وأدرجوه في عِداد علومِ العربية الإِثنى عشر المسَّماة أيضًا علم الأدب (2)، المعرَّف بأنه (3):"عِلْمٌ يُحترز به عن الخطأ لفظًا وخَطًّا في كلام العرب".
(1) السَّمُر -بضم الميم- جمع سَمُرة: من شجر الطلح، وليس في العِضاه (ما عظُم من الشجر) أجود خشبا من السَّمُر (لسان العرب - سمر، عضه).
(2)
عرف الجواليقي في شرح أدب الكاتب الأدبَ بأنه -في اللغة- حسن الأخلاق وفعل المكارم. وإطلاقه على علوم العربية مولَّد حَدَثَ في الإِسلام (انظر تاج العروس للزبيدى - أدب).
(3)
أي تعريف علم الخط.
وقد جمع علومَ الأدبِ العلامةُ ابن الطيِّب المغرِبِىّ (1) مُحِشّى (القاموس)(2) في قوله (3):
خُذْ نَظْمَ آدابٍ تَضَوَّعَ نَشْرُها
…
فَطَوى شَذَا المنثورِ حين يضوعُ
لُغَةٌ وصَرْفٌ واشْتِقاقٌ ونَحْوُها
…
عِلْمُ المعانى بالبيانِ بديعُ
وعَروض قافية وإنشا نظمها
…
وكتابةُ التاريخ ليس يضيع
[عناية علماء اللغة والأدب بعلم الخط والكتابة]:
ولما كان لقواعدها ارتباطٌ وتعلُّقٌ بكلِّ مِن علم النحو وعلم الصرف: ذكر بعضُ المتقدمين جُمُلًا منها تابعةً لعلم الصرف، كابن الحاجب (4) في (الشَّافية)(5). وبعضُهم ذيَّل علمَ النحو بجُمُلٍ منها، كابن
(1) محمَّد بن الطيِّب محمَّد بن محمَّد بن محمَّد الشرقى الفاسى، المغربى، المالكى، نزيل المدينة المنورة -محدّث علَاّمة باللغة والأدب. مولده بفاس سنة 1110 هـ، ووفاته بالمدينة سنة 1170 هـ. وهو شيخ الزبيدى صاحب "تاج العروس" (الآتية ترجمته ص 242). والشرقى: نسبة إِلى شراقة، على مرحلة من فاس. من كتبه:"شرح الكافية" لابن مالك المعروفة بألفية ابن مالك -في النحو. و"المسلسات"- في الحديث، وغير ذلك (ترجمته في: سِلك الدرر جـ 4 ص 91، فهرس الأزهرية جـ 4 ص 3، الأعلام جـ 6 ص 177).
(2)
القاموس المحيط، للفَيْرُوزآبادى، وستأتى ترجمته (ص 242). وحاشية ابن الطيب المغربى على القاموس تسمى "إِضاء الرامُوس وإفاضة الناموس على أضاة القاموس"- مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 396 / لغة تيمور (4) أجزاء.
(3)
إِضاء الراموس (مخطوط) جـ 1 ص 84.
(4)
هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، أبو عمرو، جمال الدين، ابن الحاجب: فقيه مالكى، من كبار العلماء بالعربية. كردى الأصل، ومولده سنة 570 هـ - في إسنا (من صعيد مصر)، ونشأ في القاهرة، وسكن دمشق، وتوفى بالإِسكندرية سنة 646 هـ. ومن تصانيفه:"الكافية" في النحو، و"الشافية" -في الصرف، و"منتهى السول والأمل في علمى الأصول والجدل"- في أصول الفقه. (راجع ترجمته في: وفيات الأعيان جـ 3 ص 248، شذرات الذهب جـ 5 ص 234. والأعلام جـ 4 ص 211).
(5)
راجع شرح الشافية لرضى الدين الاستراباذى جـ 3 ص 312 - 332.
مالكٍ (1) في (التسهيل)(2) وابن بَابِشَاذ (3) في (مقدمته) النَّحْوية (4)، والجلالِ السُّيُوطِىّ (5) في خاتمة (جَمْع الجَوَامع) النَّحْوِى، واستوفى جُلَّ
(1) هو محمد بن عبد الله بن مالك الطائى الجيّانى، أبو عبد الله، جمال الدين، أحد الأئمة في علوم العربية، مشارك في الفقه والحديث والأصول وغيرها. ولد في جيّان بالأندلس سنة 600 هـ، ورحل إِلى المشرق، فاستقر في دمشق، وتوفى فيها سنة 672 هـ -ومن أشهر كتبه:"الألفية" في النحو، وعليها شروح كثيرة، و"الكافية الشافية"،- أرجوزة في نحو ثلاثة آلاف بيت في النحو. و"تسهيل الفوائد" في النحو و"شرحه" وغير ذلك (من مصادر ترجمته: طبقات الشافعية للسبكى جـ5 ص 28، الوافى بالوفيات للصفدى جـ3 ص 359، بغية الوعاة للسيوطى ص 53، النجوم الزاهرة جـ 7 ص 244، شذرات الذهب جـ5 ص339).
(2)
تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، بداية من ص 332 - 338 (ط دار الكاتب العربى، القاهرة 1968 م).
(3)
ابن باب شاذ هو: طاهر بن أحمد بن باب شاذ، المصرى، الجوهرى، أبو الحسن. إِمام عصره في علم النحو، كان تاجرًا في الجوهر. تعلم في العراق، وولى إِصلاح ما يصدر من ديوان الإِنشاء بمصر، ثم استعفى، ولزم بيته إِلى أن سقط من سطح جامع عمرو بن العاص فمات لساعته، وذلك سنة 469 هـ. من مصنفاته:"مقدمة" في النحو تعرف بمقدمة ابن بابشاذ، "وشرح الجمل" للزجاجى، وغير ذلك (راجع وفيات الأعيان جـ 1 ص 235، معجم الأدباء (ط دار المأمون) جـ 12 ص 18 - 19، النجوم الزاهرة جـ 5 ص 105).
(4)
وهي المسماة: "المقدمة المحسنية في فن العربية" منها ثلاث نصح مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم 1540 / نحو (ميكروفيلم 16240) وكلامه عن قواعد الخط بداية من الفصل العاشر (فضل الخط) - ص 40.
(5)
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمَّد بن سابق الدين الخضيرى السيوطي، جلال الدين.
إِمام حافظ مؤرخ أديب. له نحو (1057) مصنف، ما بين كتاب كبير ورسالة صغيرة.
اعتزل الناس في سن الأربعين وخلا بنفسه في روضة المقياس على النيل منزويًا عن أصحابه كأنه لا يعرف أحدًا منهم، فألف أكثر كتبه. مولده سنة 849 هـ، وتوفى سنة 911 هـ. من أشهر كتبه:"الإِتقان في علوم القرآن" و"المزهر" و"تدريب الراوى في شرح تقريب النواوى" في الحديث، و"جمع الجوامع" - في النحو، ومثله في الحديث، جمع فيه عددًا كبيرًا من الأحاديث النبوية مرتبة على حروف المعجم. وله "همع الهوامع"، وهو شرح موسَّع لكتابه "جمع الجوامع" النحوى. (راجع ترجمته في: الضوء اللامع جـ4 ص 65، الكواكب السائرة جـ1ص 226، شذرات الذهب جـ 8 ص 51. وراجع: دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها- ط مكتبة ابن تيمية 1403 هـ / 1983 م).
المهمَّات في شَرْحه المسَّمى (هَمْع الهَوَامع)(1). ونَقَل هناك عن أبي حَيّان (2) أنه قال: "عِلْم الخط -ويُقال له: الهِجاء- ليس من علم النحو (يعني: بل هو مستقل) وإنما ذكره النَّحْويون في كتبهم لضرورة ما يحتاج إِليه المُبتدىء في لفظه وكَتْبِه، ولأن كثيرًا من الكتابة مَبْنىٌّ على أصول نَحْوية، ففى بيانها بيانٌ لتلك الأصول، ككتابة الهمزة على نحو ما تُسهَّل به، وهو باب من النحو كبير"(3).
وقد ذكر الحريرى (4) في أواخر (دُرَّة الغَوَّاص)(5) نُبذةً من أوهام الخَوَّاص في
(1) راجع همع الهوامع (ومعه جمع الجوامع) جـ6 ص 306 - 340 (ط دار البحوث العلمية، الكويت 1399 هـ - 1979م).
(2)
أبو حيان: محمَّد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الغرناطى الأندلسى النِّفرى، أثير الدين أبو حيان. من كبار العلماء باللغة والتفسير والحديث- ولد في إِحدى جهات غرناطة سنة 654 هـ، ورحل إِلى مالقة، وتنقل إِلى أن أقام بالقاهرة وتوفى فيها سنة 745 هـ بعد أن كف بصره. وقد اشتهرت تصانيفه في حياته وقرئت عليه. ومنها، "البحر المحيط" في تفسير القرآن، "طبقات نحاة الأندلس"، "منهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك"، "اللمحة البدرية في علم العربية"(الدرر الكامنة لابن حجر جـ4 ص 302، النجوم الزاهرة جـ10 ص 111، شذرات الذهب جـ6 ص 145، طبقات الشافعية للسبكى جـ6 ص 31).
(3)
همع الهوامع جـ 6 ص 341.
(4)
هو القاسم بن علي بن محمَّد بن عثمان، أبو محمَّد الحريرى، البصري، الأديب الكبير، صاحب "المقامات الحريرية"، سماه:"مقامات أبى زيد السروجى". مولده بالمشان (بليدة فوق البصرة) سنة 446 هـ، وتأدب بالبصرة، وتوفى بها سنة 516 هـ. ونسبته إِلى عمل الحرير أو بيعه. ومن كتبه:"درة الغواص في أوهام الخواص" و"ملحة الإِعراب في صناعة الإِعراب" - أرجوزة. وله شعر حسن في ديوان. (من مصادر ترجمته: وفيات الأعيان جـ4 ص 63 - 68، معجم الأدباء جـ 16 ص 261، طبقات الشافعية للسبكى جى 4 ص 295، خزانة الأدب جـ 3 ص 177 وغيرها).
(5)
بداية من ص 271 إِلى ص 284 (ط دار نهضة مصر للطباعة والنشر، القاهرة).
هذا الفن وكذلك الإِمامُ ابن قُتَيْبةَ (1) ذكر لها في (أَدب الكاتِب)(2) نحوًا من ثلاثين بابًا، إِلا أنه مع كثرتِها لم يحصرْ موضوعَ الفّنِ في شئٍ معينٍ يحتوى على روابطَ كليةٍ مشتركة. وكذا سيدي علىّ الأُجْهُورى (3) له (نَظْم) في هذا الفن يبلغ [83] بيتًا، وشَرَحَه في نحو كراسة (4). والطَّبَلاوى (5) نَظمَ الفصلَ
(1) عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى، أبو محمَّد. عالم مشارك في أنواع من العلوم، كاللغة والنحو وغريب القرآن والحديث والشعر والفقه والأخبار. ولد ببغداد سنة 213 هـ، وسكن الكوفة. ولى قضاء الدينور مدة فنسب إِليها، وتوفى سنة 276 هـ. وهو من المصنّفين المكثرين، ومن كتبه:"تأويل مختلف الحديث" و"أدب الكاتب" و"عيون الأخبار" و "مشكل القرآن" و"الشعر والشعراء" وغير ذلك. (من مصادر ترجمته: تاريخ بغداد جـ10 ص 170 - 171، وفيات الأعيان جـ 3 ص 42 - 44، إِنباه الرواة 2/ 143 - 147، تذكرة الحفاظ جـ2 ص 185، لسان الميزان جـ3 ص 357، النجوم الزاهرة جـ 3 ص 75 - 76، شذرات الذهب جـ 2 ص 169، بغية الوعاة ص 291).
(2)
أدب الكاتب (ط دار الكتب العلمية، بيروت، 1988 م) بداية من ص 161 (إِلى) ص 188.
(3)
علي بن محمَّد بن عبد الرحمن بن علي، أبو الإرشاد، نور الدين الأُجْهُورى. عالم أديب، مشارك في الفقه والحديث والسيرة النبوية والمنطق وغيره، مولده سنة 967 هـ، وتوفى بمصر سنة 1066 هـ. له مؤلفات، منها:"فتح الباقي شرح ألفية العراقى"- في مصطلح الحديث، و "شرح الدرر السنية في نظم السيرة النبوية". (راجع ترجمته في: خلاصة الأثر جـ3 ص 157، كشف الظنون ص 1190، 1628، 1629، الخطط التوفيقية جـ 8 ص 33 - 34، الأعلام جـ5 ص 13 - 14).
(4)
لم أقف عليه.
(5)
منصور الطبلاوى، سبط ناصر الدين محمَّد بن سالم (المتوفى سنة 966 هـ -له ترجمة في الأعلام جـ 6 ص 134). فقيه شافعى مصرى، غزير العلم بالعربية والبلاغة، أصله من إِحدى قرى المنوفية، ومولده ووفاته بالقاهرة. توفي سنة 1014 هـ. ومن كتبه:"منظومة" في البلاغة، وله شرح عليها. وله أيضًا:"شرح على كتاب التصريف للعزّى" في الصرف. و"حاشية على شرح المنهاج" في الفقه الشافعى (ترجمته في خلاصة الأثر جـ 4 ص 428، هدية العارفين جـ 2 ص 475، الأعلام جـ 7 ص 300).