الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأخير من (مقدمة) ابن بَابِشَاذ (1) في نحو مائتى بيت (2).
[سبب تأليف الكتابِ وتسميتُه]:
فلصعوبة مراجعةِ كلِّ شيءٍ من بابه، بل ولقصورِ هِمَمِ الطلابِ عن الاطلاعِ على تلك الكتب، مع نُدْرةِ وجودها، وتَعَسُّر وصولِ أيدى البعض منهم إليها، وجَهْلِ البعضِ الآخرِ بمؤلفاتِ هذا العلم، وتَشَتُّتِ مسائِلِه في تضاعيفِ الكتبِ المتداولةِ: سُئِلَ الفقيرُ نَصْرُ أبو الوفا الهُورِينى من جمعٍ راغبينَ في جَمْعٍ ما تَفرَّق من تلك الأُصولِ في رسالة سهلة للطالبين، فقصدتُ من لا يُخَيِّبُ القاصدَ في الاهتداء لهذه المقاصد، وجمعتُ من قواعدها في هذه الرسالة ما يتَوصَّلُ به مَن شَمَّ رائحةَ المبادئ النَّحْوية إلى معرفة تَأدية الكتابة على قانون الصحة في أقصر مدة.
وسميتها: (المطالِعُ النَّصْرِية للمطابِع المِصْرية في الأُصولِ الخَطّيَّة) مُلوِّحًا بأن للمطابع المذكورة (3) فخرًا على ما سواها زادت به ابتهاجًا، وأنها لهذه المطالع أشدُّ مما عداها احتياجًا.
ورتبتها على مقدمة ومقصد وخاتمة، مُؤمِّلًا ممن وفقنى لابتدائها حُسْنَ الخاتمة، ومتوسلًا إِليه بصاحب الجاه العريض (4) أن يكسوها حُلَلَ القَبُول،
(1) سبق التعريف بابن بابشاذ وبمقدمته في علم النحو (ص 31).
(2)
نقل الخضري من هذا النظم المنسوب للطبلاوى -نقل في حاشيته على شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك جـ2 ص 74 (طبع دار إحياء الكتب العربية- عيسى البابى الحلبى 1356 هـ -1937 م). وهذا (النظم) لم أقف عليه.
(3)
راجع ما كتبناه عن المطابع المصرية ص 14 وحاشية رقم (1).
(4)
التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يتوسل بالإِيمان به وباتباعه فهذا التوسل صحيح، مثل أن يقول:(اللهم إِنى آمنت بك وبرسولك فاغفر لي) وهذا لا بأس به. وقد ذكره الله تعالى في القرآن الكريم في قوله: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: 193] ولأن الإِيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وسيلة شرعية =
ويحميها من كل ذى قلبٍ مريض، وحاسدٍ مُبْغض، وحاقدٍ بغيض.
= لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات فهو قد توسل بوسيلة ثابتة شرعًا.
الثاني: أن يتوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم في حياته وبحضوره كما في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى بالعباس فقال: "اللهم إِنا كنا إِذا أجدبنا نتوسل إِليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إِليك بعم نبينا فاسقنا. فيسقون". وقد بين عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون به في حياته فيسقون. وكيفية هذا التوسل به أنهم كانوا يسألونه أن يدعو الله لهم فيدعو لهم، ويدعون معه ويتوسلون بشفاعته ودعائه.
الثالث: أن يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، سواء في حياته أو بعد مماته، فهذا توسل بدعى لا يجوز على الراجح من قول أهل العلم، وهذا ما عليه جمهور العلماء، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمة الله عليه. ولا يلزم من كون جاهه صلى الله عليه وسلم عند ربه عظيمًا أن نتوسل به إِلى الله تعالى لعدم ثبوت الأمر به عنه صلى الله عليه وسلم.
أقول: أردت -بعد هذا العرض الموجز لأنواع التوسل- أن أنبه على ما وقع فيه المؤلف رحمه الله وعفا عنا وعنه- من التوسل غير المشروع. ولست هنا بصدد الحديث عن هذه المسأله بتفصيل. وأحيل القارئ إِلى كتب أهل العلم، وأخص بالذكر كتاب (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة) لشيخ الإِسلام ابن تيمية. وكتاب (التوسل: أنواعه وأحكامه) للشيخ محمَّد ناصر الدين الألبانى، ففيهما الغُنْية والكفاية. والله الهادي إِلى الحق والصواب.