الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُحذف لامها، لإِدغامها في الراء، وتُوصل الباء بالراء، كما في قوله:
عَافَتِ الماءَ فى الشِّتاءِ فقُلنا
…
بَرّدِيِه تُصادِفِيهِ سَخِينًا (1)
قال في (المزْهر)(2): "وهذا البيت من أبيات المعانى، والأصل: "بَلْ ردِيه"، فِعُل أمر من "الوُرود"، وليس من التَّبْرِيد".
ومثله قول الشاعر:
لَن - مارأَيْتُ أَبا يزيد مُقَاتِلا
…
أَدَعَ القِتَالَ وأَشْهَدَ الهَيْجاءَ (3)
فإِن الأصل والمعنى: لن أدعَ القتالَ وشهودَ الهيجاءِ مُدَّةَ رؤيتى أبا يزيد يقاتل. فإِنه عند قَصْد التعمية يُكتب: "لَمّا رأيت" بوصْلِ "ما" باللام، وحَذْفِ النون للإِدغام في الميم لتقاربهما مَخْرجًا.
ويُقال: أين جواب "لَمَّا"؟ وبِمَ انتصب "أَدَعَ"؟ فالفصل في البيت الأول، والوصل في الآخرين على خلاف القياس في كل منهما. لكن سوَّغه قصد التعمية، فهذا مقصور على تلك الحالة، لا يجوز في غيرها.
[الأمر من اللفيف المفروق (فِهْ- قِهْ- عِهْ)]:
وقد تصير الكلمة الأولى على حرف، ولا يقتضى ذلك جواز وصل ما
(1) البيت من بحر الخفيف كما في معجم الأدباء لياقوت جـ17 ص 124، والمزهر للسيوطى جـ1 ص 588، ولم يذكرا قائله. وذكر ياقوت أن أبا العبر محمَّد بن أحمد بن عبد الله العباسى الهاشمى المتوفى سنة 250 هـ (وكان شاعرًا) سئل عن هذا البيت: كيف تصادفه سخينًا إِذا بردتْه؟ فقال: هو ليس من التبريد، وإنما هو صرف مدغم، ومعناه (بل رديه- من الورود)، فأدغموا اللام في الراء كما قال تعالى:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] وقوله: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} [القيامة: 27].
(2)
المزهر جـ1 ص 588. وعبارته: "يقال: كيف يكون التبريد سببًا لمصادفته سخينًا؟.
وجوابه أن الأصل (بل رِدِيه)، ثم كتب على لفظ الإِلغاز اهـ.
(3)
البيت لأعصر بن سعد، من بحر الكامل (انظر مغنى اللبيب لابن هشام، وشرح شواهده للسيوطى ص 283، 529، 694. وشرح الأشمونى لألفية ابن مالك جـ3 ص 284).
بعدها بها إِذا لم يُوجد مُسَوّغ لوصله، وذلك في الأمر من اللفيف المفروق، مثل:"فِه" و"عِه" و"قِه" و"لِه" خطًّا بالمذكَّر، من:"الوَفَاء" و"الوَعْى" و"الوِقَاية" و"الوَلْى"، فلا يُوصل هذا الفعل بمفعول الظاهر، نحو "فِهْ الكوزَ شرابًا"، و"قِهْ نفسَك"، و"عِهْ الكِتابَ"، و"لِهْ الأَمْر".
ولكن لمَّا لم يكن من أصولهم في الكلمة التي على حرفٍ واحد وَضْعًا أو عَروُضًا أن تُكتب مفصولة عما يَتَّصل بها: زادوا "هاء السكت" خطًّا، نظرًا لحالة الوقْف عليها، لأنه لا يُوقف على متحرك، مع أن تحريكه واجبٌ لكونه مبدوءًا به، ولا يُوقف على مثل ذلك فتُكتب الهاء لابتناء الكتابة على تقدير الوقف والابتداء، وإن كانت تَسْقُط وَصْلًا.
ومن ذلك قوله كما في (الأشمونى)(1):
فِهْ بالعقُودِ وَبِالأَيْمانِ لاسِيَمَا
…
عَقْدٌ وَفَاءٌ بِهِ مِنْ أَعْظَمِ القُرَبِ (2)
"قال الدمامينى (3) والشُّمُنِّى (4): فهذه الهاء التي في قوله: "فِه" ينطق بها
(1) سبق التعريف بالأشمونى ص (82).
(2)
شرح الأشمونى لألفية ابن مالك جـ1 ص 168. والبيت من البسيط. وقد ورد في مصادر أخرى دون عزو انظر مغنى اللبيب وشرح شواهده للسيوطى ص 140.
(3)
محمَّد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر بن محمَّد المخزومى القرشى، بدر الدين المعروف بابن الدمامينى. عالم بالشريعة وفنون الأدب. ولد في الإِسكندرية سنة 763 هـ، واستوطن القاهرة، ولازم ابن خلدون، وتصدر لإِقراء العربية بالأزهر، ثم تحول إِلى دمشق، ومنها حج وعاد إِلى مصر فولى فيها قضاء المالكية ثم تركه ورحل إِلى اليمن فدرس بجامع زبيد نحو سنة وانتقل إلى الهند فمات بها سنة 827 هـ. من كتبه:"تحفة الغريب"(شرح لمغنى اللبيب لابن هشام) و"مصابيح الجامع"(شرح لصحيح البخاري) و"شرح تسهيل الفوائد" في النحو، وله غير ذلك. (الضوء اللامع جـ7 ص 184، شذرات الذهب جـ7 ص181، الأعلام جـ6 ص 57).
(4)
هو أحمد بن محمَّد بن محمَّد بن حسين بن علي بن يحيى بن محمَّد بن خلف الله التميمى الدارى، المعروف بالشمنى، تقى الدين أبو العباس المالكى، ثم الحنفى - مفسر =