الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورتين.
(2) إِذا اتصل بها ضمير لا تتغير معه حركتها الإِعرابية:
(أ) إِذا اتصل بها ما تُفتح لأجله (ألف الاثنين):
وإذا اتصل بنحو "بَرِئ" و"وَطِئ" و"يُهَيِّئ" و"يُقْرِئ" ضمير الاثنين، وهي الألف، نحو:"بَرِئَا" و"وَطِئَا" و"يُهيِّئَان"، أو اتصلت ألف التثنية بنحو "مُنشئ" و"مُسْتَهزِئ" و"طَارِئ" نحو:"أَتانى طَارِئانِ مُنشِئَانِ مُسْتَهْزِئَانِ": لم تتغير الياء (1)، بل إِنه يجوز إِبدالها ياءً حقيقةً، قياسًا مُطَّرِدًا.
وكذا إِذا نُوِّن منصوبًا لم تتغير وتُكتب الألف بدل التنوين متصلةً بالياء مثل: "ضَحِكَ مُسْتهزِئًا".
(ب) إِذا اتصل بها ما تُضم لأجله (واو الجماعة - الواو الحرفية):
وإذا اتصل بالأفعال المذكورة واو الضمير مثل "وَطِئُوا أَرْضَهم" و"لكن لم يُبرئُوا مَدْيُونَهم" و {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37] و"إِنَّهم يَسْتَهْزِئُون"، وفي حديث الصحيحين:"اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِن أَرْبعةٍ"(2): فلا تتغير صورةُ الهمزة بالاتصال عن كونها ياءً، ولا تحذف على مذهب الأَخْفَش دون مذهب سيبويه (3) القائل بحذفها لكون حقِّها عنده أن تُرسم واوًا اعتبارًا بحركتها واجتماع الواوين مُسْتَثْقَل خطًا كاستثقاله لَفْظًا، وإن جرى رَسْمُ المصحف كما عنده على حَذْفِها.
(1) قوله: (لم تتغير الياء) جواب الشرط (وإذا اتصل. . .).
(2)
الحديث متفق عليه أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب فضائل الصحابة- باب مناقب عبد الله بن مسعود (رقم 3760 وكتاب مناقب الأنصار -باب مناقب معاذ بن جبل (رقم 3806) ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة (رقم 2464/ 118). وأحمد في مسنده (2/ 189/ 195) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود وسالمٍ مولى أبي حذيفة وأبى بن كعب ومعاذ بن جبل".
(3)
سبق التعريف بالأخفش وسيبويه ص (167) وص (41) على الترتيب.
وكذا إذا اتصل بالاسم ما تُضَمُّ الهمزةُ لأجله كالواو علامة الإِعراب، نحو: هُمُ الُمسْتَهزِئُون"، فتُرسم الياء كما كانت في حال الانفراد.
وهذا كالسابق في أنه على مذهب الأَخْفش، وعليه تتميز صورةُ اسم الفاعل من صورة اسم المفعول في نحو:"مُلْجِئُون" ونظائره مما يقع فيه الاشتباه، نحو "مُقْرِئُون" و"مُقْرَءُون" كما مَرَّ. و"اسْتَقْرءُوا" (بفتح الراء: ماضيًا) و"اسْتَقْرِئُوا"(بكسرها: فعل أمر).
(جـ) إِذا اتصل بها ما تكسر لأجله (الياءات):
وهذا بخلاف ما إِذا اتصلت به الياءُ الحرفية علامة الإِعراب، نحو من "القارِءِين" و"المستهزِءِين" و"المبْتَدِءِين"، فإِنَّ الأكثرين على حَذْف الهمزة خطًّا كرسم المصحف، وكما هو مُقتضى قاعدة (حَذْف كلّ همزة بعدها حرف مدٍ كصورتها).
قال شيخ الإِسلام في (شرح الشافية): "وللفرق بينه وبين "مُسْتَهْزِئَيْن" في التثنية، فإِنه يُكتب بياءين، وكان الجمع أَوْلى بالتخفيف، لأنه أثقل، هذا هو الأكثر.
وقد يُكتب الجمع أيضًا بياءَيْن، لأن اجتماعهما أَهْونُ من اجتماع الواوين" اهـ (1).
يعني فلا يُقال: لِمَ جَوَّز "المسْتَهزِئِين" بياءيْن (2)، ولَمْ يُجوِّز أحدٌ كتابة "المستَهْزِؤُن" بواوين؟!.
وأما إذا اتصلت ياءُ المخاطبة بنحو "تَسْتَهْزِئ" و"تَتَّكِئ" و"تُقْرِئ" و"تُطفِئ"، وكان مرفوعًا بثبوت النون (مثل: أَنتِ "تَتَّكين" و"تَسْتَهْزِين" و"تُقْرِين" و"تُطفِين")، فتُحذف الياء المصوَّرة بدلًا عن الهمزة في حال الانفراد مثل ما سبق في "المستهزِين"(3) بمقتضى القاعدة المتقدمة.
(1) راجع المكتوب عن شرح الشافية الحاشية رقم (1) ص 84.
(2)
أي حال الجمع.
(3)
راجع عن ذلك ص 180.
بخلاف ما إِذا حُذفت النون للجازم (نحو: "لم تقرئى")، أو كان فعل أمر (نحو:"أَطْفِى" و"اتَّكِى") فإِن الهمزة المصوَّرة ياءً إِذا خيف اللَّبْسُ لا تُحذف (1)، والأكثر حَذْفُها بمقتضى الكلية المتقدمة (2) كما في قوله:
* أَبْطِئى أَوْ أَسْرِعى (3) *
فرارًا من اجتماع صورتين، بل ثلاثة، كما في قول كُثيِّر عزَّة (4):
*أَسئِى بِنَا أَوْ أَحْسنِى لا مَلُومَة*
وقول الآخر:
فقلتُ لها: فِئى إِليْكِ فإنَّنى
…
حَرامٌ وإِنِّى بَعْدَ ذَاكِ لبيبُ (5)
وكذا إِذا أُضيف نحو: "شَىء" أو "مجِىء" إِلى ياء المتكلم، كأن تقول "نَفَعَنى مَجِيّى إِليْك"، فيُحذف الهمزة، لاجتماع الأمثال الموجِب لحذف أحدها كما إِذا اتصلت به ياءُ النَّسب لذلك لا لقاعدة (كل همزة بعدها حرف مَدٍ ..)(6)؛ لأن ياء النسب مُشَدَّدة ليست حرفَ مَدٍ، وياء المتكلم
(1) فيقال: (أطفئى) و (اتكئى).
(2)
راجع ص 202، 203 وسيأتى الحديث عن هذه المسئلة قريبًا ص 212 وما بعدها.
(3)
من الرمل المجزوء. ولم أصل لموضعه من كتب الأدب.
(4)
هو كُثيِّر بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر، أبو صخر الخزاعى الحجازى المعروف بابن أبى جمعة. وعزة هذه المشهور بها المنسوب إِليها -لتغزله فيها- هى أم عمرو ابنة جميل بن حفص، وصُغّر اسمه فقيل (كثير) لأنه كان دميم الخَلْق قصيرًا، وإذا مشى يُظن أنه صغير من قصره. وكان يقال له: إِنه أشعر الإِسلاميين، على أنه كان فيه تشيع وربما نسبه بعضهم إِلى مذهب التناسخية. له ديوان شعر وتوفى بالمدينة سنة 105 هـ. وأرخ ابن كثير وفاته سنة 107 هـ (البداية والنهاية جـ5 ص 330 - 337).
(5)
البيت من الطويل. وقائله المخيل السعدى أو للمضرِّب بن كعب انظر الأمالى لأبي على القالى جـ2 ص 171، أمالى ابن الشجرى جـ1 ص 164، لسان العرب (لبب)، خزانة الأدب جـ1 ص 270.
(6)
تقدم ذكر هذه القاعدة ص (198).