الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الثانية اللينة التي قال فيها الشاعر:
لكن نَحِلْتُ لِبُعْده فكأنَّنى
…
أَلفٌ وليس بِمُمْكنٍ تحريكُه (1)
فهي التي عَدُّوها قبيل "الياء" في ضمن "اللام ألف" المركبة من حرفين (2)، ولهذا لا يمكن وجودها في أول الكلمة لتعذر الابتداء بها.
[الفرق بين الألف اللينة وهمزة الوصل]:
وأما الألف التي تجتلب للابتداء للساكن فهي همزة وصل، لا الألف اللينة، غاية الأمر أنها تسقط الدرج. وإنما توجد الألف اللينة في الحشو، كـ"قام"، و"باع" أو في الطرف مثل "دعا" و"سعى" كما يأتى في الفصل الثاني (3)، بخلاف الهمزة فإِنها تأتى أولًا وحشوًا وطرفًا، فهي إِذن على ثلاثة أقسام باعتبار موضعها من الكلمة التي هى فيها.
[سبب كتابة همزة الوصل واوًا أو ياء أو حذف صورتها]:
وأما باعتبار الرسم فالأصل فيها أن تكتب بصورة الألف الأولى في التعداد حيثما وقعت على مذهب التحقيق كما سيأتى عن الفراء (4) عند الكلام على
(1) البيت من بحر الكامل وقائله محمَّد بن رضوان بن إِبراهيم المعروف بابن الرعاد، وهو أحد أبيات ثلاثة أرسل بها من مدينة قوص إِلى الشيخ العلامة بهاء الدين محمَّد بن النحاس الحلبى رحمه الله يتشوق إِليه ويشكو له نُحُوله فقال:
سلم على المولى البهاء وصف له
…
شوقى إِليه وأننى مملُوكُهُ
أبدًا يحركنى إِليه تشوقى
…
جسمى به مَشْطوُره مَنْهُوكُهُ
لكن نحلت لبعده فكأننى
…
ألف وليس بممكن تحريكهُ
وقد أورده ابن هشام في شرح شذور الذهب (ص 65 - طبع دار الفكر) لا على سبيل الاستشهاد، وإنما أوردها استظرافا لمعناها والمعنى: يقول الشاعر: إِنه مشتاق جدًا إِلى بهاء الدين محمَّد بن النحاس وأن هذا الشوق قد أنحل جسمه وأضعفه حتى إِنه عجز عن الحركة كأنه الألف التي لا تقبل الحركة.
(2)
وصورتها هكذا (لا).
(3)
سيأتى ذلك ص 239.
(4)
تقدمت ترجمته ص 54.
"مائة"(1) وإنما كتبت مرة "واوًا" ومرة "ياءً" وحذفت مرة بحيث لا يكون لها صورة أصلًا ولا بدلًا بناءٌ على مذهب التخفيف والتسهيل البخاري على لغة أهل الحجاز التي هى فصحى اللغات، وعليها جرى رسم المصحف، فلهذا كان الكَتْب عليها أولى من الكتب على التحقيق لوجهين كما تقدم عن شيخ الإِسلام (2):
أولهما: ما ذكر من التسهيل والتخفيف، فإِن الهمز في حشو الكلام مستثقل ولذا لا يوجد في غير لغة العرب أصلًا في غير ابتداء كما قاله في (المزهر). ولكون الهمزة في الابتداء لا تسهل كتبت في أول الكلمة بصورتها التي وضعت لها، وهي صورة الألف بأى حركة كانت، على ما يأتى.
وثانيهما: "أن التسهيل خط المصحف، فكان البناء عليه مع أن القياس قد يقتضيه قال أبو حيان (3): "بل إِننا نوافق المصحف في بعض كلمات كرسم "الصَّلوة" و"الزَّكوة"و"الحيوة" بالواو مع مخالفته للقياس" كذا نقله في (الهَمْع)(4).
قال أبو البقاء (5) أول (الكليات) بعد أن ذكر جملة عن (الإِتقان): مِمَّا خالف فيه القياس: رسم المصحف والحق أن مثل ذلك يكتب في المصحف بالواو اقتداءً بنقله عن عثمان رضي الله عنه وفي غيره بالألف وقد اتفقت في خط المصحف أشياء خارجة عن القياسات التي بني عليها الهجاء، ولذا قال ابن دُرُسْتَوَيْه (6): خطان لا يقاسان. . . . إِلخ" (7).
(1) انظر عن ذلك ص 301 - 330.
(2)
تقدم ذلك ص 84.
(3)
سبق التعريف به ص 130.
(4)
هَمْع الهوامع جـ6 ص 311.
(5)
سبق التعريف به ص 47.
(6)
سبقت ترجمته ص 132.
(7)
الكليات جـ1 ص 13 وراجع ص 84.