الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجاوزت الثلاثة إِلا ما كان فيه مقتضٍ للعدول عن رسم الألف الذى هو الأصل في الكتابة). ثم رأيت في مبحث الإِبدال من (شرح الشافية) ما يؤيد ما قلته، وسيأتي نقله قريبًا (1).
وسابعها: اتباع جماعة من النحاة مَشَوْا على كتابة الباب كله بالألف حملًا للخط على اللفظ، سواء كانت الألف ثالثة أو فوقها، ولو منقلبة عن ياء في عَلَمٍ أو غيره، كما في (الشافية). ووجَّهه شيخ الإِسلام (2)"بأنه القياس، ولأنه أنْفَى للغَلَط" أهـ.
ورأيت البَطليْوسى (3). في شرح (أدب الكاتب) قال: "إِنه هو الذي اختاره أبو على الفَسَوى -يعني أبا على الفارسي (4) - في "مسائله الحلبية" اهـ (5).
[مقتضيات كتابة الألف المتطرفة ألفًا مع كونه الأصل]:
وأما المقتضي لكَتْبها ألفًا مع كونه الأصل فشيئان:
أحدهما: أن تكون الألف أصلها واو، سواء كانت الكلمة اسمًا أو فعلًا مبنيًا للفاعل، نحو "جَلا" و"حَلَا" و"خَلَا" و"دَعَا" و"ربَا" و"زَكَا" و"سَجَا"(6). و"سَمَا" و"شَجَا"(7). و"لَهَا" و"عَرَا" و"عَفَا" و"نَجَا"
(1) راجع عن ذلك ص 260.
(2)
أي ابن الحاجب في شرحه على الشافية. راجع المكتوب عن هذا الشرح حاشية رقم (1) ص 84.
(3)
تقدمت ترجمته ص 53.
(4)
سبق التعريف به ص 81.
(5)
الاقتضاب شرح أدب الكاتب جـ2 ص 136 - وعبارته "ومن النحويين من يرى أن يكتب كل هذا بالألف، حملًا للخط على اللفظ، وهو الذي اختاره أبو على في مسائله الحلبية".
(6)
سجا: قال تعالى: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} معناه: سكن ودام. وقال ابن الأعرابى: امتد بظلامه (اللسان - سجا).
(7)
شجا: الشَّجْو: الهم والحزن (اللسان - شجا).
من الأفعال.
ونحو: "العَصَا" و"القَفَا" و"الضُّحَا" و"السُّهَا" و"الخُطَا" و"الذُّرَى" و"العُرا" و"الظِّبا"(جموع: "خُطوة" و"ذِرْوة" و"عروة" و"ظُبَة" (1)) و"البُكَا" و"العِدَا" من الأسماء. سواء كانت الأسماء مفتوحة الأول أو مضمومته أو مكسورته كما مثَّلنا.
فكل ذلك لا يصح كَتْبُه بالياء على المذهب البصري، وهو مجمل قول (الكليات):
وكَتْبُ ذَوَاتِ الياءِ بالأَلِفِ جَائزٌ
…
وكَتْبُ ذَوَاتِ الواوِ بالياءِ باطِلُ (2)
وذلك لِئَلَّا يُتوهَّم أن أصلها الياء فيُثَنَّى بها الاسم، أو أنها تُقلب ياءً في الفعل إِذا أُسند للضمير المرفوع المتحرك، أو ألف الاثنين. مع أنك إِذا أَسندتَ نحو "دَعَا" و"هَجَا" إلى ألف الاثنين تقول "دَعَوَا" و"هَجَوَا"، بفتح الواو كما قال تعالى:{فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} [الأعراف: 189]، فلا يُقال "هَجَيَا" ولا " دَعَيَا" في الأفصح.
وقد عَرفتَ مما سبق (3). أن الأصل الواوى يُعرف في الاسم بانقلاب الألف واوًا في التثنية نحو "عَصَوْين" و"قَفَويْن" و"رَجَوَيْن" مُثَنَّى: "عَصَا" و"قَفَا" و"رَجَا"(بمعنى: ناحية)(4).
أو في الجمع بالتاء في أسماء الأجناس نحو: "قَطوات" و"مَهَوَات"
(1) الظُّبة: حَدّ السيف والسِّنان والنّصْل والخنْجر وما أشبه ذلك والجمع ظُبا، ظِبُون، ظُبُون، ظُبات (اللسان - ظبا).
(2)
الكليات جـ1 ص 7.
(3)
راجع عن ذلك ص 242.
(4)
الرَّجا (مقصور): ناحية كل شىء، وخَصَّ بعضهم به ناحية البئر من أعلاها إلى أسفلها وحافَتَيْها، وكل شىء وكل ناحية: رجًا، وتثنيتة "رجَوان" كعصا وعَصَوان (اللسان - رجا).
جَمْعَى: "قَطَا" و"مَهَا"(أي بقر الوحش).
أو بانقلابها واوًا في صفة المؤنث، نحو:"عَشْوَاء"(1) و"قَنْوَاء"(2) و"قَرْواء"(3)، من "العَشَا" و"القَنَا" و"القَرا"(أي الظَّهْر).
ويعرف (4) في الفعل بأحد أمرين:
إِما بانقلابها واوًا عند إسناد الفعل الماضي إِلى ضمير الفاعل المتحرك أو ألف الاثنين، نحو "عَفَوْتُ" و"عَفَوْنا" و"عَفَوْن" و"بَدَوْتُ" و"بَدَوْنَا" و"بَدَوْنَ" في:"عَفَا" و"بَدَا"، بمعنى ظهر أو برز إِلى البادية، أو مطلق بروز، ومنه قول ابن الفارض رضي الله عنه:(5).
فالدَّارُ دارِى وحُبِىّ حَاضِرٌ ومَتَى
…
بَدَا فمُنْعَرَجُ الجَرْعَاءِ مُنْعَرَجِى (6)
وإما بوجودها واوًا في مصدر الفعل، نحو "العَفْو" و"السَّهْو" و"اللَّهْو" مصادر:"عَفَا" و"سَهَا" و"لَهَا".
أو في المَّرة، نحو "الغَفْوة" (بالمعجمة: إِذا نام نومة خفيفة).
أو في المضارع، مثل "يَرْغُو" (7) و"يَعْصُو" و"يَعْرُو" (8) (مضارع:"رَغَا البعير" و"عَصَا زيُدٌ عَمْرًا" إِذا ضربه بالعَصَا و"عَرَا": أي نزل ووجد كقوله:
(1) راجع معناها ص (243)، حاشية رقم (5).
(2)
يقال امرأة قَنْواء: أي بيِّنة القنا، والقنا مصدر الأَقْنى من الأنوف، وهو ارتفاع في أعلاه بين القصبة والمارن من غير قُبْح (اللسان - قنا).
(3)
القَرا: الظهر، والأنثى، قَرْواء. ويقال: ناقة قَرْواء: طويلة السَّنَام (لسان العرب - قرا).
(4)
أي (الأصل الواوى).
(5)
تقدمت ترجمته ص 105.
(6)
ديوان ابن الفارض -ص 147 (ط دار صادر، بيروت).
(7)
الرُّغاء: صوت الإِبل، يقال: رغا البعير والناقة ترغو رُغَاءً (اللسان - رغا).
(8)
يقال عَرانى الأمر يعرونى عَروًا واعترانى: غشينى وأصابنى (اللسان - عرا).
وَإنّى لتَعْرُونِي لِذِكْراكَ هزَّةٌ
…
كما انتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّله القَطْرُ (1)
وذلك لأن الفعل الناقص الواوى تُضم عين مضارعه كما مَرَّ.
هذا، وقد ضبط الشاطبى (2) أصل الأسماء والأفعال بقوله:
وَتَثْنِيةُ الأَسْماءِ تَكْشِفُهَا وَإن
…
رَدَدْتَ إِلَيْكَ الفِعْلَ صَادَفْتَ مَنْهَلا (3)
واقتصر الحريرى (4) على ضابط الأصل في الفعل بقوله:
فَإِن تَرَهُ بالياءِ يَوْمًا فكَتْبُهُ
…
بياءٍ وإلَّا فَهْوَ يُكْتَبُ بالأَلفْ (5)
والمقتضى الثاني لكتبها بصورة الألف: أن يجهل أصلها كما في (خَسَا) و "زكَا" و"دَدَا" كما مَرَّ (6).
أو تكون في اسم أَعْجمى، سواء كان ثلاثيًا أو أكثر، مثل "بُغَا" و"كَتْبُغا" و"يَهُودا" و"زَلِيخَا" وغيرها من الأسماء العجمية. بل قال شيخ الإِسلام في الإِبدال من (الشافية)(7) "إِن الألف أصلية غير مُبدلة من شىء في الحروف والأسماء المبنية والأسماء الأعجمية، لأنها غير مشتقة ولا متصرفة، فلا يُعرف لها أصل غير هذا الظاهر، فلا يُعدل عنه من غير دليل، فلا يُقال ألفها زائدة،
(1) البيت من بحر الطويل، وقائله أبو صخر الهذلى. انظر الأمالى لأبي على القالى جـ1 ص 149، الأغانى لأبي الفرج الأصبهانى جـ21 ص 97، شرح المفصل لابن يعيش جـ2 ص 67، خزانة الأدب جـ1 ص 552، شرح الأشمونى جـ2 ص 124، 215.
(2)
تقدمت ترجمته ص 86.
(3)
الشاطبية (حرز الأمانى ووجه التهانى في القراءات السبع) ص 47 - باب الفتح والإمالة (مطبعة محمَّد على صبيح، الأزهر، القاهرة).
(4)
تقدمت ترجمة الحريرى ص 32.
(5)
البيت من بحر الطويل. وليس في درة الغواص للحريرى، ولعله في كتاب آخر له.
(6)
راجع عن ذلك ص (255).
(7)
راجع المكتوب عن شرح الشافية حاشية رقم (1) ص (84).