الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* أَحْرُف الإبْدَالِ هَدَأْتَ مَوطِيَا* (1)
أقول: وقياس تجويزهم شكل الحرف المثلَّث بالحركات الثلاث أنه يجوز الجمع بين الهمز والنّقْط، نظرًا للوجهيْن: التحقيق والإِبدال.
[كيفية كتابة الحروف الدخيلة في لغة العرب]:
(فائدة): بين المشارقة والمغاربة مخالفة في نَقْط الفاء والقاف، فالمغاربة ينقطون "الفاء" بواحدة من تحت، و"القاف" واحدة من فوق.
وبين العرب والعجم مخالفة في أربعة أحرف زادها العجم وهي: الباء والجيم والزاى والكاف.
ينقطون "الباء" و"الجيم" بثلاث من تحتهما، لمخالفة مَخْرَجَيْهِمَا في لسان العجم لِمَخْرَجِيْهِمَا في لسان العرب، فالباء العربية يكون مخرجها بين "الباء" العربية و"الفاء" مثل "الشَّلَوْبِين" من علماء الأندلس (2)، و"البولاد"، فتارة يقال بالباء العربية، وتارة بالفاء، لأنها بين مخرجيهما، ومن ذلك "بَسَا"(3) التي منها أبو على الفارسي (4)، فإِنهم يقولون:"أبو على البَسَوِى" وتارة "الفَسَوِى".
والاعتذار عنهم -أي الكُتَّاب- لم يصطلحوا على طريقة في تصوير الحروف الدخيلة في لغة العرب من غير لغتهم. وقد جعل لذلك ابن
(1) ألفية ابن مالك "وتسمى الخلاصة" بشرح ابن عقيل جـ4 ص 210، وقد سبق ذكره ص 175.
(2)
الشَّلَوْبين "أو الشلوبينى" عمر بن محمَّد بن عمر بن عبد الله الأزدى، أبو على من كبار العلماء، بالنحو واللغة، مولده بأشبيلية سنة 562 هـ، وتوفى بها سنة 645 هـ. و"الشلوبينى": نسبة إلى حصن "شلوبين" أو "شلوبينية" بجنوب الأندلس وقيل غير ذلك "من مصادر ترجمته: وفيات الأعيان جـ3 ص 451، ومعجم البلدان جـ3 ص 360 وانظر الأعلام جـ5 ص 62".
(3)
بَسَا [ويعربوها فيقولون: فَسَا]: مدينة بفارس "انظر معجم البلدان جـ1 ص 412، مراصد الاطلاع جـ1 ص195.
(4)
تقدمت ترجمته ص 81.
خلدون (1). طريقةً في "مقدمة" تاريخه للأسماء التي أدخلها فيه مثل " بُلُكِّين"(2) بالكاف القريبة من القاف.
والذي يستحسنه الفقير أن يُتّبع فيها ما يكتب عند أهلها بتعداد نَقْطها، تنبيهًا على أنها دخيلة، ويُلفظ بهَا كنطق أهلها.
وأما "الزاى" فينطقونها بثلاث من فوق، لمغايرة مَخْرجها لمخرج العربية، فمن ذلك:"تَوّز"(3) -اسم بلدة بالعجم، منها الإِمام التَّوَّزى اللُّغَوِى (4) - تارة تجده في "المزْهِر" مكتوبًا بالزاى، وتارة بالجيم، فيقول: الإِمام التُّوَّجى لعدم وجود المخرج بين المخرجين في العربية (5).
وكذلك "الكاف" العجمية تنطق مثل "جيم" العَوَامّ بمصر، وهي مستعملة في لغة اليمن، يقولون "الجَعْبَة" في "الكَعْبة" كما في "المزْهِر". كما يُنطق بالكاف الفارسية في "الكُلَّنَار" الذي عَّربته العرب "بالجُلَّنَار"، وكالكاف في كلمة "الإِنِكِليز" و"الفَرَنك" و"الكلستان" و"الكُلَّاج" "الذي يقال فيه:"الجُلَّاش".
(1) تقدمت ترجمته ص 54.
(2)
هو أبو الفتوح بلكين بن زيرى بن مناد الحميرى الصنهاجى، ويسمى أيضًا يوسف، والأول أشهر، وفاته سنة 373 هـ "له ترجمة في وفيات الأعيان جـ1 ص 286 - 287".
(3)
تَوَّز "بفتح أوله وتشديد ثانيه وزاى": بلدة بفارس قريبة من كازرون، فتحها عمر بن الخطاب سنة 19 هـ وهي تَوَّج "انظر مراصد الاطلاع جـ1 ص 180 - 181".
(4)
هو عبد الله بن محمَّد بن هارون التَّوَّزى، ويدعى بالقرشى، أبو محمَّد إِمام في اللغة، وفاته سنة 238 هـ من تصانيفه:"كتاب الأمثال""كتاب الأضداد" و"كتاب النوادر" وغيرها "من مصادر ترجمته: إِنباه الرواة جـ2 ص 126، بغية الوعاة ص 290".
(5)
قال السيوطي في المزهر "جـ2 ص 407": "وأخذ الناس علم العربية عن علماء المصرين "يعني البصرة والكوفة" وكان من برع منهم: أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد التَّوَّجى، ويقال: التَّوَّزِى" وقال أيضًا "جـ2 ص 444" عنه: "واشتهر بالنسبة إِلى بلده تَوَّج أو تَوَّز، وهي بلدة بفارس" وفي "جـ2 ص 401" ذكره بالجيم، وفي "2/ 369، 403" ذكره بالزاى.
وليست هى "القاف المعقودة وإن ادعى مُحشِّى"القاموس" أنها هى (1). -كما يؤُخذ من كلام ابن خلدون (2) - فإِن الذي يفهم من كلام الشيخ الأكبر (3) أن "القاف" المعقودة هى "القاف" الحقيقية، وأن التي بَيْنَ بَيْنَ هى
(1) إضاء الراموس لابن أبي الطيب المغربى جـ3 - مادة "جلنار"- مخطوط بدار الكتب المصرية برقم 396 لغة تيمور، وهذا الجزء غير مرقم الصفحات، وله ميكروفيلم رقم "51151" ويحسن هنا أن أنقل عن ابن أبي الطيب عن "الجُلَّنار" -قال رحمه الله:"الجلنار" بضم الجيم وفتح اللام المشددة- أهمله الجوهرى، وقال الصغانى: هو فارسى معناه: زهر الرمان، وهو معرب "كلنار" بضم الكاف الممزوجة بالقاف والسكون، قال شيخنا "يعني ابن الطيب المغربى محشى القاموس": وهي القاف التي يقال لها المعقودة، لغة مشهورة لأهل اليمن. وقد سأل الحافظ ابن حجر شيخه عن هذه القاف ووقوعها في كلام العرب، فقال:"إِنها لغة صحيحة"، ثم قال شيخنا:(يعني ابن الطيب المغربى محشى القاموس المحيط): "وقد ذكرها العلامة ابن خلدون في تاريخه وأطال فيها الكلام، وقال: إنها لغة مضرية، بل بالغ بعض أهل البيت فقال: لا تصح القراءة في الصلاة إِلا بها، ورأيت فيها رسالة جيدة بخط الوالد، ولا أدرى هل كانت له أو لغيره" ثم نقل شيخنا "يعني ابن الطيب المغربى" عن ابن الأنبارى بعد ما أنشد لبعض المحدثين:
غدت في لباس لها أخضر
…
كما يلبس الورق الجُلَّناره
"ولا أعلم هذا الاسم جاء في شعر فصيح، وإنما هو لفظ محدث، وكأنه جاء على معنى التشبيه، شبَّهوا حمرته بحمرة الجمر، وهو "جل النار" ثم تصرفوا في نقله وتغييره" قال شيخنا "ابن الطيب"، "هذا الكلام مبناه على الخرس والتخمين والحكم بغير يقين، إِذ لا قائل ببقاء "الجلَّ" على معناه العربى فيه، ولا أن "الجلَّ" هو حمرة الجمر، ولا أنه هو الجمر، وكذلك قوله "إِنه كلام محدث"، بل "الجلنار" لفظ فارسى كما يومئ إِليه كلام المصنف "أي صاحب القاموس المحيط" وهو الذي صرح به المصنفون في النباتات والحكماء والأطباء الذين تعرضوا لمنافعه، والمراد من "جُلَّنَار" زهر الرمان ليس إِلا، وهو موضوع وضع الفرس لا يختلف فيه أحد، ولا يقول أحد غيره، لا عن المتكلمين بأصل الفارسية، ولا عمن عَرَّبوه ونطقوا به كالعربية، والمعربات من الفارسية لا تحتاج إِلى ما ذكره من التكلفات كما لا يخفى، انتهى، وانظر تاج العروس جـ3 ص 106 للزبيدى الذي نقل بدوره عن حاشية شيخه ابن الطيب المغربى على القاموس المحيط.
(2)
مقدمة ابن خلدون "جـ2 من تاريخ ابن خلدون" ص 1076 - 1078. وسبق التعريف بابن خلدون 54.
(3)
الشيخ الأكبر هو ابن عربى محيى الدين -راجع ترجمته ص 47.
غير المعقودة التي ذكرها الفقهاء في قولهم في شروط الفاتحة: "لو نطق بالقاف مترددة بين القاف والكاف أو الجيم .. إِلخ" وعبارة "الفتوحات المكية" في الصفحة "752" من الباب "295" من الجزء الثاني: "وأما القاف التي هى غير معقودة ما هى كافٌ خالصة، ولا قافٌ خالصة، ولهذا ينكرها أهل اللسان، فأما شيوخنا في القراءة فإِنهم لا يعقدون القاف، ويزعمون أنهم هكذا أخذوها عن شيوخهم، وشيوخهم عن شيوخهم في الأداء، إِلى أن وصلوا إِلى العرب أهل ذلك اللسان، وهم الصحابة إِلى النبي صلى الله عليه وسلم، كل ذلك أداء، وأما العرب الذين لقيناهم ممن بَقِىَ على لسانه ما تغير -كبنى فَهْم- فإِنى رأيتهم يَعْقِدون القاف، وهكذا جميع العرب. فما أدرى من أين دخل على أصحابنا ببلاد المغرب تركُ عَقْدِها في القرآن؟ " انتهى كلام الشيخ الأكبر في الفتوحات (1).
(1) راجع المكتوب في الحاشية رقم (2) ص 47.