الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في الألف اللينة
*
[الألف اللينة: تعريفها وصورها]:
قالوا: إِن اسم الألف عند الإِطلاق لا ينصرف لغير الليِّنة، وهي التي تُسمَّى الهوائية والهاوى والجَوْفية، لكونها من جَوْف الفم وهوائه؛ أي خَلائه كما قاله في (شرح الجَزَرِية)(1).
وتُسمَّى حَرْفَ مَدِّ.
وكذا تُسمَّى حرف لِين عند النُّحاة، بخلاف القُرَّاء.
ولا يكون ما قبلها إِلا مفتوحًا.
ومِن ثَمَّ لا تتأتَّى فيها جميع الصور الخمس عشرة المتقدمة في الهمزة المتوسطة (2)، وإن كانت تقع حَشْوًا وطرفًا.
ولا تكون في لغة العرب أصلية إِلا في الحروف وما أشبهها من الأسماء المبنية المتوغلة في شبه الحرف، نحو "أَنَّى" و"أُولِى"(اسم إِشارة) و"الأُلى"
(1) الحواشى الأزهرية في حل ألفاظ متن الجزرية، للشيخ خالد الأزهرى، ص 6 (ط المكتبة المحمودية التجارية). وذلك عند قول ابن الجزرى:
فأَلفُ الجوْفِ وأُخْتاها وهي
…
حَروفُ مَدٍّ للهواءِ تَنْتَهى
قال الشيخ خالد: "أحرف المد واللين ثلاثة: الألف مطلقًا والواو الساكنة المضموم ما قبلها والياء الساكنة المكسور ما قبلها، ومخرجها من جوف الفم والحلق ليس لها حيز تنتهى إِليه، بل تنتهى بانتهاء الهواء".
(2)
راجع عن ذلك ص165.
(اسم الموصول بمعنى الذين أو اللاتى) دون الأسماء المعربة والأفعال، فلا تُوجد فيهما حَشْوًا إِلا مُبدلة من إِحدى أختيها الياء والواو، أو من الهمزة. وتُسمى حينئذٍ بالألف المحوّلة، كالتى في "باع" و"قام" و"آمن".
وتارة تكون فيهما زائدة، وتُسمى عند الصرفيين بالمجهولة، وهي كل ألف لإِشباع الفتحة في الاسم أو الفعل. فالتى في الاسم كألف "فَاعِل" و"فَعَال" و"فَاعُول" و"فَعْلان" و"فَواعِل" و"فَعَائل" و"مَفَاعِل". والتي في الفعل مثل "فَاعَل" و"تَفَاعَل".
وأما التي في الطرف فتارة تكون مُبدلة من إِحدى أُخْتَيْها، كالتى في "رَمَى الحَصَى بالعَصا" و"عَفا".
وهذه المبدَلَة: منها ما يُكتب ياءً ولو كانت واوية الأصل. ومنها ما يكتب ألفًا ولو كانت في أصل المادة يائية على ما يأتى (1).
وتارة تكون الألف الطرفية مبدلة من الهمز، مثل "قَرَأ" و"تَوَضَّأ" و"تَبَرَّأ" و"تَجَرَّأ"، فإِن إِبدال الهمزة ألفًا بعد الفتحة عند الوقف قياس مُطَّرِد. وهذه لا تكتب إِلا ألفًا مراعاةً لأصلها، إِلا عند إِجراء المهموز مجرى المعتل، كقولهم:"الجزء الذي لا يَتَجَزّى" فإِنهم قالوا في المصدر "التَّجزّى".
وتارة تكون مبدلة من أحد طرفى التضعيف نحو "تَمطَّى" و"تَلَعَّى" و "تَظنَّى" و"تَقَضَّى" و"تَسَرَّى" و"لَبَّى" و"أَمَلَّى الكتاب" أصلها: " تمطَّط" و" تَلَعَّع " و"تَظَنَّن" و"تَقَضَّض" و"تَسَرَّر" و"لَبَّب" و"أَمْلَلْتُ الكتاب"، بدليل قوله تعالى:{فَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} (2)[البقرة: 282].
ويجوز أن تقول: "تَسَرَّرُتُ" على الأصل، و"تَسَرَّيْتُ " على الإِبدال. وكذا "تظنيت" و"تَظنَّنْتُ"، والبقية. منها قوله تعالى:{وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10]، فالأصل:"دسَّسَها".
(1) سيأتى ذلك ص 232.
(2)
وهي في المصحف {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} . وفي نفس الآية: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} .
وهذه المبدلة من التضعيف تُكتب ياءً لا غير.
وتارة ما يكون بدلًا عن ياء المتكلم كالتى في "يا أَسَفَا" و"يا حَسْرَتَا" و"يَا وَيْلَتَا" و"يا أَبَتَا" ونحو ذلك. وهذه تكتب ألفًا، ويصح كتبها ياءً تبعًا لرسم المصحف (1).
وتارة تكون بدلًا عن إحدى النونات الثلاث السواكن، وهي نون التوكيد الخفيفة ونون "إِذَنْ" والتنوين وهذه سيأتى لها فصل مستقل (2).
وتارة تكون زائدة.
إِما لمعنىً (كالتى للتأنيث في نحو "سَلْمى" كـ "سَكْرَى") أو للإِلحاق في نحو "كِيصَى"(3).
أو للتكثير في نحو "قَبَعْثرى"(4) و"الشَّنْفَرَى"(5)(وهذه تكتب ياءً).
وإما أن تكون زيادتها للإِشباع وبيان الحركة في المبنيات أو غيرها، نحو "بَيْنَا" و"أَنَا" على المذهب البصري الناظر لأفصح لغاتها دون الكوفى.
ومن هذه ألف الإِطلاق، أي إِرسال الصوت بإِشباع الحركة، كقول الرَحْبِى (6):
(1) سيأتى عن ذلك مزيد بيان ص 282.
(2)
راجع ص (276) من الفصل التالى.
(3)
قال ابن منظور في (لسان العرب - كيص): "كاصَ عن الأمر يَكيصُ كَيْصًا وكَيَصانًا وكُيُوصًا: كَعَّ، وكاص عنده من الطعام ما شاء: أكل. وكاصَ طعامه كَيْصًا: أكله وحده قال ابن الأعرابى: الكَيْص: البخل التام. ورجل كِيصى وكيصٌ: متفرد. بطعامه لا يؤاكل أحدًا .. قال ابن سِيده: يحتمل أن تكون ألف كِيَصا للإِلحاق، ويحتمل أن تكون التي هى عِوضٌ عن التنوين في النصب. قال أبو على: يجوز أن يكون قوله: رأتْ رجلًا كيصا الألف فيه ألف النصب لا ألف الإِلحاق).
(4)
القبعثرى: الجمل العظيم وقيل: الفصيل المهزول. وقيل غير ذلك قال بعض النحويين: ألف قبعثرى قسم ثالث من الألفات الزوائد في آخر الكلم، لا للتأنيث ولا للإلحاق (لسان العرب - قبعثر).
(5)
الشنفرى: لقب شاعر مشهور، واسمه عمرو بن مالك الأزدى.
(6)
هو محمَّد بن علي بن محمَّد بن الحسن الرحْبى، أبو عبد الله المعروف بابن المتْقِنة. عالم بالفرائض شافعى، من أهل رحبة مالك بن طوق. مولده سنة 497هـ، وتوفى سنة 577 هـ =
* أَوَّلُ ما نَسْتَفْتح المَقَالا (1) *
وكقول ابن الفارض رضي الله عنه (2):
تِهْ دَلالًا فَأَنتَ أَهْلٌ لِذَاك
…
وتَحكَّمْ فالحُسْنُ قَدْ أَعْطَاكَا (3)
وقول غيره:
* قَضَيْتُ نَحْبًا ولم أَقْضِ الَّذِى وَجَبَا (4) *
وقول الأَخْضَرى (5):
* فَهَاكَ مِن أُصُولِهِ قَوَاعِدَا (6) *
فهذه لا شبهة في كَتْبها ألفًا، كما أَن ألف الإِعراب التي هى علامة رفع المثنى كذلك نحو:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] لكن هذه من حروف المعانى لا من حروف المبانى.
= وهو صاحب الأرجوزة المسماة "بغية الباحث" المشهورة بالرحْبية، في الفرائض قال ياقوت: درَّس ببلده وصنف كتبًا (راجع معجم البلدان جـ3 ص (35)، طبقات الشافعية جـ4 ص 89، الأعلام جـ6 ص 279).
(1)
انظر شرح السبط الماردينى لمتن الرحبية ص5 (مطبوع على هامش حاشية الشيخ محمَّد ابن عمر بن قاسم بن إسماعيل البقرى [توفي 1111 هـ] على شرح الرحبية للسبط الماردينى -المطبعة الحميدية المصرية 1315 هـ). وتمام البيت:
أَوَّل ما نَسْتَفْتُح المقالا
…
بذكْر حَمْدِ ربِّنا تَعَالى
والسبط الماردينى هو محمَّد بن محمَّد بن أحمد الدمشقى القاهرى الشافعى المتوفى سنة 826 هـ (راجع ترجمته في الضوء اللامع جـ9 ص35، الأعلام جـ7 ص 54).
(2)
سبق التعريف بابن الفارض ص 105.
(3)
ديوان ابن الفارض -ص 156 (ط دار صادر - بيروت).
(4)
شطر بيت من البسيط ولم أصل إِليه.
(5)
عبد الرحمن بن محمَّد بن محمَّد بن عامر الأَخضرى المغربى المالكى حكيم منطقى مشارك في أنواع من العلوم. مولده سنة 918 هـ، وتوفى سنة 983 هـ من آثاره:"السلم" -أرجوزة في المنطق. ومختصر في العبادات على مذهب مالك (ترجمته في هدية العارفين جـ1 ص 546، 547، إِيضاح المكنون جـ1 ص 314، 456 الأعلام جـ3 ص 331، معجم المؤلفين جـ5 ص 187).
(6)
السلَّم المرونق في علم المنطق (متن السلم على هامش حاشية الشيخ إِبراهيم الباجورى على السلم ص 24 - 25 وتمامه:
فَهاكَ مِن أُصُوله قَواعدا
…
تجمع من فُنُونه فَوَائِدا