المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة - المطلع على ألفاظ المقنع

[ابن أبي الفتح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌باب الآنية

- ‌باب الاستنجاء

- ‌باب السِّواك

- ‌باب فرض الوضوء وصفته

- ‌باب مسح الخفين

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغسل

- ‌باب التَّيمم

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌مدخل

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب سَتْرُ العَوْرَةِ

- ‌باب اجتناب النجاسات

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب النِّيَّة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌بابُ سجُودِ السَّهْوِ

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌بابُ صلاةِ الكسوفِ

- ‌باب صلاة الاسْتِسْقَاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌مدخل

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الخارج من الأرض

- ‌باب زكاة الأَثْمَان

- ‌باب زكاة العُروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب ذكر أهل الزكاة

- ‌كتاب الصيام

- ‌مدخل

- ‌باب ما يُفْسِدُ الصومَ

- ‌بابُ صومِ التَّطوع

- ‌كتاب الإعتكاف

- ‌كتاب المناسك

- ‌مدخل

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإِحْرَام

- ‌بَابُ محْظُوراتِ الإِحْرَامِ

- ‌بابُ الفِدية

- ‌بابُ جزاءِ الصَّيْدِ

- ‌باب صيدِ الحرمِ ونباتِهِ

- ‌باب دخول مكة

- ‌باب صفة الحج

- ‌بابُ الفواتِ والإحصار

- ‌باب الْهَدْي والْأَضَاحي

- ‌كتاب الجهاد

- ‌مدخل

- ‌باب ما يلزمُ الإمامَ والجيشَ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ الغنائم

- ‌باب حُكْمُ الأَرَضين المغنومَةِ

- ‌باب الفيءِ

- ‌باب الأمان

- ‌باب الهُدْنَةِ

- ‌باب عقدِ الذِّمَّةِ

- ‌باب أحكام الذِمَّةِ

- ‌كتاب البيع

- ‌مدخل

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الخيار في البيع

- ‌بابُ الرِّبا والصَّرْف

- ‌بابُ بيع الأصول والثِّمار

- ‌بابُ السَّلَمِ

- ‌بابُ القرضِ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ

- ‌باب الضَّمان

- ‌بابُ الحوالة

- ‌بابُ الصُّلْحِ

- ‌كتابُ الحَجْرِ

- ‌مدخل

- ‌باب الوكالة

- ‌كتاب الشركة

- ‌مدخل

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الإجارة

- ‌باب السَّبْق

- ‌كتاب العارِيّة

- ‌كتاب الغصب

- ‌مدخل

- ‌باب الشّفعة

- ‌باب الوديعَةِ

- ‌بابُ إيحاءِ المَوَاتِ

- ‌بَابُ الْجَعَالَةِ

- ‌باب اللُّقَطَةِ

- ‌باب اللَّقيط

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الوصايا

- ‌مدخل

- ‌باب الموصى له

- ‌باب المُوصى به

- ‌باب الوصية بالأنصباءِ والأجزاءِ

- ‌باب الموصى إليه

- ‌كتاب الفرائض

- ‌مدخل

- ‌باب ميراث ذوي الفروض

- ‌باب العَصَبَات

- ‌باب أصول المسائل

- ‌باب تصحيح المسائل

- ‌باب المناسخات

- ‌باب قسمِ التَّركات

- ‌باب ذوي الأرحام

- ‌باب مِيراثِ الحَمْلِ

- ‌باب ميراثِ المفقود

- ‌باب ميراث الخنثى

- ‌باب ميراث الغرقى ومن عَمِيَ موتُهُم

- ‌باب ميراث أهل المِلَلِ

- ‌باب ميراث المطلَّقة

- ‌باب مِيراث الْمُعْتَقِ بعضُهُ

- ‌باب الوَلاء

- ‌كتاب العِتق

- ‌مدخل

- ‌باب التَّدبير

- ‌باب الكتابة

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

- ‌كتاب النِّكاح

- ‌مدخل

- ‌باب أركانِ النِّكاح وشروطِهِ

- ‌باب المحرَّمات في النِّكاح

- ‌باب الشروط في النِّكَاح

- ‌باب حكم العيوب في النِّكَاح

- ‌باب نكاح الكفَّار

- ‌كتاب الصّداق

- ‌مدخل

- ‌باب الوليمة

- ‌بابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

- ‌كتاب الخلع

- ‌كتاب الطّلاق

- ‌مدخل

- ‌باب سُنَّةِ الطَّلَاقِ وبِدْعَتِهِ

- ‌باب صريح الطَّلَاق وكنايته

- ‌باب ما يَخْتَلِفُ به عَدَدُ الطَّلَاقِ

- ‌باب الطَّلاق في الماضي والمستقبل

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌باب التأويل في الحلف

- ‌كتاب الرَّجْعةِ

- ‌كتابُ الإيلاء

- ‌كتاب الظِّهَار

- ‌كتاب اللِّعان

- ‌كتاب العدد

- ‌مدخل

- ‌باب في استبراء الإماء

- ‌كتاب الرَّضَاع

- ‌كتاب النّفقات

- ‌مدخل

- ‌باب نفقة الأقارب والمماليك

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌مدخل

- ‌باب شروط القِصَاصِ

- ‌بابُ استِيفَاءِ الْقِصَاص

- ‌باب العفو عن القَصَاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌كتاب الدّيات

- ‌مدخل

- ‌باب مقادير دِيَّات النفس

- ‌بابُ دِيَّات الْأَعْضَاءِ ومَنَافِعِها

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة

- ‌باب الْقَسَامَةُ

- ‌كتاب الحدود

- ‌مدخل

- ‌باب حدُّ الزِّنى

- ‌باب القذف

- ‌باب حدِّ المُسْكِرِ

- ‌باب التَّعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حدّ المحاربين

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتدّ

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌مدخل

- ‌باب الذَّكَاةِ

- ‌كتاب الصَّيد

- ‌كتاب الأيمان

- ‌مدخل

- ‌بابُ جامع الايمان

- ‌باب النَّذْرِ

- ‌كتاب القضاء

- ‌مدخل

- ‌باب أدب القاضي

- ‌بابُ طَريق الْحُكْمِ وصِفَتِهِ

- ‌باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القِسْمَةُ

- ‌باب الدَّعاوِى والبينات

- ‌باب في تعارض البينتين

- ‌كتاب الشهادات

- ‌مدخل

- ‌باب شروط من تقبل شهادَتُهُ

- ‌بابُ موانع الشَّهادة

- ‌باب الشَّهادة على الشَّهادة الرُّجُوعِ عن الشَّهادة

- ‌بابُ اليمينِ في الدَّعاوى

- ‌كتاب الإقرارِ

- ‌مدخل

- ‌باب ما يحصل به الإقرار

- ‌باب الحكم فيما إذا وَصَلَ بإقراره ما يُغَيِّرُهُ

- ‌باب الإقْرَارِ بالْمُجْمَل

- ‌باب ذكر ما في الكتاب من الأسماء

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌آدم عليه السلام

- ‌إبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌لوط عليه السلام

- ‌موسى عليه السلام

- ‌داود النبي عليه السلام

- ‌عيسى ابن مريم عليهما السلام

- ‌عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌عبد الله بن عباس رضي الله عنه

- ‌زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌عِمْرَان بن حصين رضي الله عنه

- ‌صخر بن حرب

- ‌عائشة رضي الله عنها

- ‌هند "بنت عتبة

- ‌عمرو بن ميمون

- ‌مالك بن أنس

- ‌علي بن حمزة

- ‌القاسم بن سَلَّام

- ‌الإمام أحمد بن حنبل

- ‌حنبل بن إسحاق

- ‌أحمد بن محمد الخَلَّال

- ‌عمر بن الحسين

- ‌عبد العزيز بن جعفر

- ‌إبراهيم بن أحمد بن شاقلا

- ‌عبد العزيز التَّميمي

- ‌عبيد الله المعروف ابن بطَّه

- ‌الحَسَنُ بن عبد الله أبو علي النَّجَّاد

- ‌عمر بن إبراهيم العُكْبَري

- ‌أبو حفص العُكْبَرِي

- ‌أبو حفص البرمكي

- ‌الحسن بن حامد

- ‌محمد بن أحمد الهاشمي

- ‌محمد بن الحسين الفرَّاء

- ‌محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني

- ‌علي بن عَقيل

- ‌مؤلف الكتاب المقنع

- ‌الحجَّاج

- ‌آمنة

- ‌تغلب

- ‌هاشم

- ‌المطَّلب

- ‌شَيْبَة

- ‌خاتمة الكتاب والتحقيق

- ‌مصادر ومراجع التحقيق

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة التحقيق

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا ورسولنا، وقدوتنا وقرة أعيننا محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.

وبعد: فإن كتاب "المطلع على ألفاظ المقنع"1، هو العمدة في شرح ألفاظ الفقه الحنبلي، مثاله في ذلك مثال "المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي، في شرح ألفاظ الفقه الحنفي2، و"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للرافعي، في شرح ألفاظ الفقه الشافعي3، و"شرح غريب ألفاظ المدونة" للجبي، في شرح ألفاظ الفقه المالكي4، وقد شرح فيه مؤلفه الإمام العلامة الفقيه، شمس الدين البعلي ألفاظ كتاب

1 وهو، الاسم الوارد في صدر مصورة النسخة الخطية المعتمدة من قبلنا في تحقيق الكتاب، وهو الصواب إن شاء الله؛ لأن البعلي رحمه الله يقول في صدر كتابه، ص "5"، من طبعتنا وص "1"، من طبعة المكتب الإسلامي بدمشق:"فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ كتاب "المقنع" في الفقه، على مذهب الإمام أبي عبد الله، أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، تأليف الإمام أبي محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي، وتقييدها لفظا".

2 وقد قام بتحقيقه الأستاذان: محمود فاخوري، وعبد الحميد مختار، ونشرته مكتبة أسامة بن زيد بحلب.

3 وقد قام بتحقيقه الأستاذ: عبد العظيم الشناوي، ونشرته دار المعارف بالقاهرة.

4 وقد قام بتحقيقه الأستاذ: محمد محفوظ، ونشرته دار الغرب الإسلامي ببيروت.

ص: 5

"المقنع" في فقه الإمام أحمد، للإمام العلامة موفق الدين بن قدامة المقدسي1، وقد أغناه بتحقيقات وتقيدات وفوائد عزيزة، أبانت عن عمق فهمه، وبعد غوره، وسعة اطلاعه في شؤون العربية والفقه على حد سواء، "ولا نستطيع ونحن نقرأ هذا الكتاب العظيم إلا أن نصنف مؤلفه بين المحققين بمفاهيم عصرنا، وحين نتدبر ما كتب فيه ونتمعنه تظهر لنا السِّمَات الآتية في منهجه:

أعنايته بالنسخة الأصلية لكتاب: "المقنع"، الذي شرح ألفاظه وأبان عن حال غريبه، وكان في مقدمة ذلك، احتفاؤه بنسخة المؤلف التي بخطه واعتداده بها واحتجاجه بما كتب فيها.

ب رجوعه إلى كتب المقدسي الفقهية الأخرى، كـ " المغني"، و "الكافي"، و "الروضة".

ج عدم تغييره لعبارة المقدسي، ومحافظته عليها وبيان رأيه في ذلك، وقد التزم المؤلف بذلك منهج السلف، الذين كانوا لا يغيرون ما وقفوا عليه من الأوهام والأخطاء في الكتب، ويؤثرون الحفاظ على رسمها وصورتها، ولو كان فيها ما هو لحن ومخالف للعربية.

والخلاصة فإن البَعْلِيّ -في كتابه هذا- قد رسم لمن بعده معالم للتحقيق، فليس كتابه شرحًا للغريب فحسب، وإنما هو تحقيق لكتاب "المقنع" وتحرير لنصه، وضبط لألفاظه، وتصحيح لما جاء فيه من الأوهام اليسيرة، وتحر لما كتبه المقدسي، وتخريج لعباراته وتوجيه لها الوجهة الصحيحة.

ويتلخص منهج البعلي في كتابه هذا بالأمور التالية:

1 استقراؤه للألفاظ اللغوية في مواطنها ومظانها، فإن وجد شيئًا أتى

1 الذي سبق لنا تحقيقه، ونشرته مكتبة: السوادي بجدة: سنة 1421هـ - 2000 م.

ص: 6

به وعزاه إلى مصدره، وإن لم يجد شيئًا ذكر ما انتهى إليه، وقيد ما رآه في تلك اللفظة ومعناها.

2 الاختصار، والإفاضة في شرحه للألفاظ اللغوية.

3 تفسير اللغة تفسيرا فقهيا، وتأثره بالفقه، حتى إنه ليذكر أحكاما فقهية في شرحه للألفاظ.

4 عنايته بتفسير المقدسي وشرحه للألفاظ، فإن كان التفسير في:"المقنع"، بيَّنه، وإن كان في كتاب من كتبه الأخرى كـ"المغني"، و"الكافي"، و"الروضة" ذكره، وقد ينقل آراء المقدسي من كتبه جميعا.

5 عنايته بذكر المصادر التي نقل عنها، وذلك واضح لمن تصفح الكتاب ونظر فيه.

6 عنايته بتحرير لغة الكتاب، وقد يخرج عبارة المقدسي، وقد يقترح عبارة أفضل منها، وإن لم يجد مخرجًا، فإنه يخطئ المقدسي فيما ذهب إليه.

7 عنايته بآراء اللغويين، واحتفاله بها، ولكن ذلك لم يجعله يطرح آراء الفقهاء جانبًا، بل إنه ليذكر الرأي أو التعريف اللغوي، ويذكر إلى جانبه الرأي أو التعريف الفقهي، فيعرف الشيء لغة واصطلاحا.

8 نظره إلى العرف، وإلى لغة عصره، مع احتفاله بآراء اللغويين والفقهاء، وعنايته بذلك لم يجعله يهمل العرف في تفسير الأشياء"1.

وقد كان معوَّل البَعْلِيّ في شرح ألفاظ كتاب: "المقنع"، على عدد كبير من المصادر اللغوية، نذكر منها ما يلي:

1 عن كتاب: "البعلي اللغوي، وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد"، ص 76-84 للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد، نفع الله تعالى به، باختصار وتصرف وتلخيص.

ص: 7

1 المثلث، لشيخه ابن مالك.

2 الصحاح، للجوهري.

3 المُعَرَّب، للجواليقي.

4 غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلَّام.

5 مطالع الأنوار على صحاح الآثار، لابن قُرْقُول.

6 مشارق الأنوار على صحاح الآثار، للقاضي عياض.

7 بغية الآمال ومستقبلات الأفعال، لأبي جعفر اللَّبْليّ.

8 شرح الفصيح، لمحمد بن طلحة الإشبيلي.

9 كتاب الأفعال، لابن القطَّاع.

10 إصلاح المنطق، لابن السِّكِّيت.

11 تهذيب اللغة، للأزهري.

12 فعلت وأفعلت، لقطرب.

13 المحيط، للصاحب إسماعيل بن عباد.

14 الفرق بين الضاد والظاء، لابن فارس.

15 الغريبين، للهروي.

16 البسيط في التفسير، للواحدي.

17 معالم التنزيل، للبغوي.

18 الفرق بين الحروف الخمسة، لابن السيد البَطَلْيَوسيّ.

19 النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير الجزري.

وغيرها من المصادر الأخرى، التي رجع إليها في مواطن قليلة ولأمور يسيرة1.

1 وقد أفدنا في ذكر أسماء المصادر، التي اعتمد عليها البعليّ في تصنيف "المطلع" من كتاب:"البعلي اللغوي، وكتاباه شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد"، للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد، نفع الله تعالى به، ص: 28-38، باختصار، وتصرف، وتلخيص.

ص: 8

وحين صح العزم منا على تحقيق كتاب: "المقنع" لابن قدامة المقدسي، وباشرنا العمل به، كان لابد لنا من الرجوع إلى كتاب:"المطلع على ألفاظ المقنع" للبَعْلِيّ1، فأفدنا منه فوائد جليلة في فهم نصوص "المقنع"، والكشف عما أراده المقدسي من كتابه، وفي أثناء تصفحنا "للمطلع" ورجوعنا إليه مرات كثيرة، تبين لنا أنه بأمس الحاجة إلى إخراجه إخراجًا جديدًا، وتحقيقه تحقيقًا مفيدًا ينسجم ومناهج المحققين الكبار في أيامنا، وكان لابد لنا لإخراجه محققًا تحقيقًا مرضيا من الاعتماد على نسخة خطية جيدة منه على الأقل، ووفقنا إلى الوقوف على مصورة لنسخة خطية متقنة مضبوطة في خزانة معهد المخطوطات العربية2، ثم قمنا من أجل تحقيقه بالخطوات التالية:

1 نسخ الكتاب بالاعتماد على مصورة نسخته الخطية، التي تقدم الكلام عليها.

2 معارضة المنسوخ على المصورة؛ للتأكد من سلامة النسخ.

3 معارضة المنسوخ على النسخة المطبوعة سابقًا من الكتاب في المكتب الإسلامي بدمشق.

وقد تبين لنا نتيجة لذلك، أن النسخة المعتمدة من قبلنا في التحقيق، وقد رمزنا لها بالحرف "ش"، اختصارًا لاسم مكتبة شستربتي تمتاز بزيادات

1 في طبعته الوحيدة التي أخرجها المكتب الإسلامي بدمشق سنة "1385هـ- 1965م".

2 وقد حصل عليها معهد المخطوطات العربية، من مكتبة شستربتي بدبلن في أيرلندا الشمالية.

ص: 9

كثيرة، وأن النسخة المطبوعة في المكتب الإسلامي بدمشق، وقد رمزنا لها بالحرف "ط"، اختصارًا لكلمة "المطبوعة" تمتاز بزيادات أخرى، فأثبتنا ما أضفناه منها إلى طبعتنا هذه بين حاصرتين في مواطنه، وقد أشرنا إلى ذلك في حواشي التحقيق1.

4 ضبط نصوص الكتاب بالقدر المستطاع.

5 تخريج الآيات، والأحاديث، والأشعار.

6 التعريف بالأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب باختصار، وذكر مصادر التراجم في آخره.

7 رد ما تيسر لنا رده من النقول في الكتاب إلى مظانها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.

8 شرح ما رأينا أنه بحاجة إلى الشرح من الألفاظ.

9 ربط فقرات الكتاب ببعضها، ورد إحالات المؤلف إلى مواطنها من الكتاب بالقدر الممكن، وتمييز الألفاظ التي شرحها المؤلف من كتاب:"المقنع"، بإثباتها بحروف سوداء.

10 إعداد فهرس للمصادر والمراجع، التي استعنا بها في تحقيق الكتاب والتعليق عليه، وآخر لموضوعاته.

ذلك ما قمنا به في تحقيقنا للكتاب، فإن أحسنا فذلك مما عملنا له جاهدين، وإن أخطأنا ووهمنا فذلك شأن الناس في كل زمان ومكان من الوقوع في الخطأ والوهم.

1 وقد تبين لنا أيضا، أن هناك أرجحية في ترتيب أسماء الأعلام، الذين عرف المؤلف بهم في آخر الكتاب على الوفيات لصالح النسخة المطبوعة سابقا في المكتب الإسلامي بدمشق، ولكن ذلك مما لا يضير طبعتنا هذه بشيء، كما هو معلوم لأهل العلم والتحقيق.

ص: 10

وختامًا: نتوجه بالشكر الجزيل لفضيلة الأستاذ المحدِّث، المحقق الفقيه، الشيخ: عبد القادر الأرناؤوط، خادم السنة النبوية بدمشق الشام، لتفضله بالتقديم للكتاب، فجزاه الله تعالى خيرا، ونفع به طلبة العلم من المسلمين.

ولكل من كانت له يد في نسخ الكتاب وتصحيحه وتنضيده، ونخص منهم بالشكر الأستاذ: أسامة بدر الدين مراد، الذي أسهم بتصحيح تجربة الطبع الأخيرة، والأستاذ: صلاح الشعال، الذي أسهم بنسخ الكتاب عن مصورة النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق، والأستاذ: محمد ياسر علوان منضدد الكتاب، الذي صبر صبرًا جميلًا على ما اعترض عملنا من التغيير، الذي لازم القراءات الكثيرة، التي قمنا بها أثناء عملنا في تدقيق الكتاب وتصحيح تجاربه، فجزاهم الله تعالى كل خير وأحسن إليهم.

ولمن كان السبب في طبع الكتاب، وإخراجه في طبعته الجديدة هذه، التي نرجو الله مخلصين أن تحظى بالقبول من العلماء، وطلبة العلم على السواء إن شاء الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

دمشق، الشام، في غرة رجب المعظم، لعام 1423هـ.

المحققان.

ص: 11

ترجمة المؤلِّف*:

هو، محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل، البعليّ، البعلبكي الحنبلي، النحويّ اللغويّ، الفقيه المحدث، أحد مفاخر الحنابلة وبلاد الشام في عصره.

ولد، ببعلبك سنة خمس وأربعين وست مئة1، وفيها نشأ وعاش سنوات حياته الأولى، وشرع بطلب العلم فيها، وسمع من كبار

* ترجمته في: "العبر": 4/ 21، و"معجم الشيوخ": للذهبي: 2/ 324، و"الإعلام بوفيات الأعلام": 297، و"المعين في طبقات المحدثين": 228، و"تذكرة الحفاظ": 4/ 1501، و"برنامج الوادي آشي": 134، و"ذيل طبقات الحنابلة": 2/ 356، و"المقصد الأرشد": 2/ 458، و"الوافي بالوفيات": 4/ 316، و"أعيان العصر": 5/ 51، و"الدرر الكامنة": 4/ 140، و"المنهج الأحمد": 4/ 379، و"ذيول العبر": 47، و"بغية الوعاة": 1/ 207، و"شذرات الذهب": 8/ 38، و"الأعلام": 6/ 326، و"معجم المؤلفين": 3/ 580، و"سير أعلام النبلاء": في القسم غير المنشور منه في مؤسسة الرسالة.

ومن أحسن ما كتب في ترجمته وآثاره، الكتاب الهام الذي أصدرته مكتبة الطالب الجامعي، بمكة المكرمة للأستاذ الفاضل الدكتور: سليمان بن إبراهيم العايد بعنون: "البعلي اللغوي، وكتاباه: شرح حديث أم زرع، والمثلث ذو المعنى الواحد" وقد أفدنا منه فوائد جمة في كتابة هذه الترجمة المختصرة ومقدمة التحقيق.

1 وقيل سنة أربع وأربعين وست مئة، انظر:"الوافي بالوفيات"، و"المنهج الأحمد".

ص: 12

بسم الله الرحمن الرحيم

"‌

‌مقدمة المؤلف

"

رب يسر برحمتك1

قال الشيخ الإمام العالم الأوحد، الصدر الكبير الكامل، شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن أبي الفتح، ابن أبي الفضل "البعلي"2 الحنبلي، تغمده الله برحمته.

الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبويء قائلها دار الأمان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بأوضح حجة وأظهر برهان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وتابعيهم بإحسان، ما اختلف الملوان3، وتعاقب الجديدان4.

أما بعد: فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ في كتاب المقنع5 في الفقه، على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، تأليف الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن

1- في "ط": "رب يسر واختم بالخير يا كريم"

2-

لفظة "البعلي" لم ترد في "ش" واثبتناها من "ط".

3-

الملوان: الليل والنهار، وقيل: هما طرفا النهار، واحدهما ملا مقصور. انظر "لسان العرب""ملا".

4-

الجديدان، ويقال: الأجدان: الليل والنهار، وذلك لأنهما لا يبليان أبدا. انظر "لسان العرب""جدد".

5-

وقد قمنا بتحقيقه ونشرته الدار الناشرة لهذا الكتاب.

ص: 5

قدامة المقدسي 1 وتقييدها لفظًا.

وقد تُذكر ألفاظ تشكل على بعض المبتدئين دون غيرهم، وربما ذكرت فيه إعراب بعض اللفاظات، التي قد يغلط فيها.

وهو مرتب على أبوابه، ولا تؤخر لفظة من باب إلى آخر غالبًا، إلا أن يكون مضافا إليها بعض الأبواب2، كلفظة الغُسل، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونحو ذلك، فتطلب في أول ذلك الباب، وأخرت الكلام على الأسماء الأعلام3، فبدأت باسم النَّبيِّ، صلى الله عليه وسلم، ثم بالأنبياء، عليهم السلام، ثم بالصحابة، ثم من بعدهم على حسب وفياتهم، ثم ختمت بالمصنف رضي الله عنهم، وعلى الله أعتمد، وإليه أتوجه وأستند، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

قوله: "الحمد لله"، الحمد: هو الثناء عليه بجميع4 صفاته، وبينه وبين الشكر عموم وخصوص، فعمومه أنه يكون5 لمسدي النعمة

1 هو، شيخ الإسلام الإمام القدوة، العلامة المجتهد، موفق الدين أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقسدي، الجماعيلي الدمشقي الصالحي، عالم الشام في زمانه، وصاحب كتاب:"المغني"، قال عمر بن الحاجب: هو إمام الأئمة: ومفتي الأمة، خصه الله تعالى بالفضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل، طنت بذكره الأمصار، وضنت بمثله الأعصار، وما أظن الزمان يسمح بمثله، مات سنة 620هـ، انظر:"سير أعلام النبلاء": 22/ 165- 173، و:"المنهج الأحمد": 4/ 148-،165 و:"شذرات الذهب: 7/ 155-163".

2 كذا في "ش": "إلا أن يكون مضافا إليها بعض الأبواب"، وفي:"ط": "إلا أن تكون مضافة إلى بعض الأبواب ثَمَّ"، فاقتضى التنويه.

3 كذا في: "ش""الأسماء الأعلام"، وفي:"ط": "أسماء الأعلام".

4 كذا في: "ش""بجميع" وفي: "ط": "بجميل".

5 زيادة من: "ط""وغيره" في: "ط""ولغيره" بإعادة الجار.

ص: 6

وغيره، وخصوصه أنه لا يكون إلا باللسان، وعموم الشكر، أنه يكون بغير اللسان1، وخصوصه أنه لا يكون إلا لمسدي النعمة، قال الشاعر:"من الطويل"

أفادتكم النَّعْمَاء عندي ثلاثةً

يَدِي ولساني والضمير المُحَجَّبا2

وقيل: هما سواء.

قوله: "المحمود": يجوز جره ورفعه ونصبه، وجره الوجه، وكذلك ما بعده من الصفات.

قوله: "الموجِدِ خَلْقَهُ"، أي: مخلوقاته أنشأها من العدم، على غير مثال لكمال قدرته.

قوله: "وذرَاتِ الرِّمَالِ": الذرات واحدتها ذرَّةٌ، وهي صغرى النمل، ثم استعمل في الرمل تشبيهًا، "ويجوز أن يكون جمع ذرة وهي المرة من ذر، بمعنى مذرورة"3.

وله: "لا يَعْزُبُ": بضم الزاي وكسرها، أي: لا يَبْعُدُ ولا يَغيبُ.

1 أي قد يكون عملًا، يقوم به المنعم عليه تجاه المسدي مكافأة له على جميله ونعمته، قال تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً} سبأ - الآية: "13"، ومما يؤكد هذا المعنى، كما في التاج - شكر"، قول أبي نخيلة: "من الطويل"

شكرتك إنَّ الشكر حبلُ من التقي

وماكُلُّ من أوليته نِعْمَةً يقْضِي

فالشكر يكون عملا ردا على عمل، وانظر البيت أيضًا في: اللسان، و: طبقات الشعراء، لابن المعتز: صفحة "64".

2 أنشده الزمخشري في: "الكشاف": 1/ 7، وقبله:

وما كان شكري وافيًا بنوالكم

ولكنني حاولت في الجهد مذهبا

فقوله: "يدي" أراد عمل يدي، حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.

3 ما بين الحاصرتين سقط من: "ط".

ص: 7

قوله: "وصلى الله": الصلاة من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار، ومن الآدمي: التضرع والدعاء، وقال أبو العالية1: صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء:

قوله: "على سيدنا": السيد: هو الذي يفوق في الخير قومه، قاله الزَّجاج2، وقيل: التَّقِيُّ، وقيل: الحليم، وقيل: الذي لا يغلبه غضبه، وجميع ذلك فيه صلى الله عليه وسلم.

قوله: "مُحَمَّدٍ": سمي محمدًا لكثرة خصاله المحمودة، وهو علم منقول، من التحميد، مشتق من الحميد اسم الله تعالى.

وقد أشار إليه حسان بن ثابت رضي الله عنه بقوله3: "من الطويل"

وشق له من اسمه ليجله

فذو العرش مَحْمُودٌ وهذا مُحَمَّدُ

قوله: "المصطفى": هو الخالص من الخلق كافة.

قوله: "وآله": الصواب جواز إضافته إلى المضمر خلافا لمن أنكر ذلك، وآلُهُ أتباعه على دينه، وقيل: بنو هاشم، وبنو المطلب،

1 هو، رفيع بن مهران الرياحي، البصري المقرئ المفسر، دخل على أبي بكر رضي الله عنه، وقرأ القرآن على أُبَيّ، وكان ابن عباس يرفعه على السرير وقريش أسفل، وفاته رضي الله عنه سنة: 93هـ، بخلف، انظر: ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": 4/ 207، "وشذرات الذهب": 1/ 367.

2 هو، أبو إسحاق، إبراهيم بن السري بن سهل، النحوي الزجاج، كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، وله مؤلفات حسان منها كتاب:"الاشتقاق"، وكتاب:"النوادر"، لزم المبرد حتى استقل مات سنة:"311هـ" انظر: ترجمته في: "سير أعلام النبلاء": 14/ 360، و "شذرات الذهب": 4/ 51.

والزَّجَّاج: نسبة إلى خرط الزُّجاج.

3 انظر: "ديوانه"، تحقيق: د: وليد عرفات: "1/ 306. وفيه: "كيّ يُجِلَّهُ"، بدل "لِيُجِلَّهُ".

ص: 8

وهو اختيار الشافعي، وقيل: آله: أهله، ولو قال في التَّشَهُّدِ: وعلى أهل محمد، أجزأ على الوجهين1.

قوله: "بالغُدوِّ والآصالِ": والغُدُوُّ: نفس الفعل، تقول: غدا غدوًا، عُبِّر بالفعل عن الوقت، والمراد بالغدوات، كما تقول: أتيتك طلوع الشمس، أي وقت طلوعها.

"والآصال" الآصال: جمع أُصُل، والأُصُل: جمع أصيل، وهو ما بين العصر وغروب الشمس2.

قوله: "وايجازه" أي: تقصيره، يقال: أوجز الكلام: إذا قصره، فهو كلام موجَزٌ، وموجِزٌ، وَوَجِيزٌ، وَوَجْزٌ، كله عن الجوهري3.

1 ما بين الرقمين، كذا في:"ش"، ومكانه في:"ط": "والآل"، ويطلق بالاشتراك اللفظي على ثلاثة معان:

- أحدهما: الجند والأتباع كقوله تعالى: {آلِ فِرْعَوْنَ} - "آل عمران: الآية 11، وغيرها من المواضع" - أي أجناده وأتباعه.

- والثاني: النفس كقوله تعالى: {آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} "البقرة الآية: 248"، بمعنى: أنفسهما.

- والثالث: أهل البيت خاصة، وآله: أتباعه على دينه، وقيل: بنو هاشم وبنو المطلب، وهو اختيار الشافعي رضي الله عنه، وقيل: آله أهله، ولو قال في التشهد: وعلى أهل محمد أجزأ في أحد الوجهين، وهو أجود وأوضح لذلك أثبتناه بتمامه.

ويفهم من كلام صاحب: "الإفصاح"، الوزير العالم يحيى بن محمد بن هبيرة، الحنبلي، أن بني هاشم خمسة بطون: آل العباس، وآل عليّ، وآل جعفر، وآل عقيل، وولد الحارث بن عبد المطلب.

و"الإفصاح": مجلدة مفردة من كتاب: "الإفصاح في معاني الصحاح"، الذي شرح فيه ابن هبيرة الصحيحين، انظر:"المنهج الأحمد": 3/ 177- 213.

2 في: "ش": "والغروب الشمس"، والمثبت من:"ط".

3 هو، إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب الصحاح، أبو نصر الفارابي، قال ياقوت كان من أعاجيب الزمان، إماما في اللغة والأدب، جيد الخط، انظر: ترجمته في: "بغية الوعاة": 1/ 446، و:"سير أعلام النبلاء": 17/ 80.

ص: 9

قوله: "وسَطًا بين القصير والطويل"، أي: متوسطا بينهما، قال الواحدي1: الوسط اسم لما بين طَرَفَي الشيء، فأما اللفظ به وبما أشبهه في لفظه: فقال المُبَرِّدُ بن يزيد2: ما كان اسمًا، فهو وسط محرك السين، كقولك: وسط رأسه صلب، وما كان ظرفا، فهو مسكن، كقولك: وسط رأسه دهن، أي: في وَسْطِهِ، وقال ثعلب3: ما اتخدت أجزاؤه فلم يتميز بعضه من بعض، فهو وَسَطَ بتحريك السين، نحو: وَسَطِ الدار، وما التُفَّتْ أجزاؤُهُ مُتَجَاورَةً، فهو وَسْط كالعِقْدِ، وحَلْقَةِ الناس.

وقال الفرَّاء4: الوسط المثقل، "يعني المحرك السين": اسم،

1 هو، علي بن أحمد بن محمد بن علي، أبو الحسن الواحدي، إمام مصنف، مفسر نحوي لازم، مجالس الثعلبي في: التفسير، له:"البسيط"، و "الوسيط"، و "الوجيز"، في التفسير، انظر: ترجمته في: "بغية الوعاة": 1/ 145، و:"سير أعلام النبلاء": 18/ 339، و"شذرات الذهب": 5/ 291.

2 هو، محمد بن يزيد، المبرِّد أبو العباس، إمام العربية بغداد في زمانه، وكان فصيحًا بليغًا مفوهًا، وهو ثقة، وينتمي إلى ثمالة قبيلة من الأزد، وفاته سنة: 285 هـ، انظر ترجمته في:"سير أعلام النبلاء": 13/ 576، و"بغية الوعاة":269.

3 هو، أحمد بن يحيى بن يسار الشيباني، مولاهم البغدادي أبو العباس، إمام الكوفين في النحو واللغة، وكان يعتمد على ابن الأعرابي في اللغة، وعلى سلمة بن عاصم في النحو، وفاته سنة: 291هـ، انظر ترجمته في:"سير أعلام النبلاء": 14/ 5، و"بغية الوعاة": 1/ 396.

4 هو، يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان، الفراء: كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي، أخذ عنه وعليه اعتمد، ومات سنة: 207هـ، له ترجمة في: بغية الوعاة: 2/ 333، و"سير أعلام النبلاء": 10/ 118، و"شذرات الذهب": 3/ 39.

ص: 10

كقولك: رَأْسٌ وَسَطٌ، وربما خُفِّفَ، وليس بالوجه، وجلس وَسْطَ القوم، ولا تقل وَسَطَ، لأنه في معنى: بَيْنَ، وقال الجوهري: وكل موضع صلح فيه بين، فهو: وَسْطَ، وما لم يصلح فيه"بَيْنَ"، فهو: وَسَطَ بالتحريك، وربما سُكِّن وليس بالوجه.

وقال الفَرَّاء: قال يونس: سمعت: وَسْطَ وَوَسَطَ بمعنى1.

قوله: "حجمه": يعني ضخامته.

قوله: "وَفَهْمُه": الفهم بسكون الهاء2 وفتحها، لغتان، كَفلسٍ وَفَرْسٍ.

فصل3

مما تكرر ذكره في الكتاب، خمسة أشياء:

أحدها: "الرِّواية" مثناة ومفردة ومجموعة، كقوله "على روايتين"، "وفيه روايتان".

فالرِّوَايةُ: في الأصل مصدر رَوَى الحديث والشعر ونحوهما رواية: إذا حفظه وأخبر به، وهي ههنا مصدر مطلق على المفعول، فهي رواية بمعنى مَرْوِيَّة، وهي الحكم المروي عن الإمام أحمد رضي الله عنه في المسألة، وكذا هي في اصطلاح أصحاب أبي حنيفة ومالك، وأصحاب الشافعي يعبرون عن ذلك بالقول، فيقولون: "فيها قولٌ، وقولان وأقوال

1 كلمة: "بمعنى"، سقطت من "ط"، ويونس هو: ابن حبيب الضبي البصري، أبو عبد الرحمن، بارع في النحو وفاته، سنة: 182هـ، انظر: ترجمته في: "بغية الوعاة": 2/ 365.

2 الهاء: كذا في: "ط"، وفي:"ش"، "الفاء"، وهو سهو.

3 هذا الفصل بكامله سقط في: "ط"، من موضعه، واستدرك في آخر الكتاب.

ص: 11

للشافعي"، وكل ذلك اصطلاح لا حَجْرَ على الناس فيه.

الثاني: "الوجه" مثني ومجموعا، فيقال، "فيه وجهان وعلى وجهين وثلاثة أوجه"، وهو في الأصل من كل شيء مستقبله، ثم استعمل في غير ذلك، وفي اصطلاح الفقهاء:

الحكم المنقول في المسألة لبعض أصحاب الإمام المجتهدين فيه، ممن رآه فمن بعدهم جاريًا على قواعد الإمام، فيقال: وجه في مذهب الإمام أحمد، أو الإمام الشافعي أو نحوهما، وربما كان مخالفًا لقواعد الإمام إذا عَضَدَهُ الدليل.

الثالث: قوله بعد ذكر المسألة "وعنه"، فهو عبارة عن رواية عن الإمام، والضمير فيه له وإن لم يتقدم له ذكر، لكونه معلومًا، فهو كقوله تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} 1، والضمير للقرآن، مع عدم ذكره لفظًا، فعنه: جار ومجرور متعلق بمحذوف، أي نقل ناقل عنه، أو نقل أصحابه عنه، وفعل ذلك المتأخرون اختصارًا، وإلا فالأصل أن يقال: نَقَلَ عبد الله عن الإمام كذا، أو نقل صَالِحٌ، أو نقل المرُّوذي، كما فعله أبو الخطاب2، وغيره من المتقدمين.

الرابع: التخريج، فيقولون: يتخرج كذا، وهو مطاوع خَرَّجَ3 تقول،

1 سورة القدر: الآية: 1.

2 هو، محفوظ بن أحمد الكلوذاني، له ترجمة في آخر الكتاب، وترجم له العليمي في:"المنهج الأحمد": 3/ 57، وابن العماد في:"شذرات الذهب": 6/ 45، وهو صاحب:"الهداية"، في الفقه.

3 وهو، مُطاوعُ خَرَّجَ: أي صيغة "تَفَعَّلَ"، مأخوذة من صيغة "فَعَّل"، والمطاوعة: هي وقوع الفعل بعد معالجة ومحاولة، كما مثل:"فَعَلَّم" تعني عالجه ليتعلم أو حاول تعليمه، و"تَعَلَّم": ويدل على حصول العلم للمتعلم، والفعل المطاوع لا يكون إلا لازمًا.

ص: 12

خَرَّجَه فَتَخَرَّجَ، كما تقول عَلَّمَهُ فَتَعَلَّمَ، وخرَّجَ مُتَعَدِّي خَرَجَ يخرُجُ، ضد دَخَل يدخُلُ، وهو في معنى الاحتمال وإنما يكون الاحتمال والتخريج إذا فهم المعنى، وكان المُخَرَّج والمُحْتَمِلُ مساويًا لذلك المخرج منه في ذلك المعنى، كما إذا أفتى في مسالتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين، جاز نقل الحكم وتخريجه من كل واحدة منهما إلى الأخرى، ما لم يُعَرَّقْ بينهما أو يَقرُبِ الزمنُ.

الخامس: الاحتمال: وهو في الأصل مصدر احتمل الشيءَ، بمعنى حملهُ، وهو افتعالُ1 منه، ومعناه: أن هذا الحكم المذكورَ، قابل ومتهيءُ لأن يقال فيه بخلافِهِ، كاحتمالِ قبولِ الشهادة بغير لفظِ الشهادة، نحو، أعلمُ أو أَتحقق، أو أجزمُ، فإِنَّه قابل للقول فيه بذلك.

والاحتمال: تَبينُ أن ذلك صالِحٌ، لكونه وَجْهًا، وكثير من الاحتمالات في المذهب، بل أكثرها، للقاضي الإمام أبي يَعْلَى، محمد بن الفَرَّاء، وفي كتابه "المجرد" وغيره.

ومما تكرر فيه قوله: ظَاهرِ المَذْهَب، فالمذهب مَفْعَلٌ من ذهب يذهب، إذا مضى، مقصود به المصدر، أي ظاهر ذهابه، والألف واللام فيه للعهد؛ لأن المراد بذلك مذهب الإمام أحمد، والظاهر: البائنُ الذي ليس يخفى، يعني أنه المشهور في المذهب، كنَقْضِ الوضوء بأكل لحم الجَزُور ولمس الذَكرِ، وعدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة، ولا يكاد يُطلقُ إلا على ما فيه خلافٌ عن الإمام أحمد.

1 وهو، افتِعالُ منه: أي صيغة افتعال منه، وافتعال من افتَعَلَ تعني المصدر ويقولون في صوغه: إنه على وزن ماضيه بكسر ثالثه وإضافة ألف إلى ما قبل آخره: "افتعل: افتعال" مثل: "انتقل: انتِقال".

ص: 13