الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما العربية فللعلماء فيما تنطبق عليه1 ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الإعراب.
والثاني: أنها الألفاظ العربية من حيث هي ألفاظ العرب.
والثالث: اللغة العربية من حيث اختصاصها بأحوال من الإعراب لا يوجد في غيرها من اللغات.
والفرق بينها وبين اللغة وقوع العربية على أحوال كل مفرد ومركب، واللغة لا تطلق على أحوال المركب، كقولك: الجملة في موضع رفع، خبر المبتدأ، بل اللغة عبارة عن ضبط المفردات على ما تكلمت بها العرب وشرح معانيها، والثالث: أشبه بالمراد هنا، والله تعالى أعلم2.
1 كذا في "م" وفي "ش": "تنطلق" وهو سهو والمثبت أجود.
2 عبارة: "والله تعالى أعلم": زيادة من "ط".
باب أدب القاضي
الأدب "بفتح الهمزة والدال": مصدر أدب الرجل "بكسر الدال وضمها لغة": إذا صار أديبًا في خلق أو علم، وقال ابن فارس: الأدب: دعاء الناس إلى الطعام، والمأدبة: الطعام، والآدب بالمد: الداعي، واشتاق الأدب من ذلك، كأنه أمر قد أجمع عليه وعلى استحسانه، فأدب القاضي أخلاقه التي ينبغي أن يتخلق بها، والخلق "بضم الخاء واللام" لصورة الإنسان الباطنة بمنزله الخلق "بفتح الخاء" لصورته الظاهرة.
قوله: "مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ" العنف بوزن قفل ضد الرفق، تقول: عنف عليه وبه "بضم النون".
قوله: "مِن غير ضَعْفٍ" تقدم في باب صلاة أهل الأعذار1.
قوله: "حَلِيمًا" الحلم "بالكسر": الأناة والصفح، فالحليم الذي لا يستفزه غضب ولا يستخفة جهل جاهل، ولا عصيان عاص ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم.
والأناة: التأني فقوله ذا أناة: خبر أخص مما قبله وهو الحلم.
قوله: "ذا أناة وفِطْنَةٍ" الأناة: اسم مصدر من "تَأَنَّى" بالأمر تَأَنِّيًا: أي: ترفق فيه واستأنى به، والاسم الأناة.
والفطنة، كالفهم، قاله الجوهري، وقال السعدي: فطن للأمر فطنة، علمه، وفطن فطانة وفطانية: صار فطنًا.
قوله: "وَرِعًا" قال الجوهري: الورع "بالكسر": الرجل التقي، وتورع من كذا: أي تحرج والورع في الأصل: الكف عن المحارم ثم استعمل في الكف عن المباح، يقال: ورع يرع "بكسر الراء في الماضي والمضارع" وهو أحد ما ألتزم فيه ذلك2.
قوله: "عفيفًا" يقال: عف يعف عفة وعفافًا فهو عفيف: كف عما لا يحل.
قوله: "الفقهاءِ والفضلاءِ والعدولِ" فالفقهاء واحدهم فقيه، وهو العالم بالأحكام الشرعية العملية: كالحل والحرمة، والصحة والفساد.
والفضلاء: واحدهم فضيل وهو أعم من الفقيه؛ لأن الفضيلة أعم من أن تكون في الفقه، فيصح أن يقال: فلان فاضل وإن لم يكن فقيهًا.
والعدول واحدهم عدل، وهو من وصفه المصنف رحمه الله في كتاب
1 انظر ص "133" وهذه الفقرة لم ترد في "ط".
2 هذه الفقرة بتمامها لم ترد في "ط".
الشهادات، ويجوز أن يراد هنا بالعدول، المشهورون بالعدالة والمسمون بها والقائمون بالشهادة على الحكام.
قوله: "لِيَتَلَقَّوْهُ" أي: ليستقبلوه، قال الجوهري: تلقاه: استقبله.
قوله: "أمر بعهده فَقُرِئَ" العهد: الأمان واليمين، والموثق، والذمة، والحفاظ، والوصية وقد عهدت إليه، أي: أوصيته، قال الجوهري: ومنه اشتق العهد الذي يكتب للولاة، فعهد القاضي: الكتاب الذي يكتبه موليه له بما ولاه، ونحوه.
قوله: "ديوان الحُكْمِ" الديوان "بكسر الدال" وحكي فتحها، وهو فارسي معرب وجمعه دواوين: وهو الدفتر الذي يكتب فيه القاضي ما يحتاج إلى ضبطه.
قوله: "مِنَ الزَّلَلِ" الزلل جمع زلة: وهي الخطيئة والسقطة.
قوله: "في أَكْثَرِ مِنْ حُكُومَةٍ" الحكومة "بضم الحاء": القضية المحكوم فيها، أي: لا يقدم في أكثر من قضية1 واحدة.
قوله: "ولا يُسَارَّ" تفاعل من السر، ولا يكون إلا من اثنين2، وهو مجزوم محرك بالفتح لالتقاء الساكنين3.
قوله: "ولا تقدمُ" تقدم في استقبال القبلة، يجوز جزمه ورفعه على الخير.
1 كذا في "ش" وفي "ط": "حكومة".
2 أي هو من الصيغ الدالة على المشاركة.
3 قوله" لالتقاء الساكنين" الساكن الأول الراء الأولى. والساكن الثاني الراء الثانية بعد دخول لا الناهية يمكن أن يفك الإدغام فيقال: ولا يسارِرْ.
قوله: "يجوز له تحرير الدعوى" تحرير كل شيء تقويمه.
قوله: "يرتَشي" تقدم في حكم الأرضين المغنومة1.
قوله: "إلا مِمَّنْ كان يُهدي له" يهدي "بضم الياء" من أهديت الهدية، وحكى الزجاج هدى الهدية يهديها: بفتح الياء.
قوله: "ويُوصِي الوكلاءَ والأعيانَ" واحد الوكلاء: وكيل: وهو المعد لتوكيل الخصم له والأعوان واحدهم: عون"بفتح العين": وهو الظهير والمعين.
قوله: "شيُوخًا أو كُهُولًا" الشيوخ: جمع شيخ، ويجمع على سبعة جموع قد نظمها شيخنا الإمام عبد الله بن مالك فقال: وقد تقدم ذكره في الجهاد، والشيخ: من جاوز الخمسين إلى آخر العمر.
والكهول: واحدهم كهل، بوزن فلس، وهو من جاوز الثلاثين إلى الخمسين.
قوله: "ويَجْعَلُ القِمَطْرَ" القمطر "بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء" أعجمي معرب، وهو الذي تصان فيه الكتب، قال ابن السكيت: ولا يشدد، وينشد:
"من الرجز"
ليس بعلم ما يعي القِمَطْرُ
…
ما العلم إلا ما وعاه الصدر
قوله: "أَمْرُ الْمُحَبَّسِينَ" يقال: حبست الرجل: إذا سجنته، أحبسه حبسًا فهو محبوس، والجمع محبوسون وكن حقه أن يقول: أمر المحبوسين، لكن إذا قصد التكثير شدد، فتقول: حبسته فهو محبس، ويكون التكثير تارة بحسب تعدد من حبس وتارة بتكرر مدة الحبس، فهذا وجه ما ذكرت.
1 انظر ص "259".
قوله: "في تُهَمَةٍ أو افتِئاتٍ" التهمة1: "بوزن همزة" أصلها وهمة، قال الجوهري: وتوهمت ظننت وأوهمت غيري إيهاما، والتوهم مثله، واتهمت فلانًا بكذا، والاسم التهمة.
قال الجوهري: والافتئات، افتعال من الفوت، وهو السبق إلى الشيء دون إئتمار من يؤتمر. تقول: افتأت عليه بأمر كذا، أي: فاته به، وفلان لا يفتات عليه أي: لا يعمل شيء دون أمره.
قوله: "إلا ما خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أَوْ إِجْماعًا":
النص في اللغة: عبارة من الظهور، ومنه سمي كرسي العروس منصة لظهورها عليه، وعند الفقهاء: ما يفيد بنفسه من غير احتمال: كقوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} 2. وقيل: هو الصريح في معناه، وقد يطلق على الظاهر ولا مانع منه لموافقته اللغة، وقد يطلق على الظاهر ما لا يتطرق إليه احتمال يعضده دليل.
والكتاب: كتاب الله تعالى، وهو القرآن المكتوب في المصحف الذي أوله "الحمد" وآخره:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} .
والسنة في اللغة: الطريقة، وفي الشرع، ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا أو تقريرًا.
والإجماع في اللغة: الاتفاق، وقد يطلق بإزاء تصميم العزم، يقال: أجمع فلان رأيه على كذا وفي الشرع: اتفاق علماء العصر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من أمور الدين.
ووجوده متصور، وهو حجة لم يخالف فيه إلا النظام ولا اعتبار بخلافه.
1 التهمة "بفتح الهاء" وقد تسكن الهاء فيقال: التهمة. "المصباح - تهم".
2 سورة البقرة: الآية "196".