الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأذان والإقامة
الأذان في اللغة، الإعلامُ، قال الأزهري: الأذان اسم من قولك أذنت فلانا بأمر كذا وكذا، أُوْذِنُهُ إيذاناً1، أي أعلمته، وقد أذن تأذينًا وأذانًا، أي أعلم الناس بوقت الصلاة فوضع الاسم موضع المصدر، وقال الله تعالى:{وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاس} 2 أي: إعلام واصل هذا من الأذن، كأنه يلقي في آذان الناس بصوته، ما إذا سمعوه علموا أنهم ندبوا إلى الصلاة وهو في الشرع: الإعلام بدخول وقت الصلاة بالذكر المخصوص.
والإقامة مصدر أقام، وهو متعدي قام، فحقيقته: إقامة القاعد.
وهي في الشرع: الإعلام بالقيام إلى الصلاة كأن المؤذن أقام القاعدين، وأزالهم عن قعودهم.
قوله: "وهما فرض على الكفاية": الفرض عند الفقهاء قسمان:
فرض عين، وهو ما وجب على كل واحد، لا يسقط عنه بفعل غيره.
وفرض الكفاية، وهو الذي إذا قام به من يكفي سقط من سائر المكلفين.
قوله: "قَاتَلَهُمُ الِإمَامُ" المراد بالإمام: الخليفة ومن جرى مجراه من سلطان ونائبه.
قوله: "أَخْذُ الأُجْرَةِ": الأجرة: العوض المسمى في عقد الإجارة، قال الجوهري: الأُجْرَةُ: الكِرَاءُ.
1 قال النووي: "الأَذَان" و "التَّأْذِيْنُ و "الأَذِينُ" بمعنى، وهو الإعلام، فزاد الأذين، انظر "تحرير التنبيه" صفحة: 58.
2 سورة التوبة: الآية: 3.
قوله: "رَزَقَ الإمَامُ من بيت المال" أي: أعطي من غير إجارة، قال الجوهري: وابن فارس: الرِّزْقُ: العطاء، والجمع: الأَرْزَاقُ.
قوله: "صَيِّتًا": قال الأزهري: الصيت بوزن السيد والهين، وهو الرفيع الصوت، وهو فَعِيل، من صات، يصوت، كما يقال، للسَّحَاب الماطر، صّيِّب: وهو من صاب يصوب.
قوله: "تَشَاحَّ" تفاعل من الشح، قال الجوهري: الشُّحُّ، البخل مع حرص، يقول شَحِحْت وشَحَحْت "بالكسر والفتح"1: تَشَحُ وتَشُحُّ، وتشاح الرجلان على الأمر، لا يريدان أن يفوتهما، وفلان يشاح على فلان، أي يَضِنُّ به.
قوله: "أَقْرِع بينهما": قال ابن سيده: القرعة، السهمة، وقد اقترع القوم وتقارعوا وقارع بينهم، وأقرع أعلى، وقارعه، فقرعه يقرعه، أي: اصابته القرعة دونه.
وقال الجوهري: القُرْعَةُ "بالضم" معروفة، ويقال: كانت القرعة، إذا قرع أصحابه.
وحكى ابن الجواليقي: وقرع بين نسائه وأقرع، فالظاهر أن اللغتين في كل شيء 2 لعدم الفرق بين النساء وغيرهن.
قوله: "لا تَرْجِيْعَ فيه": الترجيع في الأذان: تكرير الشهادتين، قال الجوهري: والترجيح في الأذان، وترجيح الصوت، ترديده في الحلق، كقراءة أصحاب الألحان.
قوله: "أن يترسل": التَّرَسُّلُ: التأني والتهمل، قال الأزهري: المُتَرَسِّلُ، الذي يتمهل في تأذينه، ويبين تبينا يفهمه من يسمعه، وهو من
1 أي بالنسبة للحاء.
2 كذا في "ش" وفي "ط": "في كل منهما".
قوله: "وَيَحْدُرُ الإِقَامَةَ": قال الجوهري: وحدر في قراءته، وفي أذانه يحدر حدْرًا، أي أسرع، وحكي أبو عثمان1 في "أفعاله"، حدر القراءة أسرعها وأحدرها، ولا فرق بين القراءة والأذان.
قوله: "فإذا بلغ الحَيْعَلَةَ": الحيعلة هنا: قول المؤذن: حي على الصلاة، قال الجوهري: وقد حيعل المؤذن، كما يقال: حولق2، وتَعَبْشَمَ3، مركبا من كلمتين، وأنشد قول الشاعر:"من الطويل"
ألا رب طيف منك بات معانقي
…
إلى أن دعا داعي الصباح فَحَيْعَلا
وقل الآخر: "من الوافر"
أقول لها ودمع العين جار
…
ألم تحزنك حَيْعَلُة المنادِي
قال الأزهري: معنى حيَّ: هَلُمَّ وعَجِّل إلى الصلاة والفلاح4.
والفلاح: هو الفوز بالبقاء، والخلود في النعيم المقيم، ويقال للفائز: مفلح، ولكل من أصاب خيرا مفلح. آخر كلامه.
وقد تتركب "حَيَّ" مع "هَلَا" و "على" فيقال: حَيْ هَلَا، وحي
1 هو أبو عثمان، بكر بن محمد بن بقية المازني، إمام في العربية متسع في الرواية.
له عدة تصانيف منها "علل النحو" و "التصريف" وفاته سنة 247هـ له ترجمة في "شذرات الذهب": 3/ 316 و "بغية الوعاة": 1/ 463 وقوله "الأفعال" ربما أراد به كتابه: "التصريف".
2 حولق: أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله.
3 تعبشم: انتسب إلى عبد شمس أو تعلق بهم بحلف أو جوار أو ولاء.
4 وكذا قال ابن قتيبة "المصباح - حي" والزمخشري في الأساس وأنشد: "من البسيط"
أنشأت أسأله ما بال رفقته
…
فقال حَيَّ فإن الركب قد ذَهَبَا
علا، وفيها عدة أوجه، نظمها شيخنا، أبو عبد الله بن مالك في هذا البيت:"من مجزوء الرجز"
حَيَّهْلَ حَيَّهَلَ احفظ ثم حَيَّهَلا
…
أو نون أو حَيَّهَلْ قل ثم حَيْ عَلا
وهي كلمة استعجال، قال لبيد: أنشده الجوهري: "من الرمل"
يتمارى في الذي قلت له
…
ولقد يسمع قولي حَيَّ هَلْ1
وهي كلمة مولدة، ليست من كلام العرب؛ لأنه ليس في كلامهم، كلمة واحدة فيها "حاء عين" مهملتان، وقال أبو منصور: عبد الملك بن محمد الثعالبي: في
"فقه اللغة": البسملة: حكاية قول: بسم الله2 والسَّبْحَلَةُ: حكاية قول: سبحان الله، والهَيْلَلَةُ: حكاية قول: لا إله إلا الله، والحَوْقَلَة: حكاية قول: لا حول ولا قول إلا بالله، والحَمْدَلة: حكاية قول: الحمد لله، والحَيْعَلَةُ: حي على الصلاة، حي على الفلاح، والطَّلْبَقَةُ: أطال الله بقاءك، والدَّمْعَزة: أدام الله عزك، والجعلفة: جعلني الله فداك.
قوله: "ولَمْ يَسْتَدِر" أي: لم يول ظهره القبلة، سواء كان على ظهر الأرض، أو في منارة في ظاهر كلام الخرقي، وذكر الأصحاب عن الإمام أحمد، فيمن أذن في المنارة روايتين.
قوله: "ويتولاهما معًا" أي: يتولى الأذان والإقامة شخص واحد، وهذا على وجه الاستحباب.
1 البيت في ديوان لبيد صفحة: "183" والتاج واللسان - هلل" والتماري في الشيء والامتراء فيه: المجالة والشك مختصر من حواشي "ط".
2 بسم الله: كذا في "ش" وفي "ط": بسم الله الرحمن الرحيم، وانظر في ذلك "فقه اللغة" للثعالبي: صفحة: "313" وصفحة: "578" وفقه اللغة من معاجم المعاني.
قوله: "ويَجْعَلُ إِصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ": المشهور عن الإمام أحمد، جعلُ إصبعيه في أذنيه وعليه العمل عند أهل العلم، قاله الترمذي: وروى أبو طالب عن أحمد قال: أحب إلي أن يجعل يديه على أذنيه، وهو اختيار الخرقي1.
قول: "فَإِنْ نَكَّسَهُ": "بتخفيف الكاف وتشديدها" بمعنى: قلبه، ذكره الجوهري، وأنكسه لغة حكاها شيخنا ابن مالك رحمه الله.
قوله: "جَلْسَةٌ خَفيفَةٌ": الجَلْسة "بفتح الجيم": المرة من جلس، وبالكسر الهيئة منه.
قوله: "وهل يُجْزِئُ أَذَانُ المُمَيِّز" المميز الذي يفهم الخطاب، ويرد الجواب، ولا ينضبط بسن بل يختلف باختلاف الأفهام.
قوله: "وهل يُعتد بأذان الفاسق والأذان الملحِّن"، قال ابن سيده: في "المحكم" الفِسْقُ: العصيان، والترك لأمر الله تعالى، والخروج عن طريق الحق: فسق، يفسق ويفسق فسقا وفسوقا، وفُسُق بالضم عن اللحياني، وقيل الفسوق: الخروج عن الدين آخر كلامه.
والفَاسِقُ: شرعا من فعل كبيرة أو أكثر من الصغائر، كذا نص عليه "المصنف رحمه الله"2 في "الكافي".
والكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة، نص عليه الإمام أحمد رحمه الله، "وللعلماء فيه ثلاثة عشر قولا يطول ذكرها"3 والأذان الملحن الذي فيه تطريب، قال الجوهري: وقد لَحَّنَ في قراءته، إذا طَرَّبَ بها وغَرَّد.
1 مفرد إِصْبَعَيْة: إصبع وفيه عشر لغات ذكرها المؤلف في شرحه لألفاظ باب السواك.
2 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".
3 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".
قوله: "فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله": في إعرابها خمسة أوجه1، بناء الأول على الفتح ورفعه بالتنوين، فمع بناء الأول يجوز رفع الثاني ونصبه وبناؤه، ومع رفع الأول، يجوز رفع الثاني وبناؤه، ويمتنع نصبه؛ لأنه لا وجه له.
قال الخَطَّابي: معنى لا حول ولا قوة إلا بالله، إظهار الفقر وطلب المعونة منه على كل ما يزاوله من الأمور، أي يعالجه وهو حقيقة العبودية.
وقال ابن الأنباري: الحول: معناه في كلام العرب، الحيلة، يقال ما للرجل حَوْلٌ، وماله احتيال، وماله محالة، وماله مَحَالٌ: بمعنى واحد، يريد أنه لا حيلة له في دفع شيء، ولا قوة له في درك خير إلا بالله، ومعناه التبرؤ من حول نفسه ومن قوته.
وقال أبو الهيثم الرازي2: قوله: لا حَوْلَ أَصْلُهُ: من حال الشيء: إذا تحرك يقول: لا حركة ولا استطاعة إلا بالله، وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: في "تفسيره"3 لا حول عن معصية الله، إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، قال الخطابي: هذا أَحْسَنُ ما جاء فيه.
ويقال: لا حَيْلَ ولا قوةَ: لغة حكاها الجوهري، ويقال: الحَوْقَلَةُ والحولقة، والأول أكثر في كلامهم.
1 انظر "مغني اللبيب" لابن هشام بحاشية الأمير 1/ 195 و"شرح ابن عقيل" 1/ 142.
2 أبو الهيثم الرازي "وهكذا يعرف بكنية ولا يعرف اسمه" نحوي إمام علامة بارع حافظ، له من المصنفات كتاب "الشامل في اللغة" وكتاب "الفاخر في اللغة" أيضا وغيرهما وفاته سنة: 276هـ، ترجمته في:"بغية الوعاة": 2/ 329 و "إنباه الرواة على أنباء النحاة": 4/ 188.
3 كذا في "ش"، وفي "ط": في "تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله".
قوله: "اللهم ربَّ هذه الدعوة التَّامة" إلى آخر الباب، مذهب سيبويه والخليل بن أحمد، وسار البصريين أن أصل "اللهم": يا ألله، وأن الميم بدل من يا، وقال الفراء، أصله: يا الله أُمَّنا بخير1 فحذف حرف النداء، حكى المذهبين الأزهري.
"والدعوة التَّامة": قال الخطابي: في كتاب "شأن الدعاء"2 وصفها بالتمام؛ لأنها ذكر الله تعالى، يدعا بها إلى طاعته، وهذه الأمور التي تستحق صفة الكمال، والتمام، وما سواها من أمور الدنيا، فإنه معرض لنقص والفساد، وكان الإمام أحمد رضي الله عنه، يستدل بهذا على أن القرآن غير مخلوق، قال: لأن ما من مخلوق إلا وفيه نقص.
"والصلاة القائمة": أي: التي ستقوم، وتفعل بصفاتها.
"والوسيلة": منزلة في الجنة، ثبت ذلك في "صحيح مسلم" من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم 3، وقال أهل اللغة: الوسيلة، المنزلة عند المَلِك.
"والمقام المحمود": هو الشفاعة العظمى في موقف القيامة، سمي بذلك؛ لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون، حين يشفع لهم.
"قال أبو إسحاق الزجاج: والذي صحت به الأخبار في المقام المحمود أنه الشفاعة"4.
1 كذا في "ش" وفي "ط": "أُمَّ بخير".
2 أنظر "شأن الدعاء" صفحة: "135" طبع دار المأمون للتراث بدمشق، وقد صنف أستاذنا الدكتور مازن المبارك رسالة موجزة نافعة في بيان معنى "الدعوة التامة" نشرتها مكتبة الغزالي بدمشق يحسن الوقوف عليها.
3 وذلك في سياق الحديث رقم "384" في الصلاة: باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل الله له الوسيلة، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
4 ما بين الحاصرتين زيادة من "ط".