الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصروف؛ لأنه علم، والثاني: مصروف؛ لأنه نكرة، لوصفه "بآخر".
وكذلك كل معرفة وصفت بآخر، فإنها تنكر، والله أعلم.
بابُ صومِ التَّطوع
قال الجوهري: وتطوع: تكلف استطاعته، والتطوع بالشيء: التبرع به.
قوله: "صيامُ أيامِ البيضِ" أيام البيض: هي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وقيل: الثاني عشر: بدل الخامس عشر، حكاه الماوردي، والبغوي وغيرهما. والصحيح الأول. قال المصنف رحمه الله في "المغني": سميت بيضًا، لابيضاض ليلها كله بالقمر. أي: أيام الليالي البيض، وقيل: لأن الله تعالى تاب على آدم فيها، وبيض صحيفته، ذكره أبو الحسن التميمي، آخر كلامه.
فعلى القول الثاني: يكون من إضافة الشيء إلى نفسه؛ لأن الأيام هي البيض والأيام الثلاثة الأول من الشهر: تسمى "الغُرَرَ" والتي تليها "النُّقَلَ"، والتي تليها "التُّسَعَ" والتي تليها "العُشَرَ" والتي تليها "البِيض" والتي تليها "الظُّلَمُ" والتي تليها "الحَنَادِسُ" والتي تليها "الدَّآدِئُ" على وزن مفاتح1، والتي تليها "المُحَاقُ" وقد نظمها الإمام أبو عبد الله محمد بن الموصلي، الملقب بشعلة2 في ثلاثة أبيات وهي:"من المتدارك".
1 مفاتِحَ: كذا في "ش""على وزن مفاتح" وفي "ط""على وزن مساجد".
2 هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الموصلي الحنبلي المقرء العلامة شارح الشاطبية وصنف تصانيف كثيرة منها "الشمعة في القراءات السبعة" قال الذهبي كان شابًا فاضلًا ومقرئًا محققا مات سنة: "656" هـ ترجمته ومصادرها في "شذرات الذهب": "7/ 486".
الشَّهْرُ لياليه قسم
…
لكل ثلاثٍ خص سُمُ
منها غرر نفل تُسَعٌ
…
عُشَرٌ بيضٌ درع ظُلَمُ
فَحَنَادِسُهَا فَدَآدِئِهَا
…
فَمُحَاقٌ ثم فَتَنْخَتِمُ1
قوله: "صومُ يَوْمٍ الإثْنَيْنِ والْخَمِيس" سمي الإثنين بذلك؛ لأنه ثاني الأسبوع. قال الجوهري: ولا ينثي؛ لأنه مثنىً. فإن أحببت أن تجمعه قلت: أثانين.
وسمي الخميس بذلك: لأنه خامس الأسبوع. قال الجوهري: وَجَمْعُهُ: أَخْمِسَاءُ، وأَخْمِسَةٌ.
وحكي ابن النحاس2: خمسان، كرغيف، ورغفان، وحكي عن الفرَّاء، أخامِسَ، فتكون أربَعَةَ جموع3.
"وأتبعه بِسِتٍّ من شوال" ست: أصله سدس "فأبدل من إحدى السِّيْنَيْنِ تاءً وأدغم فيه الدال"4؛ لأن تصغيرها سديسة، وجمعها أسداس. وورد في الحديث الصحيح كذا بغير تاءٍ5، والمراد الأيام؛ لأن العرب
1 فتنختم: كذا في "ش" وفي "ط" فتختتم.
2 هو أحمد بن محمد بن إسماعيل، أبو جعفر المرادي النحوي المصري، من أهل الفضل الشائع والعلم النافع رحل إلى بغداد وأخذ عن الأخفش الأصغر والمبرد ونفطويه والزجاج وسمع بمصر النسائي وفي "س" و"ط":"النحاس" والتصحيح عن "بغية الوعاة" مات سنة: "338" هـ ترجمته في "بغية الوعاة": "1/ 362" صنف كثيرًا ولذلك قالوا: قلمه أحسن من لسانه، من مصنفاته:"إعراب القرآن" و "الكافي في العربية" وغيرهما.
3 الأصح أن يقول: "خمسة جموع"؛ لأن في قول ابن النحاس كما نقله النووي في التحرير: "خمس: كرغف""تحرير التنبيه صفحة: 150".
4 ما بين حاصرتين زيادة من الصحاح.
5 بغير تاء: كذا في "ط" وفي "ش""بغير هاء" والأول أجود لذلك أثبتناه: يقولون: تاء التأنيث لا هاء التأنيث. في شرح مسلم للنووي رحمهما الله كتاب الصيام -باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا لرمضان: قال في شرح: "ستا من شوال". هو صحيح ولو قال ستة جاز أيضًا قال أهل اللغة: صمنا خمسًا وستًا وخمسة وستة وإنما يلتزمون الهاء "أي تاء التأنيث" إذا ذكروه للفظه صريحًا فيقولون صمنا ستة أيام.. الخ.
تُغَلِّبُ في التاريخ الليالي على الأيام. ويحتمل أن يكون على حذف مضافين، أي: وأتبعته بصيام أيام ست، أي: ست ليالٍ، ونَظَيْرُه قوله تعالى:{فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُول} 1. أي: من أثر حافر فرس الرسول.
قوله: "يوم عاشوراء" عاشوراء: اليوم العاشر من المحرم. وعن ابن عباس، هو التاسِعُ، وَنَصَّ الإمامُ أحمد رضي الله عنه، على استحباب صومهما، وعلى أَنَّهُ إذا اشتبه أول الشهر صام ثلاثة أيام. قال القاضي عياض في "المشارق": عاشوراء: اسم إسلامي، لا يعرف في الجاهلية، قال ابن دريد: قال: وليس في كلامهم، فاعولاء. وحكي ابن الأعرابي، أنه سمع خابُورَاء، ولم يثبته ابن دريد، وحكى أبو عمرو الشيباني2 فيه القَصْرَ، وحكى الجوهري: عَشُورَاءَ، فصار فيه ثلاث لغات.
قوله: "ويَوْمَ عرفَةَ، هو التاسِعُ من ذي الحجة" سمي بذلك؛ لأن الوقوف بغرفة فيه، وقيل؛ لأن إبراهيم الخليل صلوات الله عليه، عرف فيه أن رؤياه حق. فاليوم الثامن من ذي الحجة، يوم التَّرْوِيَةِ، والتاسع: يوم عرفة، والعاشر: يوم النَّحْرِ، والحادي عشر: يوم القَرِّ، بفتح القاف
1 سورة طه: الآية "96".
2 هو إسحاق بن مرار، أبو عمرو الشيباني الكوفي وكان يعرف بأبي عمرو الأحمر: كان راوية أهل بغداد واسع العلم باللغة والشعر، له من الكتب "النوادر" و"غريب المصنف" وفاته عام "205" هـ وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في "بغية الوعاة""1/ 439-440".
سمي بذلك لقرار الناس فيه بِمِنًى، والثاني عَشَرَ يوم النفر الأول، والثالث عشر: يوم النفر الثاني، ويسمى: يوم الصدر1، وقد تقدم في صلاة العيدين.
قوله: "عَشْرِ ذي الحجة" المراد به الأيام التسعة التي آخرها يوم عرفة، وسميت التسع عشرًا، من إطلاق الكل على الأكثر؛ لأن العاشر لا يصام. وذو الحجة: الشهر الثاني عشر من السنة، سمي بذلك؛ لأن الحجة فيه، والحِجَّة "بكسر الحاء" وحكي فتحها وذو القعدة:"بالفتح" وحكي فيه الكسر، وجمع ذي الحجة: ذوات الحجة عن النحاس: ويأتي أتم من ذلك في المواقيت.
قوله: "شهر الله المُحرَّم" وهو أول شهور العام، سمي محرما: لتحريم القتال فيه، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه سماه: شهر الله.
قوله: "ويكرَهُ إفرادُ رجَبَ بالصومِ" رجب مصروف: الشهر الفرد من الأشهر الحرم، وسمي رجبًا من التَّرْجِيْبِ: التعظيم؛ لأن العرب كانوا يعظمونه في الجاهلية، ولا يستحلون فيه القتال، ويقال له: رجب مضر: لأنهم كانوا أشد تعظيمًا له، والجمع أرجاب، فإذا ضموا إليه شعبان قالوا: رَجَبَانِ2.
قوله: "يومَ الجمعةِ ويوم السبت، ويوم الشك، ويوم النيروز، والمهرجان".
يوم الجمعة: تقدم في أول باب الصَّلاة.
ويوم السبت: آخر أيام الأسبوع. قال الجوهري: سمي يوم السبت،
1 قال صاحب المصباح: صَدْرُ: مصدر الفعل: صَدَرَ، والاسم: صَدَرٌ بفتحيتين.
2 من باب التغليب.
لانقطاع الأيم عنده، قال: والسَّبْتُ: الراحة. والسبت: الدهر. والسبت: حلق الرأس والسَّبْتُ: إرسال الشعر عن العقص. والسبت: ضرب من سير الإبل: والسبت: قيام اليهود بأمر سبتها.
"ويوم الشك": قال المصنف رحمه الله في "الكافي": هو اليوم الذي يشك فيه، هل هو من شعبان أو من رضمان إذا كان صحوًا.
"ويومُ النَّيْرُوز" و"المِهْرَجَان" عيدان للكفار، وقال الزَّمَخْشَرِيُّ1: النيروز: الشهر الثالث من شهور الربيع "والمهرجان": واليوم السابع عشر من الخريف، ذكره في مقدمة الأدب "والظاهر أنه بكسر الميم"2.
قوله: "ليلَةُ القَدْرِ""وهي بسكون الدال" وفتحها جائز. قال أبو إسحاق الزَّجَّاج3: معنى ليلة القدر، ليلة الحكم، وهي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، آخر كلامه.
وفي تسميتها بذلك خمسة أقوال:
أحدها: لعظمتها من قولهم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه} 4.
والثاني: من التضييق، ومن قوله تعالى:{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} 5 أي: ضُّيِّقَ عليه؛ لأنها ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة.
1 هو أبو القاسم، محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري برع في التفسير والحديث والنحو واللغة والبلاغة مصنفاته في العلوم الدينية واللغة والأدب. تربع على الثلاثين منها "الكشاف" في التفسير و"أساس البلاغة" و"المفصل" في اللغة. وفاته سنة "538" هـ. ترجم له الكثيرون. انظر:"سير أعلام النبلاء": 20/ 151 و"بغية الوعاة": "2/ 279".
2 زيادة من "ط".
3 سبق التعريف به.
4 سورة الأنعام: الآية "91".
5 سورة الطلاق: الآية "7".
والثالث: لما يقدر فيها من الأشياء.
والرابع: أن من لم يكن ذا قدر، صار برؤيتها ذا قدر.
والخامس: أنها نزل فيها كتاب ذو قدر، وتنزل فيها ملائكة ذَوُو قدر، ورحمة ذات قدر.
واختلف الصحابة رضي الله عنهم والتابعون في أي ليلة أخص بها وأرجى على ثلاثة عشر قولًا: أحدها ما ذكر. والثاني: أنها ليلة أول رمضان. والثالث: ليلة سبع عشرة. والرابع: ليلة تسع عشرة.
والخامس: إحدى وعشرين. والسادس، ثلاث وعشرين. والسابع: خمس وعشرين. والثامن: تسع وعشرين. والتاسع: آخر ليلة في رمضان. والعاشر: في أشفاع هذه الأفراد. والحادي عشر: جميع السنة. والثاني عشر: جميع شهر رمضان. والثالثة عشر: أنها تتحول في ليالي العشر كلها، ذكر الأقوال كلها، والثلاثة عشر، الإمام عبد العظيم1 في حواشيه.
قوله: "وأرجاها" بغير همز أَيْ: أكثرها وأشدها رجاءً.
قوله صلى الله عليه وسلم: "عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ" قال الخطابي: العفو: وزنه فعول، من العفو وهو بناء المبالغة. والعفو: الصفح عن الذنوب، وترك مجازاة المسيء وقيل: إن العفو، مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسته، فكأن العافي عن الذنب يمحوه بصفحه عنه "والله سبحانه وتعالى أعلم"2.
1 هو عبد العظيم بن عبد القوي المنذري. له "شرح على التنبيه" و "مختصر سنن أبي داود" وحواشيه و"مختصر صحيح مسلم"، وله "التغريب والترهيب" وهو أشهر كتبه. وفاته رحمه الله سنة:"656" هـ له ترجمة في: "سير أعلام النبلاء": 23/ 319 و "شذرات الذهب": "7/ 479".
2 عبارة: "والله سبحانه وتعالى أعلم" زيادة من "ط".