الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاسم بن سَلَّام
1
القاسم بن سلام، ذكره في حكم الأرضين المغنومة في قوله: قال أحمد: وأبو عبيد.
وهو أبو عبيد القاسم بن سلام "بفتح السين وتشديد اللام" كان أبوه عبدًا روميًا لرجل من أهل هراة. سمع إسماعيل بن جعفر، وشريكا، وإسماعيل بن عياش، وهشيمًا، وسفيان بن عيينة، وابن علية، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، وكان يقصد الإمام أحمد، ويحكي عنه أشياء، وذكره ابن درستويه النحوي فقال: جمع صنوفًا من العلم، وصنف الكتب في كل فن من العلوم والآداب، وكان ذا فضل ودين وستر، ومذهب حسن، روى عن أبي زيد الأنصاري، وأبي عبيدة، وغيرهم، مات سنة أربع وعشرين ومئتين، وقيل سنة اثنتين وعشرين في خلافة المعتصم، والأول قول البخاري رضي الله عنهما.
1 ترجمته وأخباره في: "سير أعلام النبلاء": 10/ 490 و"شذرات الذهب": 3/ 111 و"جامع الأصول": 15/ 71-72.
الإمام أحمد بن حنبل
1
الإمام المبجل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد، بن إدريس بن عبد الله ابن حيان - بالمثناة- ابن عبد الله بن أنس بن
1 ترجمته وأخباره في: "تاريخ يحيى بن معين": 1/ 19- 20 و"التاريخ الكبير": 2/ 5 و"حلية الأولياء": 9/ 161- 233 و"ذكر أسماء التابعين" للدارقطني: 66 و"صفة الصفوة": 2/ 221 و"تهذيب الكمال" - الرسالة -: 1/ 437 و"شذرات الذهب": 3/ 185 و"جامع الأصول": 13/ 66-68، و"المنهج الأحمد": 1/ 69.
عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان، بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة، بن صعب، بن علي، بن بكر، بني وائل، بن قاسط، بن هنب "بكسر الهاء وإسكان النون وبعدها باء موحده" ابن أفصى بالفاء والصاد المهملة، ابن دعمي بن جديلة، بن أسد، بن ربيعة، بن نزار، بن معد، بن عدنان، الشيباني المروزي البغدادي، هكذا ذكره الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادي، وأبو بكر البيهقي وابن عساكر وابن طاهر. وقال عباس الدوري، وابن ماكولا: ذهل بن شيبان، وأنكر ذلك الخطيب، وقال: هو غلط من الدوري. قال الجوهري: وشيبان حي من بكر، وهما شيبانان. أحدهما: شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، والآخر شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة، وهو موافق لما قال الخطيب. وذكره المصنف في أول "المغني"1 فقال: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله ابن حيان بن عبد الله بن ذهل بن شيبان، فأسقط أنس بن عوف بن قاسط بن مازن، أربعة2، وقدم ذهلًا على شيبان، والله أعلم.
حملت به أمه، بمرور وولد ببغداد ونشأ بها وأقام بها إلى أن توفي بها، دخل مكة والمدينة والشام، واليمن والكوفة والبصرة والجزيرة.
قال الحافظ ابن عساكر3: كان شيخًا شديد السمرة طوالًا مخضوبًا
1 انظر "المغني": "1/ 8" بتحقيق الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، والأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو رحمه الله، توزيع وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية.
2 انظر نسبة كاملًا في "المنهج الأحمد" للعليمي: "1/ 70" بتحقيق "محمود الأرناؤوط" طبع دار صادر ببيروت.
3 انظر ترجمته المطولة النافعة في "تاريخ دمشق": "7/ 218-296" بتحقيق الأستاذ الشيخ عبد الغني الدقر، طبع مجمع اللغة العربية بدمشق.
بالحناء، وقيل: كان ربعة، سمع سفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، ويحيى القطان، وهشيمًا، ووكيعًا، وابن علية، وابن مهدي، وعبد الرزاق وخلائق كثرين، ذكرهم الحافظ أبو الفرج بن الجوزي وغيره على حروف المعجم، وروي عنه عبد الرزاق ويحيى بن آدم، وأبو الوليد، وابن مهدي، ويزيد بن هارون، وعلي بن المديني، والبخاري، ومسلم وأبو داود، وأبو زرعة الرازي والدمشقي، وإبراهيم الحربي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم، وعبد الله بن محمد البغوي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأبو حاتم الرازي، وأحمد بن أبي الحواري، وموسى بن هارون، وحنبل بن إسحاق، وعثمان بن سعيد الدارمي، وحجاج بن الشاعر، وخلائق كثيرون، ذكرهم الحافظ أبو الفرج في "المناقب" على حروف المعجم.
روينا عن الشافعي الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس، أنه قال: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدًا أورع ولا أتقى ولا أفقه -وأظنه قال:- ولا أعلم من أحمد بن حنبل.
وعن الربيع بن سليمان قال: قال لنا الشافعي: أحمد إمام في ثقة خصال، إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمم في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة.
وروينا عن الشافعي أنه قال: عند قدومه إلى مصر من العراق، ما خلفت بالعراق أحدًا يشبه أحمد بن حنبل.
وروينا عن إبراهيم الحربي قال: يقول الناس أحمد بن حنبل بالتوهم، والله ما أجد لأحد من التابعين عليه مزية، ولا أعرف أحدًا يقدر قدره، ولا يعرف من الإسلام محله، ولقد صحبته عشرين سنة صيفً وشتاء وحرا وبردًا وليلً ونهارًا، فما لقيته لقاة في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس، ولقد
كان يقدم أئمة العلماء من كل بلد وإمام كل مصر، فهم بجلالتهم مادام الرجل منهم خارجًا من المسجد، فإذا دخل المسجد صار غلامًا متعلمًا، وروينا عنه أيضًا أنه قال: لقد رأيت رجالات الدنيا، فلم أر مثل ثلاثة، أحمد بن حنبل، وتعجز النساء أن تلد مثله، ورأيت بشر بن الحارث من قرنه إلى قرنه مملوءًا عقلا، ورأيت أبا عبيد القاسم بن سلام، كأنه جبل نفخ فيه علم.
وروينا عن عبد الوهاب الوراق، قال: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، قالوا له: وأي شيء بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: حدثنا وأخبرنا.
وروينا عن علي بن المديني أنه قال: سيدي أحمد بن حنبل أمرني أن لا أحدث إلا من كتاب.
وروينا عنه أنه قال: إن الله عز وجل أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث، أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة.
وروينا عنه أنه قال: ما قام أحد بأمر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل1 ما قام أحمد بن حنبل، قلت: يا أبا الحسن، ولا أبو بكر الصديق، قال: ولا أبو بكر الصديق2، إن أبا بكر الصديق كان له أعوان وأصحاب، وأحمد بن حنبل لم يكن له أعوان ولا أصحاب.
وروينا بالإسناد عن أبي عبيد القاسم بن سلام أنه قال: أحمد بن حنبل إمامنا، إني لأتزين بذكره.
1 زيادة من "ط".
2 يحسن أن نذكر هنا بما ورد من الأحاديث الواردة في مناقب الصحابة عامة، ومناقب أبي بكر رضي الله عنه خاصة، فمما ورد بحق الصحابة:"لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفة"، ومما ورد بحق أبي بكر رضي الله عنه:"لو وزن إيمان الخلق بإيمان أبي بكر لرجح إيمان أبي بكر".
وعن أبي بكر الأثرم قال: كنا عند أبي عبيد، وأنا أناظر رجلًا عنده، فقال الرجل: من قال بهذه المسألة؟ فقلت: من ليس في شرق ولا غريب مثله. فقال: من؟ قلت: أحمد بن حنبل، قال أبو عبيد: صدق من ليس في شرق ولا غرب مثله، ما رأيت رجلًا أعلم بالسنة منه.
وعن إسحاق بن راهوية أنه قال: أحمد بن حنبل حجة بين الله وبين عبيده في أرضه.
وقال أيضًا: لولا أحمد بن حنبل وبذله نفسه لما بدلها له لذهب الإسلام.
وعن بشر بن الحارث، أنه قيل له حين ضرب أحمد بن حنبل، يا أبا نصر لو أنك خرجت فقلت إني على رأي أحمد بن حنبل، فقال بشر: أتريدون أني أقوم مقام الأنبياء؟ إن أحمد بن حنبل قام مقام الأنبياء.
وقال أيضًا: أدخل أحمد بن حنبل الكير فخرج ذهبة حمراء.
وروينا بالإسناد إلى بشر، قال: سمعت المعافى بن عمران يقول: سئل سفيان الثوري عن الفتوة، فقال: الفتوة: العقل والحياء، ورأسها الحفاظ1 وزينتها الحلم والأدب، وشرفها العلم والورع، وحليتها المحافظة على الصلوات وبر الوالدين وصلة الأرحام، وبذل المعروف، وحفظ الجار وترك التكبر، ولزوم الجماعة والوقار، وغض الطرف عن المحارم، ولين الكلام، وبذل السلام، وبر الفتيان العقلاء الذين عقولًا عن الله تعالى أمره ونهيه، وصدق الحديث، واجتناب الحلف2 وإظهار المودة، وإطلاق الوجه، وإكرام الجيس، والإنصات للحديث، وكتمان السر، وستر العيوب، وأداء الأمامنة، وترك الخيانة، والوفاء
1 في "ط": الحفظ والمثبت من "ش" وهو أجود.
2 كذا في "ش" وفي "ط": التكلف وكلاهما حسن.
بالعهد، والصَّمت في الجالس من غير عيٍّ، والتواضع من غير حاجة، وإجلال الكبير، والرفق بالصغير، والرأفة والرحمة للمسكين، والصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، وكمال الفتوة: الخشية لله عز وجل، فينبغي للفتى أن يكون فيه هذه الخصال، فإذا كان كذلك كان فتى بحقه.
قال بشر: وكذلك كان أحمد بن حنبل فتى؛ لأنه قد جمع هذه الخصال كلها.
وعن أبي زرة: عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، قال: ما رأت عيني مثل أحمد بن حنبل في العلم والزهد والفقه والمعرفة وكل خير، ما رأت عيناي مثله، وقال أيضًا: ما رأيت أحدًا أجمع منه، وما رأيت أحدًا أكمل منه.
وعن المزي صاحب الشافعي أنه قال: أحمد بن حنبل "يوم المحنة"1. وأبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار2، وعلي يوم صفين.
وعن أبي داود السجستاني، قال: رأيت مئتي شيخ من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس: فإذا ذكر العلم تكلم.
وعن إبراهيم الحربي، قال سعيد بن المسيب في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه، وأحمد بن حنبل في زمانه.
وعن عبد الوهاب الوراق قال: لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فردُّوه إلى عالمه"3.
1 عبارة "يوم المحنة": مستدركة من "ط".
2 يوم الدار: هو اليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر "تاريخ الطبري": "4/ 365- 396".
3 قطعة من حديث وراه أحمد في "المسند": "2/ 181" من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده وإسناده حسن، وهو عند عبد الرازق في "المصنف" "11/ 216-217" ولفظه فيه:"فكلوه إلى عالمه".