الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال محمد: هكذا ينبغي أن يفعله إذا قدم المدينة: أي: وكذا إذا أراد السفر منها خصوصًا في الحالين وهو لا ينافي الزيارة في غيرها صباحًا ورواحًا يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم يعني: بعد تحية المسجد، وقد روى أبو حنيفة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ومن السنة أن تأتي قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة فيستقبل القبر بوجهه ثم يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بقبر النبي وما يستحب من الزيارة والصلاة والدعاء عليه، شرع في بيان فضل الحياء، فقال: هذا
* * *
باب فضل الحياء
بالتنوين أي: في بيان فضل الحياء هو انقباض النفس من شيء وتركه حذرًا من اللوم فيه وهو نوعان، نفساني: وهو الذي خلق الله في النفوس كلها كالحياء عن كشف العورة والجماع بين الناس، وإيماني وهو أن يمنع المؤمن من فعل المعاصي خوفًا من الله تعالى كذا قال السيد الشريف محمد الجرجاني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استحيوا من الله حق الحياء" قلنا: إنا نستحي من الله يا رسول الله والحمد لله قال: "ليس ذلك ولكن الاستحياء من حق الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعي والبطن وما حوى وتذكر الموت والبلي، ومن أراد الآخرة وترك زينة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحى من الله حق الحياء" رواه الترمذي (1) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ووجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق التقرب إلى الله تعالى بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالحياء الإيماني.
949 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن عليٌّ بن حُسين، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مِنْ حُسنِ إسلام المرء تَرْكُهُ ما لا يَعنيه".
قال محمد: هكذا ينبغي للمرء المسلم، أن يكون تاركًا لما لا يعنيه.
(1) الترمذي (2458)(4/ 637).
(949)
صحيح: أخرجه الترمذي في كتاب الزهد باب حدثنا سليمان بن عبد الجبار، وابن ماجه في الفتن باب كف اللسان في الفتنة، وإسناده صحيح.
• أخبرنا مالك، أخبرنا أبن شهاب، أي: محمد بن شهاب بن زهرة بن كلاب الزهري، ثقة فقيه مشهور كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة مات بعد المائة عن عليٌّ بن حُسين، أي: ابن علي بن أبي طالب زين العابدين ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور، قال ابن عيينة عن الزهري: ما رأيت قرشيًا أفضل منه، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من المحدثين من أهل المدينة، مات سنة ثلاث وتسعين وقيل غير ذلك كذا في (تقريب التهذيب) (1) يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مِنْ حُسنِ إسلامِ المرء تَرْكُهُ ما لا يَعنيه" أي: لا ينفعه في دينه ودنياه من قول وعمل، وذكَر في غير ما يتعلق برضا مولاه، والحديث رواه الترمذي (2) وابن ماجه (3) عن أبي هريرة، وأحمد (4) والطبراني (5) عن الحسين بن علي، والحاكم عن أبي ذر وهو من أحاديث الأربعين.
قال محمد: هكذا ينبغي للمرء المسلم، أي: بيان كامل الكامل أن يكون تاركًا لما لا يعنيه يعني ولقوله تعالى في سورة المؤمنون: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3].
* * *
950 -
أخبرنا مالك، أخبرنا سلمة بن صفوان الزُّرقي، عن زيد بن طلحة الرّكاني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن لكل دينٍ خُلُقًا، وإن خُلُقَ الإسلام الحياء".
• أخبرنا مالك، أخبرنا سلمة بن صفوان أي: ابن سلمة الأنصاري الزُّرقي، بضم الزاي وفتح الراء المهملة وبالقاف نسبة إلى زرقة الأنصاري، ثقة كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين المحدثين من أهل المدينة، مات بعد المائة عن يزيد بالتحتيتين بينهما زاي وبعدهما دال مهملة كذا رواه القعنبي وابن القاسم وابن بكير وغيرهم وهو الصواب،
(1) التقريب (1/ 400).
(2)
الترمذي (4/ 558).
(3)
ابن ماجه (2/ 1315).
(4)
أحمد (1/ 201).
(5)
الطبراني في الأوسط (8402) وكذا هو في الكبير (3/ 138) رقم (2886).
(950)
صحيح: أخرجه ابن ماجه (4181)(4182) والطبراني في الصغير (1/ 12) وأبو نعيم في الحلية (5/ 363) والعقيلي في الضعفاء (2/ 201).
وروى يحيى بن الليث زيد بالزاي في أوله ثم تحتية ثم دال ابن طلحة الرّكاني، بضم الراء المهملة والكاف ثم ألف ونون نسبة إلى ركانة، وفي (التمهيد) من طريق وكيع عن مالك عن سلمة بن يزيد بن ركانة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن لكل دينٍ خُلُقًا، بضمتين ويسكن أي: سجية وطبيعة شرعت فيه ولخص أهل ذلك الدين عليها كما ذكره السيوطي وإن خُلُقَ الإسلام الحياء" أي: طبع هذا الدين وسجيته التي بها قوامه (ق 970) أو مروة الإِسلام التي بها جماله الحياء.
* * *
951 -
أخبرنا مالك، أخبرنا مُخْبِرٌ عن سالم بن عبد الله، عن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرّ على رجلٍ يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دَعْه فإن الحياء من الإيمان".
• أخبرنا مالك، أخبرنا مُخْبِرٌ بضم الميم وسكون الخاء وكسر الموحدة ثم راء مهملة أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري كما في (الموطأ) لمالك بن أنس عن سالم بن عبد الله أي: ابن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، يكنى أبا عمر أو عبد الله المدني أحد الفقهاء السبعة كان ثبتًا عابدًا فاضلًا، وكان يشبه بأبيه في الهدي والسمت، وكان في الطبقة الثالثة من كبار طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات في آخر سنة ست بعد المائة كذا في (تقريب التهذيب) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرّ على رجلٍ زاد التنيسي: من الأنصار، ولمسلم من طريق معمر مر برجل من الأنصار، ولمسلم بمعنى اجتاز يعدى بعلى وبالباء وله من طريق ابن عيينة سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا ولا حلف فلما مر به سمعه يعظ أخاه أي: نسبًا أو دينا.
قال الحافظ: لم أعرف اسم الواعظ ولا أخيه في الحياء، أي: يلومه على كثرته وأنه أخبر به ومنعه من بلوغ حاجته وهذا حسن موافق لما في طريف آخر، قال الحافظ: قوله: يعظ أي: ينصح ويخوف أو يذكر كذا شرحوه، والأولى أن يشرح بما عند البخاري في الأدب المفرد من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة عن ابن شهاب: "ويعظه يُعَنِّفُ أخاه في
(951) صحيح: أخرجه البخاري (24) ومسلم (36).