الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسلم في كتاب (الخراج) عن الحسن بن عمارة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر رضي الله عنه: من أحيا أرضًا ميتة فهي له، وليس للمحتجر حق بعد ثلاث سنين، كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم إحياء الأرض بإذن الإِمام أو بغير إذنه، شرع (ق 864) في بيان ما يتعلق بحكم الصلح في الشرب وقسمة الماء، فقال: هذا
* * *
باب الصلح في الشرب وقسمة الماء
في بيان حكم الصلح بضم الصاد المهملة وسكون اللام وبعدها حاء مهملة: اسم يستعمل مذكرًا ومؤنثًا من المصالحة، وهي المسالمة بعد المنازعة. كذا في (صحاح الجوهري)، وفي الشريعة: عقد يرفع النزاع. كذا قاله السيد الشريف محمد الجرجاني أي: حال كونه في الشرب وقسمة الماء الشرب بالكسر النصيب من الماء، وفي الشريعة عن نوبة الانتفاع بالماء سقيًا للمزارع أو الدواب. كذا في (المغرب)، والأصل في هذا الباب ما أخرجه ابن ماجه (1) في (سننه) عن ابن عباس والطبراني في (معجمه) عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار"، وزاد ابن ماجه:"وثمنه حرام"، والمراد بالماء الجزر أي: الموضع الذي انقطع الماء فيه، وبالكلأ: الحشيش الذي ينبت بنفسه من غير أن يذرعه أحد ويسقيه وإن كان في أرض غيره، وبالنار: الاستضاءة والاصطلاء والإِيقاد من لهبها في الصحراء لا الجمر؛ لأنه ملكه.
835 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر، أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سيل مَهْزُور وَمُذَيْنِب:"يُمْسَك حتى يبلغ الكعبين، ثم يُرسل الأعلى على الأسفل".
قال محمد: وبه نأخذ، لأنه كان كذلك الصلح بينهم، ولكل قوم ما اصطلحوا وأسلموا عليه من عيونهم وسيولهم وأنهارهم وشِرْبهم.
(1) ابن ماجه (2/ 826).
(835)
إسناده ضعيف لإِرساله.
• أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي فيها ثقة، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سيل مَهْزُور بفتح فضم وادي بني قريظة وَمُذَيْنِب: تصغير مذنب واد بالمدينة "يُمْسَك بصيغة المجهول أي: يؤاخذ الماء والمعنى الأعلى حتى يبلغ الكعبين، أي: من القدمين ثم يُرسل الأعلى على الأسفل" أي: هلم جرا إلى آخره. قال ابن عبد البر: لا أعلمه متصلًا من وجه من الوجوه مع أنه حديث مدني مشهور عند أهل المدينة يستعمل عندهم معروف معمول به، ومهزور ومذينب واديان بالمدينة قال: وسئل أبو بكر البزار عن حديث الباب، فقال: لست أحفظ فيه بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا ثابتًا، وقد خرج ابن ماجه نحوه من حديث ثعلبة بن مالك القرظي.
وقال البيهقي: إنه مرسل، وثعلبة من الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة. كذا ذكره السيوطي.
قال محمد: وبه نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه عبد الله بن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان كذلك الصلح بينهم، ولكل قوم ما اصطلحوا وأسلموا عليه من عيونهم وسيولهم وأنهارهم وشِرْبهم أي: ونصيبهم أي: لشربهم وذرعهم وسقي دوابهم، وهذا الكلام من الإِمام محمد قد توهم أنه ليس له أصل في الكتاب والسنة، لكن ذكره البغوي في تفسير قوله تعالى في سورة النساء:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} الآية [النساء: 65] حديث البخاري (1): حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري، أخبرني عروة بن الزبير أن الزبير كان يحدث أنه خاصم رجلًا من الأنصار قد (ق 865) شهد بدرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سراح من الحرة إلى سيل منها، وهي حجارة سود في بقعة معروفة بالمدينة كان يسقيان به كلاهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير:"اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك"، فغضب الأنصاري، فقال: يا رسول الله، إن كان ابن عمك، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:"اسق ثم احبس حتى يبلغ الجدر" أي: أصله فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: استوعب للزبير حقه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير أي: فيه مشقة
(1) البخاري (2/ 832).
وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى للزبير حقه في صريح الحكم.
قال عروة: قال الزبير: والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية [النساء: 65].
* * *
836 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عمرو بن يحيى، عن أبيه، أن الضحّاك بن خليفة ساق خليجًا له من العُرَيْض، فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن مَسْلمة، فأبى محمد بن مسلمة، فقال له الضحّاك: لم تمنعني وهو لك منفعة تشرب به أولًا وآخرًا، ولا يضرّك؟ فأبى، فكلَّم فيه عمر بن الخطاب، فدعا محمد بن مَسلمة، فأمره أن يخلّي سبيله، فأبى، فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه، وهو لك نافع تشرب به أولًا وآخرًا ولا يضرك، قال محمد: لا والله، فقال عمر: والله ليمرّن به ولو على بطنك، فأمره عمر أن يجريه.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني، المدني ثقة، كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ثلاثين ومائة عن أبيه، يحيى بن عمارة بن حسن الأنصاري المدني، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة أن الضحّاك بن خليفة الصحابي ساق خليجًا له أي: نهرًا منقطعًا من النهر الأعظم حتى النهر الصغير من العُرَيْض، وهو بالتصغير واد بالمدينة فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن مَسْلمة، رضي الله عنه بفتح الميم وسكون السين المهملة وفتح اللام والميم فهاء صحابي أنصاري مشهور فاضل، مات بعد الأربعين. كذا قاله ابن حجر فأبى أي: امتنع محمد بن مسلمة، فقال له الضحّاك: لم تمنعني أي: من إدخاله وهو لك منفعة تشرب به أي: بسببه أو منه أولًا وآخرًا، والجملة مستأنفة مبينة للمنفعة ولا يضرّك؟ أي: شيئًا فأبى، فكلَّم أي: الضحاك فيه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه فدعا أي: عمر محمد بن مَسلمة، فأمره أن
(836) إسناده صحيح.
يخلّي سبيله، فأبى، فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه، وهو لك نافع تشرب به أولًا وآخرًا ولا يضرك، قال محمد: لا والله، أي: أخليه أن يمر به في أراضي فقال عمر: والله ليمرّن به أي: بالخليج ولو على بطنك، قاله للمبالغة فأمره أي: الضحاك عمر أن يجريه أي: يمر به.
* * *
837 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أنه كان في حائط جدّه ربيعٌ لعبد الرحمن بن عوف، فأراد عبد الرحمن أن يحوّله إلى ناحية الحائط، هي أرفق بعبد الرحمن وأقرب إلى أرضه، فمنعه صاحب الحائط، فكلم عبد الرحمن عمر بن الخطاب، فقضى لعبد الرحمن بتحويله.
• أخبرنا مالك، أخبرنا عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أنه أي: الشأن كان في حائط جدّه أي: بستانه ربيعٌ أي: نهر صغير لعبد الرحمن بن عوف، فأراد عبد الرحمن أن يحوّله إلى ناحية الحائط، أي: من ذلك الحائط هي أي: تلك الناحية أرفق بعبد الرحمن أي: أوفق وأقرب إلى أرضه، بحصص أو قصيرًا فمنعه صاحب الحائط، فكلم عبد الرحمن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه فقضى لعبد الرحمن بتحويله
* * *
838 -
أخبرنا مالك، أخبرنا أبو الرِّجال، عن عَمرة بنت عبد الرحمن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يُمنع نقع بئر".
قال محمد: وبهذا نأخذ، أيُّما رجلٍ كانت له بئر فليس له أن يمنع الناس أن يستقوا منها لشفاههم وإبلهم وغنمهم، فأمَّا لزرعهم ونخلهم؛ فله أن يمنع ذلك، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
(837) إسناده صحيح.
(838)
إسناده ضعيف لإرساله، أخرجه أحمد في المسند (6/ 139، 268) موصولًا، والحاكم (2/ 61)، والبيهقي (6/ 152)، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا أبو الرِّجال، بكسر الراء المهملة وتخفيف الجيم، مشهور بهذه الكنية وهي لقب، كنيته، (ق 866) في الأصل أبو عبد الرحمن، اسمه محمد بن حارثة الأنصاري، ثقة كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة عن عَمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية التابعية، كانت في الطبقة الثالثة من طبقات التابعيات من أهل المدينة، مات بعد المائة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي نسخة: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الحديث مرسل لكنه وصله غير واحد قال:"لا يُمنع بصيغة المجهول نهيًا أو نفيًا نقع بئر" بنون مفتوحة فقاف ساكنة مهملة فضل ماؤها الذي يخرج منها قبل أن يصير في إناء، يعني الرجل يحفرها بالفلاة ويسقي منها مواشيه، فإن سقاها فليس له أنه يمنع الفاضل غيره.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه عمرة بنت عبد الرحمن هنا أيُّما رجلٍ كانت له بئر فليس له أن يمنع الناس أن يستقوا منها أي: من البئر وهو مؤنث، في (القاموس): البئر انثى، وقال صاحب (الكشاف): التاء مقدرة في بعض الأسماء المؤنثة، نحو: أرض ونعل فإن التاء فيها مقدرة، بدليل تصغيرها على أريضة ونعيلة، فإن التاء التي تظهر في المصغر تدل على أن المكبر مؤنث، فإن قيل: لِمَ لَمْ تدخل التاء في لفظ البئر مع أنها تدخل على صفتها في قوله تعالى: {بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} [الحج: 45]؟
أجيب عنه لو أدخلت في لفظها ما يلزم أن تكون البئر مخصوصة معينة، وليست كذلك، فإنها جنس شامل بجميع أفرادها لشفاههم وإبلهم وغنمهم، يقال: هم أهم الشفة أي: الذين لهم من الشرب شفاههم وأن يستقوا دوابهم وصاحب المشافهات على ابن إسحاق الحنظلي؛ لأنه زعم أن ما ذكر من التفسير كله مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه شافهه. كذا في (المغرب). وأمَّا لزرعهم وفي نسخة: فأما بالفاء ونخلهم؛ أي: إذا أرادوا أن يأخذوا من مائها لزرعهم وأشجارهم فله أي: لصاحب البئر أن يمنع ذلك، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالصلح في الشرب وقسمة الماء، شرع في بيان ما يتعلق بحكم حال الرجل يعتق نصيبًا له من مملوك إلى آخره.
* * *