الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمكة أي: كائنًا بمكة أعطاها إياه.
قال محمد: لا ينبغي أي: لا يحل للرجل المسلم أي: العاقل أن يلبس الحريري والديباج والذهب، وكذا الفضة إلا ما استثنى كل ذلك مكروه أي: حرام للذكور من الصغار فيه خلافًا والكبار، ولا بأس أي: لا كراهة به أي: بلبس الحرير وغيره للإِناث، أي: كبارهن وصغارهن ولا بأس أي: لا ضرر أيضًا أي: كما لا حرمة بلبس الحرير لصغار المؤمنات وكبارهن بالهديَّة إلى المشرك المحارب؛ وفي نسخة: للمشرك باللام بدل إلى لكنها لغيرها أولى ما لم يُهدَ إليه سلاحٌ أي: آلة حرب أو درع، أي: آلة الحفظ، وهو قميص من حديد يلبس عند المحاربة تحصنًا به من السهام والسيف، وفي نسخة: أو كراع بضم الكاف وفتح الراء المهملة فألف وعين مهملة، اسم جنس يشمل الخيل والحمير والبغال، وهو آلة الحرب، فيكره للمسلم أن يباع آلة الحرب ويهديها للحربي؛ لأنها تؤدى إلى خروجهم على أهل الإِسلام وطغيانهم، وكلمة "أو" للتنويع لا للشك، وهو أي: عدم جواز لبس الحرير لذكور المؤمنين وإهداء الحربي للحربي وجوازهما لغيرهما قولُ أي حنيفة، والعامة من فقهائنا أي: من أهل الكوفة، من أتباع أبي حنيفة.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم لبس الحرير لذكور المسلمين، شرع في بيان ما يتعلق بلبس الخاتم من ذهب، فقال: هذا
* * *
باب ما يكره من التختم بالذهب
في بيان حكم ما يكره أي: تحريمًا من التختم بالذهب أي: في حق ذكور المؤمنين، ووجه المناسبة بين الباب وبين الباب السابق حرمة لبس الحرير والذهب لذكور المؤمنين محمد قال:
871 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني كنتُ ألبس
(871) أخرجه البخاري (6651) ومسلم (2091) والترمذي (1741) والنسائي (5164) وأحمد (5817).
هذا الخاتم"، فنبذه، وقال: "والله لا ألبسه أبدًا"، قال: فنبذ الناس خواتيمهم.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا ينبغي للرجل أن يتختم بذهبٍ ولا حديد ولا صُفْر، ولا يتختم إلا بالفضة، فأما النساء فلا بأس بتختم الذهب لهن.
• أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، العدوي مولاهم أي: سيدهم يكنى أبا عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر معتقه، ثقة كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة سبع وعشرين ومائة عن ابن عمر، رضي الله عنهما قال: اتخذ أي: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا بفتح التاء الفوقية وبكسرها ما يختم به من ذهب، وللنسائي من وجه آخر عن ابن عمر: اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب فلبسه ثلاثة أيام، وفي الصحيحين عن ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه: أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ورق يومًا واحدًا ثم ألقاه، فان كان قوله: من ورق وهما من الزهري جرى على لسانه لفظ ورق. كما نقله عياض عن جميع أهل الحديث، وصوابه من ذهب كما ثبت ذلك هنا من غير وجه عن أنس وابن عمر فيجمع بأن قول أنس: يومًا واحدًا ظرف لرؤية أنس لا (ق 902) لمدة اللبس.
وقول ابن عمر: ثلاثة أيام ومدة خاتم الفضة يومًا واحدًا كما قال أنس، ولا ينافيه رواية الصحيح: سئل أنس رضي الله عنه: هل اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتمًا؟ فقال آخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل ثم أقبل علينا بوجهه، فكأني أنظر إلى وبيض خاتمه لحمله على أنه مرآة في تلك الليلة كذلك، واستمر في يده بقية يومه ثم طرحه في آخر ذلك اليوم، كما نقله الزرقاني (1) عن الحافظ ابن حجر فقام أي: ثم قام كما في (الموطأ) لمالك رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: خطيبًا.
وفي رواية ثم جلس على المنبر فقال: "إني كنتُ ألبس هذا الخاتم"، أي: قبل ذلك لكونه صباحًا فنبذه، أي: فطرحه لما حرم عليه بوحي واجتهاد وقال: "والله لا ألبسه أبدًا"، قال: أي: أنس رضي الله عنه فنبذ الناس خواتيمهم تبعًا، وفي الصحيحين (2) عن نافع عن ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من ذهب وجعل فصه مما يلي كفه، فاتخذ الناس فرمى به، وقال:"لا ألبسه" أبدًا ثم اتخذ خاتمًا من فضة، فاتخذ الناس خواتمهم الفضة.
(1) انظر: شرح الزرقاني (4/ 403).
(2)
أخرجه: البخاري (5865) ومسلم (2091).