الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نور المسلم" (1) رواه الأربعة، وقال الترمذي: حسن، وروى مسلم (2) من طريق قتادة عن أنس قال: كان يكره نتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته.
وقال بعض العلماء: لا يكره نتفه لشيبه إلا على وجه (ق 958) التزين.
وقال ابن العربي: وإنما نهى عن النتف دون الخضب؛ لأن فيه تغيير الخلقة من أصلها بخلاف الخضب فإنه لا يغير الخلقة على الناظر إليه والله أعلم، كذا قاله علي القاري في (شرح الشمائل) للترمذي.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالخضاب، شرع في بيان ما يتعلق بحكم حال الوصي، فقال: هذا
* * *
باب الوصي يستقرض من مال اليتيم
في بيان حال الوصي يستقرض من مال اليتيم، وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق العمل بالاحتياط.
938 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: سمعتُ القاسم بن محمد يقول: جاء رجل إلى ابن عباس فقال له: إن لي يتيمًا وله إبل، أفأشرب من لبن إبله؟ فقال له ابن عباس: إن كنتَ تبغي ضالة إبله، وتَهْنَأ جَرْبَاها، وتليط حوضها، وتسقيها يوم وِرْدِها، فاشرب غير مضر بنَسل، ولا ناهكٍ في حَلب.
قال محمد: وبلغنا أن عمر بن الخطاب ذَكر والي اليتيم، فقال: إن استغنى استعف، وإن افتقر أكل بالمعروف قرضًا.
(1) أخرجه أبو داود (4/ 85) رقم (4202) والترمذي (5/ 125) رقم (2821) والنسائي (8/ 136) وابن ماجه (3721).
(2)
مسلم (2341).
(938)
إسناده صحيح.
وبلغنا عن سعيد بن جبير أنه فسَّر هذه الآية {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} قال: قرضًا.
• أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: سمعتُ القاسم بن محمد أي: ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة، يقول: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال له: إن لي يتيمًا وهو من الإِنسان صبي مات أبواه ومن الحيوان ولد مات أمه كما بيناه في كتابنا (نور الأفئدة) في تفسير سورة الضحى وله إبل، أفأشرب من لبن إبله؟ يحتمل أن يكون خبرًا وأن يقدر استفهامها وعلى كل تقدير فمراده الاستفتاء فقال له أي: للرجل الخبر عن اليتيم إن كنتَ تبغي ضالة إبله، أي: أن تطلب ما فقد من إبله وضاع من ماله وتخدم بحاله وتَهْنَأ بفتح الفوقية وسكون الهاء وتثليث النون وبعدها همزة أي: تطلي جَرْبَاها، أي: إبله الجرباء بالقطران وتليط حوضها، أي: تطينه وتصلحه، وفي (الموطأ) لمالك برواية يحيى: بلفظ بضم اللام وتشديد الطاء أي: تطينه كذا قاله السيوطي وتسقيها يوم وِرْدِهما، بكسر الواو أي: شربها فاشرب أي: من لبن إبله فإنك تستحقه بخدمتك غير مضر أي: حال كونك غير ضار بنَسل، أي: بالولد الرضيع ولا ناهكٍ بكسر الهاء أي: غير مبالغ في حَلب بفتحتين أي: اللبن المحلوب وبتسكين اللام كذا ذكره السيوطي عن سعيد بن زيد الباجي المالكي، والمراد به الأول فتأمل غير مستأصل اللبن.
قال محمد: وبلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذَكر والي اليتيم، بفتح الواو وبعدها ألف وكسر اللام وفتح التحتية منصوب مضاف إلى اليتيم أي: ذكر عمر من الذي تولى بأمور اليتيم؟ فقال: إن استغنى أي: إن كان ولي اليتيم غنيًا استعف، أي: فليتنزه عن أكل مال اليتيم، واستعف أبلغ من عف كأنه يطلب زيادة العفة وإن افتقر أي: إن احتاج إلى أكل مال اليتيم أكل أي: فليأكل منه بالمعروف قرضًا تميز أي: بطريق القرض ولعله محمول على ما إذا لم يكن له خدمة في مقابلة لئلا يناقض بالعدم أو على الأفضل والأكمل.
وبلغنا أي: بلغنا أيضًا عن سعيد بن جبير أي: الأسدي مولاهم الكوفي ثقة ثبت فقيه كان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين والمحدثين من أهل الكوفة، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين وهو ابن سبع وخمسين وقيل: تسع وأربعين أنه فسَّر هذه الآية
أي: في سورة النساء: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا} أي: من كان من الأولياء أو الأوصياء غنيًا {فَلْيَسْتَعْفِفْ} أي: فليطلب العفة من نفسه يعني: ليمتنع عنِ أكله اغتناء بماله ويقنع به ولا يطمع في مال اليتيم إشفاقًا (ق 959) عليه وإبقاء على ماله {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا} أي: كان من الأولياء أو الأوصياء محتاجًا {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أي: بقدر حاجته الضرورية وأجرة سعيه وخدمته وفي لفظ الاستعفاف والأكل بالمعروف ما يدل على أن للوصي حقًا لقيامه عليه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا قال له صلى الله عليه وسلم: إن في حجري يتيمًا أفآكل من ماله؟ قال: "بالمعروف وغير متأثل مالًا ولا وارق مالك بماله" غير متأثل بضم الميم وفتح الفوقية والهمزة وكسر الثاء المثلثة المشددة ثم اللام أي: لك أيها السائل أن تأكل من مال اليتيم بالمعروف غير آخذ ماله كله قوله: ولا وارق مالك بماله أي: وليس لك أيها السائل أن تحفظ مالك مازجًا به في ماله وقال أي: سعيد بن جبير: قرضًا عن مجاهد: يستلف فإذا أيسر أدى، وعن سعيد بن جبير: إن شاء شرب فضل اللبن وركب البعير ولبس ما يستره من الثياب وأخذ القوت ولا يجاوزه فإن يسر قضاه وإن أعسر فهو في حل، كذا قاله أبو السعود في تفسير هذه الآية.
* * *
939 -
قال محمد: أخبرنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن صِلَة بن زُفَر: أن رجلًا أتى عبد الله بن مسعود، فقال له: إنه أوصى إلى يتيم، فقال: لا تشترينّ من ماله شيئًا، ولا تستقرض من ماله شيئًا.
قال محمد: والاستعفاف عندنا عن ماله أفضل، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• قال محمد: أخبرنا سفيان الثوري بن سعد بن مسروق الثوري يكنى أبا عبد الله الكوفي، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، كان في الطبقة السابعة من طبقات التابعين من أهل الكوفة وكان ربما يدلس، مات سنة إحدى وستين ومائة وله أربع وستون سنة عن أبي إسحاق، أي: الشيباني هو سليمان بن سليمان الكوفي، ثقة كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل الكوفة وهي في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة،
(939) إسناده صحيح.