الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم
-
في بيان صفة النبي صلى الله عليه وسلم أي: صفة خلقه وجماله وكماله في اعتدال خلقته وحاله إجمالًا، وإنما قدم باب فضائل الأصحاب على باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم توطئة لهذا الباب كتقدم الجيش قدام الأمير في سبيل الله.
947 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمْهق، وليس بالآدم، وليس بالجَعْد القَطَطَ، ولا بالسّبط، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: أخبرنا مالك، أخبرنا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، التيمي مولاهم، يكنى أبا عثمان المدني المعروف بربيعة الرأي واسم أبيه فروخ، ثقة فقيه مشهور قال ابن سعد: كانوا يثقونه لوضع الرأي (ق 967) كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات سنة ست وثلاثين ومائة كذا قاله الحافظ العسقلاني (1) أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس بالطويل الجملة خبر كان والمناسب هنا مذهب غير ابن الحاجب أنها لنفي مضمون الجملة لا ماضيًا كما هو مذهبه حتى يحتاج إلى تكلف حكاية حال ماضية قصد بها دوام نفسها البائن بالهمزة ووهم من جعله بالياء وهو اسم فاعل من بان أي: ظهر على غيره أو من باء بمعنى بعد والمراد أنه لم يكن بعيدًا من التوسط أو من باب بمعنى فارق من سواه، لأن من رآه يتصور أن كل واحد من أعضائه مبان عن الآخر، أو لأنه بائن الاعتدال، أو لأن طوله يظهر عند كل أحد ولا بالقصير، أي: المتردد الداخل بعضه في بعض، والمعنى أنه كان متوسط بين الطول والقصر لا زائد الطول ولا القصير، وفي نفي
(947) صحيح: أخرجه البخاري (3548) ومسلم (2347) والترمذي (3623) وأحمد في المسند (3/ 240) والبيهقي في الدلائل (7/ 236).
(1)
في التقريب (1/ 207).
أصل القصر ونفي الطول البائن لا أصل الطول إشعارًا بأنه صلى الله عليه وسلم كان مربوعًا مائلًا إلى الطول وأنه كان في الطول أقرب، كما رواه البيهقي وكذا رواه الذهلي بالذال المعجمة بإسناد حسن عن أبي هريرة: كان ربعة إلى الطول أقرب، وكذا رواه الذهلي وجمع بين النفيين لتوجه الأول إلى الوصف أي: ليس طوله مفرط ففيه إثبات الطول فاحتج للثاني وذلك صفته الذاتية فلا يرد أنه كان إذا ما مات الطويل زاد عليه لأنه معجزة حتى لا يتطاول عليه أحد صورة كماله يتطاول عليه معنى وليس بالأبيض الأمْهق، بفتح الهمزة والهاء بينهما ميم ساكنة آخره قاف أي: ليس شديد البياض كلون الجص، وقد ثبت أنه كان أبيض مشربًا أي: مختلطًا بحمرة فالنفي يتوجه إلى: الوصف فقط كما تقدم وفي نسخة: ولا بالأبيض بلا بدل ليس كما في (الشمائل للترمذي) وليس بالآدم، بمد الهمزة فإن أصله أأدم بهمزتين قلبت الثانية ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها أي: ولا شديد السمرة وإنما يخال بياضه الحمرة.
وفي الصحيحين من وجه آخر عن ربيعة عن أنس أزهر اللون أي: أبيض مشرب إلى الحمرة والأشرب خلط لون بلون آخر، والمراد أن حمرته لم تكن غالبة على بياضه بل العكس الذي هو المطلوب في لون المحبوب، هذا أصح الأقوال من رواية لون رسول الله صلى الله عليه وسلم ومطابق بوصف وجهه الكريم، فإن العبد الفقير إلى شفاعته العظيم، والله لقد رأيت في المنام في شهر جمادى الأخرى من سنة اثنين وستين ومائة وألف كان لون وجهه الكريم لون الحنطة الصيفي وليس أي: شعره صلى الله عليه وسلم بالجَعْد بفتح الجيم وسكون العين المهملة من الجعودة وهي في الشعر أن يتكسر تكسرًا تامًا ولا يترسل والقَطَطَ، بفتحتين وبكسر الثاني وهو شدة الجعودة كشعر الحبشي والزنجي ولا بالسَّبط، بفتح السين المهملة وكسر الموحدة أي المنبسط المسترسل، والمراد أن شعره صلى الله عليه وسلم ليس نهاية في الجعودة وهي لكثرته الشديدة ولا في البسوطة بعثه الله أي: أظهر أمره وأعلى قدره أو أرسله إلى الخلق للنبوة والرسالة وتبلغ الأحكام (ق 968) والحكم للأمة، قيل: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وأنزل عليه الوحي يوم الاثنين، وخرج من مكة مهاجرًا يوم الاثنين على رأس أربعين سنة، حال من المفعول وقيل: على بمعنى في وقيل: الرأس مقحم ويؤيده ما في رواية البخاري: أنزل عليه الوحي وهو ابن أربعين سنة، قال شارح الحديث: المراد بالرأس الطرف الأخير منه لا عليه الجمهور من أهل السير والتواريخ من أنه بعث بعد استكمال أربعين سنة، قال