الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال السهيلي: وهو غريب لم يسبقه إليه أحد في تأويل الحديث، وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به وتابعه الليث عن نافع عند مسلم بدون ذكر التفسير وعبيد الله عن نافع كما علم كذا قاله الزرقاني.
قال محمد: هذه البيوع كلها مكروهة، أي: تحريمًا ولذا قال: ولا ينبغي أي: ولا تجوز مباشرتها لأنها غرر عندنا، أي: لا يدري أيخرج أم لا يخرج، فإن خرج لم يدر أيكون حسنًا أم قبيحًا أو تامًا أو ناقصًا عندنا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر (1) أي: مطلقًا، وهو يشمل هذه البيوع كلها ونحوها. كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم بيع الغرر، شرع في بيان حكم بيع المزابنة، فقال: هذا
* * *
باب بيع المزابنة
في بيان حكم بيع المزابنة بضم الميم وفتح الزاي فألف ثم بالموحدة المفتوحة والنون فهاء على وزن المفاعلة من الزبن، وهو الدفع الشديد، ومنه الزبانية ملائكة النار، فإنهم يزبنون الكفرة فيها، أي: يدفعون ويقال للحرب: زبون، لأنها تدفع أبنائها للموت، وناقة زبون إذا كانت تدفع حالبها عن الحلب، سمي به هذا البيع المخصوص؛ لأن كل واحد من المتبايعين يزبن، أي: يدفع الآخر عن حقه بما يزاد منه، فإذا وقف أحدهما على ما يكره تدافعًا، فيحرص أحدهما على فسخ البيع والآخر على إمضائه، كذا قاله الفاضل السيد محمد الزرقاني.
778 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المُزَابَنة، والمزابنة: بيع الثَّمر بالتَّمر كيلًا، وبيع العنب بالزبيب كيلًا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا مالك، قال: حدثنا نافع، بن عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة ثبت فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين
(1) تقدم أيضًا.
(778)
صحيح، أخرجه البخاري (2073)، ومسلم (1539).
والمحدثين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المُزَابَنة، قد مر آنفًا تفسير المزابنة، ورواه الشيخان والنسائي وابن ماجه عنه أيضًا كذلك، وفسرها ابن عمر فقال: والمزابنة: بيع الثمر بفتح المثلثة والميم فراء مهملة، أي: الرطب على النخل ولابن بكير بيع الرطب بالتمر بالتاء الفوقية وسكون الميم اليابس وقيل: بيع التمر (ق 813) بالتمر على الشجر كيلًا، أو موزونًا وبيع العنب بالزبيب كيلًا كما رواه مسلم عن عبيد الله عن نافع قوله: كيلًا قيد لهما، لما رواه أبو داود (1) عن ابن عمر أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر كيلًا، وعن بيع العنب بالزبيب، وعن بيع الزرع بالحنطة، وفي الحديث دلالة على أن تفسير الحديث الأول مرفوع. كذا قاله علي القاري.
ووقع في رواية إسماعيل عن مالك: وبيع الزبيب بالكرم كيلًا من باب القلب، فالأصل إدخال الباء على الزبيب، كما رواه الجمهور، زاد في رواية أيوب عن نافع: إن زاد فلي وإن نقص فعلي.
قال ابن عبد البر: هذا التفسير إما مرفوع أو من قول الصحابي الراوي فيسلم له لأنه أعلم به، وفيه جواز تسمية العنب كرمًا وحديث النهي عن تسميته به للتنزيه وعبر به هذا البيان الجواز قيل: وهذا على أن التفسير مرفوع، أما على أنه من قول الصحابي فلا، وأخرجه البخاري عن إسماعيل وعبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى ثلاثتهم عن مالك به، وتابعه أيوب عن الشيخين وعبيد الله والليث ويونس والضحاك وموسى بن عقبة، كلهم عن نافع عند مسلم نحوه. كذا قاله الفاضل السيد محمد الزرقاني (2).
* * *
779 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيَّب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المُزَابنة، والمُحاقلة، والمزابنة: اشتراء الثمر بالتمر،
(1) أبو داود في السنن (3/ 251).
(2)
في شرحه (3/ 346).
(779)
صحيح، أخرجه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن رقم (780)، وبرواية أبي مصعب الزهري (2519)، ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في الأم (3/ 62)، والبخاري في البيوع (2186)، ومسلم في البيوع (1545)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (8/ 11245).
والمحاقلة: اشتراء الزرع بالحنطة، واستكراء الأرض بالحنطة، قال ابن شهاب: سألته عن كرائها بالذهب والورِق فقال: لا بأس به.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ثقة ثبت، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين المحدثين من أهل المدينة، مات بعد المائة عن سعيد بن المسيَّب، أي: مرسلًا وهو ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عامر بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات، كان في الطبقة الأولى من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة اتفقوا على أن مرسلاته من أصلح المراسيل، وقال المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين بيسير، وهو ابن أربع وثمانين سنة. كذا قاله أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزري الحنبلي وابن حجر في (طبقاتهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أي: تحريمًا عن المُزَابنة، والمُحاقلة، والمزابنة: بضم الميم وفتح الزاي فألف وفتح الموحدة والنون والتاء الفوقية اشتراء الثمر بمثلثة وفتح الميم بالتمر، وسكون الميم فهي في النخل والمحاقلة: بضم الميم وفتح الحاء المهملة فألف وفتح القاف واللام فهاء اشتراء الزرع بالحنطة، أي: القمح واستكراء الأرض بالحنطة، أي: القمح، وبه عبر في مسلم وهو عنده مرسلًا أيضًا من رواية عقيل، فهو متابع لمالك.
قال ابن عبد البر (1): هذا حديث مرسل في (الموطأ) عند جميع الرواة، وكذا رواه أصحاب ابن شهاب عنه، وقد روى النهي عنهما جماعة منهم جابر وابن عمر وأبو هريرة ورافع بن خديج، وكلهم سمع منه ابن المسيب وقد رواه ابن أبي شيبة، عن أبي الأحوص، عن طارق، عن سعيد بن المسيب، عن رافع بن خديج قال:"نهى صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة (ق 814) وقال: إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها، ورجل منح أرضًا فهو يزرع ما منح، ورجل استكرى أرضًا بذهب أو فضة" انتهى. وأخرجه الخطيب عن أحمد بن أبي طيبة عيسى بن دينار الجرجاني عن مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة موصولًا، والجرجاني وإن كان صدوقًا لكنه له أفراد قال ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري سألنا وفي نسخة: سألت أي: سعيد بن المسيب عن
(1) في التمهيد (6/ 441).
كرائها أي: كراء الأرض بالذهب والورِق بكسر الراء وسكونها أي: الفضة فقال: لا بأس به أي: يجوز وعليه نص الحديث، كما رأيت.
* * *
780 -
أخبرنا مالك، حدثنا داودُ بن الحُصين: أن أبا سفيان مولى ابن أبي أحمد، أخبره أنه سمع أبا سعيد الخُدري يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُزَابَنة والمُحَاقلة.
والمزابنة: اشتراء الثمر في رؤوس النخل بالتمر، والمحاقلة: كراء الأرض.
قال محمد: المزابنة عندنا: اشتراء الثمر في رؤوس النخل بالتمر كيلًا، لا يُدرى التَّمر الذي أعطى أكثر أو أقل، والزبيب بالعنب، لا يُدرى أيهما أكثر، والمحاقلة: اشتراء الحبّ في السنبل بالحنطة كيلًا، لا يدري أيهما أكثر، فهذه المحاقلة، وهذا كله مكروه، ولا ينبغي، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة، وهو قولنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال حدثنا داودُ بن الحُصين: الأموي مولاهم، يكنى أبا سليمان المدني ثقة، كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة أن أبا سفيان اسمه وهب، وقيل: قزمان بضم القاف وسكون الزاي مولى أبي: عبد الله بن أحمد، وفي نسخة: ابن أبي أحمد عبد بن جحش الأموي، ثقة كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة. كذا في (تقريب التهذيب) (1) أخبره أنه سمع أبا سعيد الخُدري رضي الله عنه يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُزَابَنة والمُحَاقلة والمزابنة: اشتراء الثمر في رؤوس النخل بالتمر، بفتح التاء الفوقية وسكون الميم، فهي في رؤوس النخل والمحاقلة: كراء الأرض أي: بالحنطة أي: بما في معناها من جميع الطعام على اختلاف أنواعه، وتفسيرها بذلك يجئ
(780) صحيح، انظر السابق.
(1)
(1/ 288).