الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: بعد الخمسين، كما في (تقريب التهذيب)(1) أنه كان لا يبيع ثماره حتى تطلع الثريّا، يعني بيع النخيل أي: ثمرها لا مطلق ثمارها، واعلم أنه صح بيع ثمرة لم يبدو صلاحها في المذهب الأصح عندنا؛ لأنه منتفع به في المال، فصار كبيع الطفل والجحش بفتح الجيم وسكون الحاء ولد الحمار. كذا في الجوهري.
وقال مالك والشافعي وأحمد وشمس الأئمة السرخسي من أصحابنا: لا يجوز والحيلة في جوازه أن يباع مع الشجر فيكون تبعًا لها وعلى هذا الخلاف الزرع، وأما بدء صلاحها فلا خلاف بين العلماء في جوازه، وإنما الخلاف في تفسير بدو صلاحها، وعلى ما في الخلاصة عن التجريد أن يكون منتفعًا به، وعند الشافعي: هو ظهور النفيخ ومبادي الحلاوة، ثم إذا قلنا: صح بيع الثمرة يجب على المشتري قطعها في الحال ليتفرغ ملكة البائع من ملكه، وهذا إذا اشتراها مطلقًا أو شرط القطع، أما إذا شرط ترك الثمرة على الشجر والزرع على الأرض فيفسد البيع، أما إذا لم يبدأ صلاحها أو بدأ ولم يتبين عظمها فباتفاق، وأما إذا تناهى عظمها فعند أبي حنيفة وأبو يوسف، لأنه شرط لا يقتضيه العقد، وهو شغل ملك الغير.
وقال محمد: لا يفسد استحسانًا وهو قول مالك والشافعي وأحمد ومختار الطحاوي لتعامل الناس به من غير مكر، بخلاف ما إذا لم يتناه عظمها؛ لأنها حينئذ يزيد زيادتها في ملك البائع، أعني الشجر والأرض فكأنه ضم المعدوم إلى الموجود واشتريها في (الأسرار) الفتوى على قول محمد، وفي (التحفة): الصحيح قولهما؛ لأن التعامل لم يكن بشرط الترك، وإنما كان بالإِذن بالترك من غير شرط. كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، شرع في بيان حكم حال الرجل يبيع بعض الثمر ويستثني بعضه.
* * *
باب الرجل يبيع بعض الثمر ويستثني بعضه
بالتنوين، في بيان حكم حال الرجل يبيع بعض الثمر ويستثني بعضه، أي: بعضًا
(1) التقريب (1/ 222).
معلومًا منه، وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق حكم الكراهة في البيع وعدمها فيه.
762 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن محمد بن عمرو بن حزم باع حائطًا له يقال له: الأفْراق بأربعة آلاف درهم، واستثنى منه بثمانمائة درهم تمرًا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا مالك، وفي أخرى: أخبرنا عبد الله بن أبي بكر، بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي بها، ثقة كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة عن أبيه، أي: أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري بالنون والجيم المشددة المدني القاضي، اسمه وكنيته واحد، وقيل: يكنى أبا محمد ثقة عابد، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة عشرين ومائة وقيل غير ذلك كذا في (تقريب التهذيب) (1) عن محمد بن عمرو بن حزم باع حائطًا له أي: بستانًا مشتملًا على نخل وغيره يقال له أي: يسمى الحائط الأفْراق بفتح الهمزة وسكون الفاء وآخره قاف موضع بالمدينة بأربعة آلاف درهم، (ق 798) واستثنى منه أي: من ثمن الحائط بثمانمائة درهم تمرًا أي: بقيمتها تمرًا وهي دون الثلث.
* * *
763 -
أخبرنا مالك، أخبرنا أبو الرِّجال، عن أمه عَمْرَة بنت عبد الرحمن، أنها كانت تبيع ثمارها وتستثني منها.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا مالك، وفي أخرى: محمد أخبرنا أبو الرِّجال، بكسر الراء وتخفيف الجيم، مشهور بهذه الكنية، وهي لقبه وكنيته في الأصل أبو عبد الرحمن بن حارثة الأنصارية، ثقة كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، عن أمه عَمْرَة بنت عبد الرحمن، بن سعد بن زرارة الأنصارية التابعية المدنية،
(762) إسناده صحيح، أخرجه الشافعي في الأم (3/ 60)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 332).
(1)
(1/ 624).
(763)
إسناده صحيح.
كانت في الطبقة الثالثة من طبقات التابعيات، ماتت بعد المائة أنها كانت تبيع ثمارها أي: من حائطها وتستثني منها أي: بعضها معلومًا منها.
* * *
764 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ربيعة بن عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد: أنه كان يبيع ثماره ويستثني منها.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس بأن يبيع الرجل ثمره ويستثني بعضه، إذا استثنى شيئًا في جملته ربعًا أو خُمسًا أو سُدسًا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا مالك أخبرنا ربيعة بن عبد الرحمن، التيمي مولاهم، يكنى أبا عثمان المدني المعروف بربيعة الرأي، واسم أبيه فروخ ثقة فقيه مشهور، قال ابن سعد: كان يتقونه لموضع الرأي، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ست وثلاثين ومائة على الصحيح، وقال سعيد بن زيد الباجي المالكي: سنة اثنين وأربعين ومائة عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، في الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات قبل المائة كذا قاله أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي أنه كان يبيع ثماره ويستثني منها أي: بعضًا معلومًا منها.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه قال القاسم بن محمد لا بأس أي: لا كراهة بأن يبيع الرجل ثمره أي: من شجره ويستثني بعضه، لكن لا مطلق بل إذا استثنى شيئًا في جملته أي: معينًا ربعًا أو خُمسًا أو سُدسًا وفي (الموطأ) لمالك برواية يحيى: والأمر المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا باع ثمر حائطه له أن يستثني منه ما بينه وبين ثلث الثمر لا تجاوز ذلك وما كان دون الثلث لا بأس به، أي: لا شددة انتهى، وفي رواية الحسن بن زياد عن أبي حنيفة وهو قول الطحاوي: أنه يفسد البيع استثناء قدر معلوم من الثمر مجذوذة كانت أو غير مجذوذة؛ لأنه ربما لا يبقى شيئًا بعد المستثنى فيخلو العقد عن
(764) إسناده صحيح، أخرجه الشافعي في الأم (3/ 60) ، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 332)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (8/ 11206).