الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بآخره، وهو قوله:"إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم"، وفيه أنه قد يقال: إنه غيره من وجه وعينه من وجه بل هو نوع واحد، وإنما الخلاف من جهة الكيفية، فالوجه مراعاة المثلية في الكمية لا سيما وفيه النصوص النبوية كذا قال علي القاري.
لما فرغ من بيان كراهة بيع التمر بالرطب، شرع في بيان حكم البيع إذا لم يقبض المبيع، فقال: هذا
* * *
باب بيع ما لم يُقبض من الطعام وغيره
في بيان حكم بيع ما لم يقبض ومن الطعام وغيره، المراد بالطعام هذا الحب المأكول، والمراد بغيره كل ما يباع من المنقول، وفي العقار خلاف ما يأتي.
766 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أن حكيم بن حزام ابتاع طعامًا أمر به عمر للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه، فسمع بذلك عمر بن الخطاب فردّه عليه، وقال: لا تبع طعامًا ابتعته حتى تستوفيه.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا مالك، وفي أخرى: محمد أخبرنا نافع، ابن عبد الله المدني، مولى ابن عمر ثقة ثبت مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة مات سنة سبع عشرة ومائة أن حكيم بن حزام بكسر الحاء المهملة والزاي فألف وميم هو ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي ابن أخي خديجة أم المؤمنين، رضي الله عنها أسلم يوم الفتح وصحب وله أربعة وسبعون سنة، ثم عاش إلى سنة أربع وخمسين أو بعدها وكان عالمًا بالنسب كذا قاله الزرقاني (1) ابتاع أي: اشترى طعامًا أمر به أي: بحكيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس، أي: بعضهم فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه، أي: بقبضه فسمع بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فردّه عليه، أي: بيعه وقال: لا تبع طعامًا ابتعته أي: اشتريته حتى تستوفيه أي: إلى أن تقبضه.
* * *
(1) في شرحه (3/ 368).
767 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعْه حتى يقبضه".
قال محمد: وبهذا نأخذ، وكذلك كل شيء بيع من طعام أو غيره، فلا ينبغي أن يبيعه الذي اشتراه حتى يقبضه، وكذلك قال عبد الله بن عباس؛ قال: أما الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الطعام أن يُباع حتى يُقبض.
وقال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثل ذلك.
قال محمد: فبقول ابن عباس نأخذ، الأشياء كلها مثل الطعام، لا ينبغي أن يبيع المشتري شيئًا اشتراه حتى يقبضه، وكذلك قول أبي حنيفة، إلا أنه رخَّصَ في العقار والدور والأرضين لا تُحَوَّل أن تباع قبل أن تقبض، أما نحن فلا نجيز شيئًا من ذلك حتى يقبض.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد ثنا مالك، وفي أخرى: أنا مالك أخبرنا، وفي نسخة: ثنا نافع، عن عبد الله بن عمر: رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع أي: اشترى طعامًا فلا يبعْه حتى يقبضه" رواه أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر، وقيد الطعام اتفاقي؛ لأن بيع ما لم يقبض منهي منقولًا كان أو عقارًا عند محمد والشافعي وزفر، ومنهي في المنقول فقط عند أبي حنيفة وأبو يوسف، وقال مالك وأحمد: يجوز فيما سوى الطعام، فعلى هذا يكون قيد الطعام للاحتراز.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه ابن عمر هنا عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أي: كما لا يباع ما اشتراه من الطعام من قبل أن يقبضه عندنا كل شيء بيع من طعام أو غيره، أي: سواء كان منقولًا أو عقارًا فلا ينبغي أن يبيعه الذي اشتراه حتى يقبضه، أي: وقيض كل شيء بحسب ما يليق به، كما هو مقدر في محله وكذلك أي:
(767) صحيح، أخرجه مسلم في البيوع (3771)، وأحمد في المسند (2/ 111)، وأبو داود في البيوع (3495)، والنسائي في البيوع (7/ 286)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 38)، والبيهقي في الكبرى (5/ 314).
كما قال عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن عباس؛ رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أي: محمد بن حسن الشيباني أما الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الطعام قوله: أن يُباع مفعول نهي وقوله: حتى يُقبض على بناء المجهول عطف على أن يباع المناسبة من أن المعطوف يعقب المعطوف عليه، كما أن الغاية تعقب المغيَّا، أو للدلالة على أن ما بعد حتى غاية لما قبلها، فيجوز له أن يبيعه عقب قبضه، كما يجوز أن يأكل المكلف بالصوم من أول الليل إلى غايته، وهو طلوع الفجر الثاني، كما قال تعالى في سورة البقرة:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187].
وقال ابن عباس: رضي الله عنهما ولا أحسب أي: ولا أظن كل شيء من المنقولات والعقارات والأراضي إلا مثل ذلك أي: الطعام في الحكم، وهو أن لا يجوز للمشتري أن يبيعه قبل قبضه.
قال محمد: فبقول ابن عباس نأخذ، أي: نعمل ونقول الأشياء كلها مثل الطعام، أي: من غير فرق بين المنقول والعقار لا ينبغي أن يبيع أي: المشتري شيئًا اشتراه حتى يقبضه، أي: قبضًا شرعيًا كقبض المفتاح في العقار وتطهير البستان من الأحجار والشوكة وكذلك أي: مثل ما قاله ابن عباس قول أبي حنيفة، أي: في المنقول كله إلا أنه أي: لكن أبا حنيفة رخَّصَ في الدور بضم الدال وسكون الواو فراء جمع الدار، وفي معناها البيوت والعقارات بالفتح كل ملك (ق 801) ثابت كالدار والنخل والأرضين بفتح الراء تعميم بعد التخصيص لا تُحَوَّل صفة كاشفة أي: لا تنتقل من مكانها أن تباع أي: هذه الأشياء قبل أن تقبض، فقال المصنف: أما نحن أي: وأصحاب أبي حنيفة فلا نجيز من الإِجازة أي: لا نختار شيئًا من ذلك أي: البيع حتى يقبض أي: المبيع.
* * *
768 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: كنا نبتاع الطعام في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي نبتاعه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه.
(768) صحيح، من طريق مالك أخرجه مسلم في البيوع (3768)، وأخرجه أبو داود في البيوع (3493)، والنسائي في البيوع (7/ 287)، والبيهقي في الكبرى (5/ 314).
قال محمد: إنما كان يراد بهذا القبض؛ لئلا يبيع شيئًا من ذلك حتى يقبضه، فلا ينبغي أن يبيع شيئًا اشتراه رجل حتى يقبضه.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد، أخبرنا مالك، وفي أخرى: محمد ثنا مالك حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: كنا نبتاع الطعام أي: نشتري في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: تارة في مكانه وتارة في غيره فبعث أي: يرسل صلى الله عليه وسلم علينا من يأمرنا محله نصب على أنه مفعول يبعث بانتقاله أي: بتحويل المتاع من المكان الذي نبتاعه أي: نشتري المبيع فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه لأن بنقله يحصل قبضه وهذا قد خرج مخرج الغالب، والمراد القبض، وفرق مالك في المشهور عنه الجزاف، فأجاز بيعه قبل قبضه، لأنه مريء فيكفي فيه التخلية بينه وبين الكيل والموزون فلا بد من الاستيفاء، وقد روين أحمد عن ابن عمر مرفوعًا:"من اشترى بكيل أو وزن فلا يبعه حتي يقبضه"، ففي قوله: بكيل أو وزن دليل على ما خالفه بخلافه، وجعل مالك رواية: حتى يستوفيه تفسيرًا الرواية: حتى يقبضه؛ لأن الاستيفاء لا يكون إلا بالكيل والوزن على المعروف لغة: قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 2، 3] والحديث أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك كذا قاله الزرقاني (1).
قال محمد: إنما كان يراد بهذا القبض؛ لئلا يبيع شيئًا من ذلك أي: المبيع حتى يقبضه، فلا ينبغي أن يبيع شيئًا اشتراه رجل حتى يقبضه وروى أبو داود (2) وابن حبان في صحيحه والحاكم (3) في مستدركهـ وصححه عن عبد الله بن عمر قال: ابتعت زيتًا في السوق لما استوجبته لقيني رجل فأعطاني فيه ربحًا حسنًا، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت فإذا هو زيد بن ثابت، فقال: تبعه حيث ابتعته حتى تجوزه أي: تنتقله إلى رحلك، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلعة حيث يبتاع حتى تجوزها التجار إلى رحالهم. هذا وصح تصرف البائع في الثمر قبل قبضه لعدم المانع. كذا قاله علي القاري.
(1) في شرحه (3/ 368).
(2)
رقم (3499).
(3)
(2/ 46).