الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خارج الباب فوضع كفَّه على الباب، ومدّ يده، أي: لزيادة الحجاب ووضعتُ ذَقْني على يده؛ أي: على طريق الإِحباب فجعلوا أي: شرعوا يلعبون وأنا انظر، أي: إلى لعبهم قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حسبك"، بتقدير حرف الاستفهام أي: أيكفيك قالت: وأسكتُ مرتين، أو ثلاثًا، ثم قال لي: كذا في نسخة "حسبك"، فقلتُ: نعم، أي: يكفيني النظر إلى لعبهم فأشار إليهم فانصرفوا.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالنظر إلى اللعب المباح، شرع في بيان ما يتعلق بحكم إيصال المرأة شعر رأسها بشعر غيرها من الآدميين، فقال: هذا
* * *
باب المرأة تصل شعرها بشعر زوجها
في بيان ما يتعلق بحكم حال المرأة تصل شعرها بشعر غيرها أي: من الآدميين، وهو مكروه، ووجه المناسبة بين هذا الباب والباب السابق معنى الاستحسان والكراهة، وهما ضدان.
محمد قال: بنا كذا في نسخة.
907 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن حُميد بن عبد الرحمن، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حَجَّ وهو على المنبر يقول: يا أهل المدينة، أين علماؤكم - وتناول قُصَّةً من شعر كانت في يدي حَرَسيّ - سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه، ويقول:"إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم".
قال محمد: وبهذا نأخذ، يكره للمرأة أن تصل شعرًا إلى شعرها، أو تتخذ قُصَّة شعر، ولا بأس بالوصل في الرأس إذا كان صوفًا، فأما الشعر من شعور الناس فلا ينبغي، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
(907) صحيح: أخرجه البخاري (3281) ومسلم (2127) وأبو داود (4167) والترمذي (2781) والنسائي (5260) ومالك (812) والشافعي في "المسند"(783) والطبراني في "الكبير"(19/ 326) حديث (743).
• أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة بن كلاب، فقيه ثبت، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات بعد المائة عن حُميد بالتصغير ابن عبد الرحمن بن الزهري المدني ثقة، كان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات سنة خمس ومائة على الصحيح أنه سمع معاوية بن أبي سفيان اسمه صخر بن حرب الأموي عام حَجَّ أي: سنة سبع وخمسين وهو على المنبر أي: منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
قال ابن جرير: أو حجة حجها بعد الخلافة سنة أربع وأربعين وآخر حجة حجها بعد الخلافة سنة تسع وخمسين يقول: يا أهل المدينة، أين علماؤكم - أي: بالحديث أو علماؤكم المنكرون لهذا الحكم ولذلك المنكر وتناول أي: أخذ معاوية قُصَّةً بضم القاف وتشديد الصاد المهملة المفتوحة خصلة، وهي قطعة حبل مفتول من شعر تزيدها المرأة في شعرها كتوهم كثرته كانت في يدي حَرَسيّ - بفتح الحاء المهملة والراء وكسر السين المهملات وتحتية من خدمة الذين يحرسونه، زاد في رواية الطبراني:"وجدت هذه عند أهلي وزعموا أن النساء يزرنه في شعورهن"، وفي رواية ابن المسيب:"ما كنت أرى يفعل هذا غير اليهود" سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم (ق 933) ينهى عن مثل هذا، أي: الفعل وفي نسخة: هذه أي: القصة ووصل بالشعر ويقول: "إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه أي: الفعلة وفي نسخة: اتخذها نساؤهم" أي: وهم رضوا بذلك، وفيه إشارة إلى أن هذا أمر منكر حتى في المل السابقة فإنهم نهوا تحريمًا عن ذلك فاتخذوه استخفافًا فهلكوا.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل هنا إلا بما رواه حميد بن عبد الرحمن عن معاوية بن أبي سفيان يكره أي: تحريمًا للمرأة أن تصل شعرًا إلى شعرها، أي: ولو طاق، وفي نسخة: شعرها مقدم على شعرًا أو تتخذ قُصَّة بضم القاف وفتح الصاد المهملة المشددة مضاف إلى شعر، أي: قاصة من شعر الرأس، والذي منعوا منه جاء عن نبينا مثله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لعن الواصلة والمتوصلة والواشمة والمتوشمة"(1) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيره،
(1) أخرجه: البخاري (5937) ومسلم (2124).
قوله: الواصلة: هي المرأة التي تصل الشعر بشعر النساء والمتوصلة: المعمول بها ذلك وقوله: الواشمة: هي التي تغرز اليد أو الوجه بالارثم تحشوا ذلك المكان كحلًا أو مدادًا، والمتوشمة: المعمول بها ذلك. كذا قاله الإِمام المنذري في (ترهيبه).
قال الفاضل محمد الزرقاني: قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الواصلة والمتوصلة" يحتمل أنه يكون خبرًا فيكون حكاية من الله تعالى، ويحتمل أنه دعا منه صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لشأنه الشريف أن يدعو بالشيء من فعل ذلك من أمته، ولأنه تعالى أمره بأنه قال:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]؛ ولأنه كان رحمة للعالمين وأنه تعالى أثنى عليه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] وسبب ورود هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط أي: سقط شعر رأسها، فأرادوا أن يصلوها فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"لعن الله الواصلة والمتوصلة" وفي رواية: أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له وقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال:"لا إنه قد لعن الموصولات". (1) كذا رواه البخاري ومسلم ولا بأس بالوصل في الرأس أي: في شعر الرأس إذا كان صوفًا، أي: شعر الضأن، وكذا إذا كان وبرًا وهو شعر الإِبل، فإن الشعر إذا أطلق فالمراد به شعر المعز، كما قال تعالى في سورة النحل:{وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} [النحل: 80] لكن المصنف رحمه الله أراد بالصوف شعر الحيوان مطلقًا ليتناول شعر الفرس ونحوه أيضًا لقوله: فأما الشعر من شعور الناس فلا ينبغي، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا وفي قاضي خان: لا بأس للمرأة أن يجعل في قرونها وذؤابتها شيئًا من (ق 934) الوبر، ويكره أن تصل شعرها بشعر غيرها انتهى.
ولا يخفى أن إطلاق الحديث تفيد العموم ولو من شعرها لا سيما والعلة هو التزوير، فلا يظهر فرق بين شعر وشعر في التصوير كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم حال المرأة تصل شعرها بشعر غيرها، شرع في بيان ما يتعلق بالشفاعة، فقال: هذا
* * *
(1) أخرجه: البخاري (2122)(5205).