الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
875 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"لا يقيم أحدكم الرجل من مجلسه فيجلس فيه".
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا ينبغي للرجل المسلم أن يصنع هذا بأخيه، يقيمه من مجلسه ثم يجلس فيه.
• أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"لا يقيم أي: لا يبعد أحدكم الرجل أراد به الجنس الشامل للفقير والغني من مجلسه أي: عن مكانه الذي يباح له فيجلس فيه" فإن إبعاد الغير عن مكانه بلا إذن منه ظلم فالظلم ظلمة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه ابن عمر عنه (ق 905) صلى الله عليه وسلم لا ينبغي للرجل المسلم أن يصنع هذأ أي: ونحوه من التعدي بأخيه، أي: المسلم يقيمه من مجلسه أي: الذي يستحقه ثم يجلس فيه وكذا إذا لم يجلس فيه قبل، ويستثنى منه ما إذا كان المجلس مختصًا بقاض أو مفتٍ أو مدرس في المسجد وقعد فيه غيره فله أن يقيمه ويجلس فيه، كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل يقيم الرجل من مكانه ويجلس فيه، شرع في بيان حكم الرقى، فقال: هذا
* * *
باب الرقى
الرقي: بضم الراء المهملة وفتح القاف جمع رقية، وهو ما يقرأ للمعالجة محمد قال:
876 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أخبرتني عَمْرة، أن أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي، ويهودية تَرْقيها، فقال: ارقيها بكتاب الله.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس بالرُّقى بما كان في القرآن، وبما كان من
(876) صحيح: أخرجه مالك (1756).
ذكر الله، فأما ما كان لا يُعرف من الكلام فلا ينبغي أن يُرْقَى به.
• أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني يكنى أبا سعيد القاضي، ثقة ثبت كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين ومائة أخبرتني عَمْرة، بفتح العين وسكون الميم وفتح الراء والتاء الفوقية بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري المدنية، كانت في الطبقة الثالثة من طبقات التابعيات من أهل المدينة، ماتت بعد المائة أن أبا بكر أي: الصديق رضي الله عنه دخل على عائشة رضي الله عنها وهي تشتكي، أي: مرضت ويهودية أي امرأة منسوبة إلى اليهود تَرْقيها، بكسر القاف فقال: أي: أبو بكر كما في (الموطأ) لمالك ارقيها بكتاب الله يحتمل أن تكون أمرًا بأن ترقيها بما في كتاب التوراة من أسماء الله الحسنى ومحامده العلى مما يعرف صحة مبناه ومعناه، وأن يكون صيغة متكلم أي: أنا أرقيها بكتاب الله أي: القرآن فيكون متضمنًا لنهيها عن رقيها.
قال الزرقاني (1): يجوز لليهودية الرقية بالقرآن إن رجي إسلامها، وبالتوراة إن كانت معربة بالعربي، أو أمن تغييرهم لها فتجوز الرقية بالله وبأسمائه وصفاته باللسان العربي وبما يعرف معناه بشرط اعتقاد أن الرقية لا تؤثر بنفسها، بل بتقدير الله.
قال عياض: اختلف قول مالك في رقية اليهودي والنصراني وبالجواز، قال الشافعي: قال الربيع: سألت الشافعي عن الرقية فقال: لا بأس أن ترقي بكتاب الله وبما يعرف من كتاب الله، وروى ابن وهب عن مالك كراهة الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط والذي يكتب خاتم سليمان وقال: لم يكن ذلك من أمر الناس القديم انتهى.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: نعمل هنا بما رواه عمرة عن أبي بكر رضي الله عنه لا بأس أي: لا كراهة بالرُّقى بما كان أي: موجود في القرآن، وبما كان من ذكر الله تعالى أي: منطلقًا شرط أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله سبحانه فأما ما كان لا يُعرف من الكلام أي: بأن يكون بلغة لا يفهم معناها فلا ينبغي أي: لا يجوز أن يُرْقَى به أي: يحتمل أن يكون فيه باسمه من كتاب الكفرة إلا أن يكون معروضًا على النبي صلى الله عليه وسلم رقية من الحمة فأذن لنا فيها، وقال: إنما هي من مواثيق الجن بسم الله شبحة قرينة ملحة (ق 906)
(1) انظر: "شرح الزرقاني"(4/ 417).
(877)
مرسل: أخرجه مالك (796) وابن أبي شيبة (5/ 447).
بجد قفط قال الجزري: هذه كلمات لا يعلم معناها بقرائة كما وردت، محمد قال:
* * *
877 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أن سليمان بن يَسار أخبره أن عُروة بن الزبير أخبره: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت أم سلمة، وفي البيت صبيّ يبكي، فذكروا أن به العينَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفلا تستَرْقون له من العين؟ ".
قال محمد: وبه نأخذ، لا نرى بالرقية بأسًا إذا كانت من ذكر الله عز وجل.
• أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قد مر طبقاته آنفًا أن سليمان بن يَسار الهلالي المدني مولى ميمونة، وقيل: أم سلمة ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة كان في الطبقة الثالثة من طبقات كبار التابعين المحدثين من أهل المدينة، وقد مر منقبته، مات بعد المائة، وقيل: قبلها كذا في (تقريب التهذيب) وفيه رواية النظير عن النظير أن عُروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي المدني يكنى أبا عبد الله المدني ثقة فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات كبار التابعين من أهل المدينة، مات سنة أربع وتسعين، ومولده في أوائل خلافة عثمان كذا قاله ابن حجر أخبره: أي: مرسلًا.
قال أبو عمر - يعني بن عبد البر- عن جميع رواة الموطأ: وهو صحيح بسند معناه من طرق ثباته، وقد رواه البزار عن أبي معاوية عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن عروة عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت صبيّ أي: لم يسم يبكي، أي: بشدة فذكروا أي: بعد سؤاله عنه وقبله أن به العينَ، أي: أصابته، وفي صحيح البخاري ومسلم (1) من طريق الزهري عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أمها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة أي: صفرة فقال: "استرقوا لها، فإن بها النظر"، والصبي يطلق على الذكر والأنثى فقال له أي: لأجله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلا تستَرْقون له أي: لخلاص الصبي من العين؟ " أي: من إصابتها، قوله:"أفلا تسترقون" استئناف مسوق لتقرير ما ذكر من جواز الرقى من طرف الله تعالى وهمزة
(1) أخرجه: البخاري (5739) ومسلم (2197).
للتقرير والفاء للعطف على تذكرون مقدرًا بعد الهمزة أي: هل تذكرون الصبي المشتكي ولا تردون في قدره وعادته فإن عادته جرت إذا قرئ القرآن على المرضى شفي، قال تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82] وقال تعالى: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 14].
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن القيم الجوزي: والغرض العلاج النبوي لهذه العلة فمن التعوذات والرقى بالكتاب قراءة المعوذتين، والفاتحة، وآية الكرسي، ومنها التعوذات النبوية نحو: أعوذ بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ونحو: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق، وزرأ، ومن شر ما نزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما زرأ، والأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، وشر طوارق، قول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، ومنها رقية جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم: أرقيك.
قال محمد: وبه نأخذ، أي: لا نعمل بالرقى هنا إلا بما رواه عروة بن الزبير مرسلًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي نسخة: وبهذا بدل به لا نرى بالرقية بأسًا أي: لا كراهة إذا كانت من ذكر الله تعالى والله أعلم. محمد قال:
* * *
878 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يزيد بن خُصَيْفَة، أن عمر بن عبد الله بن كعب السلمي، أخبره أن نافع بن جبير بن مُطْعم أخبره، عن عثمان بن أبي العاص: أنه أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عثمان: وبي وجع حتى كاد يُهلكني، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "امسحه بيمينك سبع مرات، وقل: أعوذ بعزَّة الله وقدرته من شرِّ ما أجِدُ"، ففعلتُ ذلك فأذهب الله ما كان بي، فلم أزل آمرًا به أهلي وغيرهم.
• أخبرنا مالك، أخبرنا يزيد بن خُصَيْفَة، بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة وسكون التحتية ثم فاء أي: ابن عبد الله بن يزيد الكندي المدني وقد ينسب لجده كما نسب
(878) صحيح: أخرجه مسلم (2202) وأبو داود (3891) والترمذي (2080) وابن ماجه (3522) وأحمد (15834) ومالك (1754).
إليه هنا، وهو ثقة كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة أن عمرو بفتح العين ابن عبد الله بن كعب الأسلمي، بفتحتين الأنصاري المدني وهو ثقة كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة، وفيه رواية الأعلى على الأدنى أخبره أن نافع بن جبير بن مُطْعم القرشي النوفلي، يكنى أبا محمد وأبا عبد الله المدني وهو ثقة فاضل كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة تسع وتسعين أخبره، عن عثمان بن أبي العاص: الثقفي الطائفي يكنى أبا عبد الله صحابي شهير استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف، مات في خلافة معاوية بالبصرة كذا في (تقريب التهذيب) أنه أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: عثمان: وبي أي: والحال أصابني وجع أي: ألم عظيم حتى كاد أي: قارب أن يُهلكني، ولمسلم وغيره من رواية الزهري عن عثمان: أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "وجعًا يجده في جسده منذ أسلم"(1) قال: أي: عثمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "امسحه أي: بموضع تجد فيه ألمًا بيمينك سبع مرات، وقل: أعوذ أي: أعتصم بعزَّة الله أي: بغلبته وعظمته وقدرته أي: على خلقة من شرِّ ما أجِدُ"، زاد في رواية مسلم:"وأحاذر"، وللطبراني والحاكم أنه يقول ذلك في كل مسحة من السبع، وللترمذي وحسنه، والحاكم وصححه وابن ماجه من حديث أنس:"من شر ما أجد وأحاذر من وجعي هذا".
قال عثمان: ففعلتُ ذلك فأذهب الله ما كان بي، أي: من الوجع فلم أزل آمرًا بمد الهمزة به أهلي وغيرهم؛ لأنه من الأدوية الإِلهية، والطب النبوي، لما فيه من ذكر الله والتفويض إليه والاستعاذة الطبيعي لاستقصاء إخراج المادة وفي السبع خاصة لا توجد في غيرها، وقد خص صلى الله عليه وسلم السبع في غير ما موضع بشرط قوة اليقين وصدق النية، قال بعضهم: ويظهر أنه إذا كان المريض نحو طفل أن يقول من يعوذه: من شر ما يجد ويحاذر، والحديث رواه الترمذي من طريق معن بن عيسى عن مالك به، وقال: هذا حديث صحيح كذا قاله الفاضل السيد محمد الزرقاني (2).
لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم الرقى، شرع في بيان ما يتعلق بحكم الفأل (ق 908)، فقال: هذا
* * *
(1) أخرجه: مسلم (2202).
(2)
انظر: "شرح الزرقاني"(4/ 415).