الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا يحيى بن سعيد، وقد مر بيان ترجمته أنه سمع سعيد بن المسيَّب كان في الطبقة الأولى من كبار التابعين والمحدثين من أهل المدينة يقول: إن الرجل لَيُرْفَعُ بصيغة المجهول أي: يرفع درجة الميت بدعاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِه، أي: بعد وفاته أي: حيث يقول في حقه: اللهم اغفر له أو اللهم ارحمه ونحو ذلك وقال أي: أشار بيديه: فرفَعها إلى السماء أي: إلى جانب السماء؛ لأنها قبلة الدعاء، لكنه لا يرفع بصره إليها لئلا يتوهم أنه سبحانه وتعالى مختص بجهة العلو من بين الجهات، كما قاله المجسمة من الفرق الضالة، وأنه تعالى ليس بجسم، ولا جوهر والإِعراض لا بمتحيز بمكان، ولا زمان، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بكيفية الدعاء شرع في بيان ما يتعلق بحكم حال الرجل يترك أخاه بقطع السلام والكلام فوق ثلاثة أيام.
* * *
باب الرجل يهجر أخاه المسلم
في بيان حكم حال الرجل يهجر أخاه أي: يترك الكلام والسلام عن أخيه الحقيقي أو الحكمي.
917 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيُعرض هذا، ويُعْرِض هذا، وَخَيْرُهما الذي يبدأُ بالسلام".
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا ينبغي الهجرةُ بين المسلمين.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، مالك أخبرنا ابن شهاب أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ثقة، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل
(917) صحيح: أخرجه: البخاري (6076) ومسلم (559) وأبو داود (4910) والترمذي (1932) وأحمد (12941).
المدينة، مات سنة خمس وعشرين ومائة عن عطاء بن يزيد، بالتحتيتين بينهما زاي في آخره دال مهملة الليثي من أنفسهم وقيل: مولاهم المدني نزيل الشام، ثقة كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين والمحدثين من أهل المدينة، مات سنة خمس أو سبع ومائة وقد جاوز ثمانين سنة كما في (تقريب التهذيب) (1) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: حامل اللواء لرسول الله صلى الله عليه وسلم غزا بالروم مع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ومات فيه، ودفن خارج سور القسطنطينية ويزار قبره الشريف إلى الآن نفعنا الله بشفاعته قال:"لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه أي: يتركه بقطع الكلام فوق ثلاث ليال، وفي معناه ثلاثة أيام يلتقيان أي: يتلاقيان فيُعرض هذا، أي: عن السلام والكلام ويُعْرِض هذا، أي: كذلك وَخَيْرُهم أي: خير جنس المسلم وهو في (الموطأ) لمالك وخيرهما أي: أكثرهما ثوابًا الذي يبدأُ بالسلام" أي: ثم بالكلام هذا الحديث موقوف ظاهرًا (ق 940) ومرفوع حكمًا، كما روى أبو داود والنسائي (2) بإسناد على شرط البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار".
وروى الطبراني برواية ثقات عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانًا هجر المؤمنين ثلاث ليال، تكلما فنعم وإلا أعرض الله عز وجل عنهما حتى يتكلما" كذا أورده الإِمام المنذري في (ترهيبه).
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا ينبغي أي: لا يحل الهجرةُ أي: التدابر بين المسلمين.
قال السيوطي: النهي عن الهجران ثلاث ليال إنما هو هجر لحظ نفسه، وأما أهل البدع فهجرتهم دائمة.
قال ابن العربي: وإنما جوز في الثلاث؛ لأن المراد في ابتداء الغضب مغلوب فرخص له في ذلك حتى يسكن غضبه.
قال ابن عبد البر: هذا العموم مخصوص بحديث كعب بن مالك ورفيقيه حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بهجرهم قال: وأجمع العلماء أن من خاف من مكالمة أحد وصلته
(1) انظر التقريب (1/ 420).
(2)
أخرجه: أبو داود (4914) وأحمد (8848) والنسائي في "الكبرى"(9161).