الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسنده)(1) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراب من ثلمة القدح (ق 961) وأن ينفخ في الشراب. كذا قاله المناوي في (كنوز الحقائق) وروى أحمد عن ابن عباس (2) مرفوعًا: نهى عن النفخ في الطعام والشراب، وروى الطبراني (3) عن زيد بن ثابت ولفظه: نهى عن النفخ في السجود وعن النفخ في الشراب، فقال له رجل: يا رسول الله: إني لا أرْوَى أي: لا أشبع من الماء من نفس واحد، بفتح النون والفاء أي: من التنفس الواحد قال: "فَأَبِنْ القَدَح بفتح الهمزة وكسر الموحدة، أمر من الإِبانة أي: فرق القدح عن فيكَ أي: فمك ثم تنفَّس"، أي: ثم اشرب إما بنفسين أو بثلاث نفسات وهو الأولى قال: أي: الرجل فإني أرى القذاة فيه، بفتح القاف والذال المعجمة ثم ألف والفوقية أي: إني أرى على الماء الذي في القدح عودًا رقيقًا كالغبار ويقال لها باللسان التركي: (حواو زنده كي جور جوب) قال "أهْرِقْها" بفتح الهمزة وسكون الهاء وكسر الراء المهملة وسكون القاف، أمر من الإِهراق أي: اصبب الماء في القدح.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم النفخ في الشراب شرع في بيان ما يتعلق بحكم مصافحة النساء.
* * *
باب ما يُكره من مصافحة النساء
في بيان عمل ما يكره من مصافحة النساء أي: الشابة، وكذلك يكره لمس ما يحرم نظره أو يكره من ذكر أو أنثى مثل: مس وجه حرة أجنبية وكفها، فإن النظر فيها بلا حاجة مكروه، وأما مسها فحرام بلا ضرورة داعية للمسها، وأما إذا قضت الحاجة إلى مسها كالمس لمعرفة النبض والفصد والحجامة فلا بأس، وكذا يكره الخلوة معها ولو من الأقرباء كبنت عمه ونحوها، فإنه لا يجوز المصافحة معهن؛ لأن لمسها حرام بخلاف نظر كفيها ورجليها إذا أمن من الشهوة، غير أنه يجوز مصافحة العجائز وغمزها رجله إذا أمن الشهوة كما قاله خواجة زادة في (حاشية الطريق المحمدية).
(1) أحمد (3/ 60).
(2)
أحمد (1/ 309).
(3)
الطبراني في الكبير (5/ 137).
942 -
أخبرنا مالك، أخبرنا محمد بن المنكدر، عن أُمَيمة بنت رُقَيْقَة أنها قالت: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه، فقلْن: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما استَطَعْتُنّ وأطقْتُن"، قالت: قلنا: الله ورسوله أرحم بنا منَّا بأنفسنا، هلمّ نبايعك يا رسول الله، قال:"إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة، أو مثل قولي لامرأة واحدة".
• أخبرنا مالك، أخبرنا محمد بن المنكدر، أي: ابن عبد الله بن الهدير بالتصغير التيمي المدني، ثقة فاضل كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ثلاثين أو بعدها ومائة عن أُمَيمة بنت رُقَيْقَة: بالتصغير فيها، واسم أبيها عبد الله بن بخاء بن عمير بن الحارث بن الخارجة بن سعد بن تيم بن مرة، واسم أمها رقية بضم الراء المهملة وفتح القافين بينهما تحتية ساكنة ثم هاء هي بنت خويلد بن أسد أخت خديجة وهي أي: أميمة صحابية بنت صحابي روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنها محمد بن المنكدر وهي كانت من المبايعات كما قاله ابن حجر العسقلاني في (الإِصابة) وإنما أضيفت إلى أمها لشهرتها بإمها أي: أميمة قالت: أتيتُ أي: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة أي: في جماعة النسوة نبايعه، بصيغة الغيبة ويحتمل أن يكون بنون المتكلم ويسمى هذه البيعة بيعة النساء وفي نسخة: نبايعه على الإِسلام قال الله تعالى في سورة النساء وفي نسخة: نبايعة على الإِسلام قال الله تعالى في سورة الممتحنة: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12] وذلك يوم الفتح، لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعة الرجال وهو على الصفا وعمر بن الخطاب رضي الله عنه أسفل منه وهو يبلغ (ق 962) النساء بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
(942) صحيح: أخرجه أحمد في المسند (6/ 357) والنسائي (7/ 149) والترمذي (1597) وابن ماجه (2874) والطبراني (24/ 471) والبيهقي (8/ 146) وقال الترمذي: حديث صحيح حسن.
أن يعرفها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أبايعكن على أن لا يشركن بالله ولا يسرقن" فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح وإني أصبت في ماله هنات فلا أدري يحل لي أم لا؟
فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء في ماضي وفيما غير فهو لك حلال، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفها فقال:"والله إنك لهند بنت عتبة" قالت: نعم، فاعف عما سلف عفى الله عنك فقال:"ولا تزنين" فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فقال: "ولا يقتلن أولادهن" فقالت هند: ربيناهم صغارًا وقتلتوهم كبارًا فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ولا تأتين ببهتان يفترينه بين أيديكن وأرجلكن وهو تقذف ولدًا على زوجها ليس منه" قالت هند: والله إن البهتان لقبيح وما تأمرنا إلا بالأرشد ومكارم الأخلاق فقال: "ولا تعصين في معروف" قالت هند: فأجلسنا مجلسًا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء فقلن: يا رسول الله، نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، أي: أردن وأد البنات الذي يفعله أهل الجاهلية ولا نأتي ببهتان أي: بولد ملقوط نفتريه أي: يقلن لزوجهن: هذا ولدي منك بين أيدينا وأرجلنا، أي: لأن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها ولا نعصيك في معروف، أي: في كل أمر موافق طاعة الله تعالى.
وفيه عدم خلو المرأة بالرجل وترك النوح والدعاء بالويل وتمزيق الثوب وحلق الشعر ونتفه وخمش الوجه وعدم المسافرة إلا مع المحرم قالت: أي: أميمة كما في نسخة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما استَطَعْتُنّ أي: في عمل قدرن أن تفعلينه وأطقْتُن"، هذا تلقين لهن لئلا يقعن فيما لا يطقن قالت: قلنا: الله ورسوله أرحم بنا منَّا بأنفسنا أي: حيث قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] أي: أعطنا يدك هلمّ نبايعك أي: نصافحك يا رسول الله، أي: كما صافحك الرجال قال: "إني لا أصافح النساء، أي: باليد بل بالكلام كما بينه بقوله: إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة" شك من الراوي.
وفي رواية البغوي: "إنما قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة"، وفي حديث البخاري (1) عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام
(1) البخاري (6/ 2637).