الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يفسد عليه دينه ويدخل عليه مضرة في دنياه أنه يجوز له مجانبته وبعده فرب صوم جميل خير من مخالطة مؤذية.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم الهجرة والتدابر من المسلم، شرع في بيان ما يتعلق بالخصومة في الدين، فقال: هذا
* * *
باب الخصومة في الدين والرجل يشهد على الرجل بالكفر
أي: كائن في بيان ما يتعلق بحكم الخصومة، أي المجادلة في الدين، أي: أصول الدين والرجل أي: وبحكم حال الرجل يشهد على الرجل بالكفر وإن قصد رجل بالخصومة والجدال تخجيل الخصم وإظهار فضله على الذي يجادله فهو حرام، بل هو كفر عند بعض، كما في (خلاصة الفتاوي)، وإن قصد بها إظهار الحق وهو نادر لقلة المصنف فهو جائز؛ لأن طلب الحق مطلوب، واستنبط المصنف رحمه الله هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة غافر:{مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية [غافر: 4]. وجه المناسبة بين هذا الباب والباب السابق حصول معنى البينونة بين الرجلين إذا هاجر كل منهما عن الآخر وخاصم في أمر الدين بغير حق.
918 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أن عمر بن عبد العزيز قال: من جعل دينه غَرضًا للخصومات أكثر التَّنَقُّل.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا ينبغي الخصومات في الدين.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا يحيى بن سعيد، قد مر بيان طبقاته أن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي، أمير المؤمنين أمه أم عاصم حفصة بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ولي إمرة المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولي الخلافة بعده فعُدَّ مع الخلفاء الراشدين، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة إحدى ومائة وله أربعون سنة ومدة خلافته
(918) صحيح: أخرجه: الدارمي (309) وابن أبي الدنيا في "الغيبة والنميمة"(22) و"الصمت"(161).
سنتان ونصف، كما قاله ابن حجر (1) قال: من جعل دينه غَرضًا أي: هدفًا للخصومات أي: لأنواع الجدال أكثر التَّنَقُّل جواب لمن المتضمنة معنى الشرط، فقد أكثر القيل والقال لأرباب التعطيل شبه عمر بن عبد العزيز الدين المعقول بالهدف المحسوس والأقوال الباطلة بالرامين سهامهم إلى المرمى، والكفر المعقول بالهدف المقطوع بإصابة سهام الرامي إليه في (ق 941) عدم النفع أصاحبهما، وفي (الظهيرية) أن رجلان تخاصما فقال أحدهما: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال الآخر: لا حول ليس على أمر أو قال: مالي أفعل بلا حول ولا قوة إلا بالله أو قال: لا حول لا يغني من جوع أو الخبز أو لا يكفي من الخبز أو لا يأتي من لا حول شيء، أو قال: لا حول لا يشرد في القصعة كفر في الوجوه كلها.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل هنا أنا أهل الكوفة إلا بما رواه يحيى بن سعيد عن عمر بن عبد العزيز لا ينبغي الخصومات أي: المجادلة في الدين أي: في الأحكام الدينية فالسؤال عن المشكلات ومواضع الغلط للتغليظ أو التجميل حرام؛ لما خرج أبو داود عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن الأغلوطات" وهي جمع أغلوطة، أي المسألة التي لا يدرك وجهها في أول الأمر فيقع الخصم في الغلط كما قاله خواجة زاده في (حاشية الطريقة المحمدية).
محمد قال: بنا كذا في نسخة.
* * *
919 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرئٍ قال لأخيه: كافر، فقد باءَ بها أحدهما".
قال محمد: لا ينبغي لأحد من أهل الإِسلام أن يشهد على رجل من أهل الإِسلام بذنب أذنبه بكفرٍ، وإن عظم جُرمه، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
(1) تقدم.
(919)
صحيح: أخرجه: البخاري (6104) ومسلم (60) وأحمد (4673) ومالك (1844).
• أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرئٍ أي: أي رجل قال لأخيه: أي: في الإِسلام كافر، بالتنوين أي: هو كافرًا وأنت كافرًا على ما نسخه، وفي نسخة أخرى: يا كافر بحرف النداء فقد باءَ بموحدة ممدودة أي: رجع لها أي: بكلمة الكفر، وفي نسخة: به بتذكير الضمير المجرور أي: رجع بمضمون كلمة الكفر بها أحدهما" أي: لأنه إن كان القائل صادقًا في نفس الأمر فالمقول له كافر وإن كان كاذبًا، فقل جعل القائل الإِيمان كفرًا. كذا حمله البخاري على تحقيق الكفر على أحدهما، وحمله غيره على الزجر والتغليظ، فظاهره غير مراد.
وقال سعيد بن زيد الباجي المالكي: إن كان المقول له كافرًا فهو كما قال، وإلا خيف على القائل أن يصير كافرًا، والحديث رواه البخاري في (الأدب) عن إسماعيل عن مالك به، كما قاله الفاضل محمد الزرقاني وصورته ما في المحيط:"من قال لرجل مسلم يا كافر فسكت المخاطب" قال الفقيه أبو بكر البلخي: يكفر هذا القاذف وقال غيره من مشايخ بلخ: لا يكفر ثم جاء الفقيه أبو بكر البلخي إلى بلخ فأفتى بعض أئمة البنجارا أن القاذف يكفر فرجع الكل إلى فتوى أبي بكر فقالوا: كفر، ولكن أخي جلبي في هدية المهديين نقلًا عن (البزارية المختارة) في أمثال هذه الأقوال: إن لم يعتقد الشاتم كفر المخاطب لا يكفر الشاتم وإن اعتقد كفره كفر، كما نقلناه في رسالتنا (بركات الأبرار).
قال محمد: لا ينبغي أي: لا يصح لأحد من أهل الإِسلام أن يشهد على رجل من أهل الإِسلام قوله: بذنب بأن يشهد أذنبه محلًا مجرور على أنه صفة بذنب أي: فعله بكفرٍ، متعلق بيشهد، وإن وصلية وإن عظم جُرمه، بضم الجيم وسكون الراء المهملة أي: وإن عظم عند الخالق والمخلوق، ثم ما فعله كترك الصلاة والكذب وقتل النفس بغير حق وسائر الكبائر مما عدى الكفر؛ لأنه تعالى قال:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ (ق 942) ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} الآية [النساء: 48] وهو أي: المذكور قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا أي: خلافًا للخوارج والمعتزلة.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالخصومة في أمر الدين، شرع في بيان ما يتعلق بحكم أكل الثوم ودخول المساجد، فقال: هذا
* * *