الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفضل واحد منهما صاحبَه في الربح فإنَّ ذلك أي: عقد الشركة لا يجوز أي: وسببه أن يأكل أحدهما ربح ما ضمن صاحبه، وهو قولُ أبي حنيفة، (ق 836) والعامة من فقهائنا كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالشركة، شرع في بيان ما يتعلق بالقضاء، فقال: هذا
* * *
باب القضاء
في بيان ما يتعلق إلى القضاء، وهو في اللغة: الحكم والفراغ عن الأمر، وفي الشرع: الإِلزام وفصل الخصومات، وقطع المنازعات، وهو فرض كفاية بالإِجماع، فإن لم يصلح للقضاء إلا واحد تعين عليه، كذا قاله الشمني، أورد المصنف باب القضاء بعد الشركة؛ لأنه إنما يحتاج إذا كان بين الشريكين منازعة.
804 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع أحدكم جاره أن يغرس خشبة في جداره"، قال: ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها مُعرضين، والله لأرميّن بها بين أكتافكم.
قال محمد: وهذا عندنا على وجه التوسّع من الناس بعضِهم على بعض، وحُسن الخُلق، فأما في الحكم فلا يُجْبرون على ذلك.
بلغنا أن شُريحًا اختُصِم إليه في ذلك، فقال للذي وضع خشبة: ارفع رجلك عن مطيّة أخيك، فهذا الحكم في ذلك والتوسع أفضل.
• أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، هو محمد بن مسلم الزهري التابعي المدني، ثقة كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة مات بعد المائة عن الأعرج، هو عبد الرحمن بن هرمز يكنى أبا داود المزني مولى ربيعة بن الحارث، ثقة ثبت عالم كان في
(804) صحيح، أخرجه أحمد في المسند (2/ 463)، والبخاري في المظالم (2463)، ومسلم (4053)، (4054)، والشافعي في المسند (2/ 193)، والحميدي في المسند (1076)، وأبو داود (3634)، والترمذي (1353)، وابن ماجه (2335)، والبيهقي في الكبرى (6/ 68).
الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة بعد المائة كذا قاله ابن حجر (1) عن أبي هريرة: رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع بالرفع خبر بمعنى النهي، وفي رواية الجزم على أن لا ناهية، وعن أحمد: "لا يمنعن" بزيادة نون التأكيد، وهي تؤكد رواية الجزم أحدكم جاره أي: الملاصق.
قال السيوطي: هذا أمر ندب عند الجمهور، وفيه أن الظاهر النهي تنزيه عندهم انتهى. كما يؤيد الخبر الذي أتاه صلى الله عليه وسلم في موقع الاستثناء حيث قال: لا يمنع، ولم يقل: لا يمنعن لحمله أمته باللطف وجه على إتيانهم بمطلوبه، وهو عدم امتناعهم من أن يأذنوا جارهم بأن يضعوا خشبتهم على جدارهم، ولو أتى: بصيغة الإِنشاء ونهاهم عن امتناعهم عن الإِذن بذلك ولم ينتهوا عنه لكانوا عاصين الله ورسوله، ولذلك أتى بصيغة النفي في موقع النهي، فلا ينبغي أن يمنع أحد جاره أن يغرس أي: يضع خشبة في جداره"، أي: فوق جداره خشبة جاره أو يدق مسمارًا في داخل جدار داره، وهي بالتنوين مفرد وفي رواية بالهاء بصيغة الجمع.
وقال المزني عن الشافعي عن مالك: خشبه بلا تنوين بهاء الوقف، وقال عن يونس بن عبد الأعلى عن وهب عن مالك: خشبة بالتنوين.
قال أبو عمر بن عبد البر: والمعنى واحد؛ لأن المراد بالواحدة الجنس.
قال الحافظ: وهذا الذي يتعين للجمع بين الروايتين وإلا فقد يختلف المعنى؛ لأن أمر الخشبة الواحدة أخف في مسامحة الجار بخلاف الخشب الكثير لما فيه من الضرر، ثم يدعي ورثة صاحب الخشب أن الجدار لنا، ورجح ابن العربي رواية الإِفراد؛ لأن الواحدة مرفق، وهي التي يحتاج للسؤال عنها قال: أي: الأعرج ثم أي: بعد روايته هذا الحديث محافظة على العمل به وحضًا عليه لما رآهم توقعوا عنه يقول أبو هريرة: ما لي بسكون التحتية أو بفتحها (ق 837) أراكم عنها أي: عن هذه السنة أو المقالة مُعرضين، كلمة "ما" هذا للتعجب وأن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه تعجب من حال نفسه في رؤيتهم بأنهم أعرضوا عن هذه السنة واشتغلوا عما سمعوا عنه، ولم يقبلوا عليها بل طأطؤوا ونكسوا رؤوسهم وأنكر عليهم إعراضهم ولا يخفى أنه لا معنى للاستفهام العاقل عن حال نفسه، كما أخبر تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عن تعجب سليمان صلوات الله على نبينا وعليه، حين لم ير
(1) في التقريب (1/ 352).