الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن أبي طالب رضي الله عنه: أنه نهى عن بيع البعير بالبعيرين إلى أجل، والشاة بالشاتين إلى أجل، وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، فبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• قال محمد: أخبرنا مالك كذا في نسخة الشارح، أخبرنا ابن أبي ذؤيب تصغير ذئب مولى حازم بن حرملة الغفاري، مجهول، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، مات سنة بعد المائة عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط، تصغير قسط ابن أسامة الليثي، يكنى أبا عبد الله المدني الأعرج، ثقة، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة اثنين وعشرين ومائة، وله تسعون سنة عن أبي حسن البزار، بالزاي ثم الراء المهملة عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه نهى عن بيع البعير بالبعيرين إلى أجل، أي: إلى وقت معلوم متأخر والشاة بالشاتين إلى أجل، أي: وهذا القياس في سائر الحيوانات وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، بفتح النون وكسر السين المهملة والهمزة المفتوحة والفوقية أي: وقتًا معلومًا متراخيًا، وروى أحمد وابن ماجه عن جابر مرفوعًا: لا بأس ببيع الحيوان واحد باثنين يدًا بيد فبهذا الحديث نأخذ، نعمل ونفتي وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
وقال مالك في (موطئه): أنه سأل ابن شهاب (ق 833) عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل فقال: لا بأس بذلك أي: يجوز.
وقال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا انتهى.
لما فرغ من بيان حكم بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ونقدًا، شرع في بيان حكم البيع على الشركة، فقال: هذا
* * *
باب الشركة في البيع
في بيان حكم الشركة في البيع، وهي بفتح الشين المعجمة وكسر الراء وبكسرهما الاشتراك، وفي نسخة: في البيوع، والمراد بها شركة خاصة، وهي أن يكون المال لواحد والخدمة لآخر.
803 -
أخبرنا مالك، أخبرنا العلاءُ بن عبد الرحمن بن يعقوب، أن أباه أخبره، قال: أخبرني أبي، قال: كنتُ أبيعُ البزَّ في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن عمر قال: لا يبيعن في سوقنا أعجمي، فإنهم لم يتفقهوا في الدين، ولم يقيموا الميزان والمكيال، قال يعقوب: فذهبتُ إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقلت له: هل لك في غنيمة باردة، قال: ما هي؟ قال: قلتُ: بَزٌّ قد علمتُ مكانَه، يبيعه صاحبه برخص لا يستطيع بيعه، أشتريه لك ثم أبيعه لك، قال: نعم، فذهبت فصفقت بالبزِّ ثم جئتُ به، فطرحته في دار عثمان، فلما رجع عثمان فرأى العُكومَ في داره، قال: ما هذا؟ قالوا: بَزٌّ جاء به يعقوب، قال: ادعوه لي، فجئتُ، قال: ما هذا؟ فقلتُ: هذا الذي قلتُ لك، قال: أنَظَرْتَهُ؟ فقلت: قد كفيتُك، ولكن رابَهُ حَرَسُ عمر، قال: نعم، فذهبتُ مع عثمان إلى حرس عمر، فقال: إن يعقوب يبيع بَزّي فلا تمنعوه، قالوا: نعم، فجئت بالبز السوقَ، فلم ألبث ثم جعلتُ ثمنه في مزودٍ وذهبتُ به إلى عثمان رضي الله عنه، وبالذي اشتريتُ البزّ منه، فقلت له: عُدَّ الذي لك، فاعتدّه وبقي مال كثير، قال: فقلتُ لعثمان: هذا لك، أما إني لم أظلم فيه أحدًا، قال: جزاك الله خيرًا، وفرح بذلك، قال: قلت: أما إني قد علمت مكان بيعة مثلها، أو أفضل، قال: وعائد أنت؟ قلت: نعم إن شئت، قال: قد شئت، قال: قلت فإني باغ خيرًا فأشركني، قال: نعم، بيني وبينك.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس أن يشترك الرجلان في الشراء بالنسيئة، وإن لم يكن لواحد منهما رأس مال، على أن الربح بينهما، والوضيعة على ذلك، وإن ولي الشراء والبيع أحدهما دون صاحبه ولا يفضل واحد منهما صاحبَه في الربح فإنَّ ذلك لا يجوز أن يأكل أحدهما ربح ما ضمن صاحبه، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
(803) إسناده حسن.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا وفي نسخة: قال: بنا العلاءُ بن عبد الرحمن بن يعقوب، الحرقي بضم الحاء المهملة وفتح الراء المهملة بعدها قاف، يكنى أبا شبل بكسر الشين المعجمة وسكون الباء الموحدة المدني، صدوق ربما وهم، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة بضع وثلاثين ومائة كذا في (تقريب التهذيب) أن أباه أي: أبا العلاء، وهو عبد الرحمن بن يعقوب أخبره، أي: العلاء قال: أخبرني أبي، أي: يعقوب قال: كنتُ أبيعُ البزَّ بتشديد الزاي الثياب في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن عمر قال: لا يبيعن بصيغة النهي، وفي نسخة: لا يبيعه بصيغة النفي والمراد النهي عن البيع والشراء في سوقنا أي: أهل المدينة أعجمي، أي: غير عربي فإنهم كالعبد لم يتفقهوا في الدين، أي: في مسائله الشرعية وأحكامه الفرعية قال تعالى في سورة التوبة: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: 97] والأعاجم كانوا في حكمها أوائل الإِسلام قبل (إحكام الأحكام)، ويقال: فقه كفرح إذا علم فهو فقيه وفقه بالضم مثله وقيل: الضم إذا صار الفقه سجية، كذا في (المصابيح) وقد ورد:"الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" أو ولم يقيموا الميزان وفي نسخة: والمكيال أي: بالعدل والاعتدال، وفيه دليل على جوازه منع الحطام بعض أهل السوق عن البيع والشراء مع العذر تخليصًا عن المصائب، وفيه دليل على وجوب علم البيع والشراء على أهل السوق، ولئلا يكونوا من الغدارين خرّج الحاكم والطبراني والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين" يعني: أن قومًا إذا نقصوا الكيل والوزن لم تنبت الأرض شيئًا سواء وقع مطر أو لم يقع وعاقبهم الله بالقحط وضيق القوت والعيش، وأول الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خمس بخمس، ما نقص العهد قوم إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله عز وجل إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين (ق 834) ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر" وروى مسلم (1) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل
(1) مسلم (3/ 1359).
غادر لواء عند استه، يرفع في الجو بقدر غدره" قوله:"لواء" علم لتشهيره بما جناه بوضع أسفله قوله: "عندا سته" بكسر الهمزة وسكون السين المهملة، وهو الدبر وقوله:"بقدر غدره" أي: بحسب غدره قوةً وضعفًا إهانةً له، وإعلامًا للخلائق عمله القبيح قال يعقوب: فذهبتُ إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، أي: في زمن خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت له: هل لك أي: ميل ورغبة في غنيمة باردة، أي: في منفعة وفائدة زائدة قال: أي: عثمان ما هي؟ أي: أيُّ غنيمة هي فائدة قال: قلتُ: بَزٌّ قد علمتُ مكانَه، يبيعه صاحبه أي: البز وهو الثوب، وفي نسخة: يبيع برخص بضم الراء المهملة وسكون الخاء المعجمة، ثم صاد مهملة، أي: يسر وسهولة عن قيمة السوق وسببه أنه لا يستطيع بيعه، أي: لأنه أعجمي ممنوع عن بيعه في السوق أو بسبب غير ذلك أشتريه لك أي: من مالك ثم أبيعه لك، أي: وكالة قال: أي: عثمان جوابًا لسؤال يعقوب نعم، أي: اشتره ثم بعه؛ لأن لي رغبة إلى فائدة زائدة فذهبت فصفقت بالبزِّ أي: اشتريت الثوب، وأصل الصفق وضع اليد على اليد في البيع والبيعة، ثم جعل عبارة عن العقد نفسه، وقول ابن عمر البيع صفقة أو خيار أي: بيع بات بخيار، كذا في (المغرب) ثم جئتُ به، أي: بالبز فطرحت أي: ألقيت في دار عثمان، فلما رجع عثمان فرأى العُكومَ بضم العين المهملة والكاف المضمومة وسكون الواو ثم ميم جمع العكم بكسر العين وسكون الكاف، يقال له بلسان التركي: بوك دنكي وبيوك جوال به ابجنده توبلر أوله، كذا في (الأختري) في داره، قال: ما هذا؟ أي: أيُّ شيء هذا قالوا: أي: خدامه بَزٌّ أي: ثوبًا جاء به يعقوب، قال: ادعوه لي، أي: فجاء الداعي من طرف عثمان، وقال: إن عثمان يطلبك فجئتُ، إليه فقال: أي: سألني بأن قال: ما هذا؟ فقلتُ هذا الذي قلتُ أي: أخبرت لك، بأن عمر منع أن يبيع رجلٌ أعجمي في سوقنا فإنهم لم يفقهوا في الدين، وأنا أعلم رجلًا خارج السوق يبيع ثوبًا أرخص مما يباع في السوق وأخبرتني؛ لأن أشتريه لك بقيمة يسيرة وأبيعه لك بفائدة زائدة قال: أي: عثمان أنَظَرْتَهُ؟ أي: هل أبصرت داخله فقلت: كفيتُك، أي: جعلتك كافيه أمره وفي نسخة: قد كفيتك ولكن رابني من الريب أي: أوقعني في شك حَرَسُ عمر، بفتح المهملتين وبعدهما سين مهملة، أي: حفاظ عمر في السوق والحاصل إنه خاف من جهتهم في شرائه، وبيعه قال: أي: يعقوب بفتح النون والعين المهملة وسكون الميم حرف (ق 835) إعلام، كذا قاله ابن هشام في (مغني اللبيب)
أي: أعلمك يا عثمان أن حجاب عمر في السوق يمنعوه البيع والشراء فذهبتُ مع عثمان إلى حرس عمر، فقال: إن يعقوب يبيع بَزّي أي: ثوبي فلا تمنعوه، أي: من بيعه في السوق قالوا: أي: الحراس نعم، أي: لا نمنعه فجئت بالبز السوقَ، فلم ألبث بفتح الموحدة أي: فلم أمكث ثم جعلتُ ثمنه في مزودٍ بكسر الميم وسكون الزاي وفتح الواو فدال مهملة، أي: وعاء، وأصله دعاء الزاد وذهبتُ وفي نسخة: ثم ذهبت به أي: بالمزود إلى عثمان وبالذي أي: البائع الذي اشتريتُ البزّ منه، أي: نسيئة فقلت له: أي: لبائعه عد بضم العين وتشديد الدال المفتوحة أمر أصله عُدَّ الذي أي: الثمن لك، من ثمنه فاعتدّه بتشديد الدال أي فعده وأخذه وبقي مال كثير، أي: زائد على قدر ثمنه قال: أي: يعقوب فقلتُ لعثمان: رضي الله عنه هذا أي: ما بقي من مال بعد قضاء حق البائع لك، أي: خاصة أما بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرف تنبيه إني لم أظلم فيه أي: في شرائي أو بيعي أحدًا، أي: لم أنقص حق أحد كقوله تعالى: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} الآية [الكهف: 33] قال أي: عثمان راضيًا عن عملي جزاك الله خيرًا، وفرح بذلك، أي: بسبب قولي أني لم أظلم فيه أحد فرحًا كثيرًا قال: أي: يعقوب قلت: أي: لعثمان أما بالتخفيف إني قد علمت مكان بيعة أي: بيع صفقة بز مثلها، أي: مثل المنفعة أو أفضل، كلمة أو للتخيير أي: أزيد منها قال: أي: عثمان ليعقوب الحرقي وعائد أنت؟ أي: وراجع أنت في أمرك قال: أي: العلاء بن عبد الرحمن حاكيًا عن يعقوب بأنه قال قلت أي: لعثمان: نعم بفتح النون والعين وسكون الميم أي: اعلم أنك إن شئت، أي: إن أردت يا عثمان بأن أشتري الثوب الثوب بثمن قليل مما يباع في السوق وأبيعه بربح زائد والربح بيني وبينك على الشركة قال: أي: عثمان قد شئت، أي: رضيت قال: أي: يعقوب قلت: فإني باغ أي: طالب خيرًا أي: أنواع الخير فأشركني، أي: اجعلني معك في ربحك قال: نعم، بيني وبينك أي: الربح مناصفة، كما يدل عليه إطلاق العبارة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما نعمل بهذا الحديث لا بأس أي: لا كراهة أن يشترك الرجلان أي: مثلًا في الشراء بالنسيئة، وإن لم يكن لواحد منهما رأس مال، على أن الربح بينهما، والوضيعة على ذلك، يقال: وضع تجارته خسر ولم يربح، والوضيعة في معنى الحطيطة والنقصان تسمية، بالمصدر، وبيع المواضعة خلاف بيع المرابحة، كذا في (المغرب) قال أي: محمد وإن ولي الشراء والبيع أي: باشرها أحدهما دون صاحبه ولا