الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مات سنة أربعين ومائة عن صِلَة بن زُفَر: بكسر الصاد المهملة وفتح اللام الخفيفة وبضم الزاي وفتح الفاء العبسي بالموحدة، يكنى أبا العلاء أو أبا بكر الكوفي كان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل الكوفة، مات في حدود السبعين كذا في (تقريب التهذيب) أن رجلًا أتى أي: جاء إلى عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه فقال له: إنه أوصى أي: أمر إلى يتيم، أي: لا يكون في حجر تربيتي فقال: لا تشترينّ من ماله شيئًا، أي: لنفسك ولا تستقرض من ماله شيئًا أي: من غير ضرورة إليه.
قال محمد: والاستعفاف أي: الامتناع عندنا عن ماله أي: عن أخذه ولو بعد الحاجة أفضل، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا والله أعلم.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بمال اليتيم من حرمة الاشتراء به والاستقراض بلا ضرورة، شرع في بيان ما يتعلق بحكم حال الرجل ينظر إلى عورة الرجل من غير داع إليه.
* * *
باب الرجل ينظر إلى عورة الرجل
في بيان حكم حال الرجل ينظر إلى عورة الرجل أي: بلا داع إليه، ووجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق المنع عن طرف الشرع، فقال: هذا
940 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: سمعتُ عبد الله بن عامر يقول: بينما أنا أغتسل ويتيم كان في حجر أبي، يصبّ أحدُنا على صاحبه إذ طلع علينا عامر، ونحن كذلك، فقال: ينظر أحدكم إلى عورة بعض؟ والله إني كنتُ لأحسبكم خيرًا منا، قلت: قومٌ وُلِدوا في الإِسلام ولم يولدوا في شيء من الجاهلية، والله إني لأظنكم الْخَلْف.
قال محمد: لا ينبغي للرجل أن ينظر إلى عورة أخيه المسلم إلا من ضرورة لمداواة أو نحوها.
(940) إسناده صحيح.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، قال: سمعتُ عبد الله بن عامر أي: ابن ربيعة الغزي حليف بني عدي، يكنى أبا محمد المدني، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة مشهورة ووثقه العجلي، مات سنة بضع وثمانين يقول: بينما أي: في وقت من الأوقات أنا أغتسل ويتيم كان أي: ذلك اليتيم الغاسل معي في حجر أبي، أي: في تربيته يصبّ أحدُنا على صاحبه أي: ماء الغسل إذ طلع علينا عامر، ونحن كذلك، أي: على مثل ذلك الحال فقال: أي: على وجه الإِنكار ينظر أي: أينظر بعضكم إلى عورة بعض؟ أي: ألم يسمع بما قال النبي (ق 960) صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الناظر والمنظور إليه"(1) كما قاله المناوي في (كنوز الحقائق) و (مسند الفردوس) للديلمي وألم ينظر بما أمر الله لنبيه في سورة النور: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30] قوله: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} أي: ليطبقوا جوفنهم عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، قوله:{وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} أي: ليستروا فروجهم عن نظر الأجانب، وقوله:{ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أي: غض البصر عن النظر بالمحرمات أظهر لقلوبهم، قوله:{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} أي: لا يخفى عليه إجالة أبصارهم واستعمال سائر حواسهم وتحريك جوارحهم وما يقصدون بها فليكونوا على حذر منه تعالى في كل حركة وسكون هذا خلاصة ما قاله البيضاوي والشيخ زادة والله إني كنتُ لأحسبكم أي: لأظنكم خيرًا منا، في الدين والتقوى وسببه أني قلت: أي: في خاطري قوم أي: هم قومٌ وُلِدوا في الإِسلام أي: وعلموا الأحكام ولم يولدوا في شيء أي: في حين من الجاهلية، أي: ليكونوا معذورين في الجهل ببعض الآداب الدينية والله إني لأظنكم أي: الآن الْخَلْف بسكون اللام لا بفتحها وهو خلف السوء قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].
قال محمد: لا ينبغي أي: لا يجوز للرجل أي: وكذا الصبي المراهق والمرأة أن ينظر إلى عورة أخيه المسلم هذا قيد اتفاقي إلا من ضرورة أي: داعية وباعثة لمداواة أي: للجراحة أو نحوها أي: نحو التداوي من الختان والفصادة والحجامة.
(1) أخرجه البيهقي في الكبرى (7/ 99) وفي الشعب (6/ 162) وابن عدي في الكامل (1/ 331).