الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل التفسير: سبب نزول هذه الآية هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: "من أتى مكان كذا فله من النفل كذا، ومن قتل قتيلًا فله كذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا"، فلما التقوا سارع إليه الشبان وأقام الشيوخ ووجوه الناس عند الريان، فلما فتح الله على المسلمين جاؤوا يطلبون ما جعل لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال الأشياخ كن ردًا لكم ولو انهزمتم لانحرفتم إلينا، فلا تذهبوا بالغنائم دوننا، وقام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري أخوتي مسلمة، فقال: يا رسول الله إنك وعدت أن من قتل قتيلًا فله كذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا، فإنا قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين، فقام سعد بن معاذ فقال: والله ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء إزهادة في الآخرة ولا جبن عن العدو ولكن كرهنا أن يعرى مصارفك فتعطف عليه وعليهم خيل من المشركين فيصيبوك، فأعرض عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال سعد: يا رسول الله إن الناس كثير والغنيمة دون ذلك فإن تعطي هؤلاء الذين ذكرت لا يبقى لأصحابك كثير شيء، فنزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما اليومَ فلا نفل بعد إحراز الغنيمة إلا من الخُمُس لمحتاج.
وفي تفسير البغوي قال مجاهد وعكرمة والسدي: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية [الأنفال: 41] كانت الغنائم يومئذ للنبي صلى الله عليه وسلم فنسخها الله بالخمس.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هي ثابتة غير منسوخة أي: الحكم فيها لله والرسول، وقد بين الله مصارفيها في قوله:{أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالسير والغزاة، شرع في بيان ما يتعلق بحال الرجل يعطي له في طريق الفرد شيء.
* * *
باب الرجل يعطي الشيء في سبيل الله
في بيان ما يتعلق بحال الرجل يعطي بصيغة المجهول الشيء في سبيل الله أي: في طريق الغزو، ووجه المناسبة بين هذا الباب والباب السابق هو اللازم والملزوم فتأمل.
864 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيَّب، أنه سئل عن الرجل يُعطي الشيء في سبيل الله، قال: إذا بلغ رأس مغزاته فَهو له.
قال محمد: هذا قول سعيد بن المسيب، وقال ابن عمر: إذا بلغ وادي القُرى فهو له، وقال أبو حنيفة وغيره من فقهائنا: إذا دفعه إليه صاحبه فهو له.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا مالك أخبرنا يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني يكنى أبا سعيد القاضي، ثقة ثبت كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين أو بعدها ومائة عن سعيد بن (ق 894) المسيَّب لات حزن بن وهب بن عمرو بن عامر بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أحد العلماء الأثبات كان في الطبقة الأولى، من طبقات التابعين من أهل المدينة ومن كبار علمائها، اتفقوا على أن مرسلاته أصلح المراسيل، وقال المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين بيسير وهو ابن أربع وثمانين سنة كذا قاله الحافظ العسقلاني أنه سئل عن الرجل يُعطي بصيغة المجهول الشيء في سبيل الله، أي: في طريق الغزو قال: إذا بلغ أي: الرجل رأس مغزاته بفتح الميم والعين المعجمة فزاء ثم ألف وفوقية موضع الغزو فَهو أي: المال المعطى له أي: ثبت له ملكًا وفيه حل ذلك المغازي وإن كان غنيًا فليس كالصدقة.
قال محمد: هذا أي: كون الرجل مالكًا بما أعطى له إذا بلغ موضع الغزو قول سعيد بن المسيب، وقال ابن عمر: إذا بلغ وادي القُرى بضم القاف وفتح الراء المهملة المقصورة موضع بقرب المدينة؛ لأنه رأس الغزاة فمنه يدخل إلى أول الشام فهو ما أعطى له، يعني إنه ملك له، وإنما قال: إذا بلغ ورأى القرى خيفة أن يرجع المعطي فلف المعطية ولم يبلغ صاحبه مراده فيها، فإذا بلغ الوادي كان أغلب أحواله أن لا يرجع حتى يغزو وقال أبو حنيفة وغيره من فقهائنا: أي: نحن معشر أهل الكوفة إذا دفعه إليه صاحبه أي: وقبضه الآخر فهو له.
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل يعطي الشيء في طريق الغزو، شرع في بيان إثم الخوارج وفضل أهل السنة والجماعة، فقال: هذا
* * *
(864) صحيح.