المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(25) باب: فى الثيب - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٧

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(5) أَوَّلُ كتَابِ الْمَنَاسِكِ

- ‌(1) باب فرض الحجِّ

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌(3) بَابٌ: "لَا صَرُورَةَ

- ‌(4) (بَابُ التِّجَارَةِ في الْحَجِّ)

- ‌(5) بَابٌ

- ‌(6) بَابُ الْكَرِيِّ

- ‌(7) بَابٌ: في الصَّبِيِّ يَحُجّ

- ‌(8) بابٌ: في الْمَوَاقِيتِ

- ‌(9) بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(10) بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌(11) بَابُ التَّلْبِيدِ

- ‌(12) بَابٌ: في الْهَدْي

- ‌(13) بابٌ: في هَدْيِ الْبَقَرِ

- ‌(14) بَابٌ: في الإِشْعَارِ

- ‌(15) بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ

- ‌(17) بَابٌ: في رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(19) بابٌ: كيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ

- ‌(20) بَابٌ: في وَقْتِ الإِحْرَامِ

- ‌(21) بَابُ الاشْتِرَاطِ في الْحَجِّ

- ‌(22) بَابٌ: في إِفْرَادِ الْحَجّ

- ‌(23) بَابٌ: في الإِقْرَانِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ

- ‌(25) بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌(26) بابٌ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌(27) بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَة

- ‌(28) بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَه

- ‌(29) بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ في ثِيَابِهِ

- ‌(30) بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ

- ‌(31) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاح

- ‌(32) بابٌ: في الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌(33) بَابٌ: في الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌(34) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌(36) بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌(37) بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّج

- ‌(38) بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌(39) بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِم

- ‌(40) بَابُ الْجَرَادِ للْمُحْرِم

- ‌(41) بَابٌ: في الْفِدْيَةِ

- ‌(42) بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌(43) بَابُ دُخُول مَكَّة

- ‌(44) (بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(45) بابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

- ‌(46) بَابُ اسْتِلَامِ الأَرْكَانِ

- ‌(47) بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ

- ‌(48) بَابُ الاضْطِبِاع في الطَّوَاف

- ‌(49) بَابٌ: في الرَّمَلِ

- ‌(50) بَابُ الدُّعَاء في الطَّوَافِ

- ‌(51) بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(52) بَابُ طَوَافِ الْقَارِن

- ‌(53) بَاب الْمُلْتَزَمِ

- ‌(54) بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(56) بَابُ الْوقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(58) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(59) بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(60) (بابُ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(61) بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(63) بَابُ الصَّلَاة بِجَمْعٍ

- ‌(64) بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌(65) بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌(66) بَابُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(67) بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة

- ‌(68) بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(69) بَابٌ: أَيُّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌(70) بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَومَ النَّحْرِ

- ‌(71) بَابٌ: أَيُّ وَقْتٍ يُخْطَبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌(72) بَابُ مَا يَذْكُرُ الإِمَامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌(73) بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى

- ‌(74) بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى

- ‌(75) بَابُ الْقَصْرِ لأَهْلِ مَكَّة

- ‌(76) بَابٌ في رمْيِ الجِمَارِ

- ‌(77) بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِير

- ‌(78) بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(79) (بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فتنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ، هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا

- ‌(80) بَابُ الْمَقَامِ في العُمْرَةِ

- ‌(81) بَابُ الإفَاضَةِ في الْحَجّ

- ‌(82) بَابُ الْوَدَاعِ

- ‌(83) بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌(84) بَابُ طَوَافِ الْوَدَاع

- ‌(85) بَابُ التَّحْصِيبِ

- ‌(87) بابٌ: فِى مَكَّةَ

- ‌(88) (بَابُ تَحْرِيمِ مَكَّةَ)

- ‌(89) بابٌ فِى نَبِيذِ السِّقَايَةِ

- ‌(90) بَابُ الإِقَامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ

- ‌(92) بابٌ: فِى مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(93) بابٌ: فِى إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ

- ‌(94) بَابٌ: في تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ

- ‌(95) بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(6) أَوَّلُ كِتَابِ النِّكَاحِ

- ‌(1) بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ

- ‌(2) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(3) (بابٌ: في تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ)

- ‌(4) (بابٌ: فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً})

- ‌(5) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(6) بَابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌(7) بَابٌ: في لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(8) بابٌ: فِى رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ

- ‌(9) بَابُ مَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُون خَمْسِ رَضَعَاتٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: في نِكَاحِ الْمُتعَةِ

- ‌(14) بابٌ: فِى الشِّغَارِ

- ‌(15) بَابٌ: في التَّحْلِيلِ

- ‌(16) بَابٌ: في نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ

- ‌(17) بابٌ: فِى كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(18) بَابُ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا

- ‌(19) بَابٌ: في الْوَلِيِّ

- ‌(20) بَابٌ في الْعَضْلِ

- ‌(21) بَابٌ: إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ

- ‌(22) بابٌ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌(23) بابٌ: فِى الاِسْتِئْمَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأمِرُهَا

- ‌(25) بابٌ: فِى الثَّيِّبِ

الفصل: ‌(25) باب: فى الثيب

(25) بابٌ: فِى الثَّيِّبِ

2098 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَا: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الأَيِّمُ

===

قلت: جرير بن حازم ثقةٌ جليلٌ، وقد زاد الرفع، فلا يضره إرسال من أرسله، كيف وقد تابعه الثوري، وزيد بن حبان، فروياه عن أيوب كذلك مرفوعًا؟ ! كذا قال الدارقطني وابن القطان، وأخرج رواية زيد كذلك النسائي وابن ماجه في "سننهما" من حديث معمر بن سليمان، عن زيد، عن أيوب.

والروايةُ التي ذكرها البيهقي بعد هذا تشهد لهذه الرواية بالصحة، وهي أن البيهقي قال: وروي من وجه آخر عن عكرمة موصولًا، وهو أيضًا خطأ، ثم ذكره، وفي سنده الذماري، فحكى عن الدارقطني أنه ليس بقوي، وأنه وهم فيه، والصواب مرسلٌ. قلت: هذه كما تقدم زيادة من الذماري، وهو أخرج له الحاكم في "المستدرك"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكر صاحب "الكمال" عن عمر بن علي الصوفي أنه ثقةٌ.

(25)

(بابٌ: فِى الثَّيِّبِ)، أي البالغة

2098 -

(حدثنا أحمد بن يونس وعبد الله بن مسلمة قالا: نا مالك، عن عبد الله بن الفضل) بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم المدني، عن أحمد: لا بأس به، وقال ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، والعجلي، وابن البرقي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، (عن نافع بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأيِّم). قال الحافظ (1): وظاهر الحديث أن الأيَّم هي الثيِّب التي فارقتْ زوجها بموتٍ، أو طلاقٍ لمقابلتها

(1)"فتح الباري"(9/ 192).

ص: 681

أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِى نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا»،

===

بالبكر، وهذا هو الأصل في الأيِّم وقد تطلق على من لا زوجَ لها أصلًا، ونقله عياض عن إبراهيم الحربي، وإسماعيل القاضي وغيرهما أنه يطلق على كل من لا زوجَ لها، صغيرة كانت أو كبيرة. وحكى الماوردي القولين لأهل اللغة.

قلت: قال في "القاموس": الأيِّمُ ككيِّس: من لا زوجَ لها، بكرًا كانت أو ثيبًا، ومن لا امرأة له، جَمْعُ الأَوَّل أيايِمُ، وأيامَى، انتهى. ولم يذكر المعنى الثاني.

(أحق بنفسها من (1) وليها، والبكر تستأمر في نفسها، وإذنها صُماتها)، استدل الإِمام الشافعي رحمه الله بهذا الحديث، ووجه الاستدلال أنه قسم النساء قسمين: ثيبًا وأبكارًا، ثم خص الثيِّب بأنها أحق من وليها، مع أنها هي والبكر اجتمعا في ذهنه، فلو أنها كالثيب في ترجح حقها على حق الولي لم يكنْ لإفراد الثيِّب معنى، وصار بهذا كقوله: في سائمة الغنم زكاة.

فإن قالوا: قد رواه مسلم أيضًا بلفظ: "الأيِّمُ أحق بنفسها"، والأيِّم: هي التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا.

قلنا: المراد بالأيِّمِ أيضًا الثيبُ؛ لأنه لما ذكر البكر علم أنه أراد الثيب، إذ ليس قسم ثالث، والجواب عنه أن المفهومَ ليس بحجةٍ عندنا، ولو سلم فلا يعارض المفهوم المنطوق، ولو سلم فنفس نظم باقي الحديث يخالف المفهوم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"والبكر تُستأمر في نفسها"، إذ وجوب الاستئمار على ما يفيده لفظ الخبر منافٍ للإجبار، لأنه طلب الأمر أو الإذن، وفائدته الظاهرة ليست إلَّا ليعلم رضاها أو عدمه، فيعمل على وفقه، هذا هو الظاهر من طلب الاستئذان، فيجب البقاء معه، وتقديمه على المفهوم لو عارضه.

(1) فمعنى الحديث عندهم كما فسر به الترمذي أن الولي إذا أنكحها بدون الاستئذان فنكاحها مفسوخ. وليس المعنى أن لها أن تنكح نفسها كما قال الأحناف. (ش).

ص: 682

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والحاصل من اللفظ إثباتُ الأحقية للثيِّب بنفسها مطلقًا، ثم أثبت مثله للبكر، حيث أثبت حق أن تستأمر، وغايةُ الأمرِ أنه نصَّ على أحقيَّةِ كل من الثيب والبكر بلفظ يخصها، كأنه قال: الثيِّب أحقُّ بنفسها والبكرُ أحق بنفسها أيضًا، غير أنه أفاد أحقية البكر بإخراجه في ضمن إثبات حق الاستئمار لها.

وسببه أن البكر لا تخطب إلى نفسها عادة، بل إلى وليها، بخلاف الثيب، فلما كان الحال أنها أحق بنفسها، وخطبتها تقع للولي، صرح بإيجاب استئماره إياها، فلا يفتاتُ عليها بتزويجها قبل أن يظهرَ رضاها بالخاطب، والأيِّمُ من لا زوجَ لها، بكرًا كان أو ثيبًا، فإنها صريحة في إثبات الأحقية للبكر، ثم تخصيصها بالاستئذان، وذلك لما قلنا من السبب، وبه تتفق الروايتان، بخلاف ما مشوا عليه، فإنه إثبات المعارضة بينهما، وتخصيص المنطوق، وهو الأيِّم لإعمال المفهوم مع أن باقي رواية الثيب ظاهرة في خلاف المفهوم على ما قررناه، فلا يجوز العدولُ عما ذهبنا إليه في تقرير الحديث. قاله ابن الهمام في "فتح القدير"(1).

وقال الشوكاني في "النيل"(2): وظاهر أحاديث البابِ أن البكرَ البالغةَ إذا زوِّجتْ بغير إذنها، لم يصح العقد، وإليه ذهب الأوزاعي، والثوري، والعترة، والحنفية، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم. وذهب مالك، والشافعي، والليث، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق إلى أنه يجوز للأب أن يزوجها بغير استئذان، ويرد عليهم ما في أحاديث الباب من قوله:"والبكرُ يستأمرها أبوها"، ويرد عليهم أيضًا حديث عبد الله بن بريدة الذي سيأتي في "باب ما جاء في الكفاءة".

وأما ما احتجوا به من مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: "الثيِّب أحقُ بنفسها من وليها"،

(1)"فتح القدير"(3/ 254).

(2)

"نيل الأوطار"(4/ 199).

ص: 683

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فدل على أن ولي البكر أحق بها منها، فيجاب عنه بأن المفهومَ لا ينتهض للتمسك به في مقابلة المنطوق. وقد أجابوا عن دليل أهل القول الأول بما قاله الشافعي من أن المؤامرة قد تكون على استطابة النفس، ويؤيده حديث ابن عمر بلفظ:"وآمِرُوا النِّساء في بناتهنَّ"، قال: ولا خلاف أنه ليس للأم أمر، لكنه على معنى استطابة النفس.

وقال في "الجوهر النقي"(1): حكى البيهقي عن الشافعي أنه قال: لو كان النكاح لا يجوز على البكر إلَّا بأمرها لم يجز أن تزوج حتى يكون لها أمر في نفسها.

قلت: قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تُنكح البكرُ حتى تستأذن" دليلٌ على أن البكرَ البالغَ لا يجبرها أبوها ولا غيره. قال شارح "العمدة": وهو مذهب أبي حنيفة، وتمسكه بالحديث قوي؛ لأنه أقرب إلى العموم في لفظ البكر، وربما يُزاد على ذلك بأن يقال: الاستئذان إنما يكون في حق من له إذن، ولا إذنَ للصغيرة، فلا يكون داخلةً تحت الإرادة، ويختص الحديث بالبوالغ، فيكون أقرب إلى التناول.

وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تُنكح البكر حتى تستأذنَ"، وهو قول عام. فكل من عقد على خلاف ما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو باطل؛ لأنه حجة على الخلق، وليس لأحدٍ أن يستثني، إلَّا سنَّة مثلها، فلما ثبت أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه زوَّج عائشة رضي الله عنها من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهيَ صغيرة، لا أمر لها في نفسها، كان ذلك مستثنى منه، انتهى.

وقوله عليه السلام في حديث ابن عباس: "والبكرُ يستأذنُها أبوها"، صريح في أن الأبَ لا يجبر البكرَ البالغَ، ويدل عليه أيضًا حديث جرير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فترك الشافعي منطوق هذه الأدلة، واستدل بمفهوم حديث:"الثيب أحق بنفسها"، وقال: هذا يدل على أن البكرَ بخلافها.

(1) انظر: "السنن الكبرى مع الجوهر النقي"(7/ 114).

ص: 684

وَهَذَا لَفْظُ الْقَعْنَبِىِّ. [م 1421، ت 1108، جه 1870، ن 3260، حم 1/ 219]

2099 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ:«الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا» . [ن 3264، وانظر سابقه]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُوهَا لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ.

===

وقال ابن رشد (1): العموم أولى من المفهوم بلا خلاف، لا سيما وفي حديث مسلم "البكر يستأمرها أبوها"، وهو نص في موضع الخلاف.

وقال ابن حزم: ما نعلم لمن أجاز على البكر البالغة إنكاح أبيها لها بغير أمرها متعلقًا أصلًا، وذهب ابن جرير أيضًا إلى أن البكر البالغة لا تجبر، وأجاب عن حديث:"الأيِّم أحقُّ بنفسها"، بأن الأيِّمَ من لا زوجَ له، رجلًا أو امرأة، بكرًا أو ثيبًا، لقوله تعالى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} ، وكرَّر ذكرَ البكرِ بقوله:"والبكر تستأذن" للفرق بين الإذنين، إذن الثيب، وإذن البكر. ومن أوَّل الأيم بالثيب أخطأ في تأويله. وخالف سلف الأمة وخلفها في إجازتهم لوالد الصغيرة تزويجها، بكرًا كانت أو ثيبًا، من غير خلاف.

(وهذا) أي لفظ هذا الحديث (لفظ القعنبي) دون أحمد بن يونس.

2099 -

(حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا سفيان، عن زياد بن سعد، عن عبد الله بن الفضل بإسناده) أي بإسناد حديث عبد الله بن الفضل (ومعناه، قال) زياد بن سعد بلفظ: (الثِّيبُ أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها. قال أبو داود: أبوها) أي لفظ أبوها في الحديث (ليس بمحفوظٍ)، وفي النسخة على الحاشية:"هذا من سفيان".

(1) انظر: "بداية المجتهد"(2/ 5).

ص: 685

2100 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ لِلْوَلِىِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ، وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ، وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا» . [ن 3263، حم 1/ 334، ق 7/ 168]

===

قال الحافظ (1): وقال البيهقي: زيادة ذكر الأب في حديث ابن عباس غير محفوظة. قال الشافعي: زادها ابن عيينة في حديثه، وكان ابن عمر والقاسم و (2) سالم يزوجون الأبكار لا يستأمرونهن، قال البيهقي: والمحفوظ في حديث ابن عباس: "البكر تستأمر"، رواه صالح بن كيسان بلفظ "واليتيمةُ تُستأمر"، وكذلك رواه أبو بردةَ، عن أبي موسى، ومحمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فدل على أن المراد بالبكر اليتيمة، قلت: وهذا لا يدفع زيادة الثقة الحافظ بلفظ الأب، انتهى.

2100 -

(حدثنا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن صالح بن كيسان، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس للولي مع الثيب أمرٌ، واليتيمة) البكرُ البالغةُ (تُستأمرُ، وصمتُها إقرارُها) أي: إذنها.

أخرج الدارقطني (3) بسنده عن ابن إسحاق، حدثني صالح بن كيسان، عن عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الأيِّم أولى بأمرها، واليتيمةُ تُستأمرُ في نفسها، وإذنُها صُماتُها"، تابعه سعيد بن سلمة، عن صالح بن كيسان، وخالفهما معمر في إسناده، وأسقط منه رجلًا، وخالفهما أيضًا في متنه، فأتى بلفظ آخر وهم فيه، لأن كل من رواه عن عبد الله بن الفضل، وكل من رواه عن نافع بن جبير مع عبد الله بن الفضل خالفوا معمرًا، واتفاقهم على خلافه دليل على وهمه، والله أعلم.

(1)"فتح الباري"(9/ 193).

(2)

في الأصل: "والقاسم ابن سالم"، وهو تحريف.

(3)

"سنن الدارقطني"(3/ 239).

ص: 686

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ثم أخرج بسنده حديث سعيد بن سلمة بن أبي الحسام قال: نا صالح ابن كيسان، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت ابن عباس [يقول: ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأيِّم أحق بنفسها من وليها" الحديث.

ثم أخرج حديث معمر عن صالح بن كيسان، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس للولي مع الثيب أمرٌ" الحديث. ثم قال: كذا رواه معمر عن صالح، والذي قبله أصح في الإسناد والمتن؛ لأن صالحًا لم يسمعه من نافع بن جبير، وإنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه، اتفق على ذلك ابن إسحاق وسعيد بن سلمة، عن صالح، سمعت النيسابوري يقول: الذي عندي أن معمرًا أخطأ فيه، انتهى.

وقال النسائي: لعل صالح بن كيسان سمعه من عبد الله بن الفضل، كذا رواه من طريق ابن إسحاق عن صالح بن كيسان، قلت: سماع صالح بن كيسان عن نافع بن جبير ليس ببعيد، فإنه رأى ابن عمر وابن الزبير.

ووقع في "كتاب الزكاة" من "صحيح البخاري": صالح أكبر من الزهري، أدرك ابن عمر. وأما نافع بن جبير فإنه كما قال الواقدي عن ابن أبي الزناد: مات سنة تسع وتسعين، فلا استحالة في لقاء صالح بن كيسان نافعَ بن جبير، فيمكن أنه سمع من عبد الله بن الفضل، ثم سمعه من صالح بن كيسان أيضًا، ولا مضايقة فيه.

وأما معمر بن راشد، فهو ثقة ثبت فاضلٌ، وكان فقيهًا حافظًا متقنًا. فمخالفة ابن إسحاق وسعيد بن سلمة لا يضرُّه، فإنَّ ابن إسحاق من تعرف حاله، وأما سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، قال النسائي: شيخ ضعيف، وقال أبو حاتم: سألت ابن معين عنه، فلم يعرفه.

ص: 687

2101 -

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعٍ ابْنَىْ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّيْنِ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ (1) الأَنْصَارِيَّةِ: "أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِىَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ،

===

2101 -

(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه) القاسم بن محمد، (عن عبد الرحمن ومجمع) بضم الميم وفتح الجيم وكسر الميم الثقيلة ثم عين مهملة (ابني يزيد) بن جارية (الأنصاريين) وهو ابن أخي مجمع بن جارية الصحابي، الذي جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج له أصحابُ "السنن"، وقد وهم من زعَم أنهما واحد، ومنه قيل: إن لمجمع بن يزيد صحبة، وليس كذلك، وإنما الصحبةُ لعمه مجمع بن جارية.

(عن خنساء) بمعجمة، ثم نون مهملة وزن حمراء (بنت خدام) بكسر المعجمة وتخفيف المهملة (2)، قيل: اسم أبيه وديعة، والصحيح أن اسم أبيه خالد، ووديعة اسم جده، (الأنصارية: أن أباها) خدامًا (زوَّجها وهيَ ثيبٌ فكرهتْ ذلك).

ووقع في رواية الثوري قالت: أنكحني أبي، وأنا كارهة، وأنا بكر، والأول (3) أرجح، فقد ذكر الحديث الإسماعيلي من طريق شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، فقال في روايته: وأنا أريد أن أتزوجَ عم ولدي. وفي رواية

(1) في نسخة: "خذام"، بخاء معجمة مكسورة فذال معجمة.

(2)

كذا في "الفتح" و"التقريب"(8573)، وكذا حكاه في "المحلى" عن "جامع الأصول"، وبها ضبطه العيني، وصحَّح الكرماني وغيره الذال المعجمة كما في "المرقاة"، وقال: كذا في النسخ الصحيحة أي من "المشكاة"، وكذا ضبطه بالذال المعجمة الدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(2/ 897)، وابن ماكولا في "الإكمال"(3/ 130)، وابن ناصر الدين في "التوضيح"(3/ 153).

(3)

وبه جزم ابن الأثير في "أسد الغابة"(6875). (ش).

ص: 688

فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ (1) فَرَدَّ نِكَاحَهَا". [خ 5138، ن 3268، جه 1873]

===

عند عبد الرزاق: أن رجلًا من الأنصار تزوَّج خنساء بنت خدام، فقُتل عنها يوم أحد، فأنكحَها أبوها رجلًا، فهذا يدل على أنها كانت ولدت قبل ذلك (2).

قلت: لا معارضةَ بينهما، حتى يحتاجَ إلى الترجيح، فيحتمل أن يكون وقع لها هذه القصة مرتين: مرة وقعت لها حال كونها بكرًا، ثم وقعت لها حال كونها ثيبًا، وهذا أهونُ من أن يرد الحديث الصحيح بهذا العذر الواهي مع أن القائل بكونها ثيبًا وهو عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد، والقائلةُ بكونها بكرًا هي خنساء نفسها، فلا يرجح قولهما بمقابلة قولها.

(فجاءت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فذكرتْ ذلك) أي له (فردَّ) أي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (نكاحَها).

بحمد الله وتوفيقه تمَّ المجلد السابع ويتولوه إن شاء الله المجلد الثامن وأوله: "باب في الأكفاء" وصلَّى الله تعالى على خيرنا خلقه سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا كثيرًا.

(1) في نسخة: "ذاك". وفي نسخة: "ذلك له".

(2)

انظر: "فتح الباري"(9/ 195).

ص: 689