المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(25) باب: كيف التلبية - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٧

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(5) أَوَّلُ كتَابِ الْمَنَاسِكِ

- ‌(1) باب فرض الحجِّ

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌(3) بَابٌ: "لَا صَرُورَةَ

- ‌(4) (بَابُ التِّجَارَةِ في الْحَجِّ)

- ‌(5) بَابٌ

- ‌(6) بَابُ الْكَرِيِّ

- ‌(7) بَابٌ: في الصَّبِيِّ يَحُجّ

- ‌(8) بابٌ: في الْمَوَاقِيتِ

- ‌(9) بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(10) بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌(11) بَابُ التَّلْبِيدِ

- ‌(12) بَابٌ: في الْهَدْي

- ‌(13) بابٌ: في هَدْيِ الْبَقَرِ

- ‌(14) بَابٌ: في الإِشْعَارِ

- ‌(15) بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ

- ‌(17) بَابٌ: في رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(19) بابٌ: كيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ

- ‌(20) بَابٌ: في وَقْتِ الإِحْرَامِ

- ‌(21) بَابُ الاشْتِرَاطِ في الْحَجِّ

- ‌(22) بَابٌ: في إِفْرَادِ الْحَجّ

- ‌(23) بَابٌ: في الإِقْرَانِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ

- ‌(25) بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌(26) بابٌ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌(27) بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَة

- ‌(28) بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَه

- ‌(29) بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ في ثِيَابِهِ

- ‌(30) بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ

- ‌(31) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاح

- ‌(32) بابٌ: في الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌(33) بَابٌ: في الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌(34) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌(36) بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌(37) بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّج

- ‌(38) بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌(39) بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِم

- ‌(40) بَابُ الْجَرَادِ للْمُحْرِم

- ‌(41) بَابٌ: في الْفِدْيَةِ

- ‌(42) بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌(43) بَابُ دُخُول مَكَّة

- ‌(44) (بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(45) بابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

- ‌(46) بَابُ اسْتِلَامِ الأَرْكَانِ

- ‌(47) بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ

- ‌(48) بَابُ الاضْطِبِاع في الطَّوَاف

- ‌(49) بَابٌ: في الرَّمَلِ

- ‌(50) بَابُ الدُّعَاء في الطَّوَافِ

- ‌(51) بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(52) بَابُ طَوَافِ الْقَارِن

- ‌(53) بَاب الْمُلْتَزَمِ

- ‌(54) بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(56) بَابُ الْوقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(58) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(59) بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(60) (بابُ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(61) بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(63) بَابُ الصَّلَاة بِجَمْعٍ

- ‌(64) بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌(65) بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌(66) بَابُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(67) بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة

- ‌(68) بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(69) بَابٌ: أَيُّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌(70) بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَومَ النَّحْرِ

- ‌(71) بَابٌ: أَيُّ وَقْتٍ يُخْطَبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌(72) بَابُ مَا يَذْكُرُ الإِمَامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌(73) بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى

- ‌(74) بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى

- ‌(75) بَابُ الْقَصْرِ لأَهْلِ مَكَّة

- ‌(76) بَابٌ في رمْيِ الجِمَارِ

- ‌(77) بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِير

- ‌(78) بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(79) (بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فتنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ، هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا

- ‌(80) بَابُ الْمَقَامِ في العُمْرَةِ

- ‌(81) بَابُ الإفَاضَةِ في الْحَجّ

- ‌(82) بَابُ الْوَدَاعِ

- ‌(83) بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌(84) بَابُ طَوَافِ الْوَدَاع

- ‌(85) بَابُ التَّحْصِيبِ

- ‌(87) بابٌ: فِى مَكَّةَ

- ‌(88) (بَابُ تَحْرِيمِ مَكَّةَ)

- ‌(89) بابٌ فِى نَبِيذِ السِّقَايَةِ

- ‌(90) بَابُ الإِقَامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ

- ‌(92) بابٌ: فِى مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(93) بابٌ: فِى إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ

- ‌(94) بَابٌ: في تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ

- ‌(95) بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(6) أَوَّلُ كِتَابِ النِّكَاحِ

- ‌(1) بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ

- ‌(2) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(3) (بابٌ: في تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ)

- ‌(4) (بابٌ: فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً})

- ‌(5) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(6) بَابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌(7) بَابٌ: في لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(8) بابٌ: فِى رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ

- ‌(9) بَابُ مَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُون خَمْسِ رَضَعَاتٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: في نِكَاحِ الْمُتعَةِ

- ‌(14) بابٌ: فِى الشِّغَارِ

- ‌(15) بَابٌ: في التَّحْلِيلِ

- ‌(16) بَابٌ: في نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ

- ‌(17) بابٌ: فِى كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(18) بَابُ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا

- ‌(19) بَابٌ: في الْوَلِيِّ

- ‌(20) بَابٌ في الْعَضْلِ

- ‌(21) بَابٌ: إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ

- ‌(22) بابٌ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌(23) بابٌ: فِى الاِسْتِئْمَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأمِرُهَا

- ‌(25) بابٌ: فِى الثَّيِّبِ

الفصل: ‌(25) باب: كيف التلبية

(25) بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

؟

1812 -

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ. لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ

===

الصحة، ويحمل ترك الاستفصال في حديث الخثعمية على علمه بأنها حجت عن نفسها أولًا، وإن لم يرو لنا طريق علمه بذلك جمعًا بين الأدلة كلها، أعني دليل التضييق عند الإمكان، وحديث شبرمة والخثعمية، والله سبحانه أعلم. انتهى ملخصًا.

تنبيه: العبادات على ثلاثة أقسام: عبادة بدنية محضة كالصلاة، ومالية خالصة كالزكاة، ومركبة من البدنية والمالية كالحج، فالأولى لا تجري فيه النيابة مطلقًا عندنا، والثانية تجري فيه النيابة مطلقًا، والثالثة لا تجري فيها النيابة في غير عذر، ولكن تجري فيها إذا كان معذورًا لا يرجى زوال عذره، والدلائل مبسوطة في كتب المذهب.

(25)

(بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ؟ )(1)

التلبية مصدر لَبَّى معناه التكلم بلبَّيك اللهم لبيك

إلخ، كالتحميد والتهليل والتكبير

1814 -

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ) قال الحافظ (2): هو لفظ مثنى عند سيبويه ومن تبعه، وقال يونس: هو اسم مفرد، وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير كلَدَيَّ وَعَلَيَّ، ورد بأنها قلبت ياء مع

(1) واتخاذها وردًا كبقية الأذكار مكروه عند مالك، كذا في "الدسوقي"(2/ 262)، ولا بأس به عند الجمهور، كذا في "المغني"(5/ 101 و 107). (ش).

(2)

"فتح الباري"(3/ 409).

ص: 161

إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ،

===

المظهر. وعن الفراء: هو منصوب على المصدر، وأصله: لبًا لك، فثني على التأكيد، أي إلبابًا بعد إلباب، وهذه التثنية ليست حقيقية بل هي للتكثير أو المبالغة، ومعناه إجابة بعد إجابة، أو إجابة لازمة.

قال جماعة من أهل العلم: معنى التلبية إجابة دعوة إبراهيم حين أذن في الناس بالحج. عن ابن عباس قال: "لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، قيل له: أذن في الناس بالحج، قال: رب، وما يبلغ صوتي، قال: أَذِّنْ وعليَّ البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس! كتب عليكم الحجُّ إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون"، وفي رواية:"فأجابوا بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلَّا من كان أجاب إبراهيم يومئذ"، انتهى ملخصًا.

(إن الحمد) روي بكسر الهمزة على الاستئناف، وبفتحها على التعليل، والكسر أجود عند الجمهور، ونقل الزمخشري أن الشافعي اختار الفتح، وأن أبا حنيفة اختار الكسر (1).

(والنعمةَ لك) المشهور فيه النصب. قال عياض: ويجوز الرفع على الابتداء، ويكون الخبر محذوفًا، والتقدير: إن الحمد لك، والنعمة مستقرة لك، قال ابن المنير: قرن الحمدَ والنعمةَ وأفرد (2) الملك؛ لأن الحمد متعلق النعمة، ولهذا يقال: الحمد لله على نعمه، فجمع بينهما كأنه قال: لا حمد إلَّا لك؛ لأنه لا نعمة إلَّا لك، وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه، ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله لأنه صاحب الملك.

(1) انظر: "فتح الباري"(3/ 409).

(2)

في الأصل: "إفراد"، وهو خطأ.

ص: 162

وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ». قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِى تَلْبِيَتِهِ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ». [خ 1549، م 1184، ت 826، ن 2750، جه 2918، حم 2/ 3]

===

(والملك) بالنصب أيضًا على المشهور، ويجوز الرفع وتقديره: والملك كذلك (لا شريك لك، قال) نافع: (وكان عبد الله بن عمر يزيد في تلبيته: لبيك لبيك، لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل) ووقع عند مسلم من حديث ابن عمر: كان عمر يهل بهذا، ويزيد:"لبيك اللَّهُمَّ لبيك، وسعديك، والخير في يديك، والرغباء إليك والعمل"، وهذا القدر في رواية مالك (1) أيضًا عنده عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزيد فيها، فذكر نحوه، فعرف أن ابن عمر اقتدى في ذلك بأبيه.

وأخرج ابن أبي شيبة من طريق مسور بن مخرمة قال: "كان تلبية عمر رضي الله عنه"، فذكر مثل المرفوع، وزاد:"لبيك مرغوبًا ومرهوبًا إليك ذا النعماء والفضل الحسن".

واستدل به على استحباب الزيادة على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، قال الطحاوي: أجمع المسلمون جميعًا على هذه التلبية، غير أن قومًا قالوا: لا بأس أن يزيد فيها من الذكر لله ما أحب، وهو قول محمد والثوري والأوزاعي، واحتجوا بزيادة ابن عمر المذكورة.

وخالفهم آخرون فقالوا: لا ينبغي أن يزاد على ما علَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناسَ، كما في حديث عمرو بن معدي كرب، ثم فعله هو ولم يقل: لَبُّوا بما شئتم بما هو من جنس هذا، بل علَّمهم كما علَّمهم التكبير في الصلاة، فكذا لا ينبغي أن يتعدى في ذلك شيئًا مما علمه.

ثم أخرج حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه: أنه سمع رجلًا

(1) انظر: "الموطأ" رقم (1/ 332).

ص: 163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يقول: لبيك ذا المعارج، فقال: إنه لذو المعارج، وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فهذا سعد قد كره الزيادة في التلبية، وبه نأخذ، انتهى (1).

ويدل على الجواز ما وقع عند النسائي عن ابن مسعود قال: "كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم" فذكره، ففيه دلالة على أنه قد كان يلبي بغير ذلك، وما تقدم عن عمر، وابن عمر، وفي حديث جابر الطويل في صفة الحج: "فأهل بالتوحيد، لبيك اللهُمَّ لبيك

إلخ"، قال: "وأهلَّ الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد عليهم شيئًا منه، ولزم تلبيته"، وأخرجه أبو داود، "قال: والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئًا".

وهذا يدل على أن الاقتصار على التلبية المرفوعة أفضل لمداومته صلى الله عليه وسلم عليها، وأنه لا بأس بالزيادة لكونه لم يردَّها عليهم وأقرَّهم عليها، وهو قول الجمهور، وحكى ابن عبد البر عن مالك الكراهة، وهو أحد قولي الشافعي.

وقال الشيخ أبو حامد: حكى أهل العراق عن الشافعي في القديم أنه كره الزيادة على المرفوع، وغلطوا، بل لا يكره ولا يستحب، وحكى الترمذي عن الشافعي قال: فإن زاد على التلبية شيئًا من تعظيم الله فلا بأس به، وأحبّ إليَّ أن يقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ونسب البيهقي الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي، فقال: الاقتصار على المرفوع أحبُّ، ولا ضيق أن يزيد عليها، قال: وقال أبو حنيفة: إن زاد فحسن، انتهى ملخصًا ما قاله الحافظ في "الفتح".

قال في "لباب المناسك" وشرحه (2): فإن زاد عليها بعد فراغها لا في خلالها فحسن، بل مستحب بأن يقول: لبيك وسعديك، والخير كله بيديك،

(1) وهو قول أبي يوسف، وهو مختار الطحاوي أي الكراهة، وحكي عن مالك أيضًا، والجمهور على عدم الكراهة، كما في "الأوجز"(6/ 472). (ش).

(2)

"شرح القاري على اللباب"(ص 102).

ص: 164

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والرغباء إليك، لبيك إله الخلق، لبيك بحجة حقًّا تعبدًا ورقًّا، لبيك إن العيش عيش الآخرة، ونحو ذلك. فما وقع مأثورًا فيستحب زيادته، وما ليس مرويًّا فجائز أو حسن، انتهى.

تنبيه: في التلبية أربعة مذاهب:

الأول: أنها سنَّة من السنن، لا يجب بتركها شيء، وهو قول الشافعي وأحمد.

وثانيها: واجبة، ويجب بتركها دم، حكاه المارودي عن ابن أبي هريرة من الشافعية، وحكاه ابن قدامة عن بعض الماليكة، والخطابي عن مالك وأبي حنيفة، وأغرب النووي فحكى عن مالك: أنها سنَّة، ويجب بتركها دم.

وثالثها: واجبة، لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه على الطريق، وبهذا صدر ابن شاش من المالكية كلامه في "الجواهر" له، وحكى صاحب "الهداية" من الحنفية مثلَه؛ لكن زاد القول الذي يقوم مقام التلبية من الذكر، كما في مذهبهم من أنه لا يجب لفظ معين.

ورابعها: أنها ركن، والإحرام لا ينعقد بدونها، حكاه ابن عبد البر عن الثوري وأبي حنيفة وابن حبيب من المالكية والزبيري من الشافعية. وأهل الظاهر قالوا: هي نظير تكبيرة الإحرام للصلاة، قاله الحافظ في "الفتح"(1).

قلت: ومذهب الحنفية في ذلك ما قاله القاري في "شرح لباب المناسك"(2): (والتلبية (3) مرة فرض) وهو عند الشروع لا غيرها (وتكرارها سنَّة) أي في المجلس الأول، وكذا في سائر المجالس إذا ذكرها (وعند تغير

(1)"فتح الباري"(3/ 411).

(2)

"شرح القاري على اللباب"(ص 102).

(3)

وقال القاري في "شرح النقاية": شرط عندنا، وركن عند الشافعي. (ش).

ص: 165

1813 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:"أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ «ذَا الْمَعَارِجِ» وَنَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ، وَالنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا". [جه 2919، خزيمة 2626]

===

الحالات) كالإصباح، والإمساء، والإسحار، والخروج، والدخول، والقيام، والقعود، والمشي، والوقوف، وملاقاة الناس، ومفارقتهم، والمزاحمة والتوسعة، وأمثال ذلك (مستحب مؤكد) أي زائد تأكيده على سائر المستحبات، (والإكثار مطلقًا) أي من غير تقييد بتغير الحال (مندوب) أي مطلوب شرعًا ومثاب عليه أجرًا، ولكن مرتبة الندب دون مرتبة الاستحباب.

وقال: (وكل ذكر يُقصَد به تعظيم الله سبحانه) أي ولو مشوبًا بالدعاء على الصحيح (يقوم مقام التلبية، كالتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير وغير ذلك) أي من أنواع الثناء والتمجيد، (ولو قال: اللَّهُمَّ) بمعنى: يا الله (يجزئه) وهو الأصح في الصلاة أيضًا، كما في "المحيط"، (وقيل: لا) أي قياسًا على الصلاة حيث لا يجوز فيها بدلًا من تكبير الافتتاح عند بعضهم، والفرق ظاهر.

(ويجوز الذكر) وكذا التلبية (بالعربية والفارسية وغيرهما) كالتركية والهندية، ونحوهما (بأيِّ لسان) أي بأيَّ لغة (كان) والجمهور على أن يستوي فيه من يحسن العربية ومن لا يحسنها، وهو الصحيح، بخلاف افتتاح الصلاة عندهما، فالفرق أن باب الحج أوسع.

1813 -

(حدثنا أحمد بن حنبل، نا يحيى بن سعيد، نا جعفر) بن محمد الصادق، (نا أبي) محمد الباقر، (عن جابر بن عبد الله قال: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر) جابر (التلبية مثل حديث ابن عمر، قال) جابر: (والناس يزيدون) بعد تلبيتهم: (ذا المعارج ونحوه من الكلام) على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، (والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع) زيادتَهم (فلا يقول لهم شيئًا) بل يسكت، وهذا دليل الجواز.

ص: 166

(1)

1814 -

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ خَلَاّدِ بْنِ السَّائِبِ الأَنْصَارِىِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتَانِى جِبْرِيلُ عليه السلام فَأَمَرَنِى

===

1814 -

(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) المخزومي المدني، روى عن أبيه، قال النسائي: ثقة. وقال ابن سعد: كان سريًّا سخيًّا، وكان ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات". ووثقه العجلي.

(عن خلاد بن السائب) بن خلاد بن سويد (الأنصاري) الخزرجي، قد ذكره جماعة في الصحابة، منهم ابن حبان، ولم يرفع نسبه، وقال: له صحبة، ثم أعاده في التابعين. وذكره ابن منده وأبو نعيم وغيرهما، وشبهتهم في ذلك الحديث الذي روى عنه عبد الملك بن أبي بكر، فقال: عن خلاد، عن أبيه رفعه، وقيل: عن خلاد بن السائب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الترمذي: والسائب بن خلاد أصح. وقال ابن عبد البر: مختلف في صحبته. وقال ابن أبي حاتم: خلاد بن السائب بن خلاد بن سويد، له صحبة. وقال بعضهم: السائب بن خلاد. وقال العجلي: خلاد بن السائب مدني، ما نعرفه، كذا قال الحافظ في "تهذيب التهذيب". وفي "التقريب": ثقة، من الثالثة، ووهم من زعم أنه صحابي.

(عن أبيه) السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري الخزرجي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبرئيل عليه السلام فأمرني) أي أمرَ إيجابٍ؛

(1) زاد في نسخة: "باب رفع الصوت بالتلببة".

ص: 167

أَنْ آمُرَ أَصْحَابِى وَمَنْ مَعِى أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلَالِ، أَوْ قَالَ: بِالتَّلْبِيَةِ» ، يُرِيدُ أَحَدَهُمَا". [ت 829، ن 2753، جه 2922، ط 1/ 334، دي 1809، خزيمة 2625، حم 4/ 56]

===

إذ تبليغ الشرائع واجب عليه صلى الله عليه وسلم (أن آمر أصحابي) أي أمرَ ندبٍ عند الجمهور، وأمر وجوبٍ عند الظاهرية (1) (ومن معي) وفي "موطأ مالك":"أو من معي". بالشك (2) في رواية يحيى والشافعي وغيرهما من الراوي، إشارة إلى أن المصطفى قال أحد اللفظين، وكل منهما يسدُّ مسدَّ الآخر.

وتجويز ابن الأثير أن الشك من النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه نوع سهو ولا يعصم عنه؛ ركيك متعسف، وفي رواية القعنبي:"ومن معي" بالواو، قال العراقي: يحتمل أنه زيادة إيضاح فإن الذين معه أصحابه، ويحتمل أن يريد بأصحابه الملازمين له المقيمين معه في بلده، وهم المهاجرون والأنصار، وبمن معه غيرهم ممن قدم ليحج معه ولم يره إلَّا في تلك الحجة.

(إن يرفعوا (3) أصواتهم بالإهلال، أو قال: بالتلبية، يريد أحدهما) يعني أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال أحد هذين اللفظين، لكن الراوي شك فيما قاله من ذلك، فأتى بأو التي لأحد الشيئين، ثم زاد ذلك بيانًا بقوله: يريد أحدهما، قاله الزرقاني.

قلت: واستثنى منه النساء، فإن المرأة لا تجهر بها بل تقتصر على إسماع

(1) هكذا في "البداية"(1/ 337) لابن رشد، وهذا هو المشهور عند الشرَّاح، لكن قال ابن قدامة في "المغني" (5/ 91): إن الحديث حجة للحنفية في إيجابهم التلفظ بالتلبية مع النية خلافًا للأئمة الثلاثة إذ قالوا: تكفي النيَّة، كما في "الأوجز"(6/ 497). (ش).

(2)

انظر، "شرح الزرقاني"(2/ 248).

(3)

ورفع الصوت مطلقًا مستحب عند الجمهور، واجب عند الظاهرية، وفي قديم الشافعي لا يرفع إلا في المسجد الحرام ومسجد مني ومسجد عرفة، واختلفت الرواية عن مالك، وروى ابن الأصم: لا يرفع إلا في المسجد الحرام ومسجد مني، كما في "الأوجز"، (6/ 493، 494). (ش).

ص: 168