الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى بَعِيرٍ قَائِمٌ (1) في الرِّكَابَيْنِ". [حم 5/ 30]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ الْعَلَاءِ، عن وَكِيعٍ كَمَا قَالَ هَنَّادٌ (2).
1918 -
حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيم، نَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، نَا عَبْدُ الْمَجِيدِ أَبُو عَمْرٍو، عن الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ بِمَعْنَاهُ. [انظر سابقه]
(61) بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ
1919 -
حَدَّثَنَا (3) ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو - يَعْنِى ابْنَ دِينَارٍ -، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَيْبَانَ
===
أي في عرفات (على بعير قائم في الركابين، قال أبو داود: رواه ابن العلاء، عن وكيع كما قال هناد)، وقد أخرج الإِمام أحمد (4) حديث وكيع، فذكر عبد المجيد مع كنيته كما قال هناد.
1918 -
(حدثنا عباس بن عبد العظيم، نا عثمان بن عمر) بن فارس، (نا عبد المجيد أبو عمرو، عن العداء بن خالد بمعناه).
(61)
(بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)
1919 -
(حدثنا ابن نفيل، نا سفيان، عن عمرو - يعني ابن دينار-، عن عمرو بن عبد الله بن صفوان) بن أمية بن خلف الجمحي المكي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، (عن يزيد بن شيبان) الأزدي صحابي، ذكر الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمته: قال أبو حاتم: هو خال عمرو المذكور، وقال البخاري: له رؤية.
(1) في نسخة: "قائمًا".
(2)
قال في "تتمة المنهل العذب المورود"(2/ 53): والصواب ما قال عثمان بن أبي شيبة أن شيخ عبد المجيد العداء بن خالد.
(3)
زاد في نسخة: "عبد الله بن محمد".
(4)
"مسند أحمد"(5/ 30).
قَالَ: "أَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ الأَنْصَارِىُّ وَنَحْنُ بِعَرَفَةَ فِى مَكَانٍ يُبَاعِدُهُ عَمْرٌو عَنِ الإِمَامِ، فَقَالَ (1): إِنِّى رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكُمْ، يَقُولُ لَكُمْ:«قِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ، فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ» . [ت 883، ن 3014، جه 3011، حم 4/ 137، خزيمة 2818، ك 1/ 462]
===
(قال: أتانا ابن مِرْبَع الأنصاري) هو زيد بن مربع، بكسر الميم وسكون الراء بعدها موحدة مفتوحة، ابن قيظي، بفتح القاف وسكون التحتانية بعدها ظاء مشالة، ابن عمرو بن زيد بن جشم بن مجدعة بن حارثة الأوسي الأنصاري، سماه أحمد وابن معين وابن البرقي، وقيل اسمه: يزيد، وقيل: عبد الله، وأكثر ما يجيء في الحديث غير مسمى.
(ونحن بعرفة) أي بعرفات (في مكان يباعده عمرو عن الإِمام) هكذا في نسخ أبي داود، وكذا في الترمذي، وهكذا في إحدى روايتي البيهقي (2)، فأخرج من طريق أحمد بن شيبان: ثنا سفيان، فذكره بنحوه إلا أنه قال: عن عمرو، وقال: أتانا ابن مربع الأنصاري بعرفة، ونحن في مكان من الموقف يباعده عمرو يعني عن الإِمام، فقال: ثم ذكره. وفي "مسند الإِمام أحمد": أتانا ابن مربع الأنصاري ونحن في مكانٍ من الموقف بعيدٍ.
(فقال: إني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، يقول لكم: قفوا على مشاعركم) هذه (فإنكم على إرثٍ من إرثِ إبراهيم) لمكان تباعده عمرو، بالتاء المثناة الفوقانية، وهو تصحيف، والصواب بالياء التحتانية؛ لأن فاعله عمرو بعده ظاهر (3).
وفي النسائي قال: "كنا وقوفًا بعرفة مكانًا بعيدًا من الموقف، فأتانا
(1) زاد في نسخة: "أما".
(2)
"السنن الكبرى"(5/ 115).
(3)
وأول أبو الطيب شارح الترمذي: قال بعض الفضلاء: عمرو هو المخاطب بهذا الكلام
…
الخ. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ابن مربع الأنصاري"، وهذا السياق يدل على أن قوله: "مكانًا بعيدًا من الموقف" من كلام يزيد بن شيبان لا من كلام غيره، وهكذا في إحدى روايتي البيهقي قال: "كنا وقوفًا بعرفة في مكان بعيد من الموقف، فأتانا ابن مربع الأنصاري"، وفي ابن ماجه المطبوعة بمصر قال: "كنا وقوفًا في مكان تباعده من الموقف، فأتانا ابن مربع".
قال السندي في حاشيته: قوله: "تباعده من الموقف" أي من موقف الإِمام، وهو من باعد بمعنى بَعَّد مشددًا، عمرو هو المخاطب بهذا الكلام، أي: مكانًا تبعده أنت، أي تعده بعيدًا، والمقصود تقدير بُعده، وأنه مسلم عند المخاطب، ويحتمل أن هذا من كلام الراوي عن عمرو بمنزلة: قال عمرو: كان ذلك المكان بعيدًا عن موقف الإِمام، أو من كلام عمرو.
وفي نسخة لابن ماجه أيضًا المطبوعة بالهند قال: "كنا وقوفًا بمكان نباعده من الموقف فأتانا ابن مربع"، وكتب عليه شيخ مشايخنا الشيخ عبد الغني المجددي المهاجر المدني: قوله: "كنا وقوفًا في مكان نباعده"، أي: نظن مكان وقوفنا بعيدًا من موقف الإِمام، فضبطه بصيغة المتكلم مع الغير.
وهذا الاختلاف مبني على كتابة لفظ "يباعده"، فمن كان في نسخته بالتاء ظنه صحيحًا، وكتب عليه الحاشية، وكتب توجيهه، ومن كان في نسخته بالنون كتب توجيهه.
والصواب عندي ما في نسخ أبي داود وغيره بلفظ: "يباعده عمرو عن الإِمام"، ومعناه على هذه النسخة: إن عمرو بن دينار يقول: يباعده، أي يبينه بعيدًا عمرو، أي عمرو بن عبد الله بن صفوان عن الإِمام، ويحتمل أن يقال: إن هذا من كلام سفيان، فيقول: يباعده، أي يبعده عمرو بن دينار عن الإِمام، وقد ثبت في رواية النسائي في قوله: قال يزيد بن شيبان: "كنا وقوفًا بعرفة مكانًا بعيدًا من الموقف"، فبيان بعد المكان داخل في كلام يزيد بن شيبان، ففي كلام عمرو ليس إلا بعد المكان عن الإِمام.
(62)
بَابُ الدَّفْعَةِ (1) مِنْ عَرَفَةَ
1920 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ. (ح): وَحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، الْمَعْنَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَرَدِيفُهُ أُسَامَةُ،
===
فحاصله أن عمرًا بَيَّن أن ذلك المكان كان بعيدًا عن الإِمام لا عن الموقف كما يوهم لفظ رواية النسائي، فإن المراد منه من الموقف موقف الإِمام، والله تعالى أعلم.
قال السندي في حاشية ابن ماجه: فإرساله صلى الله عليه وسلم الرسولَ إلى ذلك لتطييب قلوبهم لئلا يتحزَّنوا ببعدهم عن موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويروا ذلك نقصًا في الحج، أو يظنوا ذلك المكان الذي هم فيه ليس بموقف، ويحتمل أن المراد بيان أن هذا خير مما كان عليه قريش من الوقوف بمزدلفة، وأنه شيء اخترعوه من أنفسهم، والذي أورثه إبراهيم هو الوقوف بعرفة، انتهى.
(62)
(بَابُ الدَّفْعَةِ) أي الرجوع والانصراف (مِنْ عَرَفَةَ) بعد الفراغ من الوقوف
1920 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن الأعمش، ح: وحدثنا وهب بن بيان) بن حيان الواسطي، أبو عبد الله، نزيل مصر، قال أبو حاتم: صدوق لا بأس به، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال مسلمة: ثقة رجل صالح، قال أبو داود: وأهل مصر يقولون: إنه بدل من الأبدال.
(نا عبيدة) بن حميد، (نا سليمان الأعمش، المعنى) أي معنى حديث محمد بن كثير (2) وحديث عبيدة واحد، (عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة وعليه السكينة ورديفه أسامة).
(1) في نسخة: "الدفع".
(2)
الظاهر بدله: حديث سفيان. (ش).
وَقَالَ: «يا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ» (1). قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهَا رَافِعَةً يَدَيْهَا عَادِيَةً حَتَّى أَتَى جَمْعًا. زَادَ وَهْبٌ: ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ
===
(فقال: يا أيها الناس عليكم بالسكينة) أي الزموا، (فإن البر ليس بإيجاف الخيل) أي ليس بالإيضاع والإسراع في السير (والإبل. قال) ابن عباس كما يدل عليه حديث البخاري (2) عن ابن عباس:"أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة". أو أسامة بن زيد، كما يدل عليه بعض (3) روايات البيهقي والإمام أحمد في "مسنده"(4).
(فما رأيتها) أي الخيل والإبل (رافعة يديها عادية)(5) من عدا يعدو، أي: مسرعة في السير، كأنهم امتثلوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمأنوا، وسكَّنوا رواحلهم، ويحتمل أن يكون أمره صلى الله عليه وسلم أمرًا تكوينيًا فلم يقدر الرواحل على رفع الأيدي (حتى أتى جمعًا) أي المزدلفة.
(زاد وهب: ثم أردف الفضل بن عباس) أي: من المزدلفة إلى مني.
(وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس! إن البر ليس
(1) زاد في نسخة: فعليكم بالسكينة.
(2)
"صحيح البخاري"(1671).
(3)
وكذا رواية مسلم (1280)، ورجحه الزرقاني (11/ 412). (ش).
(4)
"السنن الكبرى"(5/ 119)، و"مسند الإِمام أحمد"(5/ 207).
(5)
ويشكل عليه ما سيأتي من حديث أسامة: "إذا وجد فجوة نص"، وقال ابن خزيمة: هذا محمول على الزحام، قاله الزرقاني ["شرح المواهب" (11/ 412)]، وقال السرخسي في "المبسوط": يمشي على هينته في الطريق، هكذا قال عليه السلام: أيها الناس! ليس البر في إيجاف الخيل، روى جابر: أنه عليه السلام كان يمشي على راحلته في الطريق على هينته، حتى إذا كان في بطن الوادي أوضع راحلته، وجعل يقول: "إليك تعدو قلقًا وضينها
…
إلخ"، فزعم بعض الناس أن الإيضاع في هذا الموضع سنَّة، ولسنا نقول به، وتأويله أن راحلته كلَّت في هذا الموضع فبعثها، فانبعثت، كما هو عادة الدواب، لا أن يكون قصده الإيضاع، انتهى. ["المبسوط" (4/ 20)]. (ش).
بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ». قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهَا رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى مِنًى". [خ 1543، ن 3018، حم 1/ 251]
1921 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. (ح): وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِى كُرَيْبٌ: "أَنَّهُ سَأَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قُلْتُ: أَخْبِرْنِى كَيْفَ فَعَلْتُمْ أَوْ صَنَعْتُمْ عَشِيَّةَ رَدِفْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: جِئْنَا الشِّعْبَ الَّذِى يُنِيخُ فيه النَّاسُ فِيهِ لِلْمُعَرَّسِ
===
بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكينة، قال) أي ابن عباس، أو الفضل بن عباس:(فما رأيتها رافعة يديها) أي للعَدْو (حتى أتى مني) قال القاري (1): والحاصل أن المسارعة إلى الخيرات والمبادرة إلى المبرات مطلوبة، لكن لا على وجه يجر إلى المكروهات وما يترتب عليه من الأذيات.
1921 -
(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، نا زهير، ح: وحدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، وهذا لفظ حديث زهير) كلاهما أي زهير وسفيان قالا: (نا إبراهيم بن عقبة، أخبرني كريب، أنه سأل أسامة بن زيد قلت: أخبرني كيف فعلتم أو) للشك من الراوي (صنعتم عشيةَ ردفتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ ).
(قال: جئنا الشعب الذي يُنيخ فيه الناس للمعرس)، ولفظ رواية مسلم:"فقال: جئنا بالشعب الذي يُنيخ الناس فيه للمغرب"، والشعب الطريق في الجبل، وقيل: الفرجة بين الجبلين، والمعرس محل التعريس، وهو نزول المسافر في آخر الليل للاستراحة.
قال الحافظ (2): وأخرجه الفاكهي من وجه آخر عن ابن عمر، من طريق
(1)"مرقاة المفاتيح"(5/ 520).
(2)
"فتح الباري"(3/ 520).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
سعيد بن جبير قال: "دفعت مع ابن عمر من عرفة، حتى إذا وازينا الشعب الذي يصلي فيه الخلفاء المغرب، دخله ابن عمر فتنفض فيه، ثم توضأ وكبر، فانطلق حتى أتى جمعًا".
وروى الفاكهي أيضًا من طريق ابن جريج قال: قال عطاء: "أردف النبي صلى الله عليه وسلم يلي أسامةَ، فلما جاء الشعب الذي يصلي فيه الخلفاء الآن المغرب [نزل] فأراق الماء ثم توضأ".
وظاهر هذين الطريقين أن الخلفاء كانوا يصلون المغرب عند الشعب المذكور قبل دخول وقت العشاء، وهو خلاف السنَّة في الجمع بين الصلاتين في المزدلفة.
ووقع عند مسلم من طريق محمد بن عقبة، عن كريب:"أتى الشعب الذي ينزله الأمراء"، وله من طريق إبراهيم بن عقبة عن كريب:"الشعب الذي يُنيخ الناس فيه للمغرب"، والمراد بالخلفاء والأمراء في هذا الحديث بنو أمية، فلم يوافقهم ابن عمر على ذلك، وقد جاء عن عكرمة إنكار ذلك.
وروى الفاكهي أيضًا من طريق ابن أبي نجيح، سمعت عكرمة يقول: اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبالًا واتخذتموه مصلَّى، وكأنه أنكر بذلك على من ترك الجمع بين الصلاتين لمخالفة السنَّة في ذلك، وكان جابر يقول:"لا صلاة إلَّا بجمع"، أخرجه ابن المنذر بإسناد صحيح.
ونقل عن الكوفيين وعند ابن القاسم صاحب مالك: وجوب الإعادة، وعن أحمد: إن صلَّى أجزأه، وهو قول أبي يوسف والجمهور، انتهى.
فالمراد بقوله: "الذي ينيخ فيه الناس" في حديث أبي داود: الأمراءُ ومن تبعهم، وكذلك المراد بالمعرس معرسهم ومحل نزولهم.
فَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ، ثُمَّ بَالَ - وَمَا قَالَ: أَهْرَاقَ الْمَاءَ - ثُمَّ دَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا لَيْسَ بِالْبَالِغِ جِدًّا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الصَّلَاةَ.
===
(فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته، ثم بال، وما قال) أي أسامة: (أهراق الماء) والظاهر أنه من كلام كريب، (ثم دعا بالوضوء) أي بماء الوضوء (فتوضأ وضوءًا ليس بالبالغ) أي بالسابغ والكامل (جدًا) أىِ وضوءًا خفيفًا كما في رواية البخاري؛ بأن توضأ مرة مرة، وخفف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عادته.
وأغرب (1) ابن عبد البر فقال: معنى قوله: "فلم يسبع الوضوء"، أي: استنجى به، وأطلق عليه اسم الوضوء اللغوي، ولكن الأصول تدفع هذا؛ لأنه لا يشرع الوضوء لصلاة واحدة مرتين، وهو متعقب بهذه الرواية الصريحة، وفي مسلم:"فتوضأ وضوء ليس بالبالغ". وقد تقدم في الطهارة بلفظ: "فجعلت أصب عليه وهو يتوضأ"، ولم تكن عادته صلى الله عليه وسلم أن يباشر ذلك أحد منه حال الاستنجاء.
قال القرطبي: اختلف الشراح في قوله: "ولم يسبغ الوضوء" هل المراد به اقتصر به على بعض الأعضاء فيكون وضوءًا لغويًا، أو اقتصر على بعض العدد فيكون وضوءًا شرعيًا؟ وكلاهما محتمل، لكن يعضد من قال بالثاني قولُه في الرواية الأخرى:"وضوءًا خفيفًا"؛ لأنه لا يقال في الناقص خفيف، ومن موضحات ذلك أيضًا قول أسامة له:"الصلاة" فإنه يدل على أنه رآه يتوضأ وضوءه للصلاة، ولذلك قال له:"أتصلي"؟ .
وإنما توضأ أولًا ليستديم الطهارة ولا سيما في تلك الحالة لكثرة الاحتياج إلى ذكر الله حينئذ، وخفف الوضوء لقلة الماء حينئذ.
(قلت: يا رسول الله! الصلاة) بالنصب على إضمار الفعل، أي: تذكر
(1) انظر: "فتح الباري"(3/ 520، 521).
قَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» ، قَالَ: فَرَكِبَ حَتَّى قَدِمْنَا مُزْدَلِفَةَ (1) فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ فِى مَنَازِلِهِمْ وَلَمْ يَحُلُّوا حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ وَصَلَّى (2) ، (3) ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ".
زَادَ مُحَمَّدٌ فِى حَدِيثِهِ: قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: رَدِفَهُ الْفَضْلُ (4) وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِى سُبَّاقِ قُرَيْشٍ عَلَى رِجْلَىَّ". [خ 1669، م 1280، ن 609، جه 3019، حم 5/ 199، دي 1881]
===
الصلاة، أو صل، ويجوز الرفع على تقدير: حضرت الصلاة مثلًا (قال: الصلاة) بالرفع (أمامك) بفتح الهمزة وبالنصب على الظرفية، أي الصلاة ستصلي بين يديك، أو أطلق الصلاة على مكانها أي المصلى بين يديك، أو معنى "أمامك": لا تفوتك وستدركها.
(قال) أسامة: (فركب) رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته (حتى قدمنا مزدلفة، فأقام المغرب) وصلاها، (ثم أناخ الناس) رواحلَهم (في منازلهم ولم يحلوا) أي الرحال بل تركوها على ظهور الجمال (حتى أقام) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (العشاء وصلَّى، ثم حل الناس) أي الرحال.
(زاد محمد) بن كثير (في حديثه: قال: قلت: كيف فعلتم حين أصبحتم) حين سرتم إلى مني؟ (قال: ردفه الفضلُ، وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي) أي: إلى مني. واستدل بالحديث على جمع التأخير بمزدلفة وهو إجماعٌ، لكنه عند الشافعية وطائفة بسبب السفر، وعند الحنفية والمالكية بسبب النسك.
وأغرب (5) الخطابي فقال: فيه دليل على أنه لا يجوز أن يصلي الحاج
(1) في نسخة: "المزدلفة".
(2)
في نسخة: "فصلى".
(3)
زاد في نسخة: "زاد ابن يونس في حديثه".
(4)
زاد في نسخة: "ابن عباس".
(5)
انظر: "فتح الباري"(3/ 522).
1922 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نَا يَحْيَى بْنُ آدم، نَا سُفْيَانُ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَيَّاشٍ، عن زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عن أَبِيهِ،
===
المغربَ إذا أفاض من عرفة حتى يبلغ المزدلفة، ولو أجزأته في غيرها لما أخرها النبي صلى الله عليه وسلم عن وقتها الموقت لها في سائر الأيام، قاله الحافظ (1).
قلت: وكذا في "لباب المناسك" وشرحه (2): لو صلَّى الصلاتين أو إحداهما قبل الوصول إلى مزدلفة لم يجز، وعليه إعادتهما بها إذا وصل. وفي "تلقيح العقول" (3) للمحبوبي: إذا صلَّى المغرب في يوم عرفة في وقتها في الطريق أو بعرفات يجب عليه الإعادة عندهما، خلافًا لأبي يوسف، ولو أخرها عن وقتها وصلاها في وقت العشاء لا يلزمه الإعادة بالإجماع، إلَّا أنه لا بد أن يقيد بأنه صلاهما في مزدلفة.
1922 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا يحيى بن آدم، نا سفيان) الثوري، (عن عبد الرحمن) بن الحارث بن عبد الله (بن عياش) بن أبي ربيعة، نسب إلى جد أبيه، (عن زيد بن علي) بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين المدني، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وإليه نسب الزيدية من طوائف الشيعة، قدم على يوسف بن عمر الحيرة فأجازه، ثم شخص إلى المدينة فأتاه ناس من أهل الكوفة فقالوا له: ارجع ونحن نأخذ لك الكوفة، فرجع فبايعه ناس كثير وخرج، فقتل فيها، يعني سنة 122 هـ ، وهو ابن 42 سنة.
(عن أبيه) علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، زين العابدين، قال ابن سعد (4) في الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة: أمه أم ولد، وكان ثقة مأمونًا كثير الحديث عاليًا رفيعًا ورعًا، قال ابن عيينية عن
(1) واختلف النقل عنه، وكذا اختلفوا في بيان المذاهب، كما في "الأوجز"(8/ 208 وما بعدها). (ش).
(2)
"شرح اللباب"(215، ط. باكستان).
(3)
في الأصل: "تنقيح العقول"، وهو تحريف.
(4)
"الطبقات"(الترجمة 1580).
عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عن عَلِيٍّ قَالَ: "ثُمَّ أَرْدَفَ أُسَامَةَ، فَجَعَلَ يُعْنِقُ عَلَى نَاقَتِهِ، وَالنَّاسُ يَضْرِبُونَ الإِبِلَ يَمِينًا وَشِمَالًا، لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ، وَيَقُولُ: السَّكِينَةَ أَيّهَا النَّاسُ،
===
الزهري: ما رأيت قرشيًا أفضل من علي بن حسين، وكان مع أبيه يوم قتل وهو مريض فسلم وقال: ما رأيت أحدًا كان أفقه منه، وأطال أهل التراجم في مناقبه، واختلف في سنة وفاته من سنة 92 هـ إلى سنة 100 هـ، وكان سنه حين قتل أبوه 23 سنة، وقتل أبوه يوم عاشوراء سنة 61 هـ.
(عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي قال: ثم أردف) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (أسامةَ فجعل يعنق) أي يسير العنق، وهو السير الوسط (على ناقته) القصواء (والناس يضربون الإبل يمينًا وشمالًا، لا يلتفت إليهم) في بعض الأحيان، ويلتفت إليهم في بعضها.
(ويقول: السكينة أيها الناس) أي: الزموها، وهذا الذي قلنا في توجيه قوله:"لا يلتفت يمينًا وشمالًا"، مبني على ما في جميع النسخ لأبي داود الموجودة عندنا، ثم تتبعنا هذا الحرف في كتب الأحاديث، فوجدنا عند الترمذي هذا الحديث من طريق أبي أحمد: نا سفيان بهذا السند، وفيه:"والناس يضربون يمينًا وشمالًا يلتفت إليهم" بغير لفظ "لا" النافية.
وأخرج الإِمام أحمد في "مسنده"(1) من طريق أبي أحمد الزبيري: ثنا سفيان، وفيه:"والناس يضربون يمينًا وشمالًا، يلتفت إليهم" وليس فيه حرف "لا"، وأيضًا أخرج من طريق المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، قال: حدثني أبي عبد الرحمن بن الحارث بسنده المذكور، ولفظه:"فجعل الناس يضربون يمينًا وشمالًا، وهو يلتفت، ويقول: السكينة أيها الناس، ثم قال: ثم دفع وجعل يسير العنق، والناس يضربون يمينًا وشمالًا، وهو يلتفت ويقول: السكينة السكينة أيها الناس".
(1)"مسند أحمد"(1/ 75)، رقم (562، 563).
وَدَفَعَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ". [ت 885، جه 3010، حم 1/ 157، خزيمة 2837]
===
وأخرج البيهقي في "سننه"(1) من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت بعرفة في النفر والناس يضربون، فقال: السكينة أيها الناس".
وهذه الأحاديث المختلفة تدل على أن حرف "لا" النافية على قوله: يلتفت، غير محفوظ (2)، ولكن أخرج الإِمام أحمد هذا الحديث في "مسنده" مثل سند أبي داود من طريق يحيى بن آدم: ثنا سفيان، وفيه:"والناس يضربون الإبل يمينًا وشمالًا لا يلتفت إليهم"(3)، وهاتان الروايتان تدلان على أن في رواية يحيى بن آدم عن سفيان حرف "لا" النافية موجودة، وليس من تصحيف النسَّاخ، بل الظن يشهد أنه من خطأ يحيى بن آدم، وإن كان محفوظًا فتوجيهه ما ذكرناه من قبل، والله أعلم.
ثم رأيت "فتح القدير"(4) للشيخ ابن الهمام فإنه ذكر هذا الحديث فيه، وقال: أخرج الإِمام أبو داود والترمذي وابن ماجه عن علي رضي الله عنه ولفظه: "وجعل يشير بيده على هينته والناس يضربون يمينًا وشمالًا، فجعل يلتفت إليهم ويقول: أيها الناس عليكم السكينة"، وهذا أيضًا يدل أن حرف "لا" النافية ليس في الحديث (ودفع حين غابت الشمس).
(1)"السنن الكبرى"(5/ 119).
(2)
قال أبو الطيب شارح الترمذي: قال المحب الطبري: قال بعضهم: رواية الترمذي بإسقاط "لا" أصح، وقد تكررت "لا" هناك على بعض الرواة من قوله: شمالًا، انتهى. وعلى تقدير صحتها معناه: لا يلتفت إلى مشيهم ولا يشاركهم فيه، انتهى.
قلت: وما وجَّهه والدي في تقريره أوجه إذ قال: يلتفت بلَيِّ العنق فقط لا بجميعه. (ش).
(3)
قوله: "لا يلتفت"، قال السندي: هكذا بزيادة "لا" في هذه الرواية في نسخة "المسند" و"الترتيب"، وقد سبق "يلتفت" بدون زيادة "لا" وهو الأقرب معنى، وقد جاءت الرواية بزيادة "لا" في أبي داود أيضًا، فيحمل على أن المعنى: أنه لا يلتفت إلى مشيهم، ولا يشاركهم في فعلهم.
(4)
"فتح القدير"(2/ 489).
1923 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: "سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا جَالِسٌ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ.
قَالَ هِشَامٌ: النَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ". [خ 1666، م 1286، ن 3023، جه 3023، جه 3017، حم 5/ 205]
1924 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ (1)، عَنْ أُسَامَةَ قَالَ:"كُنْتُ رِدْفَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا وَقَعَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". [حم 5/ 201]
===
1923 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه) أي عروة (أنه) أي عروة (قال: سئل أسامةُ بن زيد وأنا جالس) أي عنده: (كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دفع؟ قال: كان يسير العنق) وهو السير بين الإسراع والإبطاء (فإذا وجد فجوة)، الفجوة: الفرجة وما اتسع من الأرض، كذا في "القاموس"(نَصَّ، قال هشام: النص فوق العنق) أي سير فوق سير العنق، وقال في "القاموس": نصَّ ناقته: استخرج أقصى (2) ما عندها من السير.
1924 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا يعقوب) بن إبراهيم، (نا أبي) إبراهيم بن سعد، (عن ابن إسحاق، حدثني إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن أسامة قال: كنت ردف) أي رديف (النبي صلى الله عليه وسلم) على ناقته حين سار من عرفة، (فلما وقعت) أي غربت (الشمس دفع) أي سار (رسول الله صلى الله عليه وسلم) من عرفة إلى مزدلفة.
(1) زاد في نسخة: "مولى عبد الله بن عباس".
(2)
يشكل عليه ما تقدم "ما رأيتها عادية" وتقدم الجمع. (ش).
1925 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:"دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ. قُلْتُ لَهُ: الصَّلَاةَ! فَقَالَ (1): «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ». فَرَكِبَ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا". [خ 1672، م 1280، حم 5/ 208]
===
1925 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن موسى بن عقبة، عن كريب مولى عبد الله بن عباس، عن أسامة بن زيد أنه) أي كريبًا (سمعه) أي أسامة بن زيد. قال الزرقاني في "شرح الموطأ"(2): قال أبو عمر: كذا رواه الحفاظ الأثبات عن مالك، إلا أشهب وابن الماجشون فقالا: عن كريب، عن ابن عباس، عن أسامة، والصحيح إسقاط ابن عباس من إسناده.
(يقول: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة) أي عرفات (حتى إذا كان بالشعب نزل فبال فتوضأ ولم يسبغ الوضوء، قلت له: الصلاة، فقال: الصلاة أمامك، فركب، فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلَّى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها، ولم يصل بينهما شيئًا)، وقد تقدم شرحه.
(حدثنا (3)(4) محمد بن المثنى قال: روح بن عبادة قال: نا زكريا بن
(1) في نسخة: "قال".
(2)
"شرح الزرقاني"(2/ 359)، صلاة المزدلفة.
(3)
زاد في نسخة هذا الحديث.
(4)
قلت: قال المزي في "تحفة الأشراف" رقم (4842): هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر بن داسة، عن أبي داود، ولم يذكره أبو القاسم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
إسحاق، أنا إبراهيم بن ميسرة، أنا يعقوب بن عاصم بن عروة) بن مسعود الثقفي، أخو نافع بن عاصم، ذكره ابن حبان في "الثقات".
(أنه سمع الشريد) بوزن الطويل، ابن سويد مصغرًا، الثقفي، له صحبة، وقيل: إنه من حضرموت، وعداده في ثقيف، قال ابن السكن: له صحبة، حديثه في أهل الحجاز، سكن الطائف، والأكثر أنه الثقفي، ويقال: إنه حضرمي، وتزوج آمنة بنت أبي العاص بن أمية، ويقال: كان اسمه مالك، فسمي الشريد لأنه شرد من المغيرة بن شعبة لما قتل الرفقة الثقفيين، شهد بيعة الرضوان، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم فسمَّاه الشريد.
(يقول: أفضت)، ولفظ حديث أحمد في "مسنده" (1):"أشهد لأفضت"(مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: من عرفات إلى المزدلفة (فما مسَّت قدماه الأرضَ حتي أتى جمعًا) أي: المزدلفة، قال القاري (2): قال الطيبي: عبارة عن الركوب من عرفة إلى الجمع، فما يرد عليه أنه عليه السلام نزل لنقض الطهارة، فعرض عليه ماء الوضوء، فقال:"الصلاة أمامك"، وقيل: توضأ وضوءًا، ثم ركب، انتهي.
حاصله أنه بالغ في بيان ركوب النبي صلى الله عليه وسلم في السير من عرفات إلى مزدلفة، بأنه صلى الله عليه وسلم قطع تلك المسافة راكبًا، ولم يمش على الأرجل في تلك المسافة شيئًا يسيرًا، وليس معناه أنه عليه السلام لم ينزل عن الناقة، فلا يعارض ما في حديث أسامة، من أنه صلى الله عليه وسلم نزل في الشعب، فبال وتوضأ، وأما الجواب عنه بترجيح رواية أسامة، كما فعله صاحب "العون"(3) بأن أسامة كان رديفه صلى الله عليه وسلم، فهو بعيد من الصواب، فإنه وقع
(1)"مسند أحمد"(4/ 389).
(2)
"مرقاة المفاتيح"(5/ 508).
(3)
انظر: "عون المعبود"(5/ 281).