الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَراءَ الْحِجْرِ إِلَّا لِذَلِكَ". [5/ 89]
1876 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِىَّ وَالْحَجَرَ (1) فِى كُلِّ طَوْافِهِ، قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ". [ن 2947، حم 2/ 18 - 152]
(47) بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ
1877 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ،
===
وراء الحجر) (2) أي الحطيم (إلَّا لذلك) أي لأن البيت قد قصر عن قواعده، والحِجْر داخل فيه.
1876 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع) أي لا يترك (أن يستلم الركن اليماني والحجر) أي استلام الركن اليماني وركن الحجر (في كل) شوط من (طوافه) بل يستلمهما في كل شوط من طوافه، وفي نسخة: في كل طوفة، أي في كل شوط (قال: وكان عبد الله بن عمر يفعله).
(47)
(بَابُ الطَّوَافِ (3) الْوَاجِبِ)
الفرض، والمراد منه طواف الزيارة، أي: هل يجوز راكبًا أم لا؟
1877 -
(حدثنا أحمد بن صالح، نا ابن وهب، أخبرني يونس،
(1) زاد في نسخة: "الأسود".
(2)
فإن طاف أحد من داخل الحجر يبطل الطواف عند الثلاثة، وقلنا: إنه ترك الواجب، فما دام بمكة يعيده كله ليكون مؤديًا على وجه مشروع، وإن طاف بالحجر فقط أجزأه، وإن خرج من مكة ينجبر بالدم، كذا في "الأوجز"(7/ 341). (ش).
(3)
في الحج ثلاثة أطوفة: أولها طواف القدوم، وسيأتي في "باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم "، والثاني هذا، ويسمى الطواف الواجب، وطواف الزيارة، وله خمسة أسماء، كذا في "الأوجز"(7/ 402)، والثالث طواف الوداع. (ش).
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ". [خ 1607، م 1272، ن 713، جه 2948]
===
عن ابن شهاب، عن عبيد الله - يعني ابن عبد الله بن عتبة - عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن) وهو عصا معوج الرأس.
قال الحافظ (1): زاد مسلم من حديث أبي الطفيل: "ويقبِّل المحجن".
وله من حديث ابن عمر: "أنه استلم الحجر بيده، ثم قبَّله"، ورفع ذلك، ولسعيد بن منصور من طريق عطاء قال:"رأيت أبا سعيد وأبا هريرة وابن عمر وجابرًا إذا استلموا الحجو قبَّلوا أيديهم"، وبهذا قال الجمهور: إن السنَّة أن يستلم الركن، ويقبل يده، فإن لم يستطع أن يستلمه بيده استلمه بشيء في يده، وقبَّل ذلك الشيء، فإن لم يستطع أشار إليه واكتفى بذلك، وعن مالك في رواية: لا يقبل يده، وكذا قال القاسم، وفي رواية عند المالكية: يضع يده على فمه من غير تقبيل.
قلت: وعندنا معشر الحنفية: وصفة الاستلام أن يضع كفيه على الحجر، ويضع فمه بين كفيه، ويقبله من غير صوت إن تيسر، وإلَّا يمسحه بالكف ويقبله، وإن لم يتيسر ذلك أمس الحجر شيئًا من عصًا ونحوها، وقبَّل ذلك الشيء إن أمكنه، وإلَّا يقف بحياله مستقبلًا له، رافعًا يديه، مشيرًا بهما إليه، كأنه واضع يديه عليه، مبسملًا، مكبرًا، مهلِّلًا، حامدًا، ومصليًا، داعيًا، وقبَّل كفيه بعد الإشارة، صرَّح به الحدادي، قال الشارح: وكذا ذكره قاضي خان وغيره.
واختلفت الروايات في سبب ركوبه في الطواف، ففي رواية ابن عباس عند أبي داود:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته"،
(1)"فتح الباري"(3/ 473).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ووقع في حديث جابر عند مسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبًا (1) ليراه الناس، وليسألوه"، فيحتمل أن يكون فعل ذلك لأمرين، وحينئذ لا دلالة فيه على جواز الطواف راكبًا بغير عذر، وكلام الفقهاء يقتضي الجواز إلَّا أن المشي أولى، والركوب مكروه تنزيهًا، والذي يترجح: المنعُ.
ثم قال: وأما طواف النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا فللحاجة إلى أخذ المناسك عنه، ولذلك عده بعض من جمع خصائصه فيها، واحتمل أيضًا أن تكون راحلته عصمت من التلويث حينئذ كرامة له فلا يقاس غيره عليه.
قلت: وعندنا معشر الحنفية: المشي في الطواف للقادر عليه واجب، قال في "لباب المناسك" (2): الرابع أي من الواجبات المشي فيه للقادر، ففي "الفتح": المشي واجب عندنا، وعلى هذا نص المشايخ وهو كلام محمد، وما في "فتاوى قاضيخان" من قوله:"والطواف ماشيًا (3) أفضل" تساهل أو محمول على النافلة، بل ينبغي في النافلة أن يجب؛ لأنه إذا شرع فيه وجب فوجب المشي، انتهى.
فلو طاف في طواف يجب المشي فيه راكبًا أو محمولًا زحفًا على استه أو على أربعته أو جنبه أو ظهره كالسطيح (4) بلا عذر، فعليه الإعادة ما دام بمكة، أو الدم لتركه الواجب، وإن كان تركه بعذر لا شيء عليه، كما في سائر الواجبات.
(1) لا خلاف بينهم في طواف الراكب إذا كان لعذر، أما بدونه فثلاث روايات عن أحمد: الأولى: أنه لا يجزئه، وهو ظاهر كلام الخرقي، والثانية: عليه دم، وبه قلنا ومالك ويؤمر بالإعادة ما دام بمكة، الثالثة: لا شيء عليه، وبه قال الشافعي، كذا في "الأوجز"(7/ 416). (ش).
(2)
"شرح القاري على اللباب"(ص 152).
(3)
وقع في الأصل: "ماش"، وهو تحريف.
(4)
في الأصل: "الشطيح"، وهو تحريف، والصواب:"السطيح"، معناه: المستلقي على قفاه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
(تكميل): الطواف الذي ذكر في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم طافه راكبًا على بعير لم أر من صرَّح به بأنه أيَّ طواف كان من الأطوفة، هل هو طواف العمرة، أو طواف القدوم، أو طواف الزيارة، أو طواف الصدر؟ والظاهر أن الطواف الذي طافه راكبًا هو طواف الزيارة (1)، والله تعالى أعلم.
ثم رأيت "زاد المعاد"(2) للشيخ ابن القيم قال فيه: ثم نزل إلى المروة يمشي، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا جاوز الوادي وأصعَدَ مشى، هذا الذي صَحَّ عنه، هكذا قال جابر عنه في "صحيح مسلم"(3)، وظاهر هذا: أنه كان ماشيًا، وقد روى مسلم في "صحيحه" (4) عن أبي الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت، وبين الصفا والمروة ليراه الناس وَليُشْرِف"، و"لم يطف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلَّا طوافًا واحدًا"(5).
قال ابن حزم: لا تعارض بينهما؛ لأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله، وانصبت قدماه أيضًا مع سائر جسده.
وعندي في الجمع بينهما وجه آخر أحسنُ من هذا، وهو أنه سعى ماشيًا أولًا، ثم أتمَّ سعيَه راكبًا، وقد جاء ذلك مصرَّحًا به، ففي "صحيح مسلم" (6) عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبًا أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سنَّة، قال: صدقوا وكذبوا، قال: قلت:
(1) به جزم النووي في "مناسكه"(ص 263)، انتهى. ويؤيده أيضًا ما سيأتي في "باب الإفاضة في الحج" من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمل فيه. (ش).
(2)
"زاد المعاد"(2/ 228 - 230).
(3)
"صحيح مسلم"(1218).
(4)
"صحيح مسلم"(1273).
(5)
"صحيح مسلم"(1215).
(6)
"صحيح مسلم"(1264).
1878 -
حَدَّثَنَا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو الْيَامِىُّ،
===
ما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناسُ، يقولون: هذا محمد [هذا محمد](1) حتى خرج عليه العواتق من البيوت. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُضْرَب الناسُ بين يديه؟ فلما كثر عليه ركب، والمشي أفضل.
ثم أخرج حديثَ عائشة عند مسلم (2) قالت: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره يستلم الركن كراهية أن يُضْرَبَ عنه الناسُ.
وحديثَ ابن عباس عند أبي داود قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشتكي فطاف على راحلته، كلما (3) أتى الركن استلمه بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ، فصلَّى ركعتين.
وحديث أبي الطفيل عند مسلم (4): رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف حول البيت على بعيره، يستلم الحجر بمحجنه، ثم يقبله، رواه مسلم دون ذكر البعير.
ثم قال: وهذا والله أعلم في طواف الإفاضة، لا في طواف القدوم؛ فإن جابرًا حكى عنه الرملَ في الثلاثة الأول، وذلك لا يكون إلا مع المشي.
1878 -
(حدثنا مُصَرِّف) بتشديد الراء، وقال في "المغني" (5): بمضمومة، وفتح صاد، وكسر راء مشددة على الصواب، وحكي فتحها (6)، وبفاءٍ (ابن عمرو) بن السري (اليامي) الهمداني، أبو القاسم، ويقال: أبو عمرو، قال أبو زرعة: كوفي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(1) سقط في الأصل.
(2)
"صحيح مسلم"(1274).
(3)
في الأصل: "حتى"، وهو تحريف، والصواب:"كلما".
(4)
"صحيح مسلم"(1275).
(5)
"المغني" للفتني (ص 232).
(6)
وفي "المغني": "وحكي بفاء"، وفيه سقوط، والصواب:"حكي فتحها، وبفاء"، كما نقل الشارح.
حَدَّثَنَا يُونُسُ (1) ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى ثَوْرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ:"لَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ طَافَ عَلَى بَعِيرٍ (2) يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ فِى يَدِهِ (3). قَالَتْ: وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ". [جه 2947]
===
(نا يونس) وفي نسخة: يعني ابن بكير، (نا ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور) القرشي، مولى بني نوفل المدني، روى عن ابن عباس وصفية بنت شيبة، وعنه الزهري ومحمد بن جعفر بن الزبير، ذكره ابن حبان في "الثقات".
قلت: ذكر الخطيب في "المكمل" أنه لم يرو عن غير ابن عباس، ولم يرو عنه غير الزهري.
(عن صفية بنت شيبة قالت: لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح طاف على بعير يستلم الركن بمحجن في يده، قالت: وأنا انظر إليه)، وقد ذكر ابن القيم في "زاد المعاد"(4) هذا الطواف في فتح مكة، فقال: ورُكِزَتْ رايةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون عند مسجد الفتح، ثم نهض رسول الله مجديد والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنمًا، فجعل يطعنها بالقوس ويقول:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (5)، جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد (6)، والأصنام تتساقط على وجوهها، وكان طوافه على راحلته، ولم يكن محرمًا يومئذ فاقتصر على الطواف.
(1) زاد في نسخة: "يعني ابن كثير".
(2)
في نسخة: "بعيره".
(3)
في نسخة: "بيده".
(4)
"زاد المعاد"(3/ 406).
(5)
سورة الإسراء: الآية 81.
(6)
الحديث أخرجه البخاري (4287)، ومسلم (1781).
1879 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَعْرُوفٍ - يَعْنِى ابْنَ خَرَّبُوذٍ الْمَكِّىَّ -، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ:"رَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ (1) ثُمَّ يُقَبِّلُهُ". زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ: ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَطَافَ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ" (2). [م 1275، جه 2949]
===
1879 -
(حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع، المعنى، قالا: نا أبو عاصم) النبيل ضحاك بن مخلد، (عن معروف - يعني ابن خربوذ -) بفتح الخاء المعجمة والراء المشددة وضم الموحدة وسكون الواو (المكي) مولى عثمان، عن ابن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، له في البخاري حديثه عن أبي الطفيل، عن علي في العلم، وعند الباقين حديثه عن أبي الطفيل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الحج.
قلت: قال أحمد: ما أدري كيف حديثه؟ ، وقال الساجي: صدوق، وقال ابن حبان في "الضعفاء": كان يشتري الكتب فيحدث بها، ثم تغير حفظه، فكان يحدث على التوهم، فكأنه ترجم لغيره؛ فإن هذه الصفة مفقودة في حديث معروف.
(نا أبو الطفيل) وكتب في حاشية النسخة المكتوبة في بعض الأصول، أبو الطفيل عن ابن عباس، وليس هو في "الأطراف" في مسند ابن عباس، بل مسند أبي الطفيل (3). قلت: وكذلك في "مسند أحمد"(4) هذا الحديث في مسانيد أبي الطفيل.
(قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه ثم يقبله، زاد محمد بن رافع) أحد شيخي المصنف: (ثم خرج إلى الصفا والمروة، فطاف سبعًا على راحلته) وذلك في حجة الوداع.
(1) في نسخة: "بمحجنته".
(2)
في نسخة: "راحلته".
(3)
انظر: "تحفة الأشراف" رقم (5051).
(4)
"مسند أحمد"(5/ 454).
1880 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:"طَافَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ، فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ". [م 273 - ، ن 2975، حم 3/ 317 - 334]
===
1880 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا يحيى، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة (1)، ليراه الناس وليشرف) من باب الإفعال، يقال: أشرفته: علوته، وأشرفت عليه: اطلعت عليه، فمعناه على الأول ليعلو على الناس بالركوب، فيسهل لهم الرؤيةُ والسؤالُ في حاجاتهم، ولا يصرفوا عنه ولا يضربوا، وعلى الثاني ليطلع على أحوال الناس.
(وليسألوه، فإن الناس غَشَوه)، أي: ازدحموا عليه وكثروا، قال الشوكاني (2): فيه بيان العلة التي لأجلها طاف صلى الله عليه وسلم راكبًا، وكذلك قول عائشة:"كراهية أن يصرف الناس عنه". وفي رواية لمسلم "كراهية أن يضرب" بالباء الموحدة، قال النووي (3): وكلاهما صحيح، وكذلك قول ابن عباس:"وهو يشتكي"، فهذه الألفاظ كلها مصرِّحة بأن طوافه صلى الله عليه وسلم كان لعذر، فلا يلتحق به من لا عذر له.
وقد استدل أصحاب مالك وأحمد بطوافه راكبًا على طهارة بولِ ما يؤكل لحمه وروثِه؛ لأنه لو كان نجسًا لما عرض المسجد له.
(1) عدم الركوب في السعي بدون العذر واجب عندنا ومالك، خلافًا للشافعي، إذ المشي عنده سنة، وكذلك عن أحمد على ما في "المغني"(5/ 250) وغيره، لكن في "نيل المآرب"(1/ 307) عدَّه في الشرائط، كما في "الأوجز"(7/ 417). (ش).
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 400).
(3)
"شرح النووي على صحيح مسلم"(5/ 25).
1881 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى زِيَادٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتَكِى فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنَاخَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ". [حم 1/ 214]
1882 -
حدثنا الْقَعْنَبِيُّ، عن مَالِكٍ، عن مُحَمَّدِ بْنِ
===
وَيُرَدُّ ذلك بوجوه، أما أولًا: فلأنه لم يكن إذ ذاك قد حوط المسجد. وأما ثانيًا: فلأنه ليس من لازم الطواف على البعير أن يبول. وأما ثالثًا: فلأنه يطهر منه المسجد، كما أنه صلى الله عليه وسلم أقر إدخالَ الصبيان الأطفال المسجدَ، مع أنهم لا يؤمن من بولهم. وأما رابعًا: فلأنه يحتمل أن تكون راحلته عُصمت من التلويث حينئذ، كرامةً له، انتهى.
1881 -
(حدثنا مسدد، نا خالد بن عبد الله، نا يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي) أي: وجعان (فطاف على راحلته، كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ) أي: راحلته، كما في نسخة (فصلى ركعتين).
قال الشوكاني (1): حديث ابن عباس في إسناده يزيد بن أبي زياد ولا يُحتَج به، وقال البيهقي: في حديث يزيد بن أبي زياد لفظة لم يوافَقْ عليها "وهو يشتكي"(2)، وقد أنكره الشافعي، وقال: لا أعلمه اشتكى في تلك الحجة، انتهى.
1882 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن محمد بن
(1)"نيل الأوطار"(3/ 399).
(2)
وكذا تكلَّم ابن حجر في "شرح مناسك النووي" على هذا اللفظ. [انظر: (ص 263)]. (ش).
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّى أَشْتَكِى، فَقَالَ:«طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» ، قَالَتْ: فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. [خ 1633، م 1276] ن 2925، حم 6/ 290]
===
عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة بن الزبير، عن زينب بنت أبي سلمة، عن) أمها (أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي) أي مريضة أو ضعيفة، فكيف أطوف؟ (فقال: طوفي من وراء الناس وأنتِ راكبة) على بعيركِ.
(قالت: فطفت) وهذا الطواف كان طواف (1) الوداع (2)(ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ) أي حين كانت أم سلمة تطوف (يصلي إلى جنب البيت) صلاة الصبح (3)، والناس مشغولون بصلاتهم به، (وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور).
قال الحافظ (4): وفيه جواز الطواف للراكب إذا كان لعذر، وإنما أمرها أن تطوف من وراء الناس ليكون أستر لها، ولا تقطع صفوفهم أيضًا، ولا يتأذون بدابتها.
(1) لأنها رضي الله عنها وإن طافت طواف الزيارة أيضًا في الليل على الظاهر، كما سيجيء في "باب التعجيل من جمع"، لكنه صلى الله عليه وسلم إذ ذاك كان بالمزدلفة. (ش).
(2)
وبه جزم ابن القيم في "الهدي"(2/ 299).
(3)
ويؤيده ما سيأتي - كما في "باب طواف الوداع" - من أنه صلى الله عليه وسلم نزل مكة قبيل الصبح. (ش).
(4)
"فتح الباري"(3/ 481).