المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(6) باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٧

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(5) أَوَّلُ كتَابِ الْمَنَاسِكِ

- ‌(1) باب فرض الحجِّ

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌(3) بَابٌ: "لَا صَرُورَةَ

- ‌(4) (بَابُ التِّجَارَةِ في الْحَجِّ)

- ‌(5) بَابٌ

- ‌(6) بَابُ الْكَرِيِّ

- ‌(7) بَابٌ: في الصَّبِيِّ يَحُجّ

- ‌(8) بابٌ: في الْمَوَاقِيتِ

- ‌(9) بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(10) بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌(11) بَابُ التَّلْبِيدِ

- ‌(12) بَابٌ: في الْهَدْي

- ‌(13) بابٌ: في هَدْيِ الْبَقَرِ

- ‌(14) بَابٌ: في الإِشْعَارِ

- ‌(15) بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ

- ‌(17) بَابٌ: في رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(19) بابٌ: كيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ

- ‌(20) بَابٌ: في وَقْتِ الإِحْرَامِ

- ‌(21) بَابُ الاشْتِرَاطِ في الْحَجِّ

- ‌(22) بَابٌ: في إِفْرَادِ الْحَجّ

- ‌(23) بَابٌ: في الإِقْرَانِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ

- ‌(25) بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌(26) بابٌ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌(27) بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَة

- ‌(28) بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَه

- ‌(29) بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ في ثِيَابِهِ

- ‌(30) بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ

- ‌(31) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاح

- ‌(32) بابٌ: في الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌(33) بَابٌ: في الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌(34) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌(36) بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌(37) بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّج

- ‌(38) بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌(39) بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِم

- ‌(40) بَابُ الْجَرَادِ للْمُحْرِم

- ‌(41) بَابٌ: في الْفِدْيَةِ

- ‌(42) بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌(43) بَابُ دُخُول مَكَّة

- ‌(44) (بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(45) بابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

- ‌(46) بَابُ اسْتِلَامِ الأَرْكَانِ

- ‌(47) بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ

- ‌(48) بَابُ الاضْطِبِاع في الطَّوَاف

- ‌(49) بَابٌ: في الرَّمَلِ

- ‌(50) بَابُ الدُّعَاء في الطَّوَافِ

- ‌(51) بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(52) بَابُ طَوَافِ الْقَارِن

- ‌(53) بَاب الْمُلْتَزَمِ

- ‌(54) بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(56) بَابُ الْوقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(58) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(59) بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(60) (بابُ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(61) بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(63) بَابُ الصَّلَاة بِجَمْعٍ

- ‌(64) بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌(65) بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌(66) بَابُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(67) بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة

- ‌(68) بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(69) بَابٌ: أَيُّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌(70) بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَومَ النَّحْرِ

- ‌(71) بَابٌ: أَيُّ وَقْتٍ يُخْطَبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌(72) بَابُ مَا يَذْكُرُ الإِمَامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌(73) بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى

- ‌(74) بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى

- ‌(75) بَابُ الْقَصْرِ لأَهْلِ مَكَّة

- ‌(76) بَابٌ في رمْيِ الجِمَارِ

- ‌(77) بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِير

- ‌(78) بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(79) (بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فتنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ، هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا

- ‌(80) بَابُ الْمَقَامِ في العُمْرَةِ

- ‌(81) بَابُ الإفَاضَةِ في الْحَجّ

- ‌(82) بَابُ الْوَدَاعِ

- ‌(83) بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌(84) بَابُ طَوَافِ الْوَدَاع

- ‌(85) بَابُ التَّحْصِيبِ

- ‌(87) بابٌ: فِى مَكَّةَ

- ‌(88) (بَابُ تَحْرِيمِ مَكَّةَ)

- ‌(89) بابٌ فِى نَبِيذِ السِّقَايَةِ

- ‌(90) بَابُ الإِقَامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ

- ‌(92) بابٌ: فِى مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(93) بابٌ: فِى إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ

- ‌(94) بَابٌ: في تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ

- ‌(95) بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(6) أَوَّلُ كِتَابِ النِّكَاحِ

- ‌(1) بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ

- ‌(2) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(3) (بابٌ: في تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ)

- ‌(4) (بابٌ: فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً})

- ‌(5) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(6) بَابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌(7) بَابٌ: في لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(8) بابٌ: فِى رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ

- ‌(9) بَابُ مَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُون خَمْسِ رَضَعَاتٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: في نِكَاحِ الْمُتعَةِ

- ‌(14) بابٌ: فِى الشِّغَارِ

- ‌(15) بَابٌ: في التَّحْلِيلِ

- ‌(16) بَابٌ: في نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ

- ‌(17) بابٌ: فِى كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(18) بَابُ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا

- ‌(19) بَابٌ: في الْوَلِيِّ

- ‌(20) بَابٌ في الْعَضْلِ

- ‌(21) بَابٌ: إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ

- ‌(22) بابٌ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌(23) بابٌ: فِى الاِسْتِئْمَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأمِرُهَا

- ‌(25) بابٌ: فِى الثَّيِّبِ

الفصل: ‌(6) باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب

(6) بَابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

2055 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ» . [ت 1147، ن 3300، حم 6/ 44، وانظر خ 3105، م 1444، جه 1937]

===

(6)

(بابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ)

هكذا في جميع النسخ الموجودة عندنا، إلَّا في النسخة المجتبائية، فإنَّ فيها مكتوبًا على الحاشية:"أبواب الرضاع من قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".

2055 -

(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن عروة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: يحرُمُ من الرَّضاعة ما يحرُمُ من الوِلادَةِ) بكسر الواو، أي: النسب.

قال الحافظ في "الفتح"(1): وهو بالإجماع فيما يتعلق بتحريم النكاح وتوابعِه وانتشارِ الحرمة بين الرضيع وأولادِ المرضعة، وتنزيلِهم منزلةَ الأقارب في جواز النظر والخلوة والمسافرة، ولكن لا يترتب عليه باقي أحكام الأمومة من التوارث، ووجوبِ الإنفاق، والعتق بالملك، والشهادة، والعقل، وإسقاط القِصاص.

قال القرطبي: في الحديث دلالة على أن الرضاع ينشر الحرمة بين الرضيع والمرضعة وزوجها، يعني الذي وقع الإرضاعُ بلبن ولده منها أو السيد، فتحرم على الصبي؛ لأنها تصير أمه، وأمها لأنها جدته فصاعدًا، وأختها لأنها خالته، وبنتها لأنها أخته، وبنت بنتها فنازلًا لأنها بنت أخته، وبنت صاحب اللبن لأنها أخته، وبنت بنته فنازلًا لأنها بنت أخته، وأمه فصاعدًا لأنها جدته، وأخته لأنها

(1)"فتح الباري"(9/ 141، 142).

ص: 599

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

عمته، ولا يتعدى التحريم إلى أحد من قرابة الرضيع، فليست أخته من الرضاعة أُختًا لأخيه ولا بنتًا لأبيه إذ لا رضاع بينهم.

والحكمة في ذلك أن سبب التحريم ما ينفصل من أجزاء المرأة وزوجها وهو اللبن، فإذا اغتذى به الرضيع صار جزءًا من أجزائهما، فانتشر التحريمُ بينهم بخلاف قرابات الرضيع؛ لأنه ليس بينهم وبين المرضعة ولا زوجها نسب ولا سبب.

قال القاري (1): واستثني منه بعض المسائل، ثم قال طائفة: هذا الإخراج تخصيص للحديث بدليل العقل، والمحققون على أنه ليس تخصيصًا؛ لأنه أحال ما يحرم من الرضاع على ما يحرم بالنسب، وما يحرم بالنسب هو ما تعلق به خطاب تحريمه، وقد تعلق بما عبر عنه بلفظ الأمهات والبنات وأخواتكم وعمَّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت، فما كان من مسمَّى هذه الألفاظ متحققًا في الرضاع حرم فيه، والمذكورات ليس شيء منها من مسمَّى تلك، فكيف تكون مخصوصة وهي غير متناولة؟

وفي "شرح السنَّة": في الحديث دليل على أن حرمةَ الرضاع كحرمة النسب في المناكح، فإذا أرضعتِ المرأةُ رضيعًا تحرم على الرضيع وعلى أولاده من أقارب المرضعة كل من يحرم على ولدها من النسب.

ولا تحرم المرضعة على أبي الرضيع، ولا على أخيه، ولا يحرم عليك أم أختك من الرضاع إذا لم تكن أمًا لك ولا زوجة أبيك، ويتصور هذا في الرضاع، ولا يتصوَّر في النسب أم أخت، إلَّا وهي أم لك أو زوجة لأبيك، وكذلك لا يحرم عليك نافلتك من الرضاع إذا لم تكن ابنتك، أو زوجة ابنك، ولا جدة ولدك من الرضاع إذا لم تكن أمك، أو أم زوجتك، ولا أخت ولدك من الرضاع إذا لم تكن ابنتك أو ربيبتك.

(1)"مرقاة المفاتيح"(6/ 321، 322).

ص: 600

2056 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِى أُخْتِى؟ قَالَ: «فَأَفْعَلُ مَاذَا» ؟ قَالَتْ: فَتَنْكِحُهَا، قَالَ:«أُخْتَكِ؟ » ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«أَوَتُحِبِّينَ ذَاكَ؟ » ، قَالَتْ:

===

قال: وفيه دليل على أن الزانية إذا أرضعت بلبن الزنا رضيعًا لا تثبت الحرمة بين الرضيع وبين الزاني وأهل نسبه، كما لا يثبت به النسب، انتهى بقدر الحاجة.

2056 -

(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، نا زهير بن معاوية، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة، أن أم حبيبة) بنت أبي سفيان أم المؤمنين (قالت: يا رسول الله هل لك) رغبة (في أختي)؟ وفي رواية مسلم والنسائي: "انكح أختي عزة بنت أبي سفيان"(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأفعل ماذا؟ قالت: فتنكحها، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أختك؟ ) بتقدير همزة الاستفهام، أي: أأنكح أختك؟ (قالت) أم حبيبة: (نعم) انكح أختي.

فإن قلت: كيف قالت أم حبيبة ذلك؟ وفي التنزيل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} (1)، قلت: يحتمل أن تكون هذه الآية لم تنزل بعد، والأولى أن يقال: إنها نزلت كما يدل عليه سياق الحديث. ولكن أم حبيبة ظنَّتْ أن في باب النكاح خصوصيات لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الزيادة على الثلاث وغيرها، وقد أخبرت بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخطب دُرَّة بنت أم سلمة من أبي سلمة مع أنها ربيبته، ولم يكن هذا الخبر صدقًا، بل كان كذبًا، فقوي ظنها في جواز الجمع بين الأختين بالخصوصية.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أو تحبين ذاك؟ ) استفهام تعجُّب من كونها تطلب أن يتزوج غيرها، مع ما طبع عليه النساء من الغيرة، (قالت) أم حبيبة:

(1) سورة النساء: الآية 23.

ص: 601

لَسْتُ بِمُخْلِيَةٍ بِكَ، وَأَحَبُّ مَنْ شَرَكَنِى فِى خَيْرٍ أُخْتِى، قَالَ:«فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِى» قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ (1) أَنَّكَ تَخْطُبُ دُرَّةَ - أَوْ ذَرَّةَ، شَكَّ زُهَيْرٌ - بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ؟ قَالَ:«بِنْتَ (2) أُمِّ سَلَمَةَ؟ » قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى فِى حِجْرِى مَا حَلَّتْ لِى،

===

(لست بمخلية بك) بضم الميم وسكون المعجمة وكسر اللام، اسم فاعل من أخلى يخلي، أي لست بمنفردة لك (وأحبُّ) إلى (من شركني في خير)، مرفوع بالابتداء، والمراد بالخير صحبةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم المتضمنة لسعادة الدارين، وتدل عليه رواية:"وأحب من شركني فيك"(أختي)، خبر لقوله: وأحب من شركني.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإنها) أي أختك (لا تحل لي) لحرمة الجمع بين الأختين (قالت) أم حبيبة: (فوالله لقد أخبرت) لم أقف على اسم المخبر، ولعله كان هذا الخبر من الأراجيف والأكاذيب (إنك تخطب دُرَّة) بضم المهملة وتشديد الراء (أو ذرة) بالذال المعجمة المفتوحة، وقد خطَّأها عياض، (شك زهير)، جملة معترضة بين المبدل منه والبدل (بنت أبي سلمة)، بدل من درة، (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بنت أم سلمة؟ )، بتقدير حرف الاستفهام، أي: أخبرتم أني أخطب دُرَّة بنت أبي سلمة من أم سلمة (قالت) أم حبيبة: (نعم) أخبرنا بذلك، (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أما) حرف تنبيه (والله) أتى بحرف التنبيه والقسم لزيادة التوكيد (لو لم تكن) أي دُرَّة (ربيبتي في حجري ما حلت لي).

حاصله: أن حرمتها علي ثابتة بعلَّتين، أولاها: أنها ربيبتي في حجري وهي من المحرمات لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} (3) الآية، وثانيها: أنها بنت أخي من الرضاعة. فلو أنها لم تكن هذه الحرمة التي تثبت بنكاح أمها أم سلمة، بأنها صارت ربيبة لي لكانت عليَّ حرامًا قبل ذلك، بكونها ابنة أخي من الرضاعة. فنبه على أنها لو كان بها مانع واحد لكفى في التحريم،

(1) في نسخة: "بلغني".

(2)

في نسخة: "ابنة".

(3)

سورة النساء: الآية 23.

ص: 602

إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ (1) عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ». [خ 5101، م 1449، ن 3287، جه 1939]

===

فكيف وبها مانعان؟ (إنها) أي دُرَّة (ابنة أخي) أي أبي سلمة (من الرضاعة) ثم بيَّن الرضاعة فقال: (أرضعتني وأباها) أي أبا درة وهو أبو سلمة (ثويبة) بمثلثة وموحدة مصغر، مولاة أبي لهب بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرج ابن سعد (2) من طريق برة بنت أبي تجراة: أن أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثويبة بلبن ابن لها، يقال له: مسروح، أيامًا قبل أن تقدم حليمة، وأرضعت قبله حمزة، وبعده أبا سلمة بن عبد الأسد، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصِلها وهو بمكة، وكانت خديجة تكرمها، وهي على ملك أبي لهب، وسألته أن يبيعها لها فامتنع، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها أبو لهب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إليها بصِلة وبكسوة، حتى جاء الخبر أنها ماتت سنة سبع، مرجعه من خيبر، ومات ابنها مسروح قبلها.

وقال الحافظ في الفتح (3): وذكر السهيلي: أن العباس قال: لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال، فقال: ما لقيت بعدكم راحة، إلَّا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم اثنين وكانت ثويبة بشَّرت أبا لهب بمولده فأعتقها (4)(فلا تعرضن) بفتح أوله وسكون العين، وكسر الراء بعدها معجمة ساكنة، ثم نون على الخطاب لجماعة النساء، وبكسر المعجمة وتشديد النون خطاب لأم حبيبة وحدها، والأول أوجه (عليَّ بناتكن ولا أخواتكن) قاله صلى الله عليه وسلم ردعًا وزجرًا أن تعود هي أو غيرها إلى مثل ذلك.

(1) في نسخة: "فلا تعرضوا بناتكم ولا أخواتكم".

(2)

انظر: "الطبقات الكبرى"(1/ 87).

(3)

"فتح الباري"(9/ 145).

(4)

قال الحافظ: ظاهره أن عتقه لها كان قبل إرضاعها، والذي في السير يخالفه. "فتح الباري" (9/ 145). وانظر:"عمدة القاري"(14/ 45).

ص: 603