الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(74) بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى
1960 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ وَحَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ حَدَّثَاهُم (1) - وَحَدِيثُ أَبِى مُعَاوِيَةَ أَتَمُّ - عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:"صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِى بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ"، زَادَ عَنْ حَفْصٍ:"وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا". زَادَ مِنْ هَا هُنَا عَنْ أَبِى مُعَاوِيَةَ: "ثُمَّ تَفَرَّقَتْ
===
(74)
(بَابُ الصلاةِ بِمِنًى)(2)
أي هل يقصر الصلاة فيها أم لا؟
1960 -
(حدثنا مسدد، أن أبا معاوية وحفص بن غياث حدثاهم) أي مسددًا ومن كان معه في مجلس التحديث (وحديث أبي معاوية أتم) كلاهما، أي: أبو معاوية وحفص رويا (عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلَّى عثمان بمنى أربعًا) أي أربع ركعات في الصلاة الرباعية.
(فقال عبد الله: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، زاد عن حفص: ومع عثمان) أي صليت مع عثمان ركعتين (صدرًا من إمارته) أي في ابتداء سنين الخلافة (ثم أتمها) أي الصلاة الرباعية في آخر سني إمارته (زاد) مسدد (من ههنا عن أبي معاوية: ثم تفرقت) أي اختلفت
(1) في نسخة بدله: "حدثاه".
(2)
بذلك ترجم عامة المحدثين منهم البخاري، قال الحافظ: لم يذكر المصنف حكم المسألة لقوة الخلاف فيها، وخص مني بالذكر؛ لأنها المحل الذي وقع فيها ذلك قديمًا وحديثًا، واختلف السلف في المقيم بمنى هل يقصر أم لا؟ بناءً على أن القصر بها للسفر أو للنسك؟ واختار الثاني مالك
…
إلخ. ["فتح الباري" (2/ 563)]. (ش).
بِكُمُ الطُّرُقُ، فَلَوَدِدْتُ (1) أَنَ لي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ".
قَالَ الأَعْمَشُ: فَحدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عن أَشْيَاخِهِ: "أَنُّ عَبْدَ الله صَلى أَرْبَعًا. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّيتَ أَرْبَعًا. قَالَ: الْخِلافُ شَرٌّ". [خ 1084، م 695، ن 1451]
===
(بكم الطرق) أي طرق أداء الصلاة، فبعضكم يقصر، وبعضكم يتم، (فَلَوَدَدت أن لي من أربع ركعات) التي أصلي مع الإِمام (ركعتيق متقبلتين) كما يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين.
وغرضه بهذا الكلام التعريض على عثمان أني وددت أن عثمان صلى ركعتين بدل الأربع، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه يفعلونه، وفيه كراهة مخالفة ما كانوا عليه، وقيل: معناه أنا أتم متابعة لعثمان، وليت الله قبل مني من الأربع ركعتين.
(قال الأعمش) ولعله هذا قول أبي معاوية (فحدثني معاوية بن قرة) بن إياس بن هلال بن رئاب المزني، أبو إياس البصري، عن يحيى بن معين: ثقة، وكذا قال العجلي والنسائي وأبو حاتم وابن سعد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال ابن حبان: كان من عقلاء الرجال، وقال الشافعي: روايته عن عثمان منقطعة.
(عن أشياخه: أن عبد الله صلَّى أربعًا) مع عثمان أي بعد ما أنكر على عثمان الإتمام (قال: فقيل له: عِبْتَ على عثمان) إتمامه الصلاة (ثم صليت أربعًا، قال: الخلاف شر) أي خلاف الإِمام فتنة وبلية، ولعل عثمان إنما ترك هذه السنَّة، وهو من الخلفاء الراشدين؛ لأنه بدا له عذر.
وأما العذرُ عن عثمان والتأويلُ فقد اختلفوا فيه، فقيل: إنما أتمَّ لكونه تأهل بمكة، أو لأنه أمير المؤمنين وكل موضع له دَارٌ، أو لأنه عزم على الإقامة بمكة، أو لأنه استجدَّ له أرضًا بمنى، أو لأنه كان يسبق الناس إلى مكة.
(1) في نسخة: "فوددت".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الحافظ (1): وأكثره لا دليل عليه، بل هي ظنونٌ ممن قالها، ويردُّ الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر بزوجاته [وقصر].
قلت: وهذا الرد مردود؛ فإنه فرق بين التأهل وكون الزوجة معه في السفر، وقد صرح الحنفية بأن الوطن الأصلي هو موطن ولادته، أو تأهله، أو توطنه، كذا في "الدر المختار".
ثم قال الحافظ: والثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك، والثالث أن الإقامة بمكة على المهاجرين حرام كما سيأتي تقريره في الكلام على حديث العلاء بن الحضرمي في كتاب المغازي، والرابع والخامس لم ينقلا فلا يكفي التخرص بذلك.
ثم قال: والمنقول أن سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصًا بمن كان شاخصًا سائرًا، وأما من أقام في مكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم.
قلت: ويرد هذا الوجه بأن عثمان رضي الله عنه قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر حجه وغزواته أنه كان في أثناء سفره يقيم ولا يتم، وقد كان أقام بمكة في غزوة الفتح وحجة الوداع، فكان لا يتم بل يقصر، فلا يجوز أن يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يواظبه ويداوم عليه، فيقصر في حالة السير والشخوص، ويتم في حالة السكون والقرار، وأيضًا يلزم عليه أنه إذا نزل في المنزل ويبيت به في الليل فعليه أن يتم فيه الصلاة؛ لأنه في ذلك الوقت ليس بشاخص ولا سائر.
ثم قال الحافظ: وقال ابن بطال: الوجه الصحيح في ذلك أن عثمان وعائشة كانا يريان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته، فأخدا لأنفسهما بالشدة. وهذا رجحه جماعة آخرهم القرطبي.
قلت: وهذا القول أليق وأوفق بمذهب الإِمام الشافعي رحمه الله.
(1) انظر: "فتح الباري"(2/ 570، 571).
1961 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ:"أَنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا صَلَّى بِمِنًى أَرْبَعًا لأَنَّهُ (1) أَجْمَعَ عَلَى الإِقَامَةِ بَعْدَ الْحَجِّ".
===
وقيل: إنما أتمَّ عثمان الصلاة بمنى لأن الأعراب كانوا كثروا في ذلك العام، فأحب أن يعلمهم أن الصلاة أربع.
قلت: وهذا الوجه أيضًا بعيد؛ لأن الناس كثروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، حتى قيل: إنهم زادوا على مائة ألف، فلو كان كثرة الناس واجتماعهم سببًا للإتمام لكان أحق به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه وقع في بدء الإِسلام، فالخوف ههنا كان أشد.
1961 -
(حدثنا محمد بن العلاء، أنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري: أن عثمان) رضي الله عنه (إنما صلَّى بمنى أربعًا لأنه) أي عثمان (أجمع) أي عزم وصمم عزيمته (على الإقامة) أي أيامًا (بعد الحج).
وحاصل هذا الوجه: أن عثمان رضي الله عنه لما تأهل بمكة، واتخذ الأموال بالطائف، أراد أن يقيم بمكة وبالطائف أيامًا، ثم يرجع إلى المدينة، فلهذا أتم الصلاة بها لأنه صار مقيمًا بالتأهل.
وأما الاعتراض عليه بأن قيام المهاجر في غير مهاجره حرام ممنوع، فإن الممنوع والمحرم استيطان مكة لا القيام بها عدة أيام، وقد رثى النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن خولة أن مات بمكة، وقد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح فأقام بها خمس عشرة ليلة، وأقام ابن عباس في الطائف أميرًا وتوفي بها، وكذا علي بالكوفة.
وأما حديث العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث للمهاجر بعد الصدر"، فيحتمل أنه لم يبلغه، وإن بلغه فيكون محمولًا، على
(1) في نسخة: "أنه".
1962 -
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ، عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:"إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى أَرْبَعًا لأَنَّهُ اتَّخَذَهَا وَطَنًا".
1963 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ:"لَمَّا اتَّخَذَ عُثْمَانُ الأَمْوَالَ بِالطَّائِفِ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا صَلَّى أَرْبَعًا". قَالَ: "ثُمَّ أَخَذَ (1) بِهِ الأَئِمَّةُ بَعْدَهُ".
1964 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، عن أَيُّوبَ،
===
عدم الأولوية لا التحريم، أو يكون محمولًا على الاستيطان، قال الحافظ (2): قال النووي (3): معنى هذا الحديث أن الذين هاجروا يحرم عليهم استيطان مكة، وحكى عياض أنه قول الجمهور، قال: وأجاز لهم جماعة يعني بعد الفتح، فحملوا هذا القول على الزمن الذي كانت الهجرة المذكورة واجبة فيه.
1962 -
(حدثنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: إن عثمان صلَّى أربعًا لأنه اتخذها وطنًا) أي كالوطن بتأهله فيها، وهذا التأويل أوفق بمذهب أبي حنيفة رضي الله عنه.
1963 -
(حدثنا محمد بن العلاء، أنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري قال: لما اتخذ عثمان الأموال بالطائف وأراد أن يقيم بها) أي أيامًا (صلَّى أربعًا، قال) أي الزهري: (ثم أخذ به) أي بفعل عثمان (الأئمة بعده) الذين كانوا من بني أمية، ولعلهم اختاروه لأنهم كانوا مقيمين بمكة.
1964 -
(حدثنا موسى إسماعيل، نا حماد، عن أيوب،
(1) في نسخة: "اتخذته".
(2)
"فتح الباري"(7/ 267).
(3)
انظر: "شرح صحيح مسلم"(5/ 133).